صفحة 1 من 1

عــــمــــر المــختـار

مرسل: الاثنين نوفمبر 04, 2013 2:10 pm
بواسطة محمد القحطاني704
السيّد عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي (20 أغسطس 1861 - 16 سبتمبر 1931)، الشهير بعمر المُختار، المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا،وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين. ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.مُقاوم ليبي حارب قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا إلى عام 1931. حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عامًا لأكثر من عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الطليان، وأجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبيرًا عليلًا، فقد بلغ في حينها 73 عامًا وعانى من الحمّى. وكان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُرد الطليان من البلاد.

حصد عمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوروبي في حينها، وحثت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّق على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالمين الشرقي والغربي على حد سواء، فكبر المختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا. رثا عدد من الشعراء المختار بعد إعدامه، وظهرت شخصيَّته في فيلم من إخراج مصطفى العقَّاد من عام 1981 حمل عنوان "أسد الصحراء"، وفيه جسَّد الممثل المكسيكي - الأمريكي أنطوني كوين دور عمر المختار

كان عمر المختار شديد الولاء للسنوسية وشيوخها ومخلصاً لهم، ويظهر ذلك في عددٍ من المواقف. فقد حدث في شهر مارس عام 1923 أن سافر إدريس السنوسي إلى مصر، وبعده بفترةٍ جاء عمر المختار، فدعاه بعض أفراد قبيلته - قبيلة المنفة - لمقابلته هناك، لكن قبل أن يقبل الدعوة سأل عمَّا إذا كانوا قد دعوا معلّمه وشيخه إدريس عندما جاء إلى مصر المرة الماضية، ولمَّا علم أنهم لم يفعلوا رفض الدعوة قائلاً: «وكيف تظهرون لي العناية وتحضرون لمقابلتي وأنتم الذين تركتم شيخي الذي هو وليُّ نعمتي وسبب خيري. أما وقد فعلتم ذلك فإني لا أسمح لكم بمقابلتي ولا علاقة من الآن بيني وبينكم». إلا إنَّ إدريس عندما علم بالأمر أرسل له يأمره بعدم الوقوف عند ذلك ومقابلتهم، فأطاعه عمر المختار.[136]

كما كان عمر المختار شديد العداء لإيطاليا بصفتها محتلَّة لبلاده. فعندما كان في مصر حاول بعض المسؤولين الإيطاليّين الاتصال به، ليعرضوا عليه أنه إذا ما انتقل للإقامة الدائمة في بنغازي أو المرج فإنَّهم سيقدمون له العون والمساعدة براتبٍ شهريّ كبير ويعزّون شأنه، وإن أراد يجعلونه الشخصية الأولى في ليبيا، أو إن شاء البقاء في مصر كلُّ ما عليه اللجوء وقطع علاقته بالسنوسية. وقال عمر عن هذا الحوار عندما كان في مصر:[137]

«إنني ما قبلت هذا الاجتماع مع الوفد الإيطالي لأستمع إلى هذه المهازل، ولا أحارب الطليان من أجل الوصول إلى هذه الترّهات، إن موقف المجاهدين لا يقبل الجدل أو المساومات، إنه فوق ذلك، إنها مسألة حقوق أمة كاملةٍ ضحَّت بأكثر من نصف عددها وفقدت الكثير من مواطنيها وامتُهِنَت كرامتُها وجُرِحَت في دينها، إن الكلام يجب أن يكون حول قضيتنا الوطنية كاملةً، غير منقوصة. وثقوا أنني لم أكن لقمة طائبةً يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأيي واتجاهي، فإن الله سيخيّبه، ومن "طياح سعد" إيطاليا ورسلها هو جهلها بالحقيقة وأنا لم أكن من الجاهلين والموتورين فأدَّعي أنّني أقدر أن أعمل شيئاً في برقة، ولست من المغرورين الذين يركبون رؤوسهم ويدَّعون أنهم يستطيعون أن ينصحوا الأهالي بالاستسلام، إنني أعيذ نفسي من أن أكون في يومٍ من الأيام مطيَّة للعدو وأذنابه فأدعوا الأهالي بعدم الحرب ضدَّ الطليان، وإذا لا سمح الله قدَّر عليّ بأن أكون موتوراً فإن أهل برقة لا يطيعون لي أمراً يتعلّق بإلقاء السلاح، إنني أعرف أن قيمتي في بلادي - إذا ما كانت لي قيمة أنا وأمثالي - فإنها مُستمدَّة من السنوسية.»حاولت الحكومة الإيطالية في 15 أغسطس سنة 1923 وكمحاولةٍ جديدةٍ لاستمالة عمر المختار، إصدار مرسوم رسمي يقرّه شيخاً لبلدة زاوية القصور وموظفاً براتبٍ حكومي يبلغ 900 فرنك شهرياً. وقد ذكر الجنرال الإيطالي رودلفو غراتسياني أنه «بقي كما هو لم يقبل، بل صمَّ أذنيه، ورفض كل المحاولات التي استخدمت من أجل استدراجه للخضوع أو الاستسلام. وكان شديداً مع حامل الرسالة والمرسوم، فلولا حسن حظه (ويعني الرسول) لكان مصيره الشنق أو الرمي بالرصاص».[138] وعندما قبل الحسن بن رضا السنوسي بمعاهدة مع الإيطاليين تقضي بوقف القتال ضد الطليان مقابل بعض المرتَّبات التي تدفع إلى القادة الليبيّين، قال له عمر المختار: «لقد غرُّوك يا بنيّ بمتاع الدنيا الفاني».[92]

وبعد عودته من مصر قابله بعض مشايخ برقة، فأخذوا بمحاولة تثبيط عزيمته للعدول عن القتال ضدَّ الطليان، بدعوى أنه أصبح طاعناً في السن ولا بُدّ له من الراحة، وأنه من السهل العثور على قائدٍ غيره لمتابعة القتال. إلا إنَّ عمر المختار ثار عند سماعه هذا لكلام، وأجاب جواباً قاطعاً عليه بقوله: «إن كل من يقول لي هذا الكلام لا يريد خيراً لي، لأن ما أسير فيه إنَّما هو طريق خيرٍ ولا ينبغي لأحد أن ينهاني عن سلوكها، وكل من يحاول ذلك فهو عدوّ لي». وكان يقول أيضاً عن نضاله ضد الطليان: «اللَّهم اجعل موتي في سبيل الله هذه القضية المباركة»، كما قال: «لا أغادر هذا الوطن حتى ألاقي وجه ربي والموت أقرب إليَّ من كل شيءٍ فإني أترقَّبه بالدقيقة»، وأيضاً عندما قيل له أن يترك القتال للذهاب إلى الحج: «لن أذهب ولن أبرح هذه البقعة حتى يأتي رسل ربي، وإنّ ثواب الحج لا يفوق ثواب دفاعنا عن الوطن والدين والعقيدة»، وقال: «كل مسلمٍ الجهاد واجب عليه وليس منه، وليس لغرض أشخاصٍ إنّما هو لله وحده».