- الاثنين نوفمبر 25, 2013 10:45 am
#66057
هناك إجماع بين النخبة السياسية المصرية بأنه لا توجد بلاد تستطيع أن تحل محل العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، تمتلئ أروقة السلطة في مصر بمشاعر الإحباط وخيبة الأمل تجاه البيت الأبيض بقيادة أوباما. فبعد أن زرتُ مصر لمدة أسبوعين أجريت خلالهما العديد من المقابلات مع كبار المسؤولين الحكوميين وشخصيات سياسية رئيسية، يبدو واضحاً للعيان أن الحكومة المصرية لا تزال عازمة على الحفاظ على علاقة قوية مع واشنطن.
لقد أثارت الزيارة الأخيرة المتزامنة لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين العديد من التساؤلات حول الأهمية الاستراتيجية الأوسع لهذه الخطوة بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر. ولا ينبغي النظر إلى التعاون المصري الروسي على أنه انحراف بعيداً عن واشنطن. كما لا ينبغي أن يفاجئنا، خصوصاً بعد قرار البيت الأبيض تعليق أجزاء كبيرة من برنامج المساعدات العسكرية إلى مصر أثناء أزمة توقف بعض مؤسسات الحكومة عن العمل، مما أرغم مصر بطبيعة الحال على توسيع تعاونها الأمني مع دول أخرى للحفاظ على أولويات الأمن الوطني الأساسية. وإذا كان الهدف من قرار أوباما هو التأثير على المسار السياسي الداخلي في مصر، فقد أوضح جميع كبار المسؤولين في الحكومة المصرية أنه ارتكب خطأ فادحاً. هناك مبررات استراتيجية مشتركة توجه العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة ومصر، والتي لا يساعد تعليق المساعدات على مضيها قدماً.
إن الجيش المصري في خضم قتال حرج وصعب في سيناء ضد جماعات إرهابية كبرى، سُمح لها بتكوين معقل رئيسي هناك أثناء حكم جماعة «الإخوان» الذي استمر عام واحد. وقد عرّضت هذه الحقيقة الأمن القومي المصري والإسرائيلي لخطر مباشر بل إنها هددت الاستقرار الإقليمي.
في آب/أغسطس، نصب إرهابيون كميناً لحافلتين تقلان 25 جندياً مصرياً، وقد قُتل أولئك الجنود بطريقة الإعدام. وكان من شأن ذلك الواقع أن يفرض دعماً أقوى من واشنطن لجهود الجيش المصري لمكافحة الإرهاب في سيناء. بيد حدث عكس ذلك تماماً عندما قرر البيت الأبيض تعليق المعونات العسكرية فضلاً عن تسليم الأسلحة، التي شملت الأسلحة المفضلة - طائرات الأباتشي الهجومية المستخدمة في القتال ضد الإرهابيين في سيناء. وحتى لو لم يتم استخدام جميع تلك الأسلحة بشكل مباشر في ذلك القتال، فإن التعليق يؤثر على التعاون والثقة بين البلدين. إن القيادة السياسية في مصر مرتبكة ومتحيرة من نوايا البيت الأبيض.
ولم تحدد إدارة أوباما معايير لاستئناف المعونات العسكرية ويبدو أنها أبقت عمداً على غموض سياستها. وتقوم وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين بإرسال رسائل متباينة إلى الحكومة المصرية من جهة، والبيت الأبيض من جهة أخرى. وهذا أمر مفهوم بعد أن تبين وجود توترات كبيرة بين مستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر. ولا يعمل هذا النوع من الغموض سوى على تقويض العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر وتعريض المصالح المشتركة للخطر في وقت تواجه فيه المنطقة اضطرابات هائلة. لقد كانت ركيزة هذه العلاقة دائماً هي التعاون العسكري والأمني، وقد جاء استخدام هذه الشراكة كورقة مساومة لتشكيل السياسة المصرية بنتائج عكسية ولم يؤدي سوى إلى الإضرار بالمصالح المشتركة في المنطقة.
وإذا كانت الأسباب المنطقية وراء سياسة إدارة أوباما تقوم على حقيقة رؤيتها لعزل مرسي على أنه خطوة غير ديمقراطية، فمن المهم أن ندرك بأن نظام «الإخوان» لم يكن ديمقراطياً في المقام الأول. لقد كان إعلان مرسي الدستوري الذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، والذي منح نفسه بموجبه صلاحيات مطلقة ووضع نفسه بمقتضاه فوق القانون، يمثل انتهاكاً لكافة مبادئ الديمقراطية. لقد غضت واشنطن الطرف عن حملة القمع العنيفة التي تلت ذلك الإعلان ضد المتظاهرين الذين عارضوا سلطات مرسي المطلقة. وفي ذلك الوقت، لاذت إدارة أوباما بالصمت - ولم تعظ مرسي حول الديمقراطية أو تعلق المعونات العسكرية إلى مصر. وقد اتخذ البيت الأبيض مواقف متناقضة على مدار السنوات الثلاث الماضية، حيث كان يضع المبادئ أحياناً فوق المصالح والعكس بالعكس؛ وهذا مصدر الارتباك في القاهرة.
ولكي تزدهر الديمقراطية فعلياً في مصر، فإن الصبر هو المفتاح حيث إن الأمر سوف يستغرق الكثير من الوقت. لكن هناك شيء مؤكد: وهو أن العلاقة الأمنية الاستراتيجية الوثيقة بين الولايات المتحدة ومصر لا ينبغي أن تعيقها إملاءات بشأن السياسة الداخلية، لا سيما في الأيام الراهنة حيث إن غالبية المصريين راضين عن عزل «الإخوان» من السلطة. ولا ينبغي لواشنطن أن تضع نفسها في مقعد السائق بصفتها الداعم الرئيسي لمستقبل «الجماعة» في السياسة المصرية، حيث إن ذلك سيضع المزيد من التوترات على العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر. يجب أن تحافظ سياسة واشنطن تجاه مصر على مصالحها الجيوسياسية الهامة من الناحية الاستراتيجية وأن تدع المصريين يقررون مستقبلهم السياسي الداخلي بنفسهم.
عادل العدوي هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.
لقد أثارت الزيارة الأخيرة المتزامنة لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين العديد من التساؤلات حول الأهمية الاستراتيجية الأوسع لهذه الخطوة بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر. ولا ينبغي النظر إلى التعاون المصري الروسي على أنه انحراف بعيداً عن واشنطن. كما لا ينبغي أن يفاجئنا، خصوصاً بعد قرار البيت الأبيض تعليق أجزاء كبيرة من برنامج المساعدات العسكرية إلى مصر أثناء أزمة توقف بعض مؤسسات الحكومة عن العمل، مما أرغم مصر بطبيعة الحال على توسيع تعاونها الأمني مع دول أخرى للحفاظ على أولويات الأمن الوطني الأساسية. وإذا كان الهدف من قرار أوباما هو التأثير على المسار السياسي الداخلي في مصر، فقد أوضح جميع كبار المسؤولين في الحكومة المصرية أنه ارتكب خطأ فادحاً. هناك مبررات استراتيجية مشتركة توجه العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة ومصر، والتي لا يساعد تعليق المساعدات على مضيها قدماً.
إن الجيش المصري في خضم قتال حرج وصعب في سيناء ضد جماعات إرهابية كبرى، سُمح لها بتكوين معقل رئيسي هناك أثناء حكم جماعة «الإخوان» الذي استمر عام واحد. وقد عرّضت هذه الحقيقة الأمن القومي المصري والإسرائيلي لخطر مباشر بل إنها هددت الاستقرار الإقليمي.
في آب/أغسطس، نصب إرهابيون كميناً لحافلتين تقلان 25 جندياً مصرياً، وقد قُتل أولئك الجنود بطريقة الإعدام. وكان من شأن ذلك الواقع أن يفرض دعماً أقوى من واشنطن لجهود الجيش المصري لمكافحة الإرهاب في سيناء. بيد حدث عكس ذلك تماماً عندما قرر البيت الأبيض تعليق المعونات العسكرية فضلاً عن تسليم الأسلحة، التي شملت الأسلحة المفضلة - طائرات الأباتشي الهجومية المستخدمة في القتال ضد الإرهابيين في سيناء. وحتى لو لم يتم استخدام جميع تلك الأسلحة بشكل مباشر في ذلك القتال، فإن التعليق يؤثر على التعاون والثقة بين البلدين. إن القيادة السياسية في مصر مرتبكة ومتحيرة من نوايا البيت الأبيض.
ولم تحدد إدارة أوباما معايير لاستئناف المعونات العسكرية ويبدو أنها أبقت عمداً على غموض سياستها. وتقوم وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين بإرسال رسائل متباينة إلى الحكومة المصرية من جهة، والبيت الأبيض من جهة أخرى. وهذا أمر مفهوم بعد أن تبين وجود توترات كبيرة بين مستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر. ولا يعمل هذا النوع من الغموض سوى على تقويض العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر وتعريض المصالح المشتركة للخطر في وقت تواجه فيه المنطقة اضطرابات هائلة. لقد كانت ركيزة هذه العلاقة دائماً هي التعاون العسكري والأمني، وقد جاء استخدام هذه الشراكة كورقة مساومة لتشكيل السياسة المصرية بنتائج عكسية ولم يؤدي سوى إلى الإضرار بالمصالح المشتركة في المنطقة.
وإذا كانت الأسباب المنطقية وراء سياسة إدارة أوباما تقوم على حقيقة رؤيتها لعزل مرسي على أنه خطوة غير ديمقراطية، فمن المهم أن ندرك بأن نظام «الإخوان» لم يكن ديمقراطياً في المقام الأول. لقد كان إعلان مرسي الدستوري الذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، والذي منح نفسه بموجبه صلاحيات مطلقة ووضع نفسه بمقتضاه فوق القانون، يمثل انتهاكاً لكافة مبادئ الديمقراطية. لقد غضت واشنطن الطرف عن حملة القمع العنيفة التي تلت ذلك الإعلان ضد المتظاهرين الذين عارضوا سلطات مرسي المطلقة. وفي ذلك الوقت، لاذت إدارة أوباما بالصمت - ولم تعظ مرسي حول الديمقراطية أو تعلق المعونات العسكرية إلى مصر. وقد اتخذ البيت الأبيض مواقف متناقضة على مدار السنوات الثلاث الماضية، حيث كان يضع المبادئ أحياناً فوق المصالح والعكس بالعكس؛ وهذا مصدر الارتباك في القاهرة.
ولكي تزدهر الديمقراطية فعلياً في مصر، فإن الصبر هو المفتاح حيث إن الأمر سوف يستغرق الكثير من الوقت. لكن هناك شيء مؤكد: وهو أن العلاقة الأمنية الاستراتيجية الوثيقة بين الولايات المتحدة ومصر لا ينبغي أن تعيقها إملاءات بشأن السياسة الداخلية، لا سيما في الأيام الراهنة حيث إن غالبية المصريين راضين عن عزل «الإخوان» من السلطة. ولا ينبغي لواشنطن أن تضع نفسها في مقعد السائق بصفتها الداعم الرئيسي لمستقبل «الجماعة» في السياسة المصرية، حيث إن ذلك سيضع المزيد من التوترات على العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر. يجب أن تحافظ سياسة واشنطن تجاه مصر على مصالحها الجيوسياسية الهامة من الناحية الاستراتيجية وأن تدع المصريين يقررون مستقبلهم السياسي الداخلي بنفسهم.
عادل العدوي هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.