- السبت نوفمبر 16, 2013 12:43 am
#65434
منذ عامين، عادت العلاقات إلي طبيعتها بعد انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا، حيث أقيمت في إسرائيل احتفالات كبيرة لكونه من أخلص أصدقائها. وقد علق نيتانياهو علي فوز ساركوزي بأنه نصر خاص لإسرائيل، ظنا منه بأن حليفه سيقضي علي سياسة فرنسا العربية كما قضي علي الديجولية. ويعتبر ساركوزي من أكبر أصدقاء نيتانياهو، حتي إنه كان يستقبله في الزيارات الخاصة في قصر الإليزيه، حتي عندما لم يكن متوليا منصبا حكوميا ولا حتي حزبيا. وعندما تولي ساركوزي رئاسة الحزب الديجولي، جعل أولي زياراته الدولية لإسرائيل، وحاول تكرار ذلك حينما اعتلي عرش الإليزيه، لكن مستشاريه نصحوه بعدم الخلط بين أصدقائه ومصالح فرنسا مع العالم العربي. لذلك، اكتفي ساركوزي بأن يجعل أول زيارة رسمية لرئيس أجنبي لفرنسا من نصيب شمعون بيريز الذي صرح بأنه جاء ليقول لفرنسا شكرا، 'فلدي قيام إسرائيل، لعبت فرنسا دورا رياديا. بفضلها، تمكنا من حيازة أسلحة للدفاع عن أنفسنا، ولا أعرف أي بلد آخر ساعد إسرائيل كما ساعدتها فرنسا'.
ويبدو أن هناك علاقة بين طبيعة العلاقات الفرنسية - الأمريكية، والعلاقات الفرنسية - الإسرائيلية. إذ كلما تبنت فرنسا توجها استقلاليا عن الولايات المتحدة، زادت المسافة الاستراتيجية بينها وبين إسرائيل. وكلما قل تمردها علي الولايات المتحدة، تقلصت تلك المسافة. وقد اعتبرت إسرائيل الموقف الفرنسي المعارض لغزو العراق خيانة.
وقد تميزت المرحلة في فترتها الأخيرة باضطرابات بسبب ظهور ممارسات ترتبط بمعاداة السامية في فرنسا، واعتراض فرنسا علي سياسة إسرائيل حيال عملية السلام، وانتقاد المجتمع المدني الفرنسي لإسرائيل بعنف لحصارها المذل لعرفات، ولمجازر جنين ولبنان، والوحشية التي تتعامل بها سلطات الاحتلال مع المواطنين الفلسطينيين. وقد بلغ الخلاف أوجه في 2002 لدي زيارة شارون لفرنسا، ولم تتحسن إلا بعد انسحاب إسرائيل من غزة، الذي سهل زيارة شارون لفرنسا في يوليو 2005، والتي أسست لفصل جديد في العلاقات الثنائية.
وتشهد حاليا العلاقات الفرنسية - الاسرائيلية أجواء مشحونة علي غير انتظار، منذ أن نصح ساركوزي نيتانياهو بالتخلص من ليبرمان وحزبه (إسرائيل بيتنا) في حكومته، وضم حزب كاديما بدلا منه، وتعيين تسيبي ليفني وزيرة خارجية. حيث وصف ليبرمان بقوله 'هذا الشخص، أعوذ بالله. لا أطيقه، وأكاد أصاب بالصلع كلما أستمع له من كثرة شد الشعر'.
وقد اعتبرت الخارجية الإسرائيلية ما قاله تدخلا فظا في الشئون الداخلية الإسرائيلية. وبدوره، نصح نيتانياهو ساركوزي بالتخلص من وزير خارجيته، برنار كوشنير، الذي 'لا يستلطفه'، رغم أنه من أصدقاء إسرائيل. وقد فوجئ كوشنير بأنه خارج الوفد الرسمي الملتقي رئيس الحكومة الإسرائيلية في الإليزيه، بناء علي رغبة نيتانياهو، عقابا له علي تصريحاته اللاذعة تجاه الحكومة الإسرائيلية، كما فوجئ الوزير برفض نيتانياهو طلبه لزيارة الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، بحجة أن زيارته ستكسب حركة حماس شرعية ومصداقية، واعترافا أدبيا دوليا، مما دفع الوزير إلي إلغاء الزيارة المعلنة لإسرائيل. لكن ساركوزي نصحه بإتمامها بلقاء المسئولين الفلسطينيين في عمان، حيث التقي بالرئيس 'أبو مازن' وبنظيره الفلسطيني، ووقع بروتوكول تعاون مع الصليب الأحمر الفلسطيني بمساهمة فرنسية قدرها مليونا يورو لإعادة ترميم مستشفي القدس بغزة الذي دمره الجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة.
وقد أثار ساركوزي غضب إسرائيل، حينما استضاف مؤتمر باريس لدعم الدولة الفلسطينية في 16 ديسمبر 2007، عقب أنابوليس، وأكد مواقف فرنسا الثابتة والتزامها بكل المرجعيات الدولية، بما فيها مرجعيات مدريد، والأرض مقابل السلام، والقدس عاصمة للدولتين. كما أعلن ذلك أيضا في الكنيست في زيارته لإسرائيل عام 2008، والتي أكد فيها أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دون الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولتين، ودون ضمان لحرية الدخول إلي الأماكن المقدسة لكل الأديان.
التباين بين المواقف الأوروبية من إسرائيل وقضية القدس :
تشكل مسودة القرار الذي طرحته السويد، بشأن الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، انعطافة كبيرة في خط الدبلوماسية الأوروبية. فمنذ مؤتمر مدريد في عام (1991)، لم تبرز مواقف تتميز بنزعة استقلالية عن السياسات الأمريكية الشرق أوسطية بهذه الصراحة. دارت المواقف الأوروبية غالبا في الفلك الأمريكي الذي حصر دورها في خلق مقومات وحوافز اقتصادية تشجع أطراف الصراع علي المضي قدما في التسوية، ولكنها تفتقد بعدا سياسيا عمليا. لكن التحسن في الموقف الأوروبي لم يرتق بعد إلي الحد الذي يتيح تصور خروج الأوروبيين عن دور 'المحفظة المالية'، أو 'مانعة الصواعق' في أحسن الظروف. فحاجة واشنطن إلي تفعيل الدور الأوروبي في مناطق الأزمات لا تعني بالضرورة قبولها بالأوروبيين شركاء كاملي الأهلية في إدارة بؤر التوتر.
أشارت مسودة مشروع القرار، الذي طرحته الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي، بوضوح إلي أن الدولة الفلسطينية المقبلة يجب أن تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية، بما يعد إنجازا أوروبيا رفع به سقف خريطة الطريق المحدودة. ولكن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي طرحوا صيغة معدلة لهذا الاقتراح. فبدل صيغة القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، نص بيان الوزراء الأوروبيين علي صيغة تدعو الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلي التفاوض من أجل التوصل إلي اتفاق حول الوضع النهائي للقدس كعاصمة مستقبلية لدولتين.
وفي إعلان مشترك للدول ال- 27 أعضاء الاتحاد الأوروبي، أعرب وزراء الخارجية الأوروبيون في بروكسل عن قلقهم العميق من تعطيل عملية السلام. وأكدوا أنهم لم يعترفوا يوما بضم إسرائيل للقدس الشرقية في 1967، وأنهم يرفضون قبول التغييرات التي طرأت علي الحدود بعد هذا التاريخ، باستثناء تلك التي وافق عليها الجانبان.
جاء البيان أقل حدة من المسودة السويدية، وخلافا لما أرادته ستوكهولم، حيث رفض الوزراء الأوروبيون أن يكونوا أكثر وضوحا حول حدود الدولة الفلسطينية المقبلة.
وقد نجحت فرنسا في محو فقرة في النص الأصلي لمشروع القرار تؤكد تأييد جعل القدس الشرقية المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية. كما أبدت ألمانيا سعادتها بتخفيف لهجة البيان، وقال وزير خارجيتها، جيدو فيسترفيله: 'لا يمكننا أن نفرض الشكل الذي ستكون عليه أراضي الدولة الفلسطينية في المستقبل'. وقد تحججت فرنسا بأنها لا ترغب في القفز علي خريطة الطريق التي لم تنص علي وضع القدس.
غير أن القرار الأوروبي في مجمله أمر إيجابي للغاية في هذا التوقيت الذي يشهد محاولات مكثفة لمحو الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، تمهيدا للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.
كما أشار البيان إلي أن الاتحاد لن يقبل بأي تغيير في حدود 7691. ولم يغير وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الشيء الكثير في نصهم فيما يتعلق بضرورة العودة إلي المفاوضات للتوصل إلي حل يؤدي إلي قيام دولتي فلسطين وإسرائيل بموجب حدود 1967، وبحسب قرارات مجلس الأمن الدولي، ومقررات مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية.
وقد تباينت ردود فعل الدول الأوروبية لمشروع القرار، حيث أعربت دول عدة، منها جمهورية التشيك، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، عن رفضها لفرض حلول علي إسرائيل والفلسطينيين، بينما أعرب وزراء خارجية دول أوروبية أخري، ضمنها لكسمبورج، عن رغبتهم في أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحا وصراحة بشأن هذا الملف الدقيق. وذكر دبلوماسيون أوروبيون في بروكسل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أعربوا في بيانهم عن 'قلقهم البالغ' إزاء ضعف التقدم في عملية السلام بالشرق الأوسط. ويبدو أن العدوان الذي شنته إسرائيل علي غزة، وما أثاره من سخط في الساحة الدولية، كان وراء البيان الذي دفع السويد إلي وضع تصوراتها لإبرام سلام حقيقي وغير منقوص ودائم.
من ناحية أخري، فقد ظهر التباين في المواقف الأوروبية، في أثناء عملية التصويت علي تقرير جولد ستون بشأن الممارسات الإسرائيلية في الحرب علي غزة في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فقد امتنعت البوسنة، والنرويج، وبلجيكا، وسلوفينيا عن التصويت، بينما بقي ممثلا فرنسا وبريطانيا خارج القاعة، وحاولا حتي اللحظة الأخيرة تأجيل التصويت، دون الالتزام بتأييد المشروع في حالة التأجيل. وفي النهاية، لم تؤيد أي دولة أوروبية المشروع.
وقد أثار حفيظة إسرائيل رفض فرنسا مساندتها بوضوح في هذا الموقف. كما عبر نيتانياهو عن استيائه من نشر رسالة مشتركة وجهها إليه ساركوزي، وجوردن براون، رئيس وزراء بريطانيا، يطالبان فيها إسرائيل بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول حرب غزة.
وهناك تقارير أعدها قناصلة دول الاتحاد الأوروبي تدين السياسة الإسرائيلية في القدس الشرقية، والإجراءات التعسفية والتمييزية التي تتخذ ضد الفلسطينيين، ومنها سحب تصاريح إقامتهم.
كما انتقد الاتحاد الأوروبي بشدة في تقاريره سياسة إسرائيل في القدس الشرقية، متهما إياها بمواصلة 'الاستيطان' في القطاع الشرقي من المدينة المقدسة الذي ضمته إسرائيل في 1967، وتقطن فيه غالبية من العرب، علي حساب الفلسطينيين. وكشف تقرير للاتحاد الأوروبي عن أن إسرائيل تعمل علي تغيير التركيبة الديموغرافية في القدس الشرقية، وتنفذ بوتيرة متسارعة تغيرات علي الأرض.
ويبدو أن هناك علاقة بين طبيعة العلاقات الفرنسية - الأمريكية، والعلاقات الفرنسية - الإسرائيلية. إذ كلما تبنت فرنسا توجها استقلاليا عن الولايات المتحدة، زادت المسافة الاستراتيجية بينها وبين إسرائيل. وكلما قل تمردها علي الولايات المتحدة، تقلصت تلك المسافة. وقد اعتبرت إسرائيل الموقف الفرنسي المعارض لغزو العراق خيانة.
وقد تميزت المرحلة في فترتها الأخيرة باضطرابات بسبب ظهور ممارسات ترتبط بمعاداة السامية في فرنسا، واعتراض فرنسا علي سياسة إسرائيل حيال عملية السلام، وانتقاد المجتمع المدني الفرنسي لإسرائيل بعنف لحصارها المذل لعرفات، ولمجازر جنين ولبنان، والوحشية التي تتعامل بها سلطات الاحتلال مع المواطنين الفلسطينيين. وقد بلغ الخلاف أوجه في 2002 لدي زيارة شارون لفرنسا، ولم تتحسن إلا بعد انسحاب إسرائيل من غزة، الذي سهل زيارة شارون لفرنسا في يوليو 2005، والتي أسست لفصل جديد في العلاقات الثنائية.
وتشهد حاليا العلاقات الفرنسية - الاسرائيلية أجواء مشحونة علي غير انتظار، منذ أن نصح ساركوزي نيتانياهو بالتخلص من ليبرمان وحزبه (إسرائيل بيتنا) في حكومته، وضم حزب كاديما بدلا منه، وتعيين تسيبي ليفني وزيرة خارجية. حيث وصف ليبرمان بقوله 'هذا الشخص، أعوذ بالله. لا أطيقه، وأكاد أصاب بالصلع كلما أستمع له من كثرة شد الشعر'.
وقد اعتبرت الخارجية الإسرائيلية ما قاله تدخلا فظا في الشئون الداخلية الإسرائيلية. وبدوره، نصح نيتانياهو ساركوزي بالتخلص من وزير خارجيته، برنار كوشنير، الذي 'لا يستلطفه'، رغم أنه من أصدقاء إسرائيل. وقد فوجئ كوشنير بأنه خارج الوفد الرسمي الملتقي رئيس الحكومة الإسرائيلية في الإليزيه، بناء علي رغبة نيتانياهو، عقابا له علي تصريحاته اللاذعة تجاه الحكومة الإسرائيلية، كما فوجئ الوزير برفض نيتانياهو طلبه لزيارة الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، بحجة أن زيارته ستكسب حركة حماس شرعية ومصداقية، واعترافا أدبيا دوليا، مما دفع الوزير إلي إلغاء الزيارة المعلنة لإسرائيل. لكن ساركوزي نصحه بإتمامها بلقاء المسئولين الفلسطينيين في عمان، حيث التقي بالرئيس 'أبو مازن' وبنظيره الفلسطيني، ووقع بروتوكول تعاون مع الصليب الأحمر الفلسطيني بمساهمة فرنسية قدرها مليونا يورو لإعادة ترميم مستشفي القدس بغزة الذي دمره الجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة.
وقد أثار ساركوزي غضب إسرائيل، حينما استضاف مؤتمر باريس لدعم الدولة الفلسطينية في 16 ديسمبر 2007، عقب أنابوليس، وأكد مواقف فرنسا الثابتة والتزامها بكل المرجعيات الدولية، بما فيها مرجعيات مدريد، والأرض مقابل السلام، والقدس عاصمة للدولتين. كما أعلن ذلك أيضا في الكنيست في زيارته لإسرائيل عام 2008، والتي أكد فيها أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دون الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولتين، ودون ضمان لحرية الدخول إلي الأماكن المقدسة لكل الأديان.
التباين بين المواقف الأوروبية من إسرائيل وقضية القدس :
تشكل مسودة القرار الذي طرحته السويد، بشأن الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، انعطافة كبيرة في خط الدبلوماسية الأوروبية. فمنذ مؤتمر مدريد في عام (1991)، لم تبرز مواقف تتميز بنزعة استقلالية عن السياسات الأمريكية الشرق أوسطية بهذه الصراحة. دارت المواقف الأوروبية غالبا في الفلك الأمريكي الذي حصر دورها في خلق مقومات وحوافز اقتصادية تشجع أطراف الصراع علي المضي قدما في التسوية، ولكنها تفتقد بعدا سياسيا عمليا. لكن التحسن في الموقف الأوروبي لم يرتق بعد إلي الحد الذي يتيح تصور خروج الأوروبيين عن دور 'المحفظة المالية'، أو 'مانعة الصواعق' في أحسن الظروف. فحاجة واشنطن إلي تفعيل الدور الأوروبي في مناطق الأزمات لا تعني بالضرورة قبولها بالأوروبيين شركاء كاملي الأهلية في إدارة بؤر التوتر.
أشارت مسودة مشروع القرار، الذي طرحته الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي، بوضوح إلي أن الدولة الفلسطينية المقبلة يجب أن تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية، بما يعد إنجازا أوروبيا رفع به سقف خريطة الطريق المحدودة. ولكن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي طرحوا صيغة معدلة لهذا الاقتراح. فبدل صيغة القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، نص بيان الوزراء الأوروبيين علي صيغة تدعو الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلي التفاوض من أجل التوصل إلي اتفاق حول الوضع النهائي للقدس كعاصمة مستقبلية لدولتين.
وفي إعلان مشترك للدول ال- 27 أعضاء الاتحاد الأوروبي، أعرب وزراء الخارجية الأوروبيون في بروكسل عن قلقهم العميق من تعطيل عملية السلام. وأكدوا أنهم لم يعترفوا يوما بضم إسرائيل للقدس الشرقية في 1967، وأنهم يرفضون قبول التغييرات التي طرأت علي الحدود بعد هذا التاريخ، باستثناء تلك التي وافق عليها الجانبان.
جاء البيان أقل حدة من المسودة السويدية، وخلافا لما أرادته ستوكهولم، حيث رفض الوزراء الأوروبيون أن يكونوا أكثر وضوحا حول حدود الدولة الفلسطينية المقبلة.
وقد نجحت فرنسا في محو فقرة في النص الأصلي لمشروع القرار تؤكد تأييد جعل القدس الشرقية المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية. كما أبدت ألمانيا سعادتها بتخفيف لهجة البيان، وقال وزير خارجيتها، جيدو فيسترفيله: 'لا يمكننا أن نفرض الشكل الذي ستكون عليه أراضي الدولة الفلسطينية في المستقبل'. وقد تحججت فرنسا بأنها لا ترغب في القفز علي خريطة الطريق التي لم تنص علي وضع القدس.
غير أن القرار الأوروبي في مجمله أمر إيجابي للغاية في هذا التوقيت الذي يشهد محاولات مكثفة لمحو الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، تمهيدا للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.
كما أشار البيان إلي أن الاتحاد لن يقبل بأي تغيير في حدود 7691. ولم يغير وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الشيء الكثير في نصهم فيما يتعلق بضرورة العودة إلي المفاوضات للتوصل إلي حل يؤدي إلي قيام دولتي فلسطين وإسرائيل بموجب حدود 1967، وبحسب قرارات مجلس الأمن الدولي، ومقررات مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية.
وقد تباينت ردود فعل الدول الأوروبية لمشروع القرار، حيث أعربت دول عدة، منها جمهورية التشيك، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، عن رفضها لفرض حلول علي إسرائيل والفلسطينيين، بينما أعرب وزراء خارجية دول أوروبية أخري، ضمنها لكسمبورج، عن رغبتهم في أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحا وصراحة بشأن هذا الملف الدقيق. وذكر دبلوماسيون أوروبيون في بروكسل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أعربوا في بيانهم عن 'قلقهم البالغ' إزاء ضعف التقدم في عملية السلام بالشرق الأوسط. ويبدو أن العدوان الذي شنته إسرائيل علي غزة، وما أثاره من سخط في الساحة الدولية، كان وراء البيان الذي دفع السويد إلي وضع تصوراتها لإبرام سلام حقيقي وغير منقوص ودائم.
من ناحية أخري، فقد ظهر التباين في المواقف الأوروبية، في أثناء عملية التصويت علي تقرير جولد ستون بشأن الممارسات الإسرائيلية في الحرب علي غزة في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فقد امتنعت البوسنة، والنرويج، وبلجيكا، وسلوفينيا عن التصويت، بينما بقي ممثلا فرنسا وبريطانيا خارج القاعة، وحاولا حتي اللحظة الأخيرة تأجيل التصويت، دون الالتزام بتأييد المشروع في حالة التأجيل. وفي النهاية، لم تؤيد أي دولة أوروبية المشروع.
وقد أثار حفيظة إسرائيل رفض فرنسا مساندتها بوضوح في هذا الموقف. كما عبر نيتانياهو عن استيائه من نشر رسالة مشتركة وجهها إليه ساركوزي، وجوردن براون، رئيس وزراء بريطانيا، يطالبان فيها إسرائيل بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول حرب غزة.
وهناك تقارير أعدها قناصلة دول الاتحاد الأوروبي تدين السياسة الإسرائيلية في القدس الشرقية، والإجراءات التعسفية والتمييزية التي تتخذ ضد الفلسطينيين، ومنها سحب تصاريح إقامتهم.
كما انتقد الاتحاد الأوروبي بشدة في تقاريره سياسة إسرائيل في القدس الشرقية، متهما إياها بمواصلة 'الاستيطان' في القطاع الشرقي من المدينة المقدسة الذي ضمته إسرائيل في 1967، وتقطن فيه غالبية من العرب، علي حساب الفلسطينيين. وكشف تقرير للاتحاد الأوروبي عن أن إسرائيل تعمل علي تغيير التركيبة الديموغرافية في القدس الشرقية، وتنفذ بوتيرة متسارعة تغيرات علي الأرض.