- الخميس نوفمبر 14, 2013 5:30 pm
#65339
إن الإسلام قد شمل على شريعة الحياة كلها فى تنظيم شؤون العقائد والعبادات وشؤون الدنيا وكافة ميادين النشاط الإنساني، وخاصة فيما يتعلق بعلاقات الدول بعضها البعض فى حالتي السلم والحرب، وبجدر بنا التوضيح أن نهج القران الكريم فيما يتعلق بتنظيم أمور الدنيا يكتفي بذكر الأصول العامة تاركا التفاصيل لاجتهاد المسلمين حسب ظروف الزمان والمكان شرطا ألا يخالف ذلك القواعد الرئيسية المنصوص عليها في القراّن والسنة. وهى توجب المسلمين الالتزام في معاملة المسلمين وغير المسلمين وفقا لتلك القواعد الإسلامية الدولية. ولقد أوضحوا الفقهاء المسلمون في مؤلفاتهم أن حقيقة الإسلام مشتقة من السلام الذي هو الأصل في علاقات الدول والشعوب وان الحرب يلجأ إليها عند الضرورة الملحة وأنها وسيلة لإقرار السلام وليس غاية للتوسع والاستعمار والفساد في الأرض وسفك الدماء. إن العلاقات الدولية "الإنسانية" فى الإسلام تخضع لمبادئ مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وتقيم قانونا إلهيا عالميا يضمن السلم لكافة الشعوب على أساس تكريم الإنسان واعتبار الناس جميعا امة واحدة دون تمييز فى اللون أو الجنس أو العنصر لقوله تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ". كذلك فالشريعة الإسلامية تقوم على التعاون الدولي والإنساني والتسامح في العلاقات بين المسلمين وغيرهم وحرية الرأي وحرية تقرير المصير والوفاء بالعهد والمودة والرحمة للمسلم وغير المسلم في حالة السلم، فالعلاقات إذا تقوم أساسا على السلام وما الحرب إلا ضرورة يفرضها حق الدفاع عن النفس والعقيدة والحرية الدينية، فالإسلام يحترم حق كل دولة في البقاء والسيادة والدفاع عن أراضيها وسيادتها. فالإسلام أيضا لم ينتشر كما تراود كحد السيف والقوة وذلك لقوله تعالى : " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " وقوله تعالى : " لا إكراه في الدين ". فالإسلام عقيدة وعبادة وحكم وهو دين ودولة معا. فقد قسم علماء المسلمين المعمورة إلى ثلاثة أقسام، فالقسم الأول هي دار السلام وهى الشعوب التي تطبق فيها الأحكام الإسلامية والقسم الثاني هي دار المعاهدة وهى بلاد غير المسلمين الذين ارتبطوا مع المسلمين وتقوم العلاقة بينها وبين دار الإسلام على التعاون السلمي والقسم الأخير والثالث هي دار الحرب وهى بلاد غير المسلمين الذين لم يرتبطوا بمعاهدة مع المسلمين ولكن الإسلام يخولهم حقوق المحاربين رغم أنهم أعداء . فالأصل العلاقة هو السلم حتى يقع عدوان، فان كان العدوان فان الجهاد يكون أمرا لابد منه، ردا للشر بمثله، ولتحمى الفضيلة نفسها من الرذيلة، وذلك لقوله تعالى : " وقاتلو في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ". فجاء الشريعة الإسلامية في علاقاتها الدولية بنظام دستوري كامل يختلف اختلافات كلية عن نظم الحكم الأخرى، فقد شرع للناس كافة، فتتميز الشريعة الإسلامية في مجال الأحكام التنظيمية للعلاقات الدولية عن القانون الدولي من حيث الشمولية والعمومية فهي تنظيم يشمل المعمورة وشعوبها على أساس أخلاقي لم يزل منطبع بالسمو والامتياز إلى وقتنا المعاصر، مما لا يتسن لأحكام القانون الدولي الرقى إليه حتى الآن، فالغاية السامية التي كان يرمي إلى تحقيقها الإسلام هي السلم وهو مبدأ أنساني أخلاقي، لكن مع التطورات للعلاقات الدولية المعاصرة وفى وقتنا هذا فهيا أصبحت مطلب سلام من طرف واحد دون الآخر وذلك لأهداف ومصالح لا تحتاج للسلام في الوقت التي تندد وتصرح بالسلام أمام العالم ولكن دون تنفيذ وتطبيق للسلام العالمي التي تعتبره من احد مبادئها الأساسية كما هي من مبادئ الإسلام ولكن ما يلاحظ انه بقاء الطرف الإسلامي وحيد متمسك براية السلام مع مماطلة الطرف الذي يدعى ذلك لكسب التأييد العالمي ليس أكثر مع عرقلة عملية السلام بإطالة المفاوضات الغير مجدية والقاتلة للوقت حتى تحقيق ما تسعى إليه الدول الغربية من تحقيقه في الدول الإسلامية والقضاء عليها طبقا لعقائد وكتب مقدسة يتبعها الغرب مخالفة للإسلام والشريعة ومبادئها السامية في تحقيق السلم والتعاون الدولي مع استخدام الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك وفقا للزمان والمكان والضرورة لاستخدام الوسيلة إلى تجيزها الشريعة الإسلامية وفقا لما نصت عليه العلاقات الدولية فى الإسلام اتجاه غيرها من الشعوب والدول الغير الإسلامية فى النسق والمجتمع الدولي .