التكفير
مرسل: الخميس نوفمبر 21, 2013 4:57 pm
ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن "التكفير"، وكنت قد عاهدت نفسي أن لا أخوض في أي سجالات دينية، وأن أكون متقبلا لفكرة: أن الصراع الدائر حالياً هو مع الفكر الدخيل على الأمة الذي يتمثل ب "ولاية الفقيه"، وأن لا نغرق في مستنقع يحاول البعض من خلاله الغوص فيه لمآرب تتمثل بدغدغة المشاعر. القاعدة عندي أنه لا يمكن لحزب أن يختصر طائفة برمتها، فكل طائفة يوجد فيها النخب المعتدلة الذين لا يقبلون بالتطرف الفكري الديني ولا بالشمولية.
كَثُر استخدام نعت "تكفيري"، وقد أراد بها مطلقها أن ينتهج فكرة الإستكثار من وصف عدوّك "الديني" بالتكفيري بغية تنفير العامة منه، فيُصبِح حالة شاذة في المجتمع.
القاعدة في الحوار والمناظرات الدينية ولإحترام الأمانة العلمية أن يحتج المحاور بكتب وأقوال مشايخ وعلماء الطائفة، ولا أن يحتج بقول فلان أو علان. والقاعدة أيضاً أن ما من عالِم دين يتكلم إلا وقد أتى كلامه مستنداً على أيديولوجيته وعقيدته، وإن خالف قول علمائه وأتى بكلام من جيبه فهو كاذب مخادع لا يحترم الأصول.
في البدء عند أهل السنة والجماعة عامة، وعند الفرقة السلفية (الأكثرية) خاصة فإن التكفير يُعَد من أصعب الأمور التي يلجؤون إليها، معتبرين أن الحكم بالتكفير يرجع إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت فيه غاية التثبت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه.
أما مسألة قياس إيمان المرء وإسلامه عند أهل السنة والجماعة، يُمكن تلخيصه بهذا الحديث: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً . قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان ؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال: صدقت...الى اخر الحديث... صحيح مسلم
أما مسألة التكفير عند الفرقة التي اشتهرت باتهامها الآخرين ب "التكفيرين"، فهو أصل من أصول فكرهم وعقيدتهم، وهو من لوازم الإيمان بعقيدة الإمامة المزعومة عندهم، وهو من ضروريات مذهبهم القائم على عقيدة موالاة آل البيت والبراءة ممن لا يقر بوجوب إمامتهم بعد رسول الله صلى الله وعليه سلم وموارثتهم لأمر الدين وحدهم دون غيرهم من الخلفاء الراشدين خاصة والصحابة عامة.
وبالعودة إلى كتب هذه الفرقة التي تفتري على غيرها من الفِرَق وتتهمها بالتكفيرية، نجد أن اعتماد عقيدة الإمامة أساس لمعتقدهم، فكل من يخالفها فيها كافر مخلد في النار، ولو كان من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان، رضي الله عن الجميع.
إن التكفير عند هذه الفرقة للمسلمين أمر سارت به الركبان، وحوته وضمته بين صفحاتها كتب القوم قديما وحديثا، ولا ينفع لأبواق مرويجي فكرها "الوحدوي" اليوم إنكارهم ذلك بدافع التقية والكتمان، وخوفا على دينهم من الفضيحة بين الأنام، وطمعاً بوحدة "إسلامية" يتربعون خلالها على جميع البلدان، وقد اعتبروا أن كل من لم يؤمن بولاية علي، وأنه الوصي والوريث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كافر مخلد في النار ولو قال الشهادتين وأدى كل فرائض الإسلام من صلاة وزكاة وحج وصيام، وابتعد عن الكبائر والفواحش، وأتى بالقربات والطاعات المرضية للرحمن.
إليكم بعض الشواهد الآن:
تكفير أبي بكر، ثاني اثنين إذ هما في الغار.. كان يصلي والصنم في عنقه!!!.
يقول صاحب كتاب " الأنوار النعمانية "، نعمة الله الجزائري، مدعيا أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي خلف رسول الله والصنم في عنقه: ((... فإنه قد روي في الأخبار الخاصة أن أبا بكر كان يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصنم معلق في عنقه، وسجوده له ...))
(الأنوار النعمانية ج الأول،ص 53، طبعة بيروت 1404).
في تكفير أبو بكر وعمر وعثمان، يقول جعفر الصادق (حديث مكذوب بالطبع) في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم) أنها : (نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية – أي إمامة علي – حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه. ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بـأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء).
(أصول الكافي، ص265).
تكفيرهم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قد ورد في تفسير العياشي، وهو من كتب التفسير المعتمدة عند هذه الفرقة، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه عليه السلام، قال: (التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) عائشة هي نكتت أيمانها
(تفسير العياشي ج3، ص:22).
تكفيرهم لعامة الصحابة، وحديثهم المشهور ((ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة)) الكافي والطوسي في "رجال الكشي والمجلسي في "بحار الأنوار"، وجميع هذه الكتب تجدها في معارض تلك الفرقة في لبنان وقد اشتريتها بنفسي من معارضهم في النبطية.
أما الأدلة من علماء معاصرين، فإليكم الخميني الذي كان يدعي الوحدة الإسلامية أبان الثورة الإيرانية، فقد قال في كتابه (الأربعون حديثا) والكتاب تجده في المعارض التي يجهزها حزبه في لبنان، أن: (الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية، وقال في موضع آخر: ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الأعمال عند الله سبحانه بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم).
أما علّامتهم، الملقب بالشيخ المفيد، فقد نقل إجماع علماء هذه الفرقة على تكفير كل من لم يؤمن بإمامة علي بن أبي طالب وأبنائه وأنهم الأحق بذلك، فيقول كما نقل ذلك عنه صاحب كتاب (بحار الأنوار)، المجلسي: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل: (اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فروض الطاعة. أنه كافر ضال مستحق للخلود في النار).
فمن هو التكفيري إذا؟!؟!
من سهّل تكفير الصحابة، لا يصعب عليه تكفير أتباع الصحابة، الذين اتبعوهم بإحسان...
فلتكف تلك الفرقة لسانها عن إتهام غيرها بالتكفيريين حتى نكف ألسنتنا عنها.
كَثُر استخدام نعت "تكفيري"، وقد أراد بها مطلقها أن ينتهج فكرة الإستكثار من وصف عدوّك "الديني" بالتكفيري بغية تنفير العامة منه، فيُصبِح حالة شاذة في المجتمع.
القاعدة في الحوار والمناظرات الدينية ولإحترام الأمانة العلمية أن يحتج المحاور بكتب وأقوال مشايخ وعلماء الطائفة، ولا أن يحتج بقول فلان أو علان. والقاعدة أيضاً أن ما من عالِم دين يتكلم إلا وقد أتى كلامه مستنداً على أيديولوجيته وعقيدته، وإن خالف قول علمائه وأتى بكلام من جيبه فهو كاذب مخادع لا يحترم الأصول.
في البدء عند أهل السنة والجماعة عامة، وعند الفرقة السلفية (الأكثرية) خاصة فإن التكفير يُعَد من أصعب الأمور التي يلجؤون إليها، معتبرين أن الحكم بالتكفير يرجع إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت فيه غاية التثبت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه.
أما مسألة قياس إيمان المرء وإسلامه عند أهل السنة والجماعة، يُمكن تلخيصه بهذا الحديث: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً . قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان ؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال: صدقت...الى اخر الحديث... صحيح مسلم
أما مسألة التكفير عند الفرقة التي اشتهرت باتهامها الآخرين ب "التكفيرين"، فهو أصل من أصول فكرهم وعقيدتهم، وهو من لوازم الإيمان بعقيدة الإمامة المزعومة عندهم، وهو من ضروريات مذهبهم القائم على عقيدة موالاة آل البيت والبراءة ممن لا يقر بوجوب إمامتهم بعد رسول الله صلى الله وعليه سلم وموارثتهم لأمر الدين وحدهم دون غيرهم من الخلفاء الراشدين خاصة والصحابة عامة.
وبالعودة إلى كتب هذه الفرقة التي تفتري على غيرها من الفِرَق وتتهمها بالتكفيرية، نجد أن اعتماد عقيدة الإمامة أساس لمعتقدهم، فكل من يخالفها فيها كافر مخلد في النار، ولو كان من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان، رضي الله عن الجميع.
إن التكفير عند هذه الفرقة للمسلمين أمر سارت به الركبان، وحوته وضمته بين صفحاتها كتب القوم قديما وحديثا، ولا ينفع لأبواق مرويجي فكرها "الوحدوي" اليوم إنكارهم ذلك بدافع التقية والكتمان، وخوفا على دينهم من الفضيحة بين الأنام، وطمعاً بوحدة "إسلامية" يتربعون خلالها على جميع البلدان، وقد اعتبروا أن كل من لم يؤمن بولاية علي، وأنه الوصي والوريث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كافر مخلد في النار ولو قال الشهادتين وأدى كل فرائض الإسلام من صلاة وزكاة وحج وصيام، وابتعد عن الكبائر والفواحش، وأتى بالقربات والطاعات المرضية للرحمن.
إليكم بعض الشواهد الآن:
تكفير أبي بكر، ثاني اثنين إذ هما في الغار.. كان يصلي والصنم في عنقه!!!.
يقول صاحب كتاب " الأنوار النعمانية "، نعمة الله الجزائري، مدعيا أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي خلف رسول الله والصنم في عنقه: ((... فإنه قد روي في الأخبار الخاصة أن أبا بكر كان يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصنم معلق في عنقه، وسجوده له ...))
(الأنوار النعمانية ج الأول،ص 53، طبعة بيروت 1404).
في تكفير أبو بكر وعمر وعثمان، يقول جعفر الصادق (حديث مكذوب بالطبع) في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم) أنها : (نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية – أي إمامة علي – حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه. ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بـأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء).
(أصول الكافي، ص265).
تكفيرهم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قد ورد في تفسير العياشي، وهو من كتب التفسير المعتمدة عند هذه الفرقة، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه عليه السلام، قال: (التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) عائشة هي نكتت أيمانها
(تفسير العياشي ج3، ص:22).
تكفيرهم لعامة الصحابة، وحديثهم المشهور ((ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة)) الكافي والطوسي في "رجال الكشي والمجلسي في "بحار الأنوار"، وجميع هذه الكتب تجدها في معارض تلك الفرقة في لبنان وقد اشتريتها بنفسي من معارضهم في النبطية.
أما الأدلة من علماء معاصرين، فإليكم الخميني الذي كان يدعي الوحدة الإسلامية أبان الثورة الإيرانية، فقد قال في كتابه (الأربعون حديثا) والكتاب تجده في المعارض التي يجهزها حزبه في لبنان، أن: (الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية، وقال في موضع آخر: ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الأعمال عند الله سبحانه بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم).
أما علّامتهم، الملقب بالشيخ المفيد، فقد نقل إجماع علماء هذه الفرقة على تكفير كل من لم يؤمن بإمامة علي بن أبي طالب وأبنائه وأنهم الأحق بذلك، فيقول كما نقل ذلك عنه صاحب كتاب (بحار الأنوار)، المجلسي: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل: (اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فروض الطاعة. أنه كافر ضال مستحق للخلود في النار).
فمن هو التكفيري إذا؟!؟!
من سهّل تكفير الصحابة، لا يصعب عليه تكفير أتباع الصحابة، الذين اتبعوهم بإحسان...
فلتكف تلك الفرقة لسانها عن إتهام غيرها بالتكفيريين حتى نكف ألسنتنا عنها.