الثورة في عهد بطليموس الثامن
مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2013 1:58 am
الحياة السياسية في العصر البطلمي
الثورات القومية
الثورة في عهد بطليموس الثامن
النظم التي وضعها البطالمة لحكم مصر تأثرت إلى حد بعيد بالدور الذي أرادوا أن يلعبوه في العالم .
لقد حاول بطلميوس منذ أن أصبح وإلى مصر عقد أواصر الصداقة مع الجزر الكبرى في شرق البحر الأبيض المتوسط ولاسيما مع قبرص التي كان أمراء بعض مدنها يحالفونه في الحرب ضد برديقاس ، والآن جدد محالفته مع حكام سلاميس (Salamis) وسولى وبقاس وأماثوس .
ويرجع نشاط بطلميوس في البحر الأبيض المتوسط لأن مصر أخذت منه عهد بعيد تتجه باطراد نحو بحر أيجة الذي أضحى تدريجًا مركز العالم ، إلا أنه قبل عهد الإسكندر الأكبر كانت سياسة فراعنة مصر موجهة قبل كل شيء نحو آسيا وأعالي النيل .
وقد كان طبيعياً أن يكافح البطالمة الأوائل أيضاً منافسيهم في آسيا وأن يوطدوا حدودهم الجنوبية ، لكنهم وجهوا كل اهتمامهم إلى الفوز بسيادة بحر أيجة حيث ازدهرت الحضارة الهلينية وبلغت ذروة مجدها ، وكانت المدن الإغريقية مصدر كل المبتكرات الخصبية في حلبة الأفكار والفنون والصناعات ، في حين أن الحضارات الشرقية القديمة بدت بالمقارنة وكأنها مخلفات عتيقة من تراث الماضي .
فلا عجب أنه في هذا العصر أصبحت حضارة الناس في كل الأقاليم المطلة على البحر المتوسط تقاس بمقدار حظهم من الحضارة الإغريقية .
وفي القرن الثالث قبل الميلاد كانت بلاد الإغريق آهلة بالسكان وتفيض حيوية دافقة ونشاطًا جارفًا ، وتقطع أوصال هذه البلاد المشاحنات الحزبية العنيفة .
ولكي يصلح القواد المقدونيون ، الذين اقتصموا فيما يرثهم حكم الشرق ، من شأن دولهم الجديدة كانوا في حاجة ملحة إلى نشاط الإغريق .
وكان البطالمة شأنهم شأن غيرهم من ملوك العصر الهلينيسي في أشد الحاجة إلى معونة الإغريق ، وقد وصلت الإسكندرية كل أنحاء مصر بالبحر الأبيض المتوسط ، ذلك أنه عن طريق هذا الميناء الجديد ، الذي لم يكن عندئذ لاتساعه نظير ، كان وادي النيل يستقبل من عالم بحر أيجة الأفكار والرجال ورءوس الأموال ، ويبادله منتجات أرضه ومصانعه وكذلك المنتجات التي كانت تصل إليه من أواسط إفريقيا والشرق الأقصى ، وجملة القول أن بطلميوس ، منذ أن عين والياً على مصر ، أخذ يعمل حثيثًا للفوز بسيادة بحر أيجة .
وإذا كانت سيادة بحر أيجة ضرورية لكيان البطالمة السياسي ، فإنه كانت هناك أقاليم أخرى مثل قورينايئة لا غنى لهم عنها لضمان أستقلالهم ، ولذلك فإنه عندما كان بطلميوس الأول في بلاد الإغريق وسنحت له فرصة لاسترداد قورينايئة لم يتوان في العودة سريعًا إلى مصر لهذا الغرض ، لأن قورينايئة كانت تعني مصر مباشرة ، ومصر كانت دائمًا قلب مملكة البطالمة النابض .
وعندما حاول أنتيجونوس الاستيلاء على مصر ، بدت له فكرة تضييق الخناق عليها من ناحية البحر بالاستيلاء على جزيرة رودس ، مع أنها لم تكن من ممتلكات بطلميوس ، بل كانت صديقة أنتيجونوس في عام 315 وساعدته في بناء أسطوله غير أنه كانت لها علاقات وثيقة مع مصر منذ أن أحرز بطلميوس سيادته البحرية ، ورفضت الانحياز إلى جانب أنتيجونوس ضده في أثناء حملة قبرص .
وفضلاً عن ذلك فإنها كانت أهم عميل تجاري لمصر في البحر المتوسط . وإزاء ذلك كله كان أنتيجونوس يخشى أن تقوم رودس بمساعدة بطلميوس في بناء أسطوله ، وتبعًا لذلك أرسل دمتريوس إلى رودس في ربيع عام 305 على رأس قوة بحرية كبيرة ، لكن رودس قاومت الغزو بشجاعة فائقة ، فحاصرها دمتريوس دون جدوى نحو خمسة عشر شهرًا وكان هذا الحصار سبب لقب "محاصر المدن" الذي خلع عليه .
وأخيراً بفضل وساطة الأيتوليين عقد الصلح بين الطرفين في صيف عام 304 وقبلت رودس محالفة أنتيجونوس ، بشرط ألا تعادي بطلميوس .
ويعتبر عام 301 بداية عهد جديد ، فقد انحلت إمبراطورية الإسكندر بحيث أنه لم يعد هناك أي أمل يرجى في أحيائها ثانية ، وأصبح يقتسم عالم بحر إيجة عندئذ خمس شخصيات عظيمة هي : قاساندروس في مقدونيا وبعض بلاد الإغريق ، و لوسيماخوس في ترقيا وآسيا الصغرى، و سلوقس في بابل وسوريا وآسيا الصغرى ، و بطلميوس في مصر وجوف سوريا وقرينايئة . وإذا كان أنتيجونوس قد مات ، فإن ابنه دمتريوس "محاصر المدن" كان لا يزال حيًا وتجيش في صدره آمال إعادة تكوين إمبراطورية أبيه وظل قوة يخشى بأسها . ذلك أنه كان لا يزال يملك أقوى أسطول في بحر أيجة ، ويتمتع برياسة عصبة قورنثة ، وبسيادة عصبة جزر القوقلاد ، ويسيطر على قبرص ومدن إغريقية كثيرة في بلاد الإغريق وآسيا الصغرى وفينيقيا .
الثورات القومية
الثورة في عهد بطليموس الثامن
النظم التي وضعها البطالمة لحكم مصر تأثرت إلى حد بعيد بالدور الذي أرادوا أن يلعبوه في العالم .
لقد حاول بطلميوس منذ أن أصبح وإلى مصر عقد أواصر الصداقة مع الجزر الكبرى في شرق البحر الأبيض المتوسط ولاسيما مع قبرص التي كان أمراء بعض مدنها يحالفونه في الحرب ضد برديقاس ، والآن جدد محالفته مع حكام سلاميس (Salamis) وسولى وبقاس وأماثوس .
ويرجع نشاط بطلميوس في البحر الأبيض المتوسط لأن مصر أخذت منه عهد بعيد تتجه باطراد نحو بحر أيجة الذي أضحى تدريجًا مركز العالم ، إلا أنه قبل عهد الإسكندر الأكبر كانت سياسة فراعنة مصر موجهة قبل كل شيء نحو آسيا وأعالي النيل .
وقد كان طبيعياً أن يكافح البطالمة الأوائل أيضاً منافسيهم في آسيا وأن يوطدوا حدودهم الجنوبية ، لكنهم وجهوا كل اهتمامهم إلى الفوز بسيادة بحر أيجة حيث ازدهرت الحضارة الهلينية وبلغت ذروة مجدها ، وكانت المدن الإغريقية مصدر كل المبتكرات الخصبية في حلبة الأفكار والفنون والصناعات ، في حين أن الحضارات الشرقية القديمة بدت بالمقارنة وكأنها مخلفات عتيقة من تراث الماضي .
فلا عجب أنه في هذا العصر أصبحت حضارة الناس في كل الأقاليم المطلة على البحر المتوسط تقاس بمقدار حظهم من الحضارة الإغريقية .
وفي القرن الثالث قبل الميلاد كانت بلاد الإغريق آهلة بالسكان وتفيض حيوية دافقة ونشاطًا جارفًا ، وتقطع أوصال هذه البلاد المشاحنات الحزبية العنيفة .
ولكي يصلح القواد المقدونيون ، الذين اقتصموا فيما يرثهم حكم الشرق ، من شأن دولهم الجديدة كانوا في حاجة ملحة إلى نشاط الإغريق .
وكان البطالمة شأنهم شأن غيرهم من ملوك العصر الهلينيسي في أشد الحاجة إلى معونة الإغريق ، وقد وصلت الإسكندرية كل أنحاء مصر بالبحر الأبيض المتوسط ، ذلك أنه عن طريق هذا الميناء الجديد ، الذي لم يكن عندئذ لاتساعه نظير ، كان وادي النيل يستقبل من عالم بحر أيجة الأفكار والرجال ورءوس الأموال ، ويبادله منتجات أرضه ومصانعه وكذلك المنتجات التي كانت تصل إليه من أواسط إفريقيا والشرق الأقصى ، وجملة القول أن بطلميوس ، منذ أن عين والياً على مصر ، أخذ يعمل حثيثًا للفوز بسيادة بحر أيجة .
وإذا كانت سيادة بحر أيجة ضرورية لكيان البطالمة السياسي ، فإنه كانت هناك أقاليم أخرى مثل قورينايئة لا غنى لهم عنها لضمان أستقلالهم ، ولذلك فإنه عندما كان بطلميوس الأول في بلاد الإغريق وسنحت له فرصة لاسترداد قورينايئة لم يتوان في العودة سريعًا إلى مصر لهذا الغرض ، لأن قورينايئة كانت تعني مصر مباشرة ، ومصر كانت دائمًا قلب مملكة البطالمة النابض .
وعندما حاول أنتيجونوس الاستيلاء على مصر ، بدت له فكرة تضييق الخناق عليها من ناحية البحر بالاستيلاء على جزيرة رودس ، مع أنها لم تكن من ممتلكات بطلميوس ، بل كانت صديقة أنتيجونوس في عام 315 وساعدته في بناء أسطوله غير أنه كانت لها علاقات وثيقة مع مصر منذ أن أحرز بطلميوس سيادته البحرية ، ورفضت الانحياز إلى جانب أنتيجونوس ضده في أثناء حملة قبرص .
وفضلاً عن ذلك فإنها كانت أهم عميل تجاري لمصر في البحر المتوسط . وإزاء ذلك كله كان أنتيجونوس يخشى أن تقوم رودس بمساعدة بطلميوس في بناء أسطوله ، وتبعًا لذلك أرسل دمتريوس إلى رودس في ربيع عام 305 على رأس قوة بحرية كبيرة ، لكن رودس قاومت الغزو بشجاعة فائقة ، فحاصرها دمتريوس دون جدوى نحو خمسة عشر شهرًا وكان هذا الحصار سبب لقب "محاصر المدن" الذي خلع عليه .
وأخيراً بفضل وساطة الأيتوليين عقد الصلح بين الطرفين في صيف عام 304 وقبلت رودس محالفة أنتيجونوس ، بشرط ألا تعادي بطلميوس .
ويعتبر عام 301 بداية عهد جديد ، فقد انحلت إمبراطورية الإسكندر بحيث أنه لم يعد هناك أي أمل يرجى في أحيائها ثانية ، وأصبح يقتسم عالم بحر إيجة عندئذ خمس شخصيات عظيمة هي : قاساندروس في مقدونيا وبعض بلاد الإغريق ، و لوسيماخوس في ترقيا وآسيا الصغرى، و سلوقس في بابل وسوريا وآسيا الصغرى ، و بطلميوس في مصر وجوف سوريا وقرينايئة . وإذا كان أنتيجونوس قد مات ، فإن ابنه دمتريوس "محاصر المدن" كان لا يزال حيًا وتجيش في صدره آمال إعادة تكوين إمبراطورية أبيه وظل قوة يخشى بأسها . ذلك أنه كان لا يزال يملك أقوى أسطول في بحر أيجة ، ويتمتع برياسة عصبة قورنثة ، وبسيادة عصبة جزر القوقلاد ، ويسيطر على قبرص ومدن إغريقية كثيرة في بلاد الإغريق وآسيا الصغرى وفينيقيا .