صفحة 1 من 1

مفهوم السياسة في الإسلام والقرآن

مرسل: الخميس نوفمبر 14, 2013 5:34 pm
بواسطة علي الشهري 3332
تعريف السياسة: إن كلمة (سياسة) كغيرها من الكلمات ذات الدلالة العلمية والفنية المستعملة عند العلماء والكتاب والمفكرين وغيرهم، فهي تحمل معنيين اثنين: معنى لغويا، ومعنى اصطلاحيا.
المعني اللغوي: إن الكلمة سياسة تعني في المدلول اللغوي ما يأتي.
المعني الاصطلاحي: ومفهوم السياسة كغيره من المفاهيم الفكرية يختلف حسب العقيدة والمبدأ والنظرية التي يستفاد منها، أو يعتمد عليها، لذا فقد عُرِّفت السياسة بتعاريف عديدة، وفهمت بصور وأشكال مختلفة.
- مفهوم السياسة في الإسلام:
تحديده لمفهومها من خلال الممارسة التي تمّت على يد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والمقتدين بنهجه، ومن خلال النصوص والمفاهيم الواردة في القرآن والسنة... ومن خلال الدراسات السياسة والعقائدية، خصوصا بحث (الإمامة) لدى العلماء والمفكرين الإسلاميين، نستطيع أن نحدد هذا المفهوم بشكل واضح، وبعيد عن الاضطراب والضبابية التي اكتنفت المدارس الفكرية المختلفة خارج الإطار الإسلامي.
فباستقراء، ومتابعة كلمة السياسة، والراعي والرعية، والإمام، والسلطان وولي الأمر، والبيعة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والشورى في الدراسات الإسلامية... وفي النصوص والمجالات ذات العلاقة، سنعرف أن مفهوم السياسة في المدرسة الإسلامية، قريب من معناه اللغوي.
فكلمة (سياسة) تطلق على كل عمل يتعلق برعاية الأمة، وتدبير شؤونها.. سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو التعليمية، أو إدارة الدولة، أو نشاط الأفراد والأحزاب الإسلامية، أو القضاء وإدارة العلاقات الخارجية والدفاع عن الأمة والعقيدة والأوطان... إلخ. وإذن فالحكومة مسؤولة عن رعاية شؤون الأمة، والأمة مسؤولة عن رعاية شؤونها، ومن رعاية شؤونها، مراقبتها للسلطة، ومحاسبتها، وإسداء النصح والمشورة، وتحديد الموقف منها عند الانحراف، والخروج عن الخط الإسلامي..
وهكذا نفهم أن معنى السياسة هو (الكفاح من أجل السلطة، والصراع عليها) وليس هو محصورًا في (فن الحكم المجرد) وليس (هي أداة تسلط طبقي) ولا هي (فن الوصولية)... بل هي: "رعاية شؤون الأمة".
وتسأل عن هذا الواجب ابتداء الأمة الإسلامية بأجمعها، ثم تتركز المهمة (بالسلطة الإسلامية) مع بقاء المسؤولية السياسية قائمة من خلال واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، على نحو الكفاية.
- مفهوم السياسة في القرآن:
لقد تحدث القرآن الكريم عن السياسة والحكومة في موارد كثيرة من آياته، تحت عنوان الإمامة والخلافة والولاية والحكم فجعلها أمانة بيد الحاكم، وضرورة عقائدية لهداية الإنسان، وإصلاح الحياة البشرية، لتحقيق العدل، وتطبيق القانون والنظام اللذين يحفظان إرادة الحق والعدل والخير في هذا الوجود، إرادة الله سبحانه.. وفيما يلي نقرأ مجموعة من الآيات الكريمة التي تعطينا صورة واضحة لمفهوم السياسة في الإسلام.
قال تعالى مخاطبا النبي داود عليه السلام: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ . وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ . أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}.
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}.
وهكذا يثبت القرآن المبادئ الأساسية للسياسة، ويوضح مرتكزاتها في العديد من آياته.