منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By عبدالملك السميح 704
#64081
أمر الشورى عظيم في الاسلام ومن عظم أمره سمى الله سورة بالشورى، وقد أمر الله نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يشاور أصحابه, وجعل العزم بعد المشاورة (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) وطالما كان عليه السلام يردد حديثه الشهير (أشيروا علي أيها الناس).
وفي قصة بلقيس برزت اهمية الشورى الدينية والسياسية من ذوي الاختصاص والرأى وضرورة اشراك الخبراء في صناعة القرار حيث عرضت قضية كتاب النبي سليمان والذي كان يترتب على اجابته تغيير خطير في مستقبل العقيدة والدين والسيادة للمملكة اليمنية (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون).
والمتأمل في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - يلحظ استشارته للرجال والنساء في كل ما لم ينزل به نص قرآني، حيث استشار أول ما بعث أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وفي أسرى بدر استشار أبا بكر وعمر, ويوم أحد استشار أصحابه في الخروج للقتال من المدينة أو المكث فيها, كما استشار يوم الخندق السعدين في ثمار المدينة, واستشار أم سلمة في ذي الحديبية, وأشار عليه الحباب بن المنذر في موقع غزوة بدر, كما أشار عليه سلمان الفارسي في حفر الخندق ونفذ عليه السلام رأيهما.
مع تعقد الحياة وزيادة الاختصاصات زادت الحاجة لمراكز الابحاث والاستشارات المتخصصة سواء على مستوى الشؤون الاقتصادية او الاجتماعية او الرياضية وتظل السياسة هي الاهم حيث ان السياسيين الأقوياء هم من يعملون مع مستشارين يقولون لهم ما يجب ان يقولوه دون مجاملة وليس ما يريد السياسيون ان يسمعوه.
في بحث اجراه (مركز الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية بجامعة باهتشي شهير بأسطنبول) 2013م توصل الى نتيجة فحواها «انه ليس فقط السياسيون بل أيضًا المديرون الاقتصاديون لا يجيدون استخدام مستشاريهم» وأن المشكلة تكمن بداخل المديرين انفسهم «فهم يقومون بتعيين المستشارين الذين يقولون لهم ما يريدون سماعه بل ومع مرور بعض الوقت لا يقول المستشارون إلا ما يريد اصحاب القرار سماعه وتبرير ما يفعلون من اخطاء» .
وفي تركيا ايضا وحينما شرع رئيس الوزراء باتهام ما يسمى بـ»لوبي الفائدة» لكونه وراء هذه التظاهرات وأن بعض الدول الأجنبية والمؤسسات المالية الكبرى تسعى لإسقاط الحكومة، بدأ مستشاره الاقتصادي الجديد (يغيت بولوت) في ترديد هذه المقولة من بعده على الرغم من عدم تقديمه أي دليل لدعم أقاويله، واختلافًا عن السائد جاءت المفاجأة من نائب رئيس الوزراء علي باباجان (وهو الاقتصادي المحنك) بأن الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التركي بعد تظاهرات تقسيم هي نتيجة للإجراءات الجديدة التي اتخذها البنك المركزي الأمريكي أكثر من حالة الغضب الشعبي في تركيا !
ميكافيللي في كتابه الشهير «الأمير»، قال (ان الساسة وليس المستشارين، هم المسؤولون عن جودة النصائح المقدمة إليهم وأن النتيجة الجيدة أو السيئة لما يقومون به هي نتيجة لسياساتهم المتبعة).
ومنذ عهد الفيلسوف الصيني موتزو (480 ـ 390 ق.م) حدد اهمية الاستشارات المتخصصة فوجه نصائحه (إذا اعتللت وأقعدك مرض أو أجلسك داء، استجلب أمهر الأطباء وأكثرهم كفاءة، ولا تعقد صلة قرابة او صداقة مع الطبيب واذا رمت طيبة مأكل وزينة ملبس فلا تأخذك غفلة إلى أبناء عمومة وأخوال، بل اثقل البحث عن المهرة مهما كانوا).
اخيرا فعندما يشعر احدنا بألم شديد فسيسارع حتما الى اقرب مستشفى لتشخيصه من قبل الطبيب ووصف العلاج له وكذا مراكز الابحاث المتخصصة فهي مستشفيات السياسة.