ثورة العشرين
مرسل: الأحد يوليو 21, 2013 11:40 pm
ثورة العشرين ثورة اندلعت في العراق ضد الاحتلال البريطاني وسياسة تهنيد العراق تمهيدا لضمه لبريطانيا كسلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي جراء عدم ايفاءالحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال كدولة عربية واحدة من الهيمنة العثمانية. واتخذت الثورة باديء الامر شكل العصيان المدني ثم المواجهات المسلحة التي ادت إلى عقد مؤتمر القاهرة الذي حضرة وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل لمناقشة موضوع الانتفاضات العربية كثورة 1919 في مصر وثورة العشرين في العراق وانتفاضة اليمنيين والسوريين والفلسطينيين, وتقرر منح هذه الدول استقلال ذاتي محدود تنفيذا لمعاهدة سايكس بيكو بتجزئة الولايات العثمانية ونمحها استقلال شكلي وربطت تلك الدول بمعاهدات تسهل من خلالها هيمنة بريطانيا وفرنسا عليها.
أسباب قيام الثورة[عدل]
السير آرنولد ويلسون الحاكم البريطاني على العراق مابين عامي 1918 - 1920
الأسباب المباشرة[عدل]
إعتاد العراقيون طيلة فترة الحكم العثماني لهم على أن يفعلون مايشاؤون وعدم تدخل السلطات المعنية بأمورهم إلا فيما يخص الضرائب وهو أشبه ما يكون بالحكم السائب وقد ألف سكان العراق هذا النمط من الحكم طيلة قرون من لحكم العثماني لهم حتى أصبحت بنظرهم كأنها هي الحياة الطبيعية التي لايمكن من أن يكون لها بديل في أي وقت [1].أضف إلى ذلك من إن الموظفين الحكوميين في العهدالعثماني كانوا متساهلين في تطبيق الأنظمة والقوانين تحت تأثير الرشوة أو الواسطة وكانوا الناس راضين كل الرضا عن هذا الأمر [2]. ولهذا لما جاء الإنجليز شهد الناس نظاما للحكم كان يعتبر غريبا عما ألفوه طوال قرون من الحكم العثماني إذ شهدوا في العهد الجديد صرامة شديدة في تطبيق القوانين وقل تأثيرالرشوة والواسطة في هذا العهد [2].
حدوث التضخم النقدي وماأدى من بعده إلى ارتفاع في الأسعار في العراق [3].
عندماإحتل البريطانيون العراق إتبعوا سياسة عشائرية مختلفة عما كانت الدولة العثمانية تتبعها في أيام حكمها للعراق والتي كانت تتبع سياسة التفريق بين العشائر عن طريق إشاعة التفريق والنزاع فيما بينها بينما طبق الأنجليز سياسة مختلفة وهي إختيار شيخ واحد منكل منطقة في العراق أو كل عشيرة كبيرة فيه وتدعيمه بالمال والسلاح وبكل مايلزمه لكييكون المسؤول أمامهم عن الأمن والنظام في منطقته أي المنطقة التي تخضع لنفوذ هذا الشيخ [4]. وقدأثارت هذه السياسة الجديدة التي إتبعها الأنجليز الكثيرمن الإمتعاض والغضب لدى رؤساء العشائر والذين أجبروا لأن يخضعوا لرئيس عشيرة يفرضه الأنجليز عليهم دون سواهم [5].
العدالة والمساواة التي قام الأنجليز بتطبيقهاإثناء حكمهم للعراق وعدم التفريق بين السكان بين كبير أو صغير [6].
رعونة بعض الحكام السياسيين ومعاونيهم من الأنجليز والذين تولوا مناصب الجكم في ألوية العراق وأقضيته [6].
دور الأفندية والملالي[عدل]
كان الأفندية في العهد العثماني يشغلون طبقة الموظفين الحكوميين والضباط وعند مجيء البريطانيين إلى العراق فقد الكثير منهم مناصبهم وأصبحواهم بلا مورد رزق ولا وظيفة وقد إضطر معظمهم لبيع كل مايملك في سبيل العيش [7]. وقد لعب الأفندية دورا مهما في إثارة الناس على الإنجليز وإشاعة التذمر فيما بينهم لما كان يملكونهمن خلفية ثقافية عالية إذا ماقورنت ببقية الشعب الذي في غالبه من الأميين [8].
كانت طبقة الملالي مؤلفة من فئتين هما الشيعة والسنة وقد نجح الإنجليز في إجتذاب علماء السنة بصورة جيدة ولكنهم فشلوا في أغلب محاولاتهم مع علماء الشيعة ويعزوا نجاح الإنجليز في إجتذاب العلماء من المذهب السني دون الشيعة لأن العالم السني يعتبر أشبه بالموظف الحكومي لدى الدولة منذ العهد العثماني وهو يستمد معاشه من الدولة وهو عكس العالم الشيعي الذي يستمد معاشه من جماهير الناس عن طريق ضريبة الخمس [9]. وكلما إزداد بعد العالم الشيعي من الإنجليز إزداد عدد مريديه ومكانته في صفوف العامة من الأهالي [10].
حصول تعاون ما بين طبقة الأفندية وما بين طبقة الملالي وقيام الأفندية بزيارة مجالس الملالي وتقبيل أيديهم والجلوس بينهم بإحترام وخشوع [11].
عدم تنفيذ الإنجليز ماعدوا به السكان إثناء احتلالهم للعراق من إنشاء دولة مستقلة [12].
تقلب الشعراء والكتاب بعد ما كانوا يطنبون فيمدح الإنجليز صاروا يشكون منظلمهم وتعسفهم وذلك مسايرة للرأي العام الذي كان سائدا بين سكان العراق والذي كان ضد الإنجليز بشكل عام [13].
الدعاية الخارجية[عدل]
كانت هناك دعايات مناوئة للحكم الإنجليزي للعراق تنتشر بين السكان وتنشر التذمر بينهم ومن أبرز محطات الدعاية الآتية من الخارج إلى الداخل العراقي هي
الدعاية الآتية من سوريا: حيث كان هنالك حكومة وطنية برئاسة الملك فيصل الأول وكان الكثير من الضباط العراقيين موجودين في سوريا ويتولون هناك مناصب عالية ولكن هؤلاء الضباط بدؤا يشعرون بأنهم غير مرحب بهم في سوريا لأن السوريين بدأوا ينادون سوريا للسوريين [14]. فأخذ هؤلاء الضباط يوجهون أنظارهم نحو العراق ويسعون للحصول على استقلاله ونيل المناصب فيه. كان يوجد في سوريا حزب يدعى بحزب العهد وكان هذا الحزب يصدر جريدة تدعى بالعقاب والتي كانت تتميز بأسلوبها الحماسي المثير ومبالغتها في أخبار العرب وإنتصاراتهم وكانت هذه الجريدة تهرب إلى العراق مع بعض الجرائد السورية فكانت بذلك تسد حاجة العراقيين من الأخبار المثيرة [15]. وتجدر الإشارة إلى إن الضباط العراقيين والذين كانوا متواجدين في دمشق كانوا قد بايعواالأمير عبد الله ملكا على العراق بعد تتويج أخوه الأمير فيصل ملكا على سوريا في سنة 1920 وأرسلوا مع سعاة البدوارسائل إلى علماء منطقة الفرات الأوسط وشيوخ عشائره يخبرونهم بهذا النبأ وكماأرسلوا إليهم علم ذا الألوان الأربعة وقد إتخذوه شعارا للعراق المستقل [16].
الدعاية الآتية من الدولة العثمانية: شجعت إنتصارات كمال أتاتورك في الاناضول الأمال للكثير من العراقيين الذين كانوا يبغضون العهد الجديد والذين كانوا يتمنون عودة الأتراك قريبا لطرد الإنجليز [17].وبدأ الدعاة القادمين من تركيا ينشرون الدعايات بأن الدولة العثمانية قادمة لتخليص العراقيين من أيدي الإنجليز وقد لقيت هذه الدعاية رواجا في العراق تحت وطأة التذمر الذي كان منتشرا بين الناس [18].
الدعاية الآتية من بلاد فارس: كان للعداء الذي كان قائما بين الإنجليز والشعب الإيراني أثره في في العراق ولدى المراجع من علماء الشيعة والتي كانت تسكن في كربلاء، النجف والكاظمية ولما كان ما بين سكان العراق وبلاد فارس من روابط مشتركة [19]. أثره في انتشار العداء ما بين سكان العراق ضدالإنجليز.
الدعاية الآتية من روسيا: كان لقيام الثورة البلشفية بقيادة لينين في روسيا في شهر تشرين الأول - أكتوبر من سنة 1917 الأثر الكبير لدى عامة السكان في العراق وخاصة بعد تأيد البلاشفة لأية حركة مناوئة للاستعمار وقد جاءت أفكار الحركة البلشفية إلى العراق عن طريق الزوار والطلبة القادمين من بلاد فارس وأصبحت المنشورات التي كان يطلقها البلاشفة متداولة لدى العامة في العراق [20]. وكانت لإنتصارات الجيش الروسي واحتلاله مدينة باكو في أذربيجان وطرد البريطانيين منها في سنة 1920 وكذلك احتلال ميناء إنزلي في إيران والذي يقع في بحر قزوين الأثر الكبير في نفوس العراقيين للدلالة على ضعف الإنجليز تجاه روسيا [21]. وقد كان لإعلان الروس البيان البلشفي أثرا كبيرا في العراق وبقيبة بلدان الشرق الأوسط لما كان فيه تأيدا للعرب وللمسلمين في نيل حقوقهم [22].
إنطلاق شرارة الثورة[عدل]
واقعة الرميثة[عدل]
في يوم 25 حزيران - يونيو رفعت عشيرة الظوالم وهي فرع من بني حجيم راياتها معلنة الحرب على الإنجليز وفي يوم 30 من نفس الشهر أستدعي الشيخ شعلان أبو الجون وهو رئيس عشيرة الظوالم إلى السراي الحكومي في بلدة الرميثة والتي تقع في جنوب العراق وقد لبى الشيخ شعلان طلب الاستدعاء وحضر إلى السراي في ظهر ذلك اليوم [23]. وقد أبدى الشيخ شعلان كثيرا من الشراسة في مقابلة في المعاون الحاكم السياسي في الرميثة الملازم هيات مما دفع الأخير إلى حجزه وتوقيفه في السراي بقصد إرساله إلى مدينة الديوانية بواسطة القطار [24]. وعند هذا إلتفت الشيخ شعلان أحد مرافقيه الذي جاء معه طالبا منه إخبار ابن عمه الشيخ غثيث الحرجان بأنه في حاجة إلى عشرة ليرات عثمانية وإنها يجب أن ترسل إليه قبل موعد القطار ولما وصل الخبر إلى الشيخ غثيث عرف من إن الشيخ شعلان بحاجة إلى عشرة رجال أقوياء من العشيرة بدلا من الليرات العشر وبعث الرجال إلى السراي بغية تحرير الشيخ شعلان. وبعد مهاجة السراي من قبل الرجال العشرة تم تحرير الشيخ شعلان وعاد هو إلى مضارب عشيرته سالما وكانت هذه الحادثة الشرارة التي اطلقت الثورة [25].[26].وبعد هذه الحادثة حصلت عدة معارك في أهمها معركة ألبو حسان، العارضيات الأولى والعارضيات الثانية [27].وكما تم قصف بلدة الرميثة لأول مرة بالطائرات إثناء المواجهات [28]. وقد كانت هذه المواجهات بين كر وفر تارة للعشائر وتارة للإنجليز ولم تنجح جهود الوساطة التي بذلتها العشائر في المنطقة في حل هذه المشكلة بين الطرفين [29]. ومع استمرار المعارك بين العشائر الثائرة وما بين الإنجليز قرر آية الله السيد محمد تقي الشيرازي القيام بواسطة لوقف القتال وقد قرر هو بأن يرسل وفدا إلى مدينة بغداد لغرض مقابلة آرنولد ويلسون الحاكم السياسي للعراق المعين من قبل االإنجليز لغرض المفاوضة وقد إختار لهذا الغرض رجلين هما السيد هبة الدين الشهرستاني والمرزا محمد الخراساني [30]. وعند وصول الوفد المفاوض إلى مدينة بغداد إتصل بالقنصل الإيراني لكي يكون وسيطا لدى الحاكم السياسي آرنولد ويلسون غير أن ويلسون رفض الوساطة فعاد الوفد المفاوض إلى مدينة كربلاء بدون أية نتيجة تذكر [31]. وقد كتب الشيخ فتح الله الأصفهاني برسالتين أحدهما إلى الحاكم السياسي البريطاني آرنولد ويلسون والأخرى إلى العشائر الثائرة في الرميثة وذلك في شهر تموز ولكن جهوده لم تفلح في حل المشكلة بين طرفي النزاع [32].
إعلان الثورة في المشخاب[عدل]
في يوم 11 تموز - يوليو إجتمع رؤساء العشائر في المشخاب في مضيف الشيخ عبد الواحد الحاج سكر وقرروا البدء بإعلان الثورة وفي اليوم التالي تم إعلان الثورة وتم رفع رايتها وتقدمت جموع العشائر نحوأبوصخير لمحاصرتها[33]. بدأ حصار أبو صخير في يوم 13 تموز وإشتركت فيه عشائر آل فتلة، الغزالات ,آل شبل وآل إبراهيم وفي يوم 14 مننفس الشهر أرسل الإنجليز زورقا بخاريا يحمل عددا من الجنود وبعض مواد التموين وكانت الباخرة الحربية فاير فلاي تسير وراء الزورق لحمايته فحاولت العشائر الاستيلاء عليه وجرى تبادل شديد بالنيران بين الباخرة الحربية والعشائر [33].
مؤتمر الكوفة[عدل]
في يوم 17 تموز عقد في مدينة الكوفة مؤتمر لعقد هدنة ما بين الثوار في منطقة لواء الشامية والنجف والإنجليز وقد حضر المؤتمر عن الجانب الإنجليزي الميجر توربري الحاكم الإنجليزي للواء الشامية والنجف [34]. ومثل الثوار بالإضافة إلى رؤساء العشائر الموجودة في المنطقة كل من الشيخين عبد الكريم الجزائري وجواد الجواهري اللذان كان مندوبين عن الشيخ فتح الله الأصفهاني وقد تم الاتفاق أخيرا ما بين الطرفين على هدنة تكون مدتها أربعة أيام ابتداء من اليوم الأول من شهر ذو القعدة لسنة 1338 هجري الموافق ليوم 17 تموز حيث تنسحب حامية أبو صخير إلى الكوفة من دون أن يصيبها أي أذى وقد تعهد من جانبه الميجر نوربري بمراجعة الحاكم العام ببغداد حول مطاليب الثوار في اللواء وهي:
العفو العام عن جميع العراقيين بمن فيهم أهل الرميثة، الشامية والدغارة
توقف جميع الحركات العسكرية وإصلاح سكة الحديد ونقل القوات العسكرية من مكان إلى آخر
إطلاق سراح جميع المعتقلين والمنفيين خصوصا ابن المرجع الشيعي الميرزا محمد تقي الشيرازي
تشكيل المؤتمر العراقي [35]
.[36].ولم تستمر الهدنة الموقعة ما بين الطرفين التي كان أمدها أربعة أيام إذ تم إختراقها من قبل كلا الجانبين في اليوم الثالث أي في يوم 19 تموز ويرجع السبب الرئيسي في خرق الهدنة من قبل الثوار هو أن الكثير منهم قد ندموا في إعطاء هذه الهدنة وتخليص حامية أبو صخير من الحصار بعد أن كثر عليهم النقد والتجريح.[37].حيث هاجم ثوار المنطقة خمسة شخاتير وهي محملة بالموؤن والعتاد لنقلها لغرض إمداد حامية الكوفة وفي الوقت نفسه هاجم نفر من أهل الكوفة السراي الحكومي الموجود في المدينة وقاموا بالاستيلاء عليه [38]. وبعد هذا التاريخ أضطر رؤساء العشائر المترددون إلى الإنضمام إلى الثوار تحت ضغط الرأي العام الذي كان يعد كل من لاينضم إلى الثورة كافرا نصرانيا [39]. وقام الثوار ومن إنضم معهم بحصار الحامية الإنجليزية الموجودة في الكوفة والتي كان يقدر عدد أفرادها ب 750 شخصا مؤلفة من الجنود ,الشبانة ,الشرطة والموظفين وقد يرأس الحامية الميجر نوربري وقد بدا الحصار الفعلي للحامية في يوم 21 تموز وأناط الثوار بأمر الحصار بعلوان الحاج سعدون رئيس بني حسن [40]. وقد كانت الحامية قد تحصنت في الخانات المشرفة على النهر كما كانت الباخرة الحربية آير فلاي قد رست في النهر تجاه الحامية لحمايتها [41]. وقد كانت الطائرات الإنجليزية تقوم بالإغارة على الكوفة طيلة مدة الحصار على الحامية وفي يوم 24 تموز ألقت إحدى الطائرات ثلاث قنابع على جامع الكوفة الكبير فأدى ذلك إلى مقتل العديد من الناس الذين كانوا متواجدين في الجامع [42]. وقد استمر حصار الثوار للحامية الإنجليزية زهاء ثلاثة أشهر وفي يوم 17 من شهر تشرين الأول وعند الساعة الثامنة صباحا وصلت القوات الإنجليزية إلى الأطراف الشمالية من البلدة وكان الثوار متجمعين في البلدة وبعد معركة ما بين الطرفين إستطاعت القوات الإنجليزية دخول البلدة وكان ذلك عند الساعة التاسعة والنصف من صباح نفس اليوم [43].وكما تم في اليوم نفسه فك حصار الحامية الإنجليزية وفي يوم 20 من نفس الشهر إستعادت القوات الإنجليزية المدفع الذي كان الثوار قد غنموه منهم في معركة الرارنجية والذي كان قد أستعمل في قصق الحامية الإنجليزية إثناء فترة الحصار لها [44]
أسباب قيام الثورة[عدل]
السير آرنولد ويلسون الحاكم البريطاني على العراق مابين عامي 1918 - 1920
الأسباب المباشرة[عدل]
إعتاد العراقيون طيلة فترة الحكم العثماني لهم على أن يفعلون مايشاؤون وعدم تدخل السلطات المعنية بأمورهم إلا فيما يخص الضرائب وهو أشبه ما يكون بالحكم السائب وقد ألف سكان العراق هذا النمط من الحكم طيلة قرون من لحكم العثماني لهم حتى أصبحت بنظرهم كأنها هي الحياة الطبيعية التي لايمكن من أن يكون لها بديل في أي وقت [1].أضف إلى ذلك من إن الموظفين الحكوميين في العهدالعثماني كانوا متساهلين في تطبيق الأنظمة والقوانين تحت تأثير الرشوة أو الواسطة وكانوا الناس راضين كل الرضا عن هذا الأمر [2]. ولهذا لما جاء الإنجليز شهد الناس نظاما للحكم كان يعتبر غريبا عما ألفوه طوال قرون من الحكم العثماني إذ شهدوا في العهد الجديد صرامة شديدة في تطبيق القوانين وقل تأثيرالرشوة والواسطة في هذا العهد [2].
حدوث التضخم النقدي وماأدى من بعده إلى ارتفاع في الأسعار في العراق [3].
عندماإحتل البريطانيون العراق إتبعوا سياسة عشائرية مختلفة عما كانت الدولة العثمانية تتبعها في أيام حكمها للعراق والتي كانت تتبع سياسة التفريق بين العشائر عن طريق إشاعة التفريق والنزاع فيما بينها بينما طبق الأنجليز سياسة مختلفة وهي إختيار شيخ واحد منكل منطقة في العراق أو كل عشيرة كبيرة فيه وتدعيمه بالمال والسلاح وبكل مايلزمه لكييكون المسؤول أمامهم عن الأمن والنظام في منطقته أي المنطقة التي تخضع لنفوذ هذا الشيخ [4]. وقدأثارت هذه السياسة الجديدة التي إتبعها الأنجليز الكثيرمن الإمتعاض والغضب لدى رؤساء العشائر والذين أجبروا لأن يخضعوا لرئيس عشيرة يفرضه الأنجليز عليهم دون سواهم [5].
العدالة والمساواة التي قام الأنجليز بتطبيقهاإثناء حكمهم للعراق وعدم التفريق بين السكان بين كبير أو صغير [6].
رعونة بعض الحكام السياسيين ومعاونيهم من الأنجليز والذين تولوا مناصب الجكم في ألوية العراق وأقضيته [6].
دور الأفندية والملالي[عدل]
كان الأفندية في العهد العثماني يشغلون طبقة الموظفين الحكوميين والضباط وعند مجيء البريطانيين إلى العراق فقد الكثير منهم مناصبهم وأصبحواهم بلا مورد رزق ولا وظيفة وقد إضطر معظمهم لبيع كل مايملك في سبيل العيش [7]. وقد لعب الأفندية دورا مهما في إثارة الناس على الإنجليز وإشاعة التذمر فيما بينهم لما كان يملكونهمن خلفية ثقافية عالية إذا ماقورنت ببقية الشعب الذي في غالبه من الأميين [8].
كانت طبقة الملالي مؤلفة من فئتين هما الشيعة والسنة وقد نجح الإنجليز في إجتذاب علماء السنة بصورة جيدة ولكنهم فشلوا في أغلب محاولاتهم مع علماء الشيعة ويعزوا نجاح الإنجليز في إجتذاب العلماء من المذهب السني دون الشيعة لأن العالم السني يعتبر أشبه بالموظف الحكومي لدى الدولة منذ العهد العثماني وهو يستمد معاشه من الدولة وهو عكس العالم الشيعي الذي يستمد معاشه من جماهير الناس عن طريق ضريبة الخمس [9]. وكلما إزداد بعد العالم الشيعي من الإنجليز إزداد عدد مريديه ومكانته في صفوف العامة من الأهالي [10].
حصول تعاون ما بين طبقة الأفندية وما بين طبقة الملالي وقيام الأفندية بزيارة مجالس الملالي وتقبيل أيديهم والجلوس بينهم بإحترام وخشوع [11].
عدم تنفيذ الإنجليز ماعدوا به السكان إثناء احتلالهم للعراق من إنشاء دولة مستقلة [12].
تقلب الشعراء والكتاب بعد ما كانوا يطنبون فيمدح الإنجليز صاروا يشكون منظلمهم وتعسفهم وذلك مسايرة للرأي العام الذي كان سائدا بين سكان العراق والذي كان ضد الإنجليز بشكل عام [13].
الدعاية الخارجية[عدل]
كانت هناك دعايات مناوئة للحكم الإنجليزي للعراق تنتشر بين السكان وتنشر التذمر بينهم ومن أبرز محطات الدعاية الآتية من الخارج إلى الداخل العراقي هي
الدعاية الآتية من سوريا: حيث كان هنالك حكومة وطنية برئاسة الملك فيصل الأول وكان الكثير من الضباط العراقيين موجودين في سوريا ويتولون هناك مناصب عالية ولكن هؤلاء الضباط بدؤا يشعرون بأنهم غير مرحب بهم في سوريا لأن السوريين بدأوا ينادون سوريا للسوريين [14]. فأخذ هؤلاء الضباط يوجهون أنظارهم نحو العراق ويسعون للحصول على استقلاله ونيل المناصب فيه. كان يوجد في سوريا حزب يدعى بحزب العهد وكان هذا الحزب يصدر جريدة تدعى بالعقاب والتي كانت تتميز بأسلوبها الحماسي المثير ومبالغتها في أخبار العرب وإنتصاراتهم وكانت هذه الجريدة تهرب إلى العراق مع بعض الجرائد السورية فكانت بذلك تسد حاجة العراقيين من الأخبار المثيرة [15]. وتجدر الإشارة إلى إن الضباط العراقيين والذين كانوا متواجدين في دمشق كانوا قد بايعواالأمير عبد الله ملكا على العراق بعد تتويج أخوه الأمير فيصل ملكا على سوريا في سنة 1920 وأرسلوا مع سعاة البدوارسائل إلى علماء منطقة الفرات الأوسط وشيوخ عشائره يخبرونهم بهذا النبأ وكماأرسلوا إليهم علم ذا الألوان الأربعة وقد إتخذوه شعارا للعراق المستقل [16].
الدعاية الآتية من الدولة العثمانية: شجعت إنتصارات كمال أتاتورك في الاناضول الأمال للكثير من العراقيين الذين كانوا يبغضون العهد الجديد والذين كانوا يتمنون عودة الأتراك قريبا لطرد الإنجليز [17].وبدأ الدعاة القادمين من تركيا ينشرون الدعايات بأن الدولة العثمانية قادمة لتخليص العراقيين من أيدي الإنجليز وقد لقيت هذه الدعاية رواجا في العراق تحت وطأة التذمر الذي كان منتشرا بين الناس [18].
الدعاية الآتية من بلاد فارس: كان للعداء الذي كان قائما بين الإنجليز والشعب الإيراني أثره في في العراق ولدى المراجع من علماء الشيعة والتي كانت تسكن في كربلاء، النجف والكاظمية ولما كان ما بين سكان العراق وبلاد فارس من روابط مشتركة [19]. أثره في انتشار العداء ما بين سكان العراق ضدالإنجليز.
الدعاية الآتية من روسيا: كان لقيام الثورة البلشفية بقيادة لينين في روسيا في شهر تشرين الأول - أكتوبر من سنة 1917 الأثر الكبير لدى عامة السكان في العراق وخاصة بعد تأيد البلاشفة لأية حركة مناوئة للاستعمار وقد جاءت أفكار الحركة البلشفية إلى العراق عن طريق الزوار والطلبة القادمين من بلاد فارس وأصبحت المنشورات التي كان يطلقها البلاشفة متداولة لدى العامة في العراق [20]. وكانت لإنتصارات الجيش الروسي واحتلاله مدينة باكو في أذربيجان وطرد البريطانيين منها في سنة 1920 وكذلك احتلال ميناء إنزلي في إيران والذي يقع في بحر قزوين الأثر الكبير في نفوس العراقيين للدلالة على ضعف الإنجليز تجاه روسيا [21]. وقد كان لإعلان الروس البيان البلشفي أثرا كبيرا في العراق وبقيبة بلدان الشرق الأوسط لما كان فيه تأيدا للعرب وللمسلمين في نيل حقوقهم [22].
إنطلاق شرارة الثورة[عدل]
واقعة الرميثة[عدل]
في يوم 25 حزيران - يونيو رفعت عشيرة الظوالم وهي فرع من بني حجيم راياتها معلنة الحرب على الإنجليز وفي يوم 30 من نفس الشهر أستدعي الشيخ شعلان أبو الجون وهو رئيس عشيرة الظوالم إلى السراي الحكومي في بلدة الرميثة والتي تقع في جنوب العراق وقد لبى الشيخ شعلان طلب الاستدعاء وحضر إلى السراي في ظهر ذلك اليوم [23]. وقد أبدى الشيخ شعلان كثيرا من الشراسة في مقابلة في المعاون الحاكم السياسي في الرميثة الملازم هيات مما دفع الأخير إلى حجزه وتوقيفه في السراي بقصد إرساله إلى مدينة الديوانية بواسطة القطار [24]. وعند هذا إلتفت الشيخ شعلان أحد مرافقيه الذي جاء معه طالبا منه إخبار ابن عمه الشيخ غثيث الحرجان بأنه في حاجة إلى عشرة ليرات عثمانية وإنها يجب أن ترسل إليه قبل موعد القطار ولما وصل الخبر إلى الشيخ غثيث عرف من إن الشيخ شعلان بحاجة إلى عشرة رجال أقوياء من العشيرة بدلا من الليرات العشر وبعث الرجال إلى السراي بغية تحرير الشيخ شعلان. وبعد مهاجة السراي من قبل الرجال العشرة تم تحرير الشيخ شعلان وعاد هو إلى مضارب عشيرته سالما وكانت هذه الحادثة الشرارة التي اطلقت الثورة [25].[26].وبعد هذه الحادثة حصلت عدة معارك في أهمها معركة ألبو حسان، العارضيات الأولى والعارضيات الثانية [27].وكما تم قصف بلدة الرميثة لأول مرة بالطائرات إثناء المواجهات [28]. وقد كانت هذه المواجهات بين كر وفر تارة للعشائر وتارة للإنجليز ولم تنجح جهود الوساطة التي بذلتها العشائر في المنطقة في حل هذه المشكلة بين الطرفين [29]. ومع استمرار المعارك بين العشائر الثائرة وما بين الإنجليز قرر آية الله السيد محمد تقي الشيرازي القيام بواسطة لوقف القتال وقد قرر هو بأن يرسل وفدا إلى مدينة بغداد لغرض مقابلة آرنولد ويلسون الحاكم السياسي للعراق المعين من قبل االإنجليز لغرض المفاوضة وقد إختار لهذا الغرض رجلين هما السيد هبة الدين الشهرستاني والمرزا محمد الخراساني [30]. وعند وصول الوفد المفاوض إلى مدينة بغداد إتصل بالقنصل الإيراني لكي يكون وسيطا لدى الحاكم السياسي آرنولد ويلسون غير أن ويلسون رفض الوساطة فعاد الوفد المفاوض إلى مدينة كربلاء بدون أية نتيجة تذكر [31]. وقد كتب الشيخ فتح الله الأصفهاني برسالتين أحدهما إلى الحاكم السياسي البريطاني آرنولد ويلسون والأخرى إلى العشائر الثائرة في الرميثة وذلك في شهر تموز ولكن جهوده لم تفلح في حل المشكلة بين طرفي النزاع [32].
إعلان الثورة في المشخاب[عدل]
في يوم 11 تموز - يوليو إجتمع رؤساء العشائر في المشخاب في مضيف الشيخ عبد الواحد الحاج سكر وقرروا البدء بإعلان الثورة وفي اليوم التالي تم إعلان الثورة وتم رفع رايتها وتقدمت جموع العشائر نحوأبوصخير لمحاصرتها[33]. بدأ حصار أبو صخير في يوم 13 تموز وإشتركت فيه عشائر آل فتلة، الغزالات ,آل شبل وآل إبراهيم وفي يوم 14 مننفس الشهر أرسل الإنجليز زورقا بخاريا يحمل عددا من الجنود وبعض مواد التموين وكانت الباخرة الحربية فاير فلاي تسير وراء الزورق لحمايته فحاولت العشائر الاستيلاء عليه وجرى تبادل شديد بالنيران بين الباخرة الحربية والعشائر [33].
مؤتمر الكوفة[عدل]
في يوم 17 تموز عقد في مدينة الكوفة مؤتمر لعقد هدنة ما بين الثوار في منطقة لواء الشامية والنجف والإنجليز وقد حضر المؤتمر عن الجانب الإنجليزي الميجر توربري الحاكم الإنجليزي للواء الشامية والنجف [34]. ومثل الثوار بالإضافة إلى رؤساء العشائر الموجودة في المنطقة كل من الشيخين عبد الكريم الجزائري وجواد الجواهري اللذان كان مندوبين عن الشيخ فتح الله الأصفهاني وقد تم الاتفاق أخيرا ما بين الطرفين على هدنة تكون مدتها أربعة أيام ابتداء من اليوم الأول من شهر ذو القعدة لسنة 1338 هجري الموافق ليوم 17 تموز حيث تنسحب حامية أبو صخير إلى الكوفة من دون أن يصيبها أي أذى وقد تعهد من جانبه الميجر نوربري بمراجعة الحاكم العام ببغداد حول مطاليب الثوار في اللواء وهي:
العفو العام عن جميع العراقيين بمن فيهم أهل الرميثة، الشامية والدغارة
توقف جميع الحركات العسكرية وإصلاح سكة الحديد ونقل القوات العسكرية من مكان إلى آخر
إطلاق سراح جميع المعتقلين والمنفيين خصوصا ابن المرجع الشيعي الميرزا محمد تقي الشيرازي
تشكيل المؤتمر العراقي [35]
.[36].ولم تستمر الهدنة الموقعة ما بين الطرفين التي كان أمدها أربعة أيام إذ تم إختراقها من قبل كلا الجانبين في اليوم الثالث أي في يوم 19 تموز ويرجع السبب الرئيسي في خرق الهدنة من قبل الثوار هو أن الكثير منهم قد ندموا في إعطاء هذه الهدنة وتخليص حامية أبو صخير من الحصار بعد أن كثر عليهم النقد والتجريح.[37].حيث هاجم ثوار المنطقة خمسة شخاتير وهي محملة بالموؤن والعتاد لنقلها لغرض إمداد حامية الكوفة وفي الوقت نفسه هاجم نفر من أهل الكوفة السراي الحكومي الموجود في المدينة وقاموا بالاستيلاء عليه [38]. وبعد هذا التاريخ أضطر رؤساء العشائر المترددون إلى الإنضمام إلى الثوار تحت ضغط الرأي العام الذي كان يعد كل من لاينضم إلى الثورة كافرا نصرانيا [39]. وقام الثوار ومن إنضم معهم بحصار الحامية الإنجليزية الموجودة في الكوفة والتي كان يقدر عدد أفرادها ب 750 شخصا مؤلفة من الجنود ,الشبانة ,الشرطة والموظفين وقد يرأس الحامية الميجر نوربري وقد بدا الحصار الفعلي للحامية في يوم 21 تموز وأناط الثوار بأمر الحصار بعلوان الحاج سعدون رئيس بني حسن [40]. وقد كانت الحامية قد تحصنت في الخانات المشرفة على النهر كما كانت الباخرة الحربية آير فلاي قد رست في النهر تجاه الحامية لحمايتها [41]. وقد كانت الطائرات الإنجليزية تقوم بالإغارة على الكوفة طيلة مدة الحصار على الحامية وفي يوم 24 تموز ألقت إحدى الطائرات ثلاث قنابع على جامع الكوفة الكبير فأدى ذلك إلى مقتل العديد من الناس الذين كانوا متواجدين في الجامع [42]. وقد استمر حصار الثوار للحامية الإنجليزية زهاء ثلاثة أشهر وفي يوم 17 من شهر تشرين الأول وعند الساعة الثامنة صباحا وصلت القوات الإنجليزية إلى الأطراف الشمالية من البلدة وكان الثوار متجمعين في البلدة وبعد معركة ما بين الطرفين إستطاعت القوات الإنجليزية دخول البلدة وكان ذلك عند الساعة التاسعة والنصف من صباح نفس اليوم [43].وكما تم في اليوم نفسه فك حصار الحامية الإنجليزية وفي يوم 20 من نفس الشهر إستعادت القوات الإنجليزية المدفع الذي كان الثوار قد غنموه منهم في معركة الرارنجية والذي كان قد أستعمل في قصق الحامية الإنجليزية إثناء فترة الحصار لها [44]