سياسة الطفل الواحد القاسية في الصين
مرسل: الاثنين يوليو 15, 2013 9:11 pm
اتهم تشانغ يي مو، المخرج السينمائي الشهير ومنسق مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية لصيف 2008 في بكين، الأسبوع الماضي، بكونه آخر منتهك من المشاهير لسياسة الطفل الواحد المعمول بها في الصين. وزعمت صحيفة «بيبولز ديلي»، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم، بأن تشانغ قد أنجب سبعة أطفال من أربع سيدات مختلفات.
وقد أثار ذلك الخبر جدلا غاضبا على الإنترنت، حيث استنكر مستخدمو الإنترنت التطبيق غير المتكافئ للقانون الصادر عام 1979 الذي ينص على أن كل زوجين ينبغي ألا ينجبا سوى طفل واحد (أو اثنين بالنسبة للأقليات العرقية أو الأزواج الريفيين الذي يكون مولودهم الأول أنثى). الحقيقة أنه بالنسبة للأثرياء، يعتبر القانون بمثابة نمر من ورق، يسهل التحايل عليه بدفع «رسم تعويض اجتماعي» - رسم يزيد بقيمة 3 إلى 10 أمثال الدخل السنوي للأسرة، يحدده مكتب تنظيم الأسرة بكل مقاطعة، أو بالسفر إلى هونغ كونغ أو سنغافورة أو حتى أميركا للإنجاب هناك.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه بالنسبة للفقراء، تعتبر السياسة نمرا من لحم ودم له أنياب ومخالب. وفي الريف، حيث ولدت الحاجة لأياد عاملة إضافية للمساعدة في العمل في الحقول ورغبة رب الأسرة المتأصلة بقوة في وريث ذكر، معارضة قوية لإجراءات تنظيم النسل، كان النمر بلا رحمة.
يقوم مسؤولو تنظيم الأسرة بالقرى بتسجيل موعد الدورة الشهرية ونتائج فحص الحوض لكل امرأة في سن الإنجاب في منطقتهم بدقة. وإذا أنجبت امرأة من دون تصريح ولم تكن قادرة على دفع غرامة مخالفة السياسة، التي عادة ما تكون باهظة، فإنها تخاطر بالخضوع لإجهاض إجباري.
وبحسب بيانات وزارة الصحة الصينية التي نشرت في مارس (آذار)، أجريت 336 مليون عملية إجهاض و222 مليون عملية تعقيم منذ عام 1971 (على الرغم من أن سياسة الطفل الواحد قد طرحت في عام 1979، فإنه كانت هناك سياسات تنظيم أسرة أخرى أقل صرامة قبل ذلك الوقت).
من السهل الاستشهاد بهذه الأرقام، ولكنها تعجز عن إظهار حجم الرعب الذي تواجهه النساء الصينيات الريفيات. وخلال رحلة طويلة عبر المناطق النائية من جنوب غربي الصين في عام 2009، كنت قادرا على العثور على بعض الوجوه خلف هذه الأرقام.
وعلى القوارب المدمرة على المجاري المائية النائية بهوبي وغوانغشي، التقيت مئات من «الهاربين من تنظيم الأسرة» - أزواج لاذوا بالفرار من قراهم لإنجاب طفل ثان أو ثالث غير مصرح به في الأقاليم المجاورة.
لقد خضعت كل امرأة حامل تحدثت إليها لعملية إجهاض إجباري. وشرحت لي امرأة كيف أنها عندما كانت حاملا في ثمانية أشهر بطفل ثان غير شرعي ولم تكن قادرة على دفع الغرامة التي تبلغ قيمتها 20 ألف يوان (نحو 3200 دولار)، جرها مسؤولو تنظيم الأسرة إلى عيادة محلية وأجبروها على النوم على طاولة جراحة وحقنوا بطنها بعقار سام.
وعلى مدى يومين، ظلت تتلوى من الألم على الطاولة، وكانت يداها وقدماها لا تزال مربوطة بالحبال، في انتظار أن يخرج جسمها جنينا ميتا. وفي المرحلة الأخيرة من الولادة، أخرج الطبيب الجنين الميت، ثم ألقى به في سلة المهملات. لم تكن تملك المال لاستقلال سيارة أجرة. وتعين عليها العودة إلى منزلها سيرا على قدميها وهي تعرج وتنزف.
ليس من المدهش أن الصين بها أعلى معدل انتحار بين الإناث في العالم. فقد حطت سياسة الطفل الواحد من شأن النساء ليصبحن مجرد أرقام أو أشياء، وسيلة للإنجاب، لقد حرمتهن من السيطرة على أجسادهن ومن حقهن الإنساني الأساسي في أن يحددن بحرية وبشكل مسؤول عدد أطفالهن والفترة الفاصلة بين كل طفل والآخر.
تعتبر المولودات أيضا ضحايا لهذه السياسة. فتحت الضغط الأسري بأن يكون طفلهن الوحيد ذكرا، عادة ما تؤثر النساء إجهاض الأجنة الإناث أو التخلص منهن عند الولادة، وهي ممارسات أدت إلى تشويه إحصائي لنسبة الذكور إلى الإناث في الصين لتصبح 118 ولدا لكل 100 بنت.
ويرى الحزب الحاكم أن الغاية تبرر الوسيلة. عندما طرح دينغ زياو بينغ وزملاؤه من الإصلاحيين الاقتصاديين سياسة الطفل الواحد باعتبارها إجراء «مؤقتا» في عام 1979، بعد وفاة ماو ونهاية الثورة الثقافية المشؤومة، زعموا أنه من دون سياسة الطفل الواحد، لحدث تعثر اقتصادي وانفجار سكاني.
وبعد مرور أربع وأربعين سنة، وبصرف النظر عن الانتقادات المتزايدة، ما زال الحزب يتشبث بهذه السياسة. غير أن رؤيتهم تستند إلى معيار رديء: معدل المواليد، الذي كان يشهد انخفاضا بالأساس قبل طرح السياسة، والذي يبلغ رسميا الآن 1.8 أو يقترب من 1.2، بحسب خبراء ديموغرافيين مستقلين أمثال يي فوكسيان – أقل بكثير من مستوى الإحلال السكاني الضروري، وهو 2.1. وقد حذر يي وآخرون من أن الكارثة الديموغرافية المعلقة في الصين: أمة يزداد عدد السكان المسنين فيها بسرعة، بحيث ستعجز قوة عاملة متضائلة عن تقديم الدعم.
وتقود الدخول المتزايدة وعمليات تطوير المدن في العموم إلى هبوط معدلات المواليد. وإذا تم إلغاء سياسة الطفل الواحد غدا، فإن السواد الأعظم من الصينيين لن يهرعوا لإنجاب العديد من الأبناء مثل تشانغ يي مو. وبصرف النظر عن الإشارات الأخيرة الدالة على أن الحزب ربما يدرس تخفيف القيود المفروضة على المواليد تدريجيا، ما زالت هناك معارضة هائلة.
لن يتجاهل المتشددون متصلبو الرأي إجراءات تنظيم الأسرة التي قد زودت الحكومة بعائد تقدر قيمته بتريليوني يوان من الغرامات، بحسب الخبير السكاني هي يافو، مع السماح لها بالإبقاء على السيطرة القوية على حياة الأشخاص.
إن موجة الغضب العارم الشعبية الموجهة ضد تشانغ إبان قبل اسبوعين تأتي بفائدة للحزب الشيوعي. وبدلا من مهاجمة سياسة الحكومة، يتم تشجيع الشعب على انتقاد الأثرياء لإفلاتهم من براثنه.
إن إنهاء هذه «الكارثة» يعد بمثابة إلزام أخلاقي. فالفظائع التي ارتكبت باسم سياسة الطفل الواحد على مدى العقود الثلاثة المنصرمة تعد بين أسوأ الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في القرن الماضي. فالوصمات التي خلفتها على جبين الصين لا يمكن محوها على الإطلاق.
وقد أثار ذلك الخبر جدلا غاضبا على الإنترنت، حيث استنكر مستخدمو الإنترنت التطبيق غير المتكافئ للقانون الصادر عام 1979 الذي ينص على أن كل زوجين ينبغي ألا ينجبا سوى طفل واحد (أو اثنين بالنسبة للأقليات العرقية أو الأزواج الريفيين الذي يكون مولودهم الأول أنثى). الحقيقة أنه بالنسبة للأثرياء، يعتبر القانون بمثابة نمر من ورق، يسهل التحايل عليه بدفع «رسم تعويض اجتماعي» - رسم يزيد بقيمة 3 إلى 10 أمثال الدخل السنوي للأسرة، يحدده مكتب تنظيم الأسرة بكل مقاطعة، أو بالسفر إلى هونغ كونغ أو سنغافورة أو حتى أميركا للإنجاب هناك.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه بالنسبة للفقراء، تعتبر السياسة نمرا من لحم ودم له أنياب ومخالب. وفي الريف، حيث ولدت الحاجة لأياد عاملة إضافية للمساعدة في العمل في الحقول ورغبة رب الأسرة المتأصلة بقوة في وريث ذكر، معارضة قوية لإجراءات تنظيم النسل، كان النمر بلا رحمة.
يقوم مسؤولو تنظيم الأسرة بالقرى بتسجيل موعد الدورة الشهرية ونتائج فحص الحوض لكل امرأة في سن الإنجاب في منطقتهم بدقة. وإذا أنجبت امرأة من دون تصريح ولم تكن قادرة على دفع غرامة مخالفة السياسة، التي عادة ما تكون باهظة، فإنها تخاطر بالخضوع لإجهاض إجباري.
وبحسب بيانات وزارة الصحة الصينية التي نشرت في مارس (آذار)، أجريت 336 مليون عملية إجهاض و222 مليون عملية تعقيم منذ عام 1971 (على الرغم من أن سياسة الطفل الواحد قد طرحت في عام 1979، فإنه كانت هناك سياسات تنظيم أسرة أخرى أقل صرامة قبل ذلك الوقت).
من السهل الاستشهاد بهذه الأرقام، ولكنها تعجز عن إظهار حجم الرعب الذي تواجهه النساء الصينيات الريفيات. وخلال رحلة طويلة عبر المناطق النائية من جنوب غربي الصين في عام 2009، كنت قادرا على العثور على بعض الوجوه خلف هذه الأرقام.
وعلى القوارب المدمرة على المجاري المائية النائية بهوبي وغوانغشي، التقيت مئات من «الهاربين من تنظيم الأسرة» - أزواج لاذوا بالفرار من قراهم لإنجاب طفل ثان أو ثالث غير مصرح به في الأقاليم المجاورة.
لقد خضعت كل امرأة حامل تحدثت إليها لعملية إجهاض إجباري. وشرحت لي امرأة كيف أنها عندما كانت حاملا في ثمانية أشهر بطفل ثان غير شرعي ولم تكن قادرة على دفع الغرامة التي تبلغ قيمتها 20 ألف يوان (نحو 3200 دولار)، جرها مسؤولو تنظيم الأسرة إلى عيادة محلية وأجبروها على النوم على طاولة جراحة وحقنوا بطنها بعقار سام.
وعلى مدى يومين، ظلت تتلوى من الألم على الطاولة، وكانت يداها وقدماها لا تزال مربوطة بالحبال، في انتظار أن يخرج جسمها جنينا ميتا. وفي المرحلة الأخيرة من الولادة، أخرج الطبيب الجنين الميت، ثم ألقى به في سلة المهملات. لم تكن تملك المال لاستقلال سيارة أجرة. وتعين عليها العودة إلى منزلها سيرا على قدميها وهي تعرج وتنزف.
ليس من المدهش أن الصين بها أعلى معدل انتحار بين الإناث في العالم. فقد حطت سياسة الطفل الواحد من شأن النساء ليصبحن مجرد أرقام أو أشياء، وسيلة للإنجاب، لقد حرمتهن من السيطرة على أجسادهن ومن حقهن الإنساني الأساسي في أن يحددن بحرية وبشكل مسؤول عدد أطفالهن والفترة الفاصلة بين كل طفل والآخر.
تعتبر المولودات أيضا ضحايا لهذه السياسة. فتحت الضغط الأسري بأن يكون طفلهن الوحيد ذكرا، عادة ما تؤثر النساء إجهاض الأجنة الإناث أو التخلص منهن عند الولادة، وهي ممارسات أدت إلى تشويه إحصائي لنسبة الذكور إلى الإناث في الصين لتصبح 118 ولدا لكل 100 بنت.
ويرى الحزب الحاكم أن الغاية تبرر الوسيلة. عندما طرح دينغ زياو بينغ وزملاؤه من الإصلاحيين الاقتصاديين سياسة الطفل الواحد باعتبارها إجراء «مؤقتا» في عام 1979، بعد وفاة ماو ونهاية الثورة الثقافية المشؤومة، زعموا أنه من دون سياسة الطفل الواحد، لحدث تعثر اقتصادي وانفجار سكاني.
وبعد مرور أربع وأربعين سنة، وبصرف النظر عن الانتقادات المتزايدة، ما زال الحزب يتشبث بهذه السياسة. غير أن رؤيتهم تستند إلى معيار رديء: معدل المواليد، الذي كان يشهد انخفاضا بالأساس قبل طرح السياسة، والذي يبلغ رسميا الآن 1.8 أو يقترب من 1.2، بحسب خبراء ديموغرافيين مستقلين أمثال يي فوكسيان – أقل بكثير من مستوى الإحلال السكاني الضروري، وهو 2.1. وقد حذر يي وآخرون من أن الكارثة الديموغرافية المعلقة في الصين: أمة يزداد عدد السكان المسنين فيها بسرعة، بحيث ستعجز قوة عاملة متضائلة عن تقديم الدعم.
وتقود الدخول المتزايدة وعمليات تطوير المدن في العموم إلى هبوط معدلات المواليد. وإذا تم إلغاء سياسة الطفل الواحد غدا، فإن السواد الأعظم من الصينيين لن يهرعوا لإنجاب العديد من الأبناء مثل تشانغ يي مو. وبصرف النظر عن الإشارات الأخيرة الدالة على أن الحزب ربما يدرس تخفيف القيود المفروضة على المواليد تدريجيا، ما زالت هناك معارضة هائلة.
لن يتجاهل المتشددون متصلبو الرأي إجراءات تنظيم الأسرة التي قد زودت الحكومة بعائد تقدر قيمته بتريليوني يوان من الغرامات، بحسب الخبير السكاني هي يافو، مع السماح لها بالإبقاء على السيطرة القوية على حياة الأشخاص.
إن موجة الغضب العارم الشعبية الموجهة ضد تشانغ إبان قبل اسبوعين تأتي بفائدة للحزب الشيوعي. وبدلا من مهاجمة سياسة الحكومة، يتم تشجيع الشعب على انتقاد الأثرياء لإفلاتهم من براثنه.
إن إنهاء هذه «الكارثة» يعد بمثابة إلزام أخلاقي. فالفظائع التي ارتكبت باسم سياسة الطفل الواحد على مدى العقود الثلاثة المنصرمة تعد بين أسوأ الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في القرن الماضي. فالوصمات التي خلفتها على جبين الصين لا يمكن محوها على الإطلاق.