منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#64425
بسم الله الرحمن الرحيم

ما أن تبحث عن كلمة الحسد الا وتجد المئات من المقالات والآراء التي تتناول كافة تصانيفه وتعاريفه، ولا أعلم تحديدا معنى لذلك غير اعتقاد الكثير منا بوجود تلك الظاهرة بين جميع شرائح المجتمع وبالتأكيد منهم السياسيين.يقال في الاثر عن آفة العلماء الحسد، فاذا كان حال العلماء ذلك فما بال السياسيين؟ في الكويت ومجمل الدول العربية تجد معظم السياسيين يحاولون الوصول لأهدافهم بالطرق القصيرة والتي لا تكون الا من خلال هدم انجازات غيرهم والتقليل من شأنها لكون الطريق الأصعب المتمثل بالمبادرة والمثابرة والابداع والمصداقية يتطلب جهدا وطاقة أكبر بكثير مما يتطلبه سبيل التصيد والنميمة وبث الاشاعات والتهم الوضيعة. مشكلتنا في الكويت مع السياسيين الفاشلين الذين لا يتركون طريقا للتزلف والتسلق الا وطرقوه، ولا يتسنّى لهم ذلك الا عبر بث الرعب من الآخر الناجح صاحب المبادرة والمصداقية. مشكلتنا ليست في هؤلاء الفاشلين ولكن ممن يستمع لهم بل وقد يستمتع بمقالهم ولقائهم دون الطلب منهم بدليل فيما يدعونه والبحث عن حقيقة ما يصبون لهم عندما يحاولون التقليل من شأن خصومهم. لذلك فان ندرة الابداع والمبادرات تكاد تكون معدومة في مجتمعنا، فالطريق الأقصر للوصول هو ليس عبر العمل الصادق المحاط بنبل الفرسان بل الطريق أصبح ممهدا لذوي الوشايات السود. وعلى هذا الحال، يحق لنا ان نتساءل هل من الممكن الوصول لغياتنا واهدافنا الوطنية عبر سبل هؤلاء الفاشلين؟ بطبيعة الحال لا يمكن، فالحسد المذموم ربانيا لا يمكن ان يورث السعادة والدعة. اذن ما هو المخرج وقد تكاثر هؤلاء في زحمة سوق السياسة حيث كثر الفساد وازداد عدد المتاجرين بمصالح الأمة عبر الحط من الآخرين الجادين من اصحاب المبادرات الوطنية والذين صبروا كثيرا حتى أصبحوا قلة؟ اننا أحوج اليوم الى تمعن فكري فيما نحن فيه والخروج من زوبعة الفنجان التي لا تحتوي الا ما قاله فلان عن فلان. اننا بحاجة الى تعمق في معنى «الخروج من أنفسنا للتغيير» أو التجرد من أجل التغيير الذي يتطلب جهدا نفسيا ومعنويا قبل أي شيء آخر.لقد أصبحنا في سجون أنفسنا فلم نعد نستطع التفكير الا من خلال القوالب الحديدية التي صنعها لنا سوق حدادي الحسد السياسي. نحن بحاجة الى نسف كلي للنسق الفكري الذي ننطلق منه لتشخيص الحالة السياسية كي نتغلب على البديهيات المختلة التي تشكل متبنياتنا الاجتماعية والسياسية. لقد نجح هؤلاء الفشلة من السياسيين الذين سودوا حياتنا الاجتماعية بظلام تجميد فكر التغيير واستبعاد ضوء حرية استيعاب فكر ورأي الآخر. لقد عمد هؤلاء في حقن وباء تصوراتهم في مخيلاتنا الشبابية حتى أصبح العقم والشلل في رؤية الاشياء بمنظار آخر عملية شبة مستحيلة. اذا بقينا حيث ندور في دولاب هؤلاء الحاسدين الفاشلين، فمن الذي سيحمل لواء مكافحة آلات الحسد التي يمتلكها هؤلاء الا نحن؟ ؟.

مع
لقد تطورت الأمم المتحضرة من خلال احترام المهنية وحب تقديم المبادرة المبدعة التي من شأنها ان تساهم في تقدم المجتمع. الناس هم الذين قرروا من يكون سياسيا ناجحا ولاعبا ناجحا وممثلا ناجحا واقتصاديا ناجحا ومهندسا ناجا من خلال التعاطي الموضوعي فيما يقدمه هؤلاء لا من خلال ما يقال عنهم أو ما يقولونه هم عن خصومهم. الناس هم صناع التغيير، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

ضد
في الأدبيات السياسية لا يوجد شيء اسمه الحسد السياسي، بل المكر والكيد والكياسة، هذا اذا أردنا ان نتحدث بحق جد عن ارادة التغيير في النمط الفكري السائد. بكل بساطة، نحن في الكويت كسائر المجتمعات الاستهلاكية، نعشق المسايرة والتعايش مع البسيط الممتنع كحب التعاطي مع مطاعم الوجبات السريعة. القلة، ولعلنا نطلق عليهم بالمعقدين، الذين يحاولون تقصي الحقيقة وربط السلوك بالنظرية لصناعة تنظير متبصر مستنير لذلك كثر ما نسميهم بالحساد السياسيين.

د.عبدالله يوسف سهر