صفحة 1 من 1

الكويت

مرسل: الثلاثاء يوليو 16, 2013 1:16 am
بواسطة سلطان الدويش 320
العنف السياسي في الكويت: المؤشرات والتداعيات

د. عصام عبد الشافي



العنف السياسي ليس ظاهرة عرضية أو وليدة الصدفة، وليس كذلك ظاهرة مستحدثة على المجتمعات البشرية. ولكنه أكثر تعقيداً وأبعد عمقاً من المفاهيم السائدة في المرحلة الراهنة، وهو كظاهرة لا يختص بأمة دون أخرى ولكنه ظاهرة عالمية، متعددة الخصائص، متباينة الأشكال، تشكل أحد أهم مظاهر السلوك البشري التي عرفها الإنسان خلال مسيرة تطوره. ومع أن العنف السياسي غير مقبول على العديد من المستويات، إلا أنه ليس دائماً سلبياً، فقد يكون له إيجابيات، بل وقد يكون ضرورة تاريخية في حياة الأمم والجماعات البشرية رفضاً للهيمنة الخارجية أو الاستبداد والفساد الداخلي، ودفاعاً عن الحقوق المشروعة ضد أى انتهاك.

أولاً: أشكال العنف السياسي:

يتضمن العنف السياسي معنى الإكراه المادي أو حتى مجرد التهديد بإستخدامه لإحداث تغيير أو تحقيق أهداف بعينها على إرادة من يمارس ضده العنف. وقد تتم ممارسة العنف من جانب النظام ضد المواطنين أو ضد قطاع أو ضد فئة معينة منهم ﺑﻬدف الإستمرار في السلطة وتقليص دور القوى المناوئة والمعارضة وهو ما يعرف بـ "العنف الرسمي"، وقد يمارس العنف من جانب المواطنين ضد النظام السياسي أو بعض رموزه وهو ما يعرف بالعنف الشعبي وغالبا ما يهدف إلى ممارسة ضغوط على النظام السياسي لتحقيق مطالب خاصة كالعدالة في توزيع الثروة أو المشاركة في صناعة وإتخاد القرارات التي تمس حياة المواطنين أو إجبار النظام على العدول عن قرارات أو سياسات اتخذها أو يزمع إتخاذها وترى القوى التي تمارس العنف أﻧﻬا تضر بمصالحها.

ويأخذ هذا العنف العديد من الأشكال، منها:

1ـ الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي تستهدف شخصيات رسمية تشغل مناصب ذات تأثير على القرار السياسي أو ذات صلة بمراكز صناعة القرار.

2ـ الإنقلابات أو محاولات الإنقلاب وقد تتم من داخل النخبة ذاﺗﻬا أو تحل نخبة جديدة محل النخبة التي تمت الإطاحة ﺑﻬا، وقد لا تقترن بتغير في طبيعة النظام السياسي، وقد يترتب عليها تحولات جذرية ويتحول الإنقلاب إلى ثورة.

3ـ التمرد: وهو شكل من أشكال المواجهة المسلحة للنظام القائم من قبل بعض العناصر المدنية أو العسكرية أو الإثنين معا وذلك لممارسة الضغط والتأثير على النظام للإستجابة لمصالح معينة لهذه القوى، وقد يكون التمرد طويل المدى مقدمة لثورة قد تطيح بالنظام برمته.

4ـ أعمال الشغب: إستخدام العنف من جانب تجمعات من المواطنين ضد النظام السياسي أو بعض رموزه أو ضد الممتلكات الخاصة أو العامة، وقد تكون أعمال الشغب محدودة، أو عامة تنتشر على نطاق جغرافي واسع نسبيا ويشترك فيها عدة فئات إجتماعية وتمارس خلالها أعمال التدمير والتخريب على نطاق واسع.

5ـ عمليات الإعتقال لأسباب سياسية: وعادة ما تأتي هذه الإعتقالات في إطار تصدي النظم الحاكمة للاحتجاج الجماعي والعنف السياسي، وفي حالات عديدة تتم عمليات الإعتقال ﻟﻤﺠرد الإشتباه أو من باب اتخاد إجراءات تعتبرها السلطات وقائية لحفظ الأمن والنظام وهو ما يعرف بالإعتقال التحفظي أو الوقائي.

6ـ إستخدام وحدات الجيش لمواجهة أعمال العنف السياسي: ففى حالات العنف الحادة والتي تمثل ﺗﻬديدا جديا للنظام السياسي، وتعجز أجهزة الأمن عن التعامل معها، فإنه يتم إستدعاء الجيش للسيطرة على الأحداث.

ثانياً: أسباب العنف السياسي في الكويت ومستوياته:

تعددت الأسباب التي أدت لتفاقم ظاهرة العنف السياسي، في دولة الكويت خلال عامي 2011 و2012، لعل في مقدمتها:

1ـ الأزمة السياسية بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء على خلفية قضايا الفساد السياسي، وقضية الإيداعات المليونية، والتي أدت لتقديم الحكومة استقالتها مرتين خلال هذه الفترة، قبل حل مجلس الأمة، في ديسمبر 2011، والدعوة لانتخابات جديدة في 2 فبراير 2012.

2ـ الممارسات السياسية السلبية، من جانب مختلف القوي والتيارات السياسية، فالحملات الانتخابية لانتخابات أمة 2012، كشفت عن وجود عدد من المرشحين هدفهم الرئيس هو الوصول إلى البرلمان، ولو كان ذلك على حساب أمن الدولة واستقرارها، كما أن بعض التيارات السياسية والكتل الانتخابية لم تقم بالدور الوطني المنوط بها، وانخرطت في تأجيج الوضع للاستفادة منه لتحقيق مكاسب لمصلحة مرشحيها دون اكتراث لأية اعتبارات وطنية، بجانب وجود عدد من الشخصيات السياسية تسببت، بممارساتها وتصريحاتها في انتشار ثقافة المظاهرات والاعتصامات في البلاد والحث على مخالفة القانون ومهاجمة الأجهزة الأمنية.

3ـ العنف الانتخابي الطلابي: فقد تكررت ظاهرة العنف في الانتخابات الطلابية، وجاءت امتداداً للحركة السياسية في الكويت وتياراتها السياسية الممثلة في الخريطة الانتخابية الطلابية أو ما يطرحه الطلبة من قضايا سياسية محلية وإقليمية. وأصبحت الساحة الانتخابية الطلابية تجتاحها الامراض التي أصابت الجسد الانتخابي العام في البلاد من مشاحنات وتنابز وتفريق لوحدة المجتمع، وبروز العنصر القبلي والفئوي في الانتخابات الجامعية.

وإذا كانت الرشيحة طلاب الجامعة، هى الأكثر حيوية وتأثيراً في المجتمع، فقد انعكس عنفها داخل الحرم الجامعي على مستويات عنفها خارج الحرم الجامعي، في الإطار الأوسع للحركة السياسية في المجتمع.

4ـ تفشي ظاهرة العنف المدرسي: فقد كشفت الجمعية الكويتية لحقوق الطفل أن حوادث العنف المعلنة من وزارة التربية ارتفعت إلى 28887 حالة عام 2011، منها ما يزيد على 10 آلاف حالة وقعت في المرحلة الابتدائية.

5ـ الأسباب الدينية: وتتمثل في حالة الاحتقان بين السنة والشيعة في المجتمع الكويتى، والتي تكشف عن نفسها بين الحين والآخر، في أحداث تبدأ فردية ثم سرعان ما تصبح مجتمعية، تنال من أمن المجتمع واستقراره، كان آخرها، ولن تكون الأخيرة، الأزمة التي أثارتها تغريدات الكاتب محمد المليفي، والتي اعتبرها البعض إهانة للطائفة الشيعية وشقاً لصفوف الوحدة الوطنية. وبسببها انتفضت حشود كبيرة من أبناء الطائفة الشيعية في ساحة الارادة (9 فبراير 2012) في تظاهرات دعا إليها تجمع "الله يحفظج يا كويت"، وشهد العديد من الخطابات والعبارات على لسان عدد من النواب، التي من شأنها تأجيج حالة الاحتقان القائمة بالفعل.

6ـ الأسباب الخارجية: وتتملث في تأثيرات التطورات التي شهدتها المنطقة العربية، وثورات وانتفاضات ما عرف بالربيع العربي، في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وغيرها، على الأوضاع الداخلية في الكويت.