منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By سعد السهلي 20
#63713
دأبت المؤسسات والمنظمات الفلسطينية المهتمة بحق العودة على تنظيم الفعاليات والأنشطة، وإجراء الدراسات وإصدار التقارير والنشرات، وإعداد الكتب والمؤلفات وعقد المؤتمرات، ولاسيما في الفترة الأخيرة التي اتسم العمل الرسمي الفلسطيني فيها بالضعف إزاء موضوع اللاجئين والعمل على تحقيق حق العودة.

فخلال مرحلة ما قبل أوسلو كان تعريف القضية الفلسطينية يقترن بحق العودة لكثيرين حول العالم، إلا أن الأمر بعد ذلك أصبح مختلفًا؛ فتعريف القضية بدأ يأخذ المنحى الدَّوْلاني، وبالتالي أصبح الفلسطينيون من حقهم أن تكون لهم دولة ومن حقهم أن يعيشوا جنبًا إلى جنب بأمن وسلام مع جيرانهم على أرضهم التاريخية!!

إلا أن ذكر حق العودة واللاجئين ومأساة الاقتلاع والأرض المسلوبة والمال المنهوب عبر كل هذه الحقبة الاحتلالية الاستعمارية غدا ضعيفًا، ولا يكاد يذكر على ألسنة الفاعلين في القضية وحتى المتعاطفين معها في العالم، وإذا ذُكر انحدر الحديث فيه إلى ضرورة وجود حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين!! وليس حق عودتهم إلى ديارهم وأرضهم التي اقتلعوا منها، أليست هذه هي الواقعية؟!

حقيقة القضية الفلسطينية
الحقيقة أن الوطن هو أصل القضية قبل الدولة، والأرض كذلك أصلها قبل السلطة، وما كان ينبغي أن ينحدر خطابنا الرسمي إلى درجة الحديث عن الدولة قبل العودة وقبل الأرض، وإلا فقد كانت الدولة أمرًا متاحًا بين عامي 1948م و1967م عندما كانت الضفة والقطاع بأيدٍ عربية لا صهيونية.

إن هذا الانحدار شكّل تمهيدًا لدعوات ومشاريع تسويات فلسطينية صهيونية رسمية وغير رسمية ضيعت حتى هذا الحق ودفعت الرئيس الأمريكي نفسه لنفيه وطيِّه، فالعودة تعني نهاية دولة الكيان الصهيوني، كما أنها تتنافى مع يهوديتها، وهو ما أكده البيت الأبيض وتجاهله الآخرون بدعوى الواقعية والممكن، وما رسالة التطمينات الأمريكية لشارون وتصريحات بوش الأخيرة في رام الله إلا دفنًا حتى للقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدعوى عدم فعالية هذه القرارات في إنهاء الصراع، مؤكدًا في الوقت ذاته ضرورة اعتماد رؤيته وخريطة الطريق كمرجعيات بديلة تشكل أساسًا للحلّ بين الشعبين.

وفي الوقت الذي يقف على رأس الهرم الرسمي الفلسطيني أشخاص لهم رؤيتهم في حل الصراع، وحتى أدواتهم التي لا يخفى أنهم اختلفوا بها حتى مع الرئيس الراحل ياسر عرفات أثناء مفاوضات كامب ديفيد عام 2000م، فضلًا عن اختلافهم مع فصائل وطنية وإسلامية أخرى فإن الوضع يغدو مقلقًا.

وفي ظل علاقة مميزة تربط هؤلاء باللاعبين على الساحة الدولية، مقرونًا ذلك بوضع انقسام فلسطيني عميق، وضعف مؤسساتي يعتري منظمة التحرير، وترهل خطير في بنى الفصائل الوطنية وهيكلياتها، فإن استئناف المفاوضات مع الصهاينة واللقاءات المحمومة معهم والتصريحات التي تصدر من الجانبين تشي بوجود حركة مريبة في العتمة. وليس آخر تلك التصريحات ما صدر عن الرئيس عباس أثناء لقاء صحفي عقده في عمان بعد مؤتمر قمة مع وزيرة الخارجية الأمريكية، والذي عبر فيه عن ثقته التامة وقناعته بأن اتفاق سلام شامل ونهائي سيعقد قبل نهاية عام 2008م، فعلى الرغم من محاولته تعديل هذا التصريح بتصريح آخر أعلنه في القاهرة يشكك في ما ذهب إليه آنفًا، إلا أن بعض التسريبات الصحفية التي تعزى إلى شخصيات مجهولة ومصادر عليمة، تؤكد أن هناك ما يجري بعيدًا عن وسائل الإعلام يجعل من أمر وجود صفقة كبيرة تشمل اللاجئين شيئًا معقولًا.

ومن معرفتنا بالعقلية الرسمية الفلسطينية وميكانيزم التفكير الفلسطيني فإن الإقدام على مشروع صفقة تكون على حساب اللاجئين وحق العودة، ولا سيما في هذه الظروف المعقدة والسيئة لن يكون مفاجئًا كما كانت أوسلو، فمصالح كل الفاعلين الدوليين تتقاطع في ضرورة اقتناص الفرصة والانقضاض على الحقوق الوطنية الفلسطينية بدوافع مختلفة وربما متباينة.

إعادة نظر
أمام هذا السيناريو فإن إعادة النظر في طرائق العمل التقليدية التي انتهجها النخبويون العاملون في إطار مؤسسات حق العودة ومؤسسات المجتمع الأهلي المهتمة تغدو ضرورية في هذه المرحلة على جلال ما يقومون به، فلم يعد مقبولًا أن يكون اللاجئون موضوعًا للفعل بقدر ما هو ضروري أن يكونوا مصدرًا له والفاعل الرئيسيَّ فيه.

فما معنى أن يظل اللاجئون غائبين عن الرأي العام بصورة أحزانهم وأتراحهم ومآسيهم المتجددة؟
وما معنى أن يحال دون تفعيل أدواتهم الضاغطة على صناع القرار وكل ذي صلة؟!
ما معنى أن يحصر الضغط في أيدٍ نخبوية لا يمكن التشكيك بنيّاتها الطيبة وصدق انتمائها للقضية؟
ما معنى أن يتحدث المتحدثون بالنيابة ويهدد المهددون بالنيابة، وتظل العضلات اللاجئة ساكنة والحناجر اللاجئة متفرزة؟!

إن قوة الأصوات النخبوية تبقى محدودة أمام من يملك القوة والمال والنفوذ والدعم الدولي، كما أن بالإمكان عزل تلك النخب في أطرها الأكاديمية لتظل تغرد فيها إلى يوم الدين على قاعدة «أنتم تقولون ما تريدون ونحن نفعل ما نريد».

صحيح أن هذا ما ينبغي أن تتحمله منظماتنا الفلسطينية دون استثناء، إلا أن المؤسسات العاملة لحق العودة ينبغي أن تتضافر جهودها مع تنظيماتنا وفصائلنا للعمل مع اللاجئين من تحت، وتفعيل طاقاتهم الكامنة للدفاع بجموعهم الغفيرة عن حقهم المقدس بأنفسهم. فمن غير المستبعد أمام التعاسة التي وضع فيها اللاجئ أن يمرَّر ما يتم رسمه والتخطيط له بعيدًا عن ثوابت القضية. فقد وضع اللاجئ في مستوى معيشي وحياتي وعضوي في الحضيض حتى يسهل تركيعه وربما تبصيمه، وهذا إن تمّ فسيكون بمثابة النكبة الجديدة التي ستؤبدنا في هذا الوضع المتردي. لذلك كان لا بد من العمل من الأسفل باللاجئين ومعهم، من أمامهم ومن خلفهم كي تتحول قواهم الكامنة إلى فواعل على الأرض تثبت وتبطل، تأمر وتنهى.

إنَّ قوة اللاجئين أنفسهم بما يكتنزونه من غضب وجبروت كفيلة بأن تصد كل المشاريع التي تعبر عن شعور الهزيمة الساكنة في نفوس صانعيها، وإن هذا الجبروت الساكن بإمكانه أن يقف أمام كل من يحاول التجرؤ عليه فهو عنصر قوة للمقاوم إن أراد المقاومة كما هو عنصر قوة للمفاوض إن خلصت نيته كذلك.
فلماذا تظل المؤسسات تتحدث عن اللاجئين بشتى صور التعبير، بينما لا نشهد حركة وهدير هؤلاء على الأرض؟! لماذا لا يقرعون الجدران بقبضات أيديهم؟! لماذا لا ندعهم يتحركون في مشاهد درامية عظمى بين الحين والآخر كي يوصلوا رسالتهم قوية صارمة وواضحة إلى كل ذي صلة؟! لماذا لا تتحرك الجموع في أيام زحف يتقدم فيها الصغار والكبار شيبًا وشبانًا أطفالًا ونساءً نحو بوابات الوطن في تعبير جبار عن رفضهم التوطين أو التعويض إلا في ديارهم؟ ولماذا لا تكون ذكرى النكبة مناسبة لمثل هذه الفعالية المميزة التي يتجيش فيها الرأي العام اللاجئ للقتال دون قضيته، بدلًا من أن تمر الذكرى بفعاليات تقليدية دارجة على الأغلب؟!

من السهل على أصحاب القرار أن يتجاوزوا النخب، حتى وإن كانت تمثل الحق وتدافع عنه، أما أن يتم تجاوز أصحاب الحق بجموعهم الجمعاء فهو عسير قطعًا؛ إذ إن قوة النخبة تبقى محدودة بحدود الزمان والمكان، أما قوة العامة فلا يمكن كبتها مهما تَجبَّر أصحاب القرار، ومن هنا كان لزامًا على النخب أن تتقدم الصفوف لا أن تخاطبها من علٍ، وأن تعمل معها من تحت لا أن يظل اللاجئون موضوعًا لفعلها.

أرقام في النكبة
1.4 مليون فلسطيني أقاموا في فلسطين التاريخية قبل النكبة في عام 48.
605 آلاف يهودي أقاموا في الفترة نفسها وشكلوا 30% من مجمل سكان فلسطين.
90% من مساحة فلسطين التاريخية تبعت للفلسطينيين مع بداية حقبة الانتداب البريطاني.
7% من مساحة فلسطين التاريخية خضعت لليهود عند صدور قرار التقسيم في تشرين ثاني 1947م.
56% من مساحة فلسطين التاريخية منحت للدولة اليهودية بموجب قرار التقسيم في تشرين الثاني 1947م.
50% تقريبًا من سكان «الدولة اليهودية» المقترحة كانوا من العرب الفلسطينيين (497 ألفًا).
90% تقريبًا من ملكية الأراضي في «الدولة اليهودية» المقترحة كانت تتبع للفلسطينيين.
725 ألف فلسطيني مقابل 10 آلاف يهودي من سكان (الدولة العربية) المقترحة بموجب قرار التقسيم.
531 قرية ومدينة فلسطينية هجرت خلال نكبة فلسطين وتم تدميرها.
85% من سكان المناطق الفلسطينية التي قامت عليها «إسرائيل» هُجِّروا خلال النكبة (أكثر من 840 ألف نسمة).
92% من مجمل مساحة فلسطين المحتلة تعود إلى اللاجئين الفلسطينيين.
78% من مجمل مساحة فلسطين التاريخية قامت عليها «إسرائيل» في العام 1948م.
(17.178.000) دونم صادرتها «إسرائيل» من الفلسطينيين في العام 1948م.
150 ألف فلسطيني فقط بقوا في المناطق التي قامت عليها «إسرائيل».
بين 30 ألفًا و40 ألفًا من الفلسطينين هجّروا داخليًّا خلال نكبة فلسطين.
400 ألف فلسطيني أو ثلث تعداد الشعب الفلسطيني هُجِّر من دياره حتى ربيع 1948م.
199 قرية فلسطينية ممتدة على 3,363,964 دونمًا هجرت حتى ربيع 1948م.
15 ألف فلسطيني قتل خلال النكبة.
أكثر من 30 مذبحة (موثقة) وقعت بحق الفلسطينيين في العام 1948م.
700 ألف دونم صادرتها «إسرائيل» من الفلسطينيين بين أعوام 1948م – 1967م.
70% من الأراضي التابعة للسكان الفلسطينيين تحولت للأيدي الصهيونية بين 1948م وأوائل الخمسينات.
50% من الأراضي التابعة للفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم تحولت للأيدي الصهيونية بين الأعوام 1948م – 2000م.
75% تقريبًا من مجمل الفلسطينيين اليوم هم لاجئون ومهجرون.
50% تقريبًا من مجمل تعداد الفلسطينيين يقيمون قسرًا خارج حدود فلسطين التاريخية.
10% تقريبًا من مجمل أراضي فلسطين التاريخية تتبع اليوم للفلسطينيين.