- الاثنين إبريل 27, 2009 12:27 am
#17922
.
.
.
باريس - رويترز - مؤشرات مثيرة للقلق في البلاد التي ابتكرت بالفعل الثورات الشعبية الحديثة والتي طالما كان لاحتجاجات الشوارع فيها تاريخ ناجح من اجبار السلطات على الرضوخ.
وعلى مدار الاسابيع القليلة الماضية، احتجز عمال فرنسيون غاضبون رؤساءهم رهائن ورشقوا غيرهم بالبيض ودمروا مبنى اداريا عاما وأيقظوا شبح الاضطراب الاجتماعي الذي نسف حكومات سابقة متعاقبة.
وقال رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان اخيرا، والذي لحقت بحكومته أضرار مميتة بسبب أعمال الشغب التي وقعت في المدن عام 2005 واحتجاجات في الشوارع في شأن عقد عمل للشبان في العام التالي «هناك مجازفة بقيام ثورة في فرنسا».
لكن الى أي مدى يعتبر حقيقيا التهديد بأن يسبب الغضب الشعبي في شأن الازمة المالية شرخا اجتماعيا خطيرا في ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو؟
يقول غي غرو، المتخصص في علاقات العمل والعلاقات الاجتماعية في «معهد سيانس بو» الباريسي: «لم نعد في فرنسا في الوقت الراهن». وأضاف: «بل انني أود أن أذهب الى ابعد من هذا. الوضع أقل عنفا كثيرا مما كان عليه منذ وقت طويل مضى. شهدنا اشتباكات مع عمال في الثمانينات في قطاع الصلب كانت اكثر عنفا من هذا».
ورغم هذا، فان الازمة المالية وحكاياتها اليومية عن جشع الشركات والبنوك المتهورة واغلاق المصانع والاسر المكروبة غذت ارتيابا فرنسيا كامنا في الاسواق الحرة المتحررة «شديدة الليبرالية».
وحيث ان ذكريات الاحتجاجات الصناعية السابقة وعنف أعمال الشغب التي وقعت عام 2005 في «الضواحي» الفقيرة في المدن لم تغب ابدا عن الاذهان، فان الطبيعة الدراماتيكية للكثير من تصرفات المحتجين سيطرت بكل تأكيد على عناوين الصحف.
وتابع مشاهدو التلفزيون مشاهد مؤثرة الاسبوع الماضي، حين حطم عمال من شركة «كونتيننتال» الالمانية للاطارات التي تغلق مصنعها في كليروا شمال فرنسا، نوافذ ومعدات في المصنع، وفي مكاتب حكومية في بلدة كومبيين القريبة.
واحتجز اكثر من 12 مسؤولا في شركات في مناطق مختلفة من البلاد في مكاتبهم لنحو 40 ساعة في موجة من «احتجاز رؤساء الشركات» لخصت مخاوف الموظفين الذين يواجهون خطرا فقد وظائفهم في الازمة.
وتراوحت التصرفات من قطع عشوائي للتيار الكهربائي فرضه العمال على مجموعة «اي دي اف» للطاقة الى دفن رمزي للوظائف قام به موظفو سوني في جنوب غربي فرنسا، احتجاجا على اغلاق المصنع التابع للمجموعة اليابانية في بونتو سور لادور.
لكن قضية ما اذا كان هذا يرقى الى كونه ثورة مسألة أخرى.
ويقول برنار فيفييه، اخصائي علاقات العمل في «معهد سوبيرييير دو ترافاي»: «لا تعني ست حالات خطف احيطت بدعاية كبيرة أن فرنسا سقطت في ايدي البلاشفة». وأضاف: «في فرنسا لدينا ثقافة علاقات العمل حيث الحواجز أهم من المفاوضات. انه تقليد قديم. الاتحادات تلعب دورا للتهدئة في هذا».
وراحت مجموعة من الحكومات والساسة السابقين ضحية لاحتجاجات حاشدة في الشوارع، كان ابرزها من وقت ليس ببعيد، حكومة الآن جوبيه الذي ينتمي الى يمين الوسط عام 1995.
لكن على النقيض من اعمال العنف التي اتسمت بها العلاقات الصناعية الفرنسية في السبعينات حين أشاع نشطاء ماويون تكتيك احتجاز المديرين رغما عنهم، تعتبر الحوادث الاخيرة بسيطة.
واوضح فيفييه: «كان هناك الكثير من أعمال العنف في مصانع كثيرة... كان هذا أسوأ كثيرا مما يحدث اليوم... كانت هناك وفيات وجرائم قتل وكان هناك عنصر ايديولوجي ثقيل ايضا».
وضخ الرئيس نيكولا ساركوزي مليارات الدولارات لمكافحة الازمة، حيث ان نحو نصف مليون فرنسي انضموا الى قوائم العاطلين على مدار العام المنصرم وكثيرا ما أحدثت الاحتجاجات صدى واسع النطاق وايجابيا.
ويقول نصف الفرنسيين، الذين استطلعت آراؤهم، ان من المقبول أن يحتجز الموظفون الذين يتم تسريحهم رؤساءهم بل ان ساسة مثل رئيس الوزراء فرنسوا فيون ممن ينددون بأعمال العنف حرصوا على قول انهم يتفهمون الغضب.
لكن ما ينقص هو الشعور بحركة موحدة وراء احساس بالاحباط والمخاوف من المصانع الفردية المهددة بتسريح العمال. وقال غرو «لدينا عدد من الصراعات المحتدمة جدا لكنها كلها منفصلة عن بعضها بعضا». وتابع ان «الازمة الاقتصادية لا تؤثر على العمال بالطريقة نفسها في الوقت نفسه. واذا لم نضع هذا في اذهاننا فاننا نجازف بتكوين صورة مغلوطة تماما عن الوضع».
تحليل / هل تواجه فرنسا «خطر قيام ثورة»؟
..
.
.
باريس - رويترز - مؤشرات مثيرة للقلق في البلاد التي ابتكرت بالفعل الثورات الشعبية الحديثة والتي طالما كان لاحتجاجات الشوارع فيها تاريخ ناجح من اجبار السلطات على الرضوخ.
وعلى مدار الاسابيع القليلة الماضية، احتجز عمال فرنسيون غاضبون رؤساءهم رهائن ورشقوا غيرهم بالبيض ودمروا مبنى اداريا عاما وأيقظوا شبح الاضطراب الاجتماعي الذي نسف حكومات سابقة متعاقبة.
وقال رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان اخيرا، والذي لحقت بحكومته أضرار مميتة بسبب أعمال الشغب التي وقعت في المدن عام 2005 واحتجاجات في الشوارع في شأن عقد عمل للشبان في العام التالي «هناك مجازفة بقيام ثورة في فرنسا».
لكن الى أي مدى يعتبر حقيقيا التهديد بأن يسبب الغضب الشعبي في شأن الازمة المالية شرخا اجتماعيا خطيرا في ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو؟
يقول غي غرو، المتخصص في علاقات العمل والعلاقات الاجتماعية في «معهد سيانس بو» الباريسي: «لم نعد في فرنسا في الوقت الراهن». وأضاف: «بل انني أود أن أذهب الى ابعد من هذا. الوضع أقل عنفا كثيرا مما كان عليه منذ وقت طويل مضى. شهدنا اشتباكات مع عمال في الثمانينات في قطاع الصلب كانت اكثر عنفا من هذا».
ورغم هذا، فان الازمة المالية وحكاياتها اليومية عن جشع الشركات والبنوك المتهورة واغلاق المصانع والاسر المكروبة غذت ارتيابا فرنسيا كامنا في الاسواق الحرة المتحررة «شديدة الليبرالية».
وحيث ان ذكريات الاحتجاجات الصناعية السابقة وعنف أعمال الشغب التي وقعت عام 2005 في «الضواحي» الفقيرة في المدن لم تغب ابدا عن الاذهان، فان الطبيعة الدراماتيكية للكثير من تصرفات المحتجين سيطرت بكل تأكيد على عناوين الصحف.
وتابع مشاهدو التلفزيون مشاهد مؤثرة الاسبوع الماضي، حين حطم عمال من شركة «كونتيننتال» الالمانية للاطارات التي تغلق مصنعها في كليروا شمال فرنسا، نوافذ ومعدات في المصنع، وفي مكاتب حكومية في بلدة كومبيين القريبة.
واحتجز اكثر من 12 مسؤولا في شركات في مناطق مختلفة من البلاد في مكاتبهم لنحو 40 ساعة في موجة من «احتجاز رؤساء الشركات» لخصت مخاوف الموظفين الذين يواجهون خطرا فقد وظائفهم في الازمة.
وتراوحت التصرفات من قطع عشوائي للتيار الكهربائي فرضه العمال على مجموعة «اي دي اف» للطاقة الى دفن رمزي للوظائف قام به موظفو سوني في جنوب غربي فرنسا، احتجاجا على اغلاق المصنع التابع للمجموعة اليابانية في بونتو سور لادور.
لكن قضية ما اذا كان هذا يرقى الى كونه ثورة مسألة أخرى.
ويقول برنار فيفييه، اخصائي علاقات العمل في «معهد سوبيرييير دو ترافاي»: «لا تعني ست حالات خطف احيطت بدعاية كبيرة أن فرنسا سقطت في ايدي البلاشفة». وأضاف: «في فرنسا لدينا ثقافة علاقات العمل حيث الحواجز أهم من المفاوضات. انه تقليد قديم. الاتحادات تلعب دورا للتهدئة في هذا».
وراحت مجموعة من الحكومات والساسة السابقين ضحية لاحتجاجات حاشدة في الشوارع، كان ابرزها من وقت ليس ببعيد، حكومة الآن جوبيه الذي ينتمي الى يمين الوسط عام 1995.
لكن على النقيض من اعمال العنف التي اتسمت بها العلاقات الصناعية الفرنسية في السبعينات حين أشاع نشطاء ماويون تكتيك احتجاز المديرين رغما عنهم، تعتبر الحوادث الاخيرة بسيطة.
واوضح فيفييه: «كان هناك الكثير من أعمال العنف في مصانع كثيرة... كان هذا أسوأ كثيرا مما يحدث اليوم... كانت هناك وفيات وجرائم قتل وكان هناك عنصر ايديولوجي ثقيل ايضا».
وضخ الرئيس نيكولا ساركوزي مليارات الدولارات لمكافحة الازمة، حيث ان نحو نصف مليون فرنسي انضموا الى قوائم العاطلين على مدار العام المنصرم وكثيرا ما أحدثت الاحتجاجات صدى واسع النطاق وايجابيا.
ويقول نصف الفرنسيين، الذين استطلعت آراؤهم، ان من المقبول أن يحتجز الموظفون الذين يتم تسريحهم رؤساءهم بل ان ساسة مثل رئيس الوزراء فرنسوا فيون ممن ينددون بأعمال العنف حرصوا على قول انهم يتفهمون الغضب.
لكن ما ينقص هو الشعور بحركة موحدة وراء احساس بالاحباط والمخاوف من المصانع الفردية المهددة بتسريح العمال. وقال غرو «لدينا عدد من الصراعات المحتدمة جدا لكنها كلها منفصلة عن بعضها بعضا». وتابع ان «الازمة الاقتصادية لا تؤثر على العمال بالطريقة نفسها في الوقت نفسه. واذا لم نضع هذا في اذهاننا فاننا نجازف بتكوين صورة مغلوطة تماما عن الوضع».