: دوافع ومبررات منظور حضاري إسلامي لدراسة العلاقات الدولية
مرسل: السبت نوفمبر 23, 2013 1:09 pm
إن إسهامات الدراسات والعلوم الإسلامية في مجال العلاقات الدولية في الإسلام إسهامات زاخرة ووافرة وتعود إلى ما قبل تأسيس علم العلاقات الدولية (وهي الدراسات التي انبنى على جزء كبير منها
مخرجات مشروع العلاقات الدولية في الإسلام([1]))، ولكن الإشكالية المثارة هنا حول "منظورات حضارية مقارنة"، إنما تتصل بمجال علم العلاقات الدولية الحديث الذي أسسته منظورات غربية، وهو العلم الذي يمر بأزمة مراجعة استدعت التساؤل حول آفاق منظورات حضارية مقارنة. إذن إذا كانت هذه هي الغاية والهدف؛ فمن ثم لابد وأن تنطلق الدوافع والمبررات - في جزء ركين منها- من حالة هذا العلم لبناء منظور حضاري، وكذلك كان لابد وأن تجد المبررات منطقها، في جانب كبير منها، من أدلة وحجج أكاديمية من داخل العلم والتخصص، وذلك في مواجهة الانتقادات المختلفة التي تراكمت منذ إعداد مشروع العلاقات الدولية في الإسلام وخلال تنفيذه وخلال مناقشة مخرجاته من ناحية، والتي تراكمت أيضًا من ناحية أخرى خلال تدريسه وخلال تفعيله في تطبيقات بحثية متعددة (كما سنرى لاحقًا)؛ ذلك لأن مشروع العلاقات الدولية في الإسلام لم يكن إلا بمثابة البنية التحتية لبناء منظور حضاري مقارن لدراسة العلاقات الدولية.
ومن جوانب أهمية هذا الموضوع: العلاقة بين: طبيعة النسق المعرفي، والمنظورات المنبثقة عنه أو منه، والأطر النظرية والمفاهيمية، وقدر تأثرها بالمنظورات؛ ومن ثم ضرورة تحديد الاختلافات بين النسق المعرفي الإسلامي والنسق المعرفي الغربي ودلالة هذه الاختلافات بالنسبة للأبعاد المقارنة بين "منظور غربي" لدراسة العلاقات الدولية و"منظور إسلامي" لهذا المجال... تأسيسًا على تحليل المصطلح.
ولا يقتصر الأمر على العلاقات الدولية بل نجد هذا التوجه بارزًا في كافة فروع العلوم الإنسانية التي عالجت بوضوح الإشكاليات العامة المنهاجية وأثر اختلاف الأنساق المعرفية على المنظورات المقارنة الغربية والإسلامية، كما تتضمن هذه المصادر تعريفًا ببعض الأبعاد النظرية المتصلة بدراسة هذه الاختلافات في كافة فروع العلم([2]).
إن الحديث عن "الدوافع" هو حديث عن هموم القائمين على عملية البناء والمهتمين به أي هو حديث من المفترض أن يكون ذاتيًّا ومن الداخل نحو الخارج والداخل أيضًا، أما الحديث عن المبررات فهو حديث من الداخل أحيانًا ومن الخارج في أحيان أخرى، وهو يتجه للخارج بالأساس.
والحديثان ضروريان منذ بداية خبرتي في البحث والتدريس: فلقد تصدرت مقدمة مشروع العلاقات الدولية عناوين: الدوافع، والمنطلقات، كما تصدرت محاضرات التدريس عناوين مناظرة. ولكن لماذا؟
من ناحية؛ ونظرًا لأن الغاية هي تأسيس قواعد منظور إسلامي باعتباره أحد منظورات علم العلاقات الدولية الذي ننتمي إلى تخصصه في إطار مقارن مع منظوراته الأخرى، فلن تتحقق الفائدة من بناء منظور إسلامي منفصل أو منعزل دون أن نؤسس لأطر مقارنة تحقق التفاعل مع غيره.
هذا، ويجدر القول إن الطلبة النابهين والمتميزين في قاعات الدرس وكذلك بعض الأساتذة المهتمين تساءلوا كثيرًا عن مغزى وأسباب تركيزى على تدشين المبررات من داخل العلم ابتداءً؟
لماذا يبدو أن الدفاع عن شرعية ومشروعية المنظور قد غلب على تطوير المحتوى وتشغيله على مستوى النظريات، وما المؤشرات التي ستثبت مصداقية وتنافسية هذا المنظور مع المنظورات الأخرى من العلم؟ والإجابة على التساؤل الأول هي أن دوافع البناء لا تنفصل عن مبرراته؛ فهي متكاملة، والإجابة على السؤال الثاني هي أن عملية بناء منظور ليست قضية أو مهمة فردية وتستغرق ربما ما يقرب من الجيل زمنيًّا، ولذا يظل متزامنًا النقد من الخارج مع استمرار عملية البناء، وتزداد العملية صعوبة بالنسبة لمنظور ينبثق من نسق معرفي مغاير للنسق الذي يفرز المنظورات المهيمنة – ولو المتنافسة والمتضادة فيما بينها.
مخرجات مشروع العلاقات الدولية في الإسلام([1]))، ولكن الإشكالية المثارة هنا حول "منظورات حضارية مقارنة"، إنما تتصل بمجال علم العلاقات الدولية الحديث الذي أسسته منظورات غربية، وهو العلم الذي يمر بأزمة مراجعة استدعت التساؤل حول آفاق منظورات حضارية مقارنة. إذن إذا كانت هذه هي الغاية والهدف؛ فمن ثم لابد وأن تنطلق الدوافع والمبررات - في جزء ركين منها- من حالة هذا العلم لبناء منظور حضاري، وكذلك كان لابد وأن تجد المبررات منطقها، في جانب كبير منها، من أدلة وحجج أكاديمية من داخل العلم والتخصص، وذلك في مواجهة الانتقادات المختلفة التي تراكمت منذ إعداد مشروع العلاقات الدولية في الإسلام وخلال تنفيذه وخلال مناقشة مخرجاته من ناحية، والتي تراكمت أيضًا من ناحية أخرى خلال تدريسه وخلال تفعيله في تطبيقات بحثية متعددة (كما سنرى لاحقًا)؛ ذلك لأن مشروع العلاقات الدولية في الإسلام لم يكن إلا بمثابة البنية التحتية لبناء منظور حضاري مقارن لدراسة العلاقات الدولية.
ومن جوانب أهمية هذا الموضوع: العلاقة بين: طبيعة النسق المعرفي، والمنظورات المنبثقة عنه أو منه، والأطر النظرية والمفاهيمية، وقدر تأثرها بالمنظورات؛ ومن ثم ضرورة تحديد الاختلافات بين النسق المعرفي الإسلامي والنسق المعرفي الغربي ودلالة هذه الاختلافات بالنسبة للأبعاد المقارنة بين "منظور غربي" لدراسة العلاقات الدولية و"منظور إسلامي" لهذا المجال... تأسيسًا على تحليل المصطلح.
ولا يقتصر الأمر على العلاقات الدولية بل نجد هذا التوجه بارزًا في كافة فروع العلوم الإنسانية التي عالجت بوضوح الإشكاليات العامة المنهاجية وأثر اختلاف الأنساق المعرفية على المنظورات المقارنة الغربية والإسلامية، كما تتضمن هذه المصادر تعريفًا ببعض الأبعاد النظرية المتصلة بدراسة هذه الاختلافات في كافة فروع العلم([2]).
إن الحديث عن "الدوافع" هو حديث عن هموم القائمين على عملية البناء والمهتمين به أي هو حديث من المفترض أن يكون ذاتيًّا ومن الداخل نحو الخارج والداخل أيضًا، أما الحديث عن المبررات فهو حديث من الداخل أحيانًا ومن الخارج في أحيان أخرى، وهو يتجه للخارج بالأساس.
والحديثان ضروريان منذ بداية خبرتي في البحث والتدريس: فلقد تصدرت مقدمة مشروع العلاقات الدولية عناوين: الدوافع، والمنطلقات، كما تصدرت محاضرات التدريس عناوين مناظرة. ولكن لماذا؟
من ناحية؛ ونظرًا لأن الغاية هي تأسيس قواعد منظور إسلامي باعتباره أحد منظورات علم العلاقات الدولية الذي ننتمي إلى تخصصه في إطار مقارن مع منظوراته الأخرى، فلن تتحقق الفائدة من بناء منظور إسلامي منفصل أو منعزل دون أن نؤسس لأطر مقارنة تحقق التفاعل مع غيره.
هذا، ويجدر القول إن الطلبة النابهين والمتميزين في قاعات الدرس وكذلك بعض الأساتذة المهتمين تساءلوا كثيرًا عن مغزى وأسباب تركيزى على تدشين المبررات من داخل العلم ابتداءً؟
لماذا يبدو أن الدفاع عن شرعية ومشروعية المنظور قد غلب على تطوير المحتوى وتشغيله على مستوى النظريات، وما المؤشرات التي ستثبت مصداقية وتنافسية هذا المنظور مع المنظورات الأخرى من العلم؟ والإجابة على التساؤل الأول هي أن دوافع البناء لا تنفصل عن مبرراته؛ فهي متكاملة، والإجابة على السؤال الثاني هي أن عملية بناء منظور ليست قضية أو مهمة فردية وتستغرق ربما ما يقرب من الجيل زمنيًّا، ولذا يظل متزامنًا النقد من الخارج مع استمرار عملية البناء، وتزداد العملية صعوبة بالنسبة لمنظور ينبثق من نسق معرفي مغاير للنسق الذي يفرز المنظورات المهيمنة – ولو المتنافسة والمتضادة فيما بينها.