تركيا وإيران واللعبة السورية على المكشوف
مرسل: الثلاثاء أكتوبر 08, 2013 3:40 pm
البعض يتساءل، هل يمكن أن تعمل تركيا مع إيران على وضع نهاية للحرب الأهلية السورية، خاصةً وأن حسن روحاني الرئيس الإيراني الجديد بثّ التفاؤل خلال اجتماعات الأمم المتحدة المنعقدة بالولايات المتحدة الأمريكية، حين تحدث عن إمكانية التوصل إلى حل بالتفاوض مع دول العالم بشأن برنامج بلاده النووي وبشأن إمكانية حل الأزمة السورية.
ويعتقد البعض أن طهران يمكن أن تساعد في حل القضية الأكثر إلحاحاً في المنطقة اليوم وهي الأزمة في سوريا، وإيجاد بصيص من الأمل والتفاؤل.
ويقول الدكتور عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية حول هذا الموضوع: إن الكثير من المراقبين ينظرون إلى روحاني على أنه فرصة لتحسين العلاقات التركية الإيرانية التي توترت في السنوات الأخيرة لمجموعة من الأسباب، أبرزها الدعم المضاد لكلا البلدين في الصراع السوري، لكن في حال تعاون المتطرفين مع بعضهما فإن هناك فرصاً جديدة قد يضعها روحاني في العلاقات بين طهران وأنقرة.
كما أن هناك اتصالات رفيعة المستوى بين البلدين من خلال محادثات بين الرئيسين عبد الله غول وروحاني في نيويورك على هامش افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام، ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام فإن الرئيسين تحدثا عن إمكانية التعاون بشأن مجموعة من القضايا العالقة بين البلدين بما في ذلك سوريا، ومع ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ ماذا يمكن أن يفعل البلدان في المساعدة على إخماد نيران الصراع السوري؟
رسائل قاسية لإيران
الإجابة ببساطة أن طهران وإسطنبول بإمكانهما تسوية الأزمة مع حلفائهما، فإيران قد تمنع الكثير من شحنات الأسلحة التي أبرمتها مع النظام السوري وقوات حزب الله اللبناني، من أجل الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي أو للدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مع إعطائه ضمانة الحصانة القضائية من الملاحقات الجنائية الداخلية والدولية، ومنحه اللجوء السياسي إلى إيران أو روسيا.
أما تركيا فهي قادرة على غلق كافة منافذها الحدودية أمام المقاتلين والمجاهدين من جبهة النصرة وغيرها، مع وقف الدعم المسلح للمعارضة من أجل التسوية قبل جنيف 2.
لكن حقيقة العلاقة بين الطرفين لا تفصح عن إمكانية تعاون فعلي، خاصة بعد مهاجمة القيادات السياسية بعضها البعض في المنابر الإعلامية، ففي شهر أغسطس الماضي، وأثناء مقابلة تلفزيونية، وجه رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي رسائل قاسية لإيران بسبب دعمها اللامحدود للأسد ونظامه، قائلا: إن تركيا وقفت دائماً إلى جانب إيران حتى في أثناء وجود الخطر واستعداء العالم، وأضاف بأنه كان يتوقع أن طهران ستتخذ موقفاً مختلفاً من الأزمـــة السوريـــــة.
ويرى الدكتور عماد جاد الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن أردوغان يرى في طهران الأمل المتبقي لبلاده لقيام تحالف أكثر نفوذاً بعد خسارة الجانب المصري وسقوط جماعة الإخــــوان المسلمين.
ولذلك فإنه يسعى بكل الطرق إلى زيادة توجيه الرسائل والتصريحات المباشرة إلى الرئيس الإيراني الجديد روحاني سعيا لجعله يتبنى الموقف التركي مع سوريا، موضحاً أن أردوغان حاول الاعتماد في ذلك على أدلة من ماضي العلاقات السورية الإيرانية عندما عمد إلى تذكير المسؤولين الإيرانيين في خطاب سابق له "أن آية الله الخميني مرشد الثورة الإيرانية رفض لقاءاً مع حافظ الأسد الرئيس السوري الراحل بعد مجزرة حماة التي نفذها النظام البعثي الحاكم عام 1980"، مشيرا إلى أن إيران حالياً تدعم الرؤساء الذين يذبحون شعوبهم مثل بشار الأسد.
هذه التصريحات أثارت غضبا إيرانيا حادا تجلى في افتتاحيات الصحف الإيرانية التي وصفت أردوغان في عناوينها بأنه "داعية حرب"، خاصةً وأنه أحد الداعمين الأقوياء للقوى الغربية من أجل شنّ عملية عسكرية ضد الأسد، وقد أعلن استعداد بلاده المشاركة في مثل هذه العملية.
إعادة صياغة السياسة الدولية
في حين أكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن إيران في عهد الرئيس روحاني تريد الانفتاح على الغرب وإعادة صياغة السياسة الدولية، كما أنها تطمح لقيادة منطقة الشرق الأوسط وتحويل التهديدات التي تعترضها إلى فرص سياسية، لذلك يحاول روحاني جاهدا إعادة صياغة خطاب بلاده السياسي مع العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
أما عن سياسة تركيا فهي تستند إلى ضرورة الإطاحة بالأسد حتى باستخدام القوة، وأردوغان يرفض استيعاب أي مفهوم للتسوية الدبلوماسية، أو الجلوس على طاولة المفاوضات مع نظام الأسد، وفي هذا يتعارض مع ما تريده طهران التي ترغب في أيجاد حلول بعيداً عن القوى العسكرية.
ويمكن القول أن إيران وتركيا أكثر بلدين معنيين بما يحدث في سوريا.. لكنهما لم يتمكنا من التوصل إلى موقف مشترك حتى الآن، وفي نفس الوقت لا يمكن تهميش أو تجاهل إيران في أي جلسة دولية، فهي يجب أن تشارك في جنيف 2 بجانب روسيا وتركيا؛ لأنها طرف رئيس في الأزمة وتمتلك الكثير من الحلول على أرض الواقع.
ويؤكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المحادثات المقترحة في جنيف2 يجب أن تتم تحت رعاية الأمم المتحدة، حتى تكون قراراتها ملزمة لكافة الأطراف الدولية، بالإضافة إلى أهمية مشاركة إيران نظراً لأن تجاهلها يضفي على الأزمة مزيداً من التعقيد السياسي والعسكري، فهي تستطيع الضغط على الأسد للتنازل عن الحكم أو التنحي بعيداً عن الملاحقات الجنائية، مؤكداً أن كل هذه الحلول تتوقف على أهمية إعطاء إيران دورها في المحادثات الدولية بشأن سوريا بدلاً من تجاهلها.
ويرى الدكتور فهمي أن طهران لو أخذت دورها السياسي حتى ولو بشكل ظاهري مثل إسطنبول فإن أزمة سوريا سوف تنتهي وستأخذ خطوات ملموســـة على أرض الواقع.
ومؤخراً أعربت حكومة أردوغان عن حماسها لرؤية إيران تشارك في محادثات دولية بشأن سوريا، لأنها طرف فاعل في الأزمة ولديها دعم غير مشروط للأسد ولذلك لا يجب تجاهلها، وفي الوقت نفسه أعربت إيران عن قبولها المشاركة في محادثات جنيف 2، على أن تكون دعوتها بدون شروط مسبقة.
ويبدو أن تركيا تريد العمل مع إيران لإنهاء الأزمة السياسية في سوريا، لما أصبح لها من انعكاسات سلبية على منطقة الشرق الأوسط، نظراً لتزايد الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة، ومن هنا كان التحرك في هذا الاتجاه من قبل حكومة أردوغان التي تدرك أن إسطنبول ستجد نفسها في موقف ضعف إذا فشلت في تسوية مشكلة سوريا، في حين ستصبح إيران مساهما نشطا في حل الأزمة العالقة.
صحيفة العرب
محمد نوار
ويعتقد البعض أن طهران يمكن أن تساعد في حل القضية الأكثر إلحاحاً في المنطقة اليوم وهي الأزمة في سوريا، وإيجاد بصيص من الأمل والتفاؤل.
ويقول الدكتور عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية حول هذا الموضوع: إن الكثير من المراقبين ينظرون إلى روحاني على أنه فرصة لتحسين العلاقات التركية الإيرانية التي توترت في السنوات الأخيرة لمجموعة من الأسباب، أبرزها الدعم المضاد لكلا البلدين في الصراع السوري، لكن في حال تعاون المتطرفين مع بعضهما فإن هناك فرصاً جديدة قد يضعها روحاني في العلاقات بين طهران وأنقرة.
كما أن هناك اتصالات رفيعة المستوى بين البلدين من خلال محادثات بين الرئيسين عبد الله غول وروحاني في نيويورك على هامش افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام، ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام فإن الرئيسين تحدثا عن إمكانية التعاون بشأن مجموعة من القضايا العالقة بين البلدين بما في ذلك سوريا، ومع ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ ماذا يمكن أن يفعل البلدان في المساعدة على إخماد نيران الصراع السوري؟
رسائل قاسية لإيران
الإجابة ببساطة أن طهران وإسطنبول بإمكانهما تسوية الأزمة مع حلفائهما، فإيران قد تمنع الكثير من شحنات الأسلحة التي أبرمتها مع النظام السوري وقوات حزب الله اللبناني، من أجل الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي أو للدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مع إعطائه ضمانة الحصانة القضائية من الملاحقات الجنائية الداخلية والدولية، ومنحه اللجوء السياسي إلى إيران أو روسيا.
أما تركيا فهي قادرة على غلق كافة منافذها الحدودية أمام المقاتلين والمجاهدين من جبهة النصرة وغيرها، مع وقف الدعم المسلح للمعارضة من أجل التسوية قبل جنيف 2.
لكن حقيقة العلاقة بين الطرفين لا تفصح عن إمكانية تعاون فعلي، خاصة بعد مهاجمة القيادات السياسية بعضها البعض في المنابر الإعلامية، ففي شهر أغسطس الماضي، وأثناء مقابلة تلفزيونية، وجه رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي رسائل قاسية لإيران بسبب دعمها اللامحدود للأسد ونظامه، قائلا: إن تركيا وقفت دائماً إلى جانب إيران حتى في أثناء وجود الخطر واستعداء العالم، وأضاف بأنه كان يتوقع أن طهران ستتخذ موقفاً مختلفاً من الأزمـــة السوريـــــة.
ويرى الدكتور عماد جاد الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن أردوغان يرى في طهران الأمل المتبقي لبلاده لقيام تحالف أكثر نفوذاً بعد خسارة الجانب المصري وسقوط جماعة الإخــــوان المسلمين.
ولذلك فإنه يسعى بكل الطرق إلى زيادة توجيه الرسائل والتصريحات المباشرة إلى الرئيس الإيراني الجديد روحاني سعيا لجعله يتبنى الموقف التركي مع سوريا، موضحاً أن أردوغان حاول الاعتماد في ذلك على أدلة من ماضي العلاقات السورية الإيرانية عندما عمد إلى تذكير المسؤولين الإيرانيين في خطاب سابق له "أن آية الله الخميني مرشد الثورة الإيرانية رفض لقاءاً مع حافظ الأسد الرئيس السوري الراحل بعد مجزرة حماة التي نفذها النظام البعثي الحاكم عام 1980"، مشيرا إلى أن إيران حالياً تدعم الرؤساء الذين يذبحون شعوبهم مثل بشار الأسد.
هذه التصريحات أثارت غضبا إيرانيا حادا تجلى في افتتاحيات الصحف الإيرانية التي وصفت أردوغان في عناوينها بأنه "داعية حرب"، خاصةً وأنه أحد الداعمين الأقوياء للقوى الغربية من أجل شنّ عملية عسكرية ضد الأسد، وقد أعلن استعداد بلاده المشاركة في مثل هذه العملية.
إعادة صياغة السياسة الدولية
في حين أكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن إيران في عهد الرئيس روحاني تريد الانفتاح على الغرب وإعادة صياغة السياسة الدولية، كما أنها تطمح لقيادة منطقة الشرق الأوسط وتحويل التهديدات التي تعترضها إلى فرص سياسية، لذلك يحاول روحاني جاهدا إعادة صياغة خطاب بلاده السياسي مع العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
أما عن سياسة تركيا فهي تستند إلى ضرورة الإطاحة بالأسد حتى باستخدام القوة، وأردوغان يرفض استيعاب أي مفهوم للتسوية الدبلوماسية، أو الجلوس على طاولة المفاوضات مع نظام الأسد، وفي هذا يتعارض مع ما تريده طهران التي ترغب في أيجاد حلول بعيداً عن القوى العسكرية.
ويمكن القول أن إيران وتركيا أكثر بلدين معنيين بما يحدث في سوريا.. لكنهما لم يتمكنا من التوصل إلى موقف مشترك حتى الآن، وفي نفس الوقت لا يمكن تهميش أو تجاهل إيران في أي جلسة دولية، فهي يجب أن تشارك في جنيف 2 بجانب روسيا وتركيا؛ لأنها طرف رئيس في الأزمة وتمتلك الكثير من الحلول على أرض الواقع.
ويؤكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المحادثات المقترحة في جنيف2 يجب أن تتم تحت رعاية الأمم المتحدة، حتى تكون قراراتها ملزمة لكافة الأطراف الدولية، بالإضافة إلى أهمية مشاركة إيران نظراً لأن تجاهلها يضفي على الأزمة مزيداً من التعقيد السياسي والعسكري، فهي تستطيع الضغط على الأسد للتنازل عن الحكم أو التنحي بعيداً عن الملاحقات الجنائية، مؤكداً أن كل هذه الحلول تتوقف على أهمية إعطاء إيران دورها في المحادثات الدولية بشأن سوريا بدلاً من تجاهلها.
ويرى الدكتور فهمي أن طهران لو أخذت دورها السياسي حتى ولو بشكل ظاهري مثل إسطنبول فإن أزمة سوريا سوف تنتهي وستأخذ خطوات ملموســـة على أرض الواقع.
ومؤخراً أعربت حكومة أردوغان عن حماسها لرؤية إيران تشارك في محادثات دولية بشأن سوريا، لأنها طرف فاعل في الأزمة ولديها دعم غير مشروط للأسد ولذلك لا يجب تجاهلها، وفي الوقت نفسه أعربت إيران عن قبولها المشاركة في محادثات جنيف 2، على أن تكون دعوتها بدون شروط مسبقة.
ويبدو أن تركيا تريد العمل مع إيران لإنهاء الأزمة السياسية في سوريا، لما أصبح لها من انعكاسات سلبية على منطقة الشرق الأوسط، نظراً لتزايد الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة، ومن هنا كان التحرك في هذا الاتجاه من قبل حكومة أردوغان التي تدرك أن إسطنبول ستجد نفسها في موقف ضعف إذا فشلت في تسوية مشكلة سوريا، في حين ستصبح إيران مساهما نشطا في حل الأزمة العالقة.
صحيفة العرب
محمد نوار