مبدأ الردع في الإسلام
مرسل: الأربعاء نوفمبر 13, 2013 2:56 pm
مبدأ الردع في الإسلام
ذاع مبدأ الردع واشتهر في العلاقات الدولية حديثا في إعقاب الحرب الباردة بين الدولتين الاستكباريتين: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي قبل انحلاله، خصوصا بعد إن امتلك الطرفان ترسانة تدميرية هائلة ومتوازنة، وهو ما أطلق عليه: حالة "توازن الرعب". وغدا من المتعذر على احدهما استعمال أسلحته التدميرية ضد الطرف الأخر، لأنه سيقابل بالمثل، وهذا معناه التدمير المتبادل الشامل، وحينئذ يرتدع الطرفان عن الاستعمال الفعلي لأسلحتهما خوفا من العواقب المدمرة.
يقول هنري كيسنجر، احد أهم مهندسي السياسة الأمريكية: "تستند سياسة الردع على مقاييس سيكولوجية، إذ تستهدف منع العدوان منخلال إقناع المعتدي بالمخاطر التي يحتمل إن تصيبه".
ولو أننا بحثنا في مصادرنا المعرفية، فسنجد أن لمفهوم "الردع" جذورا تاريخية في صدر الإسلام. والقرآن الكريم قد أشار إليه وان لم يطلقعليه ما اصطلح حديثا عليه ب"الردع" بل أطلق عليه مفهوم "الرهبة".
ومن يتدبر عميقا في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون" يجد ان اعداد القوة في الإسلام من اجل إرهاب الآخرين وردعهم عن التعرض للمسلمين، وليس إعداد القوة هدفا بحد ذاته. فالآية تقول:"ترهبون"، ولم تقل: "تحاربون" أو "تدمرون" وما شابه ذلك، وفي ذلك إشعار واضح على المدعى. لأنه ينطوي على مبدأ يحفظ المجتمع الإنساني من الفوضى، ويردع الطغاة الأقوياء من التلاعب بحياة الناس واستغلالهم.
وهذا المبدأ هو وجود قوة في قبضة أهل الحق والعدل، يردعون بها أهل الظلم والباطل، ويخضعونهم لحكم اللّه وشريعته، التي تدعو الناس جميعا إلى أن يعيشوا طبقا لقانون الحياة وسننها، ولا ينحرف عنها احد، فإذا راودته نفسه بالميل والانحراف أرغمته القوة على الرجوع إلى تلك السنن والقوانين.
ولو أن أرباب العقول والمتخصصين بحثوا عن السبب لمشكلات الحياة وويلاتها لوجدوه في ضعف القوة الرادعة عن العدوان، واستفحال القوة المعتدية. ويكفي مثالا على ذلك القوة التي تملكها الولايات المتحدة، وتستغلها في السلب والنهب من دون رادع أو زاجر الا نضال الشعوب العزلاء.
يقول "نيكولاس سبيكمان" في كتابه الاستراتيجية الامريكية في السياسة العالمية: "مسموح لنا نحن الامريكيين بكل اشكال الجبر والقسر بما فيها حروب الدمار، ان نملي ارادتنا ونفرضها بالقوة على الذين لا قوة لهم".. ولا سر لهذا التعاظم من اعداء اللّه، والجهر بالعدوان على عياله وعباده من غير مبالاة، الا عدم الخوف والرهبة من القوة الرادعة التي تجعل كلمةاللّه هي العليا، وكلمة الباطل هيالسفلى.
وهناك آية اخرى نستشف منها مفهوم الردع، وهي قوله تعالى:
"فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون .." والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم ، بين اللّه فيه حكم الكفار، وانه ان ظفر بهم فليقس عليهم، حتى يتعظ بهم غيرهم ممن تراوده نفسه بالخيانة والغدر. بطبيعة الحال هذه الاية تدل على المطلوب لو فسرنا عبارة: "فشرد بهم من خلفهم" بان المراد من خلفهم "غيرهم". تجدر هنا الاشارة الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استهدف في جميع غزواته تحطيم معنويات اعدائه، بل انه كان يستهدف تحطيم المعنويات اكثر مما يستهدف تحطيم القوى المادية، لانه كان يطمح دائما الى عودة اعدائه الى الصراط المستقيم والهداية، فحرص على بقائهم احياء رجاء هدايتهم: "اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون"
وهكذا نجد ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلوح باستعمال القوة من اجل ردع اعدائه حتى يعيدوا حساباتهم، ويسعى قدر الامكان الى تجنب الحرب وويلاتها. وكتب السيرة تروي ان المسلمين عندما وصلوا الى تبوك، وعلموا ان الروم قد انسحبوا منها الى داخل بلادهم، في هذه الحال آثر الرسول صلى الله عليه وسلم الانسحاب، وكان بامكانه تعقب القوة المنسحبة، وايقاع الخسائر الفادحة في صفوفهم، فما ايسر القتال مع عدو منسحب. فقد ادركت القيادة الرومية المخاطر المحتملة، بعد ان وصلتها الاخبار عن انتصارات الرسول صلى الله عليه وسلم المتتالية في معاركه مع قريش وحلفائها.. " فتجسدت لديهم المخاطر وقدروا ان محمدا لو انتصر في هذه المعركة سوف لا يقف عند حد، وستتبعها انتصارات اخرى، وبالتالي قد تتعرض الامبراطورية الرومانية بكاملها لغزو هذا الجيش الذي زودته الانتصارات بكل اسباب القوة، واصبح يفكر فيه، وحينما يدخل المعركة لايتصور غيره".
ولاخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمبدا الردع او التلويح باستعمال القوة نجد انه:
"يقتصر في حروبه على اقل قدر ممكن ترتفع به الضرورة، ويلتزم بضبط النفس الكامل والواعي حتى في احلك اللحظات وآخرها. ولهذا لم يستطع الباحثون ايصال القتلى في حروب النبي صلى الله عليه وسلم طيلة عشر سنين، والتي تعد بعشرات الحروب والسرايا، لم يستطيعوا ايصالها الى الالف قتيل. رغم ان هذه الحروب كانت تتجه نحو تهيئة الجو لبسط النفوذ الاسلامي على مختلف ارجاء الجزيرة العربية، ويتعداها الى غيرها مما حولها".
ذاع مبدأ الردع واشتهر في العلاقات الدولية حديثا في إعقاب الحرب الباردة بين الدولتين الاستكباريتين: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي قبل انحلاله، خصوصا بعد إن امتلك الطرفان ترسانة تدميرية هائلة ومتوازنة، وهو ما أطلق عليه: حالة "توازن الرعب". وغدا من المتعذر على احدهما استعمال أسلحته التدميرية ضد الطرف الأخر، لأنه سيقابل بالمثل، وهذا معناه التدمير المتبادل الشامل، وحينئذ يرتدع الطرفان عن الاستعمال الفعلي لأسلحتهما خوفا من العواقب المدمرة.
يقول هنري كيسنجر، احد أهم مهندسي السياسة الأمريكية: "تستند سياسة الردع على مقاييس سيكولوجية، إذ تستهدف منع العدوان منخلال إقناع المعتدي بالمخاطر التي يحتمل إن تصيبه".
ولو أننا بحثنا في مصادرنا المعرفية، فسنجد أن لمفهوم "الردع" جذورا تاريخية في صدر الإسلام. والقرآن الكريم قد أشار إليه وان لم يطلقعليه ما اصطلح حديثا عليه ب"الردع" بل أطلق عليه مفهوم "الرهبة".
ومن يتدبر عميقا في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون" يجد ان اعداد القوة في الإسلام من اجل إرهاب الآخرين وردعهم عن التعرض للمسلمين، وليس إعداد القوة هدفا بحد ذاته. فالآية تقول:"ترهبون"، ولم تقل: "تحاربون" أو "تدمرون" وما شابه ذلك، وفي ذلك إشعار واضح على المدعى. لأنه ينطوي على مبدأ يحفظ المجتمع الإنساني من الفوضى، ويردع الطغاة الأقوياء من التلاعب بحياة الناس واستغلالهم.
وهذا المبدأ هو وجود قوة في قبضة أهل الحق والعدل، يردعون بها أهل الظلم والباطل، ويخضعونهم لحكم اللّه وشريعته، التي تدعو الناس جميعا إلى أن يعيشوا طبقا لقانون الحياة وسننها، ولا ينحرف عنها احد، فإذا راودته نفسه بالميل والانحراف أرغمته القوة على الرجوع إلى تلك السنن والقوانين.
ولو أن أرباب العقول والمتخصصين بحثوا عن السبب لمشكلات الحياة وويلاتها لوجدوه في ضعف القوة الرادعة عن العدوان، واستفحال القوة المعتدية. ويكفي مثالا على ذلك القوة التي تملكها الولايات المتحدة، وتستغلها في السلب والنهب من دون رادع أو زاجر الا نضال الشعوب العزلاء.
يقول "نيكولاس سبيكمان" في كتابه الاستراتيجية الامريكية في السياسة العالمية: "مسموح لنا نحن الامريكيين بكل اشكال الجبر والقسر بما فيها حروب الدمار، ان نملي ارادتنا ونفرضها بالقوة على الذين لا قوة لهم".. ولا سر لهذا التعاظم من اعداء اللّه، والجهر بالعدوان على عياله وعباده من غير مبالاة، الا عدم الخوف والرهبة من القوة الرادعة التي تجعل كلمةاللّه هي العليا، وكلمة الباطل هيالسفلى.
وهناك آية اخرى نستشف منها مفهوم الردع، وهي قوله تعالى:
"فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون .." والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم ، بين اللّه فيه حكم الكفار، وانه ان ظفر بهم فليقس عليهم، حتى يتعظ بهم غيرهم ممن تراوده نفسه بالخيانة والغدر. بطبيعة الحال هذه الاية تدل على المطلوب لو فسرنا عبارة: "فشرد بهم من خلفهم" بان المراد من خلفهم "غيرهم". تجدر هنا الاشارة الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استهدف في جميع غزواته تحطيم معنويات اعدائه، بل انه كان يستهدف تحطيم المعنويات اكثر مما يستهدف تحطيم القوى المادية، لانه كان يطمح دائما الى عودة اعدائه الى الصراط المستقيم والهداية، فحرص على بقائهم احياء رجاء هدايتهم: "اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون"
وهكذا نجد ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلوح باستعمال القوة من اجل ردع اعدائه حتى يعيدوا حساباتهم، ويسعى قدر الامكان الى تجنب الحرب وويلاتها. وكتب السيرة تروي ان المسلمين عندما وصلوا الى تبوك، وعلموا ان الروم قد انسحبوا منها الى داخل بلادهم، في هذه الحال آثر الرسول صلى الله عليه وسلم الانسحاب، وكان بامكانه تعقب القوة المنسحبة، وايقاع الخسائر الفادحة في صفوفهم، فما ايسر القتال مع عدو منسحب. فقد ادركت القيادة الرومية المخاطر المحتملة، بعد ان وصلتها الاخبار عن انتصارات الرسول صلى الله عليه وسلم المتتالية في معاركه مع قريش وحلفائها.. " فتجسدت لديهم المخاطر وقدروا ان محمدا لو انتصر في هذه المعركة سوف لا يقف عند حد، وستتبعها انتصارات اخرى، وبالتالي قد تتعرض الامبراطورية الرومانية بكاملها لغزو هذا الجيش الذي زودته الانتصارات بكل اسباب القوة، واصبح يفكر فيه، وحينما يدخل المعركة لايتصور غيره".
ولاخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمبدا الردع او التلويح باستعمال القوة نجد انه:
"يقتصر في حروبه على اقل قدر ممكن ترتفع به الضرورة، ويلتزم بضبط النفس الكامل والواعي حتى في احلك اللحظات وآخرها. ولهذا لم يستطع الباحثون ايصال القتلى في حروب النبي صلى الله عليه وسلم طيلة عشر سنين، والتي تعد بعشرات الحروب والسرايا، لم يستطيعوا ايصالها الى الالف قتيل. رغم ان هذه الحروب كانت تتجه نحو تهيئة الجو لبسط النفوذ الاسلامي على مختلف ارجاء الجزيرة العربية، ويتعداها الى غيرها مما حولها".