منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#65549
انياً: أحكام الأمان:
الأمان في اصطلاح القانون الإسلامي يطلق على: الإذن بدخول الدولة الإسلامية مدَّة مّا، لعدد محصور، من غير المسلمين، ممن ليس بينهم وبين المسلمين عهد يسمح لهم بمقتضاه الدخول فيها (منح تأشيرة دخول).
والمستأمن: هو طالب الأمان؛ والمراد به هنا: كلُّ من أُذن له بدخول الدولة الإسلامية مدة ما، من غير المسلمين؛ وهم بالنظر إلى الغرض الذي جاءوا من أجله، أربعة أنواع رئيسة:
أولاً: الذين يطلبون التعرف على الإسلام عن كثب.
ثانياً: السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي.
ثالثاً: التجار والمستثمرون.
رابعاً: طالبوا حاجة خاصة من زيارة أو سياحة أو غيرها.
وللمستأمن أحكام يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أولاً: عناية القانون الدولي الإسلامي بالباحثين عن الدين الحق:
اتساقاً مع الأهداف الإسلامية، وطبيعة علاقة الدولة الإسلامية بغيرها، جاء بيان حكم النوع الأول من أنواع المستأمنين في نص خاص من القرآن الكريم (التوبة:6)؛ وهو نص يلزم الدولة الإسلامية بقبول طلب الإذن بدخولها إذا تقدَّم به من يريد سماع القرآن وفهم أحكامه وحججه، والتعرف على الإسلام عن قرب، سواء كان ذلك بمقابلة العلماء والمفكرين والدعاة، أو الالتحاق بالدورات التي تعقدها المؤسسات الحكومية أو الأهلية لذلك، أو غير ذلك مما يحقق هذا الهدف الذي قدموا لأجله؛ فإن اقتنع (المستأمن) بالإسلام وتحول إليه وصار من أتباعه، فله جميع ميزات رعايا الدولة الإسلامية من المسلمين؛ وإن أبى وبقي على ما كان عليه؛ وجب على الدولة الإسلامية حمايته، حتى يعود إلى المكان الذي يأمن فيه على نفسه وماله.
ثانياً: الجهة المخولة بمنح تأشيرات الدخول:
تمنح الدولة الإسلامية تأشيرة دخول، لطالبيها؛ بعد التأكد من صحة الغرض الذي طلبوا الدخول لأجله – إلا السفراء فلهم حالات استثنائية – فلا يجوز لأحد من رعايا الدول الأخرى من غير المسلمين دخول أرض الدولة الإسلامية إلا إذا منح سمة (تأشيرة) الدخول، من قبل الحكومة أو من يمثلها؛ وهذه السمة، تقوم مقام الأمان في اصطلاح الفقهاء.
من أحكام (الأمان) التي قد تستغرب: أنَّ من حق أي مسلم مكلف رجلاً كان أو امرأة، أن يمنح الأمان لمن يشاء من رعايا الدول الأخرى؛
فإعطاء الأمان في القانون الإسلامي، حق يشترك فيه الأفراد مع الدولة؛ غير أنَّ إعطاءه من الأفراد يخضع لرقابة الدولة السابقة واللاحقة.
ومما ينبغي التنبّه له أنَّ القانون الدولي الإسلامي لا يعتبر المسلم أجنبياً، ومن ثم لا يحتاج عند دخوله للدولة الإسلامية إلى عقد أمان بالمفهوم القانوني الإسلامي لهذا المصطلح؛ ولكن ظروف هذا العصر تجعل من المصلحة الشرعية تنظيم دخول المسلمين من رعايا الدول الأخرى وخروجهم، وفق نظام لا يتعارض مع أحكام التعامل بين المسلمين.
وهذه الميزة في القانون الإسلامي تشبه الميزة التي يمنحها القانون المطبق بين دول الاتحاد الأوربي لرعايا هذه الدول عند تنقلهم بينها.
يجب ردّ الأمان الذي يترتب عليه ضرر بالدولة الإسلامية ورعاياها من المسلمين وغيرهم؛ حتى لو صدر منحه من رئيس الدولة؛ فيلزمه حينئذ التراجع عن ذلك، وردّ من منح الإذن بالدخول (المستأمن)، إلى وضعه الذي كان عليه قبل الإذن له (النبذ)؛ و لا يجوز الغدر به ومنعه من الرجوع إلى بلده.
الآثار المترتبة على منح تأشيرة دخول للدولة الإسلامية (الأمان):
يترتب على منح الإذن للأجنبي بدخول الدولة الإسلامية آثار، يمكن إيجازها فيما يلي:
1) يجب على الدولة الإسلامية إذا أذنت للأجنبي بدخولها، أن تحميه، و يحرم على الدولة ورعاياها الاعتداء عليه، أو التعرض له بسوء في نفسه، أو ماله؛ ومن يفعل ذلك يكون آثماً يستحق العقوبة من الله تعالى، كما يجب على الدولة معاقبته بالعقوبة المناسبة لما قام به من اعتداء، وفق القوانين الإسلامية.
2) يجب على الأجنبي الذي يسمح له بدخول الدولة الإسلامية، التقيّد بالأنظمة المعمول بها في الدولة، كمنع الدخول لمدينة مكة - بوصفها عمقاً استراتيجياً دينياً لا يجوز دخول الأجنبي فيه، يشبه منع دخول الأجانب لمجمع (البنتاجون) - وكمنع الإقامة الدائمة في جزيرة العرب - بوصفها عمقا استراتيجياً، يشبه منع الإقامة الدائمة للمسلمين في الفاتيكان أو منع اجتماع نظامين شيوعي ورأسمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
3) يجب على الأجنبي عدم القيام بأي عمل مخالف للقوانين المعمول بها؛ ويشدد القانون الإسلامي بشأن من يقوم بأعمال ضد سيادة الدولة وأمنها، كالاعتداء على المسلمات الدينية، وإثارة الفتن، والتجسس؛ وإذا ما ثبت مخالفته لشيء من هذه الأنظمة فإنه يتحمل مسؤولية ذلك، كما يجب على الدولة معاقبته بالعقوبة المناسبة لما قام به من اعتداء، وفق القوانين الإسلامية.
4) يجب ردّ الأمان الذي يترتب عليه ضرر بالدولة الإسلامية ورعاياها من المسلمين وغيرهم؛ حتى لو صدر منحه من رئيس الدولة؛ وحينئذ يلزمه ردّ من منح الإذن بالدخول (المستأمن)، إلى وضعه الذي كان عليه قبل منحه التأشيرة (النبذ)؛ و لا يجوز الغدر به ومنعه من الرجوع إلى بلده.
5) من منح تأشيرة دخول خطئاً، وجب حمايته حتى يعود إلى مأمنه؛ ولهذا كان من وصايا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجيشه، التي يدعم بها الفقهاء هذا الحكم قوله: (وإن نهيتم أن يؤمِّن أحدٌ أحداً فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى، فأمَّن أحداً منهم؛ فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه) فهذا يؤكد ما أُحيط به عقد الأمان من الاحتياط عن الوقوع في الغدر

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Web/alotaibi/0/22 ... z2kwIhXrKe