لماذا رفض أردوغان الحديث إلى البرادعي؟
مرسل: الاثنين يوليو 22, 2013 9:58 pm
حالة الاستقطاب الشديد والصارخ في الشارع المصري اليوم تنعكس على معظم التحليلات السياسية، سواء صدق وصفنا بها بالتحليلات أم لا، وسواء كان ذلك يرتبط بالأزمة المحلية في مصر أو تداعياتها الاقليمية. وهذا يصدق على حادثة رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الحديث إلى نائب الرئيس المصري الجديد للعلاقات الخارجية محمد البرادعي معتبراً أنه «غير منتخب»، وعين من قبل «قادة الانقلاب»، في إشارة إلى قرار الجيش المصري إقالة الرئيس السابق محمد مرسي. الرد الرسمي –بالإضافة إلى حالة الهجوم على المستوى الصحفي والشعبي- أظهر الاستياء، -وهو حق للدولة المصرية بكل الأحوال- مما وصفه بالتدخلات التركية، وذكر أردوغان «أن مصر دولة كبيرة».
حقيقة الأمر أن تركيا أردوغان، وعلى مستوى السياسة الخارجية، وتحديداً في الموقف من سوريا، أبدت تصريحات نارية كبيرة، ولم تتبعها دوماً بسياسات حازمة، ولعل هذه الموقف من البرادعي يفهم في سياق مثل هذه التصريحات، حتى يتبين الموقف في مصر.
ولكن المهم في الموقف الرسمي المصري، بالتذكير بمصر كدولة كبيرة، وهو ما لا يختلف عليه اثنان، سواء أكانا يتحدثان عن دور تاريخي فرضته طبيعة مصر الجغرافية والسياسية، أو كانا يتحدثان من باب «الينبغيات» أو ما يجب أن تكون عليه الأمور، ولكن من المؤكد أن مصر تعرضت طوال سنوات طويلة من الاستبداد والفساد إلى انتاج خطاب رسمي هدفه إرضاء رجل الشارع العادي أكثر من كونه موقفاً سياسياً. ويبدو أن أردوغان يدرك ذلك.
مع الانشغال بحادثة أردوغان-البرادعي، لم ينتبه كثيرون إلى تقرير دولي يشير إلى أن تركيا باتت في المركز الرابع في العالم من حيث تقديم المعونات الدولية بعد الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مجتمعاً، وبريطانيا. وهو ما يدلل على زيادة الوزن النسبي في العلاقات الدولية عملياً، وفي التأثير في السياسات. يذكر أن الزيارات الرسمية التركية لمناطق أفريقية كانت تتم بوجود رجال أعمال، ورجال دين يقدم الإسلام الرسمي التركي المعتدل كأسلوب للتواصل، وهو ما سهل كثيراً من «الأعمال التركية هناك». وبالمقابل اذا ما قورن هذا في مصر فإنها تتلقى معونة من الولايات المتحدة بمقدار مليار ونصف المليار دولار –غالبه كمعونة عسكرية-.
وخلال البحث لكتابة هذا المقال، فوجئت أن تركيا ذاتها كانت تلقت دينا من صندوق النقد الدولي عام 2001 مقداره مليار ونصف، كما أن الولايات المتحدة كانت تقدم له معونة بنحو 26 مليار دولار أي أضعاف ما تتلقاه مصر الآن. ولكن تركيا الآن تعرض إقراض صندوق النقد الدولي نفسه، وهو ما يدلل على وجود فارق كبير بين الدولتين.
مثلاً، إذا ما قورن الناتج القومي الإجمالي لمصر مع تركيا، يلاحظ أنه في مصر (إحصائيات 2011) 230 مليار دولار، بينما هو في تركيا 775 ملياراً للعام ذاته، أي بنحو ثلاثة أضعاف.
نجاح أردوغان في النهوض بالدولة التركية -وبالمناسبة على أردوغان الكثير من المآخذ التي كتب الكثير عنها، وليس بالضرورة أن يفوز في الانتخابات القادمة في تركيا- يحسب له ولحزبه العدالة والتنمية، ولكن علمانية الدولة وديمقراطيتها بطبيعة الحال لعبت دوراً أساسياً في هذا النجاح، فمثلاً تظاهرات تقسيم المحتجة على أردوغان، ما كانت لتهدأ لولا أن الدولة التركية أسست لآليات لحل التناقضات السياسية، وهذا هو أس الديمقراطية الأصيل.
حادثة «أردوغان-البرادعي» تظهر أن الشرعية –وخاصة القائمة على الإنجاز-، ووجود آليات ديمقراطية للحكم، من العوامل الأساسية في رسم السياسات الدولية، أكثر من الخطاب الإنشائي الذي يفقد الدولة وزنها النسبي شيئاً فشيئاً في العلاقات الدولية، ويساهم في إضعافها.
مراد بطل الشيشاني
حقيقة الأمر أن تركيا أردوغان، وعلى مستوى السياسة الخارجية، وتحديداً في الموقف من سوريا، أبدت تصريحات نارية كبيرة، ولم تتبعها دوماً بسياسات حازمة، ولعل هذه الموقف من البرادعي يفهم في سياق مثل هذه التصريحات، حتى يتبين الموقف في مصر.
ولكن المهم في الموقف الرسمي المصري، بالتذكير بمصر كدولة كبيرة، وهو ما لا يختلف عليه اثنان، سواء أكانا يتحدثان عن دور تاريخي فرضته طبيعة مصر الجغرافية والسياسية، أو كانا يتحدثان من باب «الينبغيات» أو ما يجب أن تكون عليه الأمور، ولكن من المؤكد أن مصر تعرضت طوال سنوات طويلة من الاستبداد والفساد إلى انتاج خطاب رسمي هدفه إرضاء رجل الشارع العادي أكثر من كونه موقفاً سياسياً. ويبدو أن أردوغان يدرك ذلك.
مع الانشغال بحادثة أردوغان-البرادعي، لم ينتبه كثيرون إلى تقرير دولي يشير إلى أن تركيا باتت في المركز الرابع في العالم من حيث تقديم المعونات الدولية بعد الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مجتمعاً، وبريطانيا. وهو ما يدلل على زيادة الوزن النسبي في العلاقات الدولية عملياً، وفي التأثير في السياسات. يذكر أن الزيارات الرسمية التركية لمناطق أفريقية كانت تتم بوجود رجال أعمال، ورجال دين يقدم الإسلام الرسمي التركي المعتدل كأسلوب للتواصل، وهو ما سهل كثيراً من «الأعمال التركية هناك». وبالمقابل اذا ما قورن هذا في مصر فإنها تتلقى معونة من الولايات المتحدة بمقدار مليار ونصف المليار دولار –غالبه كمعونة عسكرية-.
وخلال البحث لكتابة هذا المقال، فوجئت أن تركيا ذاتها كانت تلقت دينا من صندوق النقد الدولي عام 2001 مقداره مليار ونصف، كما أن الولايات المتحدة كانت تقدم له معونة بنحو 26 مليار دولار أي أضعاف ما تتلقاه مصر الآن. ولكن تركيا الآن تعرض إقراض صندوق النقد الدولي نفسه، وهو ما يدلل على وجود فارق كبير بين الدولتين.
مثلاً، إذا ما قورن الناتج القومي الإجمالي لمصر مع تركيا، يلاحظ أنه في مصر (إحصائيات 2011) 230 مليار دولار، بينما هو في تركيا 775 ملياراً للعام ذاته، أي بنحو ثلاثة أضعاف.
نجاح أردوغان في النهوض بالدولة التركية -وبالمناسبة على أردوغان الكثير من المآخذ التي كتب الكثير عنها، وليس بالضرورة أن يفوز في الانتخابات القادمة في تركيا- يحسب له ولحزبه العدالة والتنمية، ولكن علمانية الدولة وديمقراطيتها بطبيعة الحال لعبت دوراً أساسياً في هذا النجاح، فمثلاً تظاهرات تقسيم المحتجة على أردوغان، ما كانت لتهدأ لولا أن الدولة التركية أسست لآليات لحل التناقضات السياسية، وهذا هو أس الديمقراطية الأصيل.
حادثة «أردوغان-البرادعي» تظهر أن الشرعية –وخاصة القائمة على الإنجاز-، ووجود آليات ديمقراطية للحكم، من العوامل الأساسية في رسم السياسات الدولية، أكثر من الخطاب الإنشائي الذي يفقد الدولة وزنها النسبي شيئاً فشيئاً في العلاقات الدولية، ويساهم في إضعافها.
مراد بطل الشيشاني