- الاثنين يوليو 22, 2013 6:17 am
#63971
نبيل السهلي
المشاريع الإسرائيلية قبل عملية الضم
حول قرار الضم
القدس والثوابت الإسرائيلية بعد أوسلو
مع احتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس قبل ستة وأربعين عامًا (1967-2013)، بدأت تظهر مشاريع وأفكار إسرائيلية حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة.
ويمكن الاستدلال على الرؤى الإسرائيلية لحل قضية القدس من خلال الأفكار التي طرحها بعض القادة والأكاديميين الإسرائيليين، فضلا عن أفكار وتوصيات تمّ تسجيلها في نهاية ندوات عقدت في مراكز البحث الإسرائيلية، وفي هذا السياق عبر بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي في 24 يونيو/حزيران من عام 1948 بوضوح عن النوايا الإسرائيلية في القدس.
وفي نقاش دار حينها في مجلس الشعب المؤقت (الكنيست لاحقا) قال بن غوريون إن المسألة لم تكن إلحاق القدس بإسرائيل، بل كيفية تحقيق هذا الهدف في ضوء العقبات والظروف العسكرية والاقتصادية التي تواجه تحقيقه، ومنذ العام المذكور اتسم موقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه قضية القدس بالتصلب شأنها في ذلك شأن قضية اللاجئين وحق عودتهم حسب القرار 194 لعام 1948.
ومع احتلال إسرائيل للضفة بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس وقطاع غزة في يونيو/حزيران 1967، بدأت تظهر مشاريع وأفكار إسرائيلية عدة حول مستقبل الأراضي العربية المحتلة. وتركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية باعتبارها حسب الخطاب السياسي الإسرائيلي العاصمة الأبدية لإسرائيل.
"
لم يستبعد دايان التوصل إلى تسوية حول القدس تمنح معها الأماكن المقدسة ما سماه الوضع الخاص ولكن المدينة -حسب زعمه- يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية والقانونية
"
المشاريع الإسرائيلية قبل عملية الضم
من أهم المشاريع المطروحة التي تضمنت إبقاء السيطرة الكاملة على القدس:
أولا: مشروع بن غوريون 1967: وقد كان أول من طرح أفكارا حول منح السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حكما ذاتيا يديرون شؤون حياتهم في إطاره هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق دايفيد بن غوريون، وذلك بعد أن وضعت حرب حزيران أوزارها بأسبوعين تقريبا.
فقد وزع بن غوريون على الصحف مشروعا يتضمن بعض الأفكار ميّز فيها بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والفلسطينيين في الخارج، وفي الوقت نفسه ميّز أيضا بين سكان قطاع غزة وإخوانهم في الضفة الفلسطينية، إضافة إلى إخراجه القدس من المشروع مقترحا ضمها إلى حدود دولة إسرائيل.
ثانيا: مشروع آلون في يوليو/تموز 1967: أي بعد شهر من عدوان يونيو/حزيران، حيث طرح وزير الخارجية آنذاك يغال آلون على حكومته مشروعا يتعلق بسيناء والجولان، استند فيه إلى أفكار بن غوريون، غير أن مشروع آلون كان أكثر تفصيلا وتحديدا ووضوحا.
وقد حظي المشروع بشهرة كبيرة رغم أنه لم يناقش في إطار حكومي أو حزبي. وكان آلون أحد أبرز شخصيات حزب العمل وزعيم كتلة في الحزب وأحد قادة البالماخ البارزين سابقا وقد صمم مشروعه على أساس التخلص من المناطق ذات الكثافة بالسكان الفلسطينيين، وضم المناطق الأخرى التي تتسم بقلة ومحدودية السكان أي التخلص من المدن والمراكز الحضرية السكانية، وإعادتها إلى الأردن والتمسك ومواصلة السيطرة على الأراضي الواسعة الخصبة في الأغوار وشمال الضفة الفلسطينية ومناطق واسعة من أرياف المدن الفلسطينية تمهيدا لضمها إلى إسرائيل.
وتطرق آلون في مشروعه إلى القدس من جانب الاحتواء الكامل والقسري لهذه المدينة وهذا ما نلمسه في البند الوارد في المشروع المتعلق بالمدينة، "العمل على إقامة ضواح بلدية، مأهولة بالسكان اليهود شرق القدس، علاوة على إعادة تعمير وإسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس"، وهذا الأمر ترجم عمليا في السنوات الماضية حيث أصبحت المستوطنات اليهودية تحيط بمدينة القدس من كافة الاتجاهات عبر أطواق استيطانية محكمة.
ثالثا: مشروع أبا إيبان 1968: طرح المشروع في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1968 وقد تضمن البند الخاص بالقدس أن إسرائيل مستعدة لمناقشة التوصل إلى اتفاقيات مناسبة مع هؤلاء الذين يعنيهم الأمر بشأن القدس، وقد عارض أبا إيبان فكرة إيجاد حل تعرضه الدول الكبرى ووصفها بأنها أبعد الأفكار عن الواقعية على الإطلاق.
رابعا: مشروع غولدا مائير 1971: طرح المشروع في 9 فبراير/شباط 1971 وجاء في البند المتعلق بالقدس من المشروع "تبقى القدس موحدة وجزءا من إسرائيل".
خامسا: مشروع مابام للسلام 1972: وتضمن مشروع حزب مابام (27 ديسمبر/كانون الأول 1972) بندا خاصا عالج فيه وضع القدس على النحو التالي "إن القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل وتضمن في تسوية السلام الخاصة الإدارة الذاتية للأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين ويعترف في كل مفاوضات حول السلام مع الدول العربية المجاورة بحقوق السكان العرب كأقلية قومية، ويتم ضمان أوضاع بلدية خاصة بالسكان العرب في القدس في إطار المدينة الموحدة".
"
تسعى حكومة بنيامين نتنياهو الحالية -في سباق مع الزمن- إلى تهويد القدس مستغلة الانقسام الفلسطيني وعدم ارتقاء العرب والمسلمين في دعمهم السياسي والمالي للمقدسيين إلى مستوى التحدي الذي تواجهه المدينة
"
سادسا: مشروع بن غوريون 1972: ذكر بن غوريون في 8 سبتمبر/أيلول 1972 أن هناك احتمالا نظريا لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل والدول العربية في غضون السنوات الخمس القادمة، ويعتقد أنه في حال توقيع الدول العربية معاهدة سلام فإنه من الصواب أن تعيد لهم إسرائيل جميع الأراضي، عدا القدس والجولان والمناطق التي نشأت فيها مستوطنات بما في ذلك المستوطنات في الضفة الفلسطينية.
سابعا: مشروع دايان 1972: ذكرت إسرائيل في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1972 أن موشي دايان وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك يفضل أن لا يحل السلام بين مصر وإسرائيل، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود السابقة. وقد أدلى دايان بهذه الأقوال في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
وختم حديثه مؤكدا أن الحدود مع هضبة الجولان ستبقى كما هي عليه اليوم تقريبا، على بعد 45 كيلومترًا من الحدود القديمة، ولم يستبعد دايان التوصل إلى تسوية حول مدينة القدس تمنح معها الأماكن المقدسة ما سماه الوضع الخاص ولكن المدينة -حسب زعمه- يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية والقانونية، مع تأكيده على أنه لا مجال لإقامة دولة جديدة في الضفة الفلسطينية.
حول قرار الضم
أعلنت المؤسسة الإسرائيلية ضم القدس الشرقية في الثلاثين من يوليو/تموز 1980. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على ضم الجزء الشرقي من القدس، لم يتوقف النشاط الاستيطاني في جنباتها، حيث تسعى حكومة بنيامين نتنياهو الحالية -في سباق مع الزمن- إلى تهويد مدينة القدس مستغلة الانقسام الفلسطيني وعدم ارتقاء العرب والمسلمين في دعمهم السياسي والمالي للمقدسيين إلى مستوى التحدي الذي تواجهه المدينة.
فبعد قطع شوط كبير من بناء الجدار العازل حول القدس، تبنت الحكومة "الإسرائيلية" مؤخرا قرارا صادرا منذ أكثر من ستة عقود للشروع في تطبيق قانون أملاك الغائبين الذي يشمل الممتلكات المحجوزة من قبل المؤسسات "الإسرائيلية" في القدس الشرقية المحتلة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه تم استصدار قانون أملاك الغائب عام 1950، وكان محاولة لإضفاء الصفة القانونية على سيطرة "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية تدريجيا، حيث يمنح القانون "الوصي الإسرائيلي" على أملاك الغائب "الحق" في الاستيلاء عليها وإدارتها والسيطرة على الأرض التي يملكها أشخاص يعرَّفون بالـ"غائبين".
ويمكن القول إن الإصرار "الإسرائيلي" على تطبيق قانون الغائب في مدينة القدس يندرج في سياق منهجية حكومة نتنياهو للإطباق على المدينة وتهويد كل مناحي الحياة فيها، وصولا إلى الإخلال بالتوازن الديموغرافي لصالح اليهود في المدينة، وبالتالي نسف الحلم الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وسيشهد المتابع استصدار قرارات "إسرائيلية" وإحياء أخرى لفرض الأمر الإسرائيلي الواقع على المدينة.
"
يلحظ المتابع أن النشاط الاستيطاني المحموم في مدينة القدس ما هو إلا إجراءات لترسيخ التصورات والرؤى الإسرائيلية على الأرض
"
القدس والثوابت الإسرائيلية بعد أوسلو
لم تتغير التصورات الإسرائيلية حول مستقبل قضية القدس بعد عقد اتفاقات أوسلو في سبتمبر/أيلول من عام 1993 لإبقاء القدس الموحدة بشقيها المحتل عام 1948، والمحتل عام 1967، عاصمة أبدية لإسرائيل.
وفي عام 1996 أكد حزبا العمل والليكود في وثيقة مشتركة وجهة نظريهما من قضايا الوضع النهائي بما فيها قضية القدس، حيث أكدا أن القدس الموحدة بشقيها الشرقي والغربي يجب أن تبقى العاصمة الأبدية إسرائيل.
ويلاحظ المتتبع للشأن الإسرائيلي الداخلي والخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى عام 2013 أن كافة المشاريع والتصورات الإسرائيلية التي طرحت إزاء القدس من قبل سياسيين أو أحزاب أو أكاديميين إسرائيليين في ندوات عقدت في الجامعات الإسرائيلية أو مؤتمرات هرتسيليا تمحورت حول الثوابت المشتركة بين الأطياف السياسية الإسرائيلية إزاء مستقبل قضية القدس.
ويلحظ المتابع أيضا أن النشاط الاستيطاني المحموم في مدينة القدس ما هو إلا إجراءات لترسيخ التصورات والرؤى الإسرائيلية على الأرض.
وتبقى الإشارة إلى أنه رغم وضوح التصورات الإسرائيلية إزاء مستقبل قضية القدس، لم يفلح العرب والمسلمون في وضع تصورات ومخططات محددة لمواجهة عاصفة التهويد التي تجتاح المعالم الجغرافية والتاريخية في مدينة القدس على مدار الساعة.
المصدر:الجزيرة
المشاريع الإسرائيلية قبل عملية الضم
حول قرار الضم
القدس والثوابت الإسرائيلية بعد أوسلو
مع احتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس قبل ستة وأربعين عامًا (1967-2013)، بدأت تظهر مشاريع وأفكار إسرائيلية حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة.
ويمكن الاستدلال على الرؤى الإسرائيلية لحل قضية القدس من خلال الأفكار التي طرحها بعض القادة والأكاديميين الإسرائيليين، فضلا عن أفكار وتوصيات تمّ تسجيلها في نهاية ندوات عقدت في مراكز البحث الإسرائيلية، وفي هذا السياق عبر بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي في 24 يونيو/حزيران من عام 1948 بوضوح عن النوايا الإسرائيلية في القدس.
وفي نقاش دار حينها في مجلس الشعب المؤقت (الكنيست لاحقا) قال بن غوريون إن المسألة لم تكن إلحاق القدس بإسرائيل، بل كيفية تحقيق هذا الهدف في ضوء العقبات والظروف العسكرية والاقتصادية التي تواجه تحقيقه، ومنذ العام المذكور اتسم موقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه قضية القدس بالتصلب شأنها في ذلك شأن قضية اللاجئين وحق عودتهم حسب القرار 194 لعام 1948.
ومع احتلال إسرائيل للضفة بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس وقطاع غزة في يونيو/حزيران 1967، بدأت تظهر مشاريع وأفكار إسرائيلية عدة حول مستقبل الأراضي العربية المحتلة. وتركزت الرؤى على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية باعتبارها حسب الخطاب السياسي الإسرائيلي العاصمة الأبدية لإسرائيل.
"
لم يستبعد دايان التوصل إلى تسوية حول القدس تمنح معها الأماكن المقدسة ما سماه الوضع الخاص ولكن المدينة -حسب زعمه- يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية والقانونية
"
المشاريع الإسرائيلية قبل عملية الضم
من أهم المشاريع المطروحة التي تضمنت إبقاء السيطرة الكاملة على القدس:
أولا: مشروع بن غوريون 1967: وقد كان أول من طرح أفكارا حول منح السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حكما ذاتيا يديرون شؤون حياتهم في إطاره هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق دايفيد بن غوريون، وذلك بعد أن وضعت حرب حزيران أوزارها بأسبوعين تقريبا.
فقد وزع بن غوريون على الصحف مشروعا يتضمن بعض الأفكار ميّز فيها بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والفلسطينيين في الخارج، وفي الوقت نفسه ميّز أيضا بين سكان قطاع غزة وإخوانهم في الضفة الفلسطينية، إضافة إلى إخراجه القدس من المشروع مقترحا ضمها إلى حدود دولة إسرائيل.
ثانيا: مشروع آلون في يوليو/تموز 1967: أي بعد شهر من عدوان يونيو/حزيران، حيث طرح وزير الخارجية آنذاك يغال آلون على حكومته مشروعا يتعلق بسيناء والجولان، استند فيه إلى أفكار بن غوريون، غير أن مشروع آلون كان أكثر تفصيلا وتحديدا ووضوحا.
وقد حظي المشروع بشهرة كبيرة رغم أنه لم يناقش في إطار حكومي أو حزبي. وكان آلون أحد أبرز شخصيات حزب العمل وزعيم كتلة في الحزب وأحد قادة البالماخ البارزين سابقا وقد صمم مشروعه على أساس التخلص من المناطق ذات الكثافة بالسكان الفلسطينيين، وضم المناطق الأخرى التي تتسم بقلة ومحدودية السكان أي التخلص من المدن والمراكز الحضرية السكانية، وإعادتها إلى الأردن والتمسك ومواصلة السيطرة على الأراضي الواسعة الخصبة في الأغوار وشمال الضفة الفلسطينية ومناطق واسعة من أرياف المدن الفلسطينية تمهيدا لضمها إلى إسرائيل.
وتطرق آلون في مشروعه إلى القدس من جانب الاحتواء الكامل والقسري لهذه المدينة وهذا ما نلمسه في البند الوارد في المشروع المتعلق بالمدينة، "العمل على إقامة ضواح بلدية، مأهولة بالسكان اليهود شرق القدس، علاوة على إعادة تعمير وإسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس"، وهذا الأمر ترجم عمليا في السنوات الماضية حيث أصبحت المستوطنات اليهودية تحيط بمدينة القدس من كافة الاتجاهات عبر أطواق استيطانية محكمة.
ثالثا: مشروع أبا إيبان 1968: طرح المشروع في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1968 وقد تضمن البند الخاص بالقدس أن إسرائيل مستعدة لمناقشة التوصل إلى اتفاقيات مناسبة مع هؤلاء الذين يعنيهم الأمر بشأن القدس، وقد عارض أبا إيبان فكرة إيجاد حل تعرضه الدول الكبرى ووصفها بأنها أبعد الأفكار عن الواقعية على الإطلاق.
رابعا: مشروع غولدا مائير 1971: طرح المشروع في 9 فبراير/شباط 1971 وجاء في البند المتعلق بالقدس من المشروع "تبقى القدس موحدة وجزءا من إسرائيل".
خامسا: مشروع مابام للسلام 1972: وتضمن مشروع حزب مابام (27 ديسمبر/كانون الأول 1972) بندا خاصا عالج فيه وضع القدس على النحو التالي "إن القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل وتضمن في تسوية السلام الخاصة الإدارة الذاتية للأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين ويعترف في كل مفاوضات حول السلام مع الدول العربية المجاورة بحقوق السكان العرب كأقلية قومية، ويتم ضمان أوضاع بلدية خاصة بالسكان العرب في القدس في إطار المدينة الموحدة".
"
تسعى حكومة بنيامين نتنياهو الحالية -في سباق مع الزمن- إلى تهويد القدس مستغلة الانقسام الفلسطيني وعدم ارتقاء العرب والمسلمين في دعمهم السياسي والمالي للمقدسيين إلى مستوى التحدي الذي تواجهه المدينة
"
سادسا: مشروع بن غوريون 1972: ذكر بن غوريون في 8 سبتمبر/أيلول 1972 أن هناك احتمالا نظريا لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل والدول العربية في غضون السنوات الخمس القادمة، ويعتقد أنه في حال توقيع الدول العربية معاهدة سلام فإنه من الصواب أن تعيد لهم إسرائيل جميع الأراضي، عدا القدس والجولان والمناطق التي نشأت فيها مستوطنات بما في ذلك المستوطنات في الضفة الفلسطينية.
سابعا: مشروع دايان 1972: ذكرت إسرائيل في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1972 أن موشي دايان وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك يفضل أن لا يحل السلام بين مصر وإسرائيل، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود السابقة. وقد أدلى دايان بهذه الأقوال في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
وختم حديثه مؤكدا أن الحدود مع هضبة الجولان ستبقى كما هي عليه اليوم تقريبا، على بعد 45 كيلومترًا من الحدود القديمة، ولم يستبعد دايان التوصل إلى تسوية حول مدينة القدس تمنح معها الأماكن المقدسة ما سماه الوضع الخاص ولكن المدينة -حسب زعمه- يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية والقانونية، مع تأكيده على أنه لا مجال لإقامة دولة جديدة في الضفة الفلسطينية.
حول قرار الضم
أعلنت المؤسسة الإسرائيلية ضم القدس الشرقية في الثلاثين من يوليو/تموز 1980. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على ضم الجزء الشرقي من القدس، لم يتوقف النشاط الاستيطاني في جنباتها، حيث تسعى حكومة بنيامين نتنياهو الحالية -في سباق مع الزمن- إلى تهويد مدينة القدس مستغلة الانقسام الفلسطيني وعدم ارتقاء العرب والمسلمين في دعمهم السياسي والمالي للمقدسيين إلى مستوى التحدي الذي تواجهه المدينة.
فبعد قطع شوط كبير من بناء الجدار العازل حول القدس، تبنت الحكومة "الإسرائيلية" مؤخرا قرارا صادرا منذ أكثر من ستة عقود للشروع في تطبيق قانون أملاك الغائبين الذي يشمل الممتلكات المحجوزة من قبل المؤسسات "الإسرائيلية" في القدس الشرقية المحتلة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه تم استصدار قانون أملاك الغائب عام 1950، وكان محاولة لإضفاء الصفة القانونية على سيطرة "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية تدريجيا، حيث يمنح القانون "الوصي الإسرائيلي" على أملاك الغائب "الحق" في الاستيلاء عليها وإدارتها والسيطرة على الأرض التي يملكها أشخاص يعرَّفون بالـ"غائبين".
ويمكن القول إن الإصرار "الإسرائيلي" على تطبيق قانون الغائب في مدينة القدس يندرج في سياق منهجية حكومة نتنياهو للإطباق على المدينة وتهويد كل مناحي الحياة فيها، وصولا إلى الإخلال بالتوازن الديموغرافي لصالح اليهود في المدينة، وبالتالي نسف الحلم الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وسيشهد المتابع استصدار قرارات "إسرائيلية" وإحياء أخرى لفرض الأمر الإسرائيلي الواقع على المدينة.
"
يلحظ المتابع أن النشاط الاستيطاني المحموم في مدينة القدس ما هو إلا إجراءات لترسيخ التصورات والرؤى الإسرائيلية على الأرض
"
القدس والثوابت الإسرائيلية بعد أوسلو
لم تتغير التصورات الإسرائيلية حول مستقبل قضية القدس بعد عقد اتفاقات أوسلو في سبتمبر/أيلول من عام 1993 لإبقاء القدس الموحدة بشقيها المحتل عام 1948، والمحتل عام 1967، عاصمة أبدية لإسرائيل.
وفي عام 1996 أكد حزبا العمل والليكود في وثيقة مشتركة وجهة نظريهما من قضايا الوضع النهائي بما فيها قضية القدس، حيث أكدا أن القدس الموحدة بشقيها الشرقي والغربي يجب أن تبقى العاصمة الأبدية إسرائيل.
ويلاحظ المتتبع للشأن الإسرائيلي الداخلي والخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى عام 2013 أن كافة المشاريع والتصورات الإسرائيلية التي طرحت إزاء القدس من قبل سياسيين أو أحزاب أو أكاديميين إسرائيليين في ندوات عقدت في الجامعات الإسرائيلية أو مؤتمرات هرتسيليا تمحورت حول الثوابت المشتركة بين الأطياف السياسية الإسرائيلية إزاء مستقبل قضية القدس.
ويلحظ المتابع أيضا أن النشاط الاستيطاني المحموم في مدينة القدس ما هو إلا إجراءات لترسيخ التصورات والرؤى الإسرائيلية على الأرض.
وتبقى الإشارة إلى أنه رغم وضوح التصورات الإسرائيلية إزاء مستقبل قضية القدس، لم يفلح العرب والمسلمون في وضع تصورات ومخططات محددة لمواجهة عاصفة التهويد التي تجتاح المعالم الجغرافية والتاريخية في مدينة القدس على مدار الساعة.
المصدر:الجزيرة