- الخميس يوليو 18, 2013 12:38 am
#63805
كيف ستتعامل الأنظمة السياسية العربية، والكثير منها تعود، بل وأدمن الاستبداد والفساد، مع الصورة الجديدة لممارسة الديمقراطية: ديمقراطية الشبكة العنكبوتية ؟ فإذا كانت شبكة التواصل الإلكترونية قد لعبت دوراً إبداعياً كبيراً في تفجير ثورات وحراكات الربيع العربي، فهل ستستطيع الوسيلة نفسها، بالإبداع والفاعلية نفسيهما، بناء ديمقراطية عادلة؟
تاريخ أنظمة الحكم العربية في التعامل مع مجتمعاتها وفي ممارسة السياسة يوحي بأن الإجابة عن مثل تلك الأسئلة لن تكون سهلة أو حتى واضحة .
علينا أن نستعيد في ذاكرتنا العربية الجمعية كيف تعاملت أنظمة الحكم العربية المتعاقبة، منذ الاستقلال وحتى أيامنا الصعبة الحالية، مع شتى أنواع وسائل ممارسة الديمقراطية . فعندما كانت الوسيلة لا تزيد على مناشير توزع ومهرجانات جماهيرية تقام، أفسدت الأنظمة تلك الوسيلة بقوانين ومتطلبات مناقضة لحرية التعبير والتجمهر، وأضافت عليها شراء الذمم وإثارة النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية، ثم أردفتها بتزوير الانتخابات . فكانت النتيجة ديمقراطية صورية كاذبة تمثلت في برلمانات مصالح، مؤيدة لنظام الحكم ومتآمرة على حقوق العباد .
وعندما أُدخلت وسيلة إلكترونية جديدة في شكل ديمقراطية تلفزيونية هيمنت أنظمة الحكم في الحال على تلك الوسيلة، أولاً باحتكارها احتكاراً كاملاً من قبل وزارات الإعلام الرسمية، ثم من قبل نظام الزبونية الذي يؤسس محطة تلفزيونية مستقلة بالاسم، ولكنها خادمة مطيعة لتوجيهات رجالات الحكم . فكانت النتيجة أن انقلب التلفزيون من ساحة سجال سياسي موضوعي هادئ وشريف بين وجهات نظر وبرامج سياسية مختلفة إلى أن يكون ساحة غمز ولمز وتجريح وتلطيخ لسمعة القوى المعارضة، وساحة مديح كاذب وتجميل مكياجي رخيص للقوى الموالية لنظام الحكم .
اليوم يدخل العالم، ومعه الوطن العربي، مرحلة وسيلة جديدة لممارسة الديمقراطية تتمثل في الشبكة العنكبوتية وبقية شبكات التواصل الجماهيرية الأخرى . فهل سيكون مصير هذه الوسيلة مصير الوسائل الأخرى نفسها؟
الواقع هو أن الوضع والساحة واللاعبين مختلفون، ولكن لن تقف قوى الاستبداد والفساد متفرجة مكتوفة الأيدي . فحتى إخراج الشيطان من رضى ورحمة وجنة ربه لم يوقفه من التآمر على كون الله .
نحن نتعامل مع ساحة عالمية تمتد من زقاق القرية إلى الأجواء العليا، مع وسائل تواصلية تتطور يومياً في إمكاناتها وفي التغلب على سبل منع استعمالها من هذه الجهة وتلك، ومع لاعبين جدد يتمثلون في جيل شاب جديد .
هذا الجيل الجديد لا يخاف من التغييرات التي تأتي بها الحياة، ولا يهاب أية أخطار قد تنتج عنها . إنه جيل يسبح ويطفو على أمواج مياه الحياة، يرحب باختلافات الآراء وتصادمها، يتفاعل مع كل جديد، يعيش اللحظة ويحاول ضبطها بدلاً من العيش في الماضي أو حتى المستقبل .
هذا الوضع المعقد الصعب تدرك أنظمة الحكم إمكاناته الهائلة، وهي تتحرك في كل اتجاه لتقليم أظفاره أو استعماله بانتهازية وخبث أو بملء مساره بالألغام . فمن خلال عملائها ومخبريها ستخلط الحابل بالنابل في الساحة العنكبوتية .
فالسجالات السياسية سيحاول هؤلاء قلبها إلى سجالات انفعالية تجريحية تلاسنية قبيحة بدلاً من تركها لتكون أداة تثقيف سياسي ومصدر معلومات صحيحة ذات دلالات سياسية توعوية .
وإذا كانت حكومة تدعي أنها ديمقراطية، كحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، قد ضغطت وأخافت شركات التواصل العنكبوتي، وحصلت منها على مجمل المعلومات الشخصية عن كل مواطن أمريكي، بل عن ملايين المواطنين في العالم، فإن أنظمة الحكم العربية لن تعدم الوسيلة . إنها ستطور أنظمة رصد ورقابة أكبر للنشطاء الفاعلين من الشباب، وستخلق أنظمة تجسس وقمع من خلال اقتفاء آثار تنقلات وتعبيرات كل مواطن، عن إتصالاته السياسية، عن التجمعات التي ينتمي إليها، عن تصويته في انتخابات نقابية أو حزبه أو جمعيته المهنية، خصوصاً أن الكثير من الأنشطة السياسية تتم عبر الشبكة العنكبوتية، تعبيراً واتصالاً وتصويتاً .
وسائل تشويه وحرف وتحييد وتزوير الوسيلة الجديدة لممارسة الديمقراطية الشعبية العادلة التي ترنو لها ثورات وحراكات الربيع العربي ستكون كثيرة وشيطانية . في مواجهة ذلك سيحتاج شباب الغد العربي المشرق، الذي بهر العالم بإبداعاته، أن يستمر في خلق وسائل جديدة لإبطال سحر الساحر، وألا يتراجع قط عن كسر حاجز الخوف إلى الأبد .
أما أنظمة الحكم ومعها المتشككون الوجلون فعليهم التوقف عن النواح بشأن الأخطار التي قد تأتي بها التغييرات العربية المبهرة الحالية، إذ الادعاء بقبول تغيير بلا أخطار هو تجديف وخرافة .
تاريخ أنظمة الحكم العربية في التعامل مع مجتمعاتها وفي ممارسة السياسة يوحي بأن الإجابة عن مثل تلك الأسئلة لن تكون سهلة أو حتى واضحة .
علينا أن نستعيد في ذاكرتنا العربية الجمعية كيف تعاملت أنظمة الحكم العربية المتعاقبة، منذ الاستقلال وحتى أيامنا الصعبة الحالية، مع شتى أنواع وسائل ممارسة الديمقراطية . فعندما كانت الوسيلة لا تزيد على مناشير توزع ومهرجانات جماهيرية تقام، أفسدت الأنظمة تلك الوسيلة بقوانين ومتطلبات مناقضة لحرية التعبير والتجمهر، وأضافت عليها شراء الذمم وإثارة النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية، ثم أردفتها بتزوير الانتخابات . فكانت النتيجة ديمقراطية صورية كاذبة تمثلت في برلمانات مصالح، مؤيدة لنظام الحكم ومتآمرة على حقوق العباد .
وعندما أُدخلت وسيلة إلكترونية جديدة في شكل ديمقراطية تلفزيونية هيمنت أنظمة الحكم في الحال على تلك الوسيلة، أولاً باحتكارها احتكاراً كاملاً من قبل وزارات الإعلام الرسمية، ثم من قبل نظام الزبونية الذي يؤسس محطة تلفزيونية مستقلة بالاسم، ولكنها خادمة مطيعة لتوجيهات رجالات الحكم . فكانت النتيجة أن انقلب التلفزيون من ساحة سجال سياسي موضوعي هادئ وشريف بين وجهات نظر وبرامج سياسية مختلفة إلى أن يكون ساحة غمز ولمز وتجريح وتلطيخ لسمعة القوى المعارضة، وساحة مديح كاذب وتجميل مكياجي رخيص للقوى الموالية لنظام الحكم .
اليوم يدخل العالم، ومعه الوطن العربي، مرحلة وسيلة جديدة لممارسة الديمقراطية تتمثل في الشبكة العنكبوتية وبقية شبكات التواصل الجماهيرية الأخرى . فهل سيكون مصير هذه الوسيلة مصير الوسائل الأخرى نفسها؟
الواقع هو أن الوضع والساحة واللاعبين مختلفون، ولكن لن تقف قوى الاستبداد والفساد متفرجة مكتوفة الأيدي . فحتى إخراج الشيطان من رضى ورحمة وجنة ربه لم يوقفه من التآمر على كون الله .
نحن نتعامل مع ساحة عالمية تمتد من زقاق القرية إلى الأجواء العليا، مع وسائل تواصلية تتطور يومياً في إمكاناتها وفي التغلب على سبل منع استعمالها من هذه الجهة وتلك، ومع لاعبين جدد يتمثلون في جيل شاب جديد .
هذا الجيل الجديد لا يخاف من التغييرات التي تأتي بها الحياة، ولا يهاب أية أخطار قد تنتج عنها . إنه جيل يسبح ويطفو على أمواج مياه الحياة، يرحب باختلافات الآراء وتصادمها، يتفاعل مع كل جديد، يعيش اللحظة ويحاول ضبطها بدلاً من العيش في الماضي أو حتى المستقبل .
هذا الوضع المعقد الصعب تدرك أنظمة الحكم إمكاناته الهائلة، وهي تتحرك في كل اتجاه لتقليم أظفاره أو استعماله بانتهازية وخبث أو بملء مساره بالألغام . فمن خلال عملائها ومخبريها ستخلط الحابل بالنابل في الساحة العنكبوتية .
فالسجالات السياسية سيحاول هؤلاء قلبها إلى سجالات انفعالية تجريحية تلاسنية قبيحة بدلاً من تركها لتكون أداة تثقيف سياسي ومصدر معلومات صحيحة ذات دلالات سياسية توعوية .
وإذا كانت حكومة تدعي أنها ديمقراطية، كحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، قد ضغطت وأخافت شركات التواصل العنكبوتي، وحصلت منها على مجمل المعلومات الشخصية عن كل مواطن أمريكي، بل عن ملايين المواطنين في العالم، فإن أنظمة الحكم العربية لن تعدم الوسيلة . إنها ستطور أنظمة رصد ورقابة أكبر للنشطاء الفاعلين من الشباب، وستخلق أنظمة تجسس وقمع من خلال اقتفاء آثار تنقلات وتعبيرات كل مواطن، عن إتصالاته السياسية، عن التجمعات التي ينتمي إليها، عن تصويته في انتخابات نقابية أو حزبه أو جمعيته المهنية، خصوصاً أن الكثير من الأنشطة السياسية تتم عبر الشبكة العنكبوتية، تعبيراً واتصالاً وتصويتاً .
وسائل تشويه وحرف وتحييد وتزوير الوسيلة الجديدة لممارسة الديمقراطية الشعبية العادلة التي ترنو لها ثورات وحراكات الربيع العربي ستكون كثيرة وشيطانية . في مواجهة ذلك سيحتاج شباب الغد العربي المشرق، الذي بهر العالم بإبداعاته، أن يستمر في خلق وسائل جديدة لإبطال سحر الساحر، وألا يتراجع قط عن كسر حاجز الخوف إلى الأبد .
أما أنظمة الحكم ومعها المتشككون الوجلون فعليهم التوقف عن النواح بشأن الأخطار التي قد تأتي بها التغييرات العربية المبهرة الحالية، إذ الادعاء بقبول تغيير بلا أخطار هو تجديف وخرافة .