- الثلاثاء نوفمبر 26, 2013 12:32 pm
#66216
نيروبي (كينيا): جيفري جيتلمان
ربان سفينة أميركي في قبضة أوغاد بحريين، وعدد من الممرات البحرية الأهم في العالم عرضة للهجمات، ورجال من بقعة قذرة داخل أفريقيا يزعجون القوى الأعظم في العالم. هل يبدو ذلك مألوفا؟ حسنا، لا نتحدث عن الحدث الدرامي الذي وقع خلال الأسبوع الماضي، عندما قام قراصنة صوماليون بالهجوم على سفينة شحن أميركية داخل المحيط الهندي وأخذوا ربانها رهينة، قبل أن يهربوا معه داخل قارب نجاة. بل نتحدث عن حروب البربر، قبل حوالي 200 عام، عندما قام قراصنة من الساحل البربري (المغرب وتونس والجزائر وليبيا حاليا) بخطف سفن أوروبية وطلبوا فدية مقابل طواقم السفن. «عندما قرأت للمرة الأولى عن القراصنة الصوماليين، تحولت إلى زوجتي ونحن على مائدة الإفطار وقلت لها: هذا شيء وقع من قبل»، هكذا قال فرانك لامبرت، الأستاذ في جامعة بوردو والخبير في قراصنة البربر. ويوضح الدكتور لامبرت كيف كان قطاع الطرق قديما، كما هو الحال حاليا مع القراصنة الصوماليين، حيث يقومون بالاحتفاظ بالرهائن على قيد الحياة. ولم تكن الإنسانية هي الدافع. ولكنها كانت تجارة رابحة. وكان القراصنة يعلقون الأسرى على خطاف ضخم إذا قاوموهم. وكان قراصنة البربر يستخدمون قوارب صغيرة، يقودها في الأغلب عبيد مقيدون بالسلاسل في المجاديف، ليقوموا بالهجوم على السفن الأوروبية الأكبر. وكان عملهم يتسم بالوقاحة، ولكنه كان فعالا، كما هو الحال مع القراصنة الحاليين في الصومال، الذين سيطروا في نوفمبر (تشرين الثاني) على ناقلة بترول سعودية يبلغ طولها 1000 قدم داخل خليج عدن، وهو ممر مهم على البحر الأحمر. ولكن التبجح الذي ظهر به قراصنة البربر كان سبب القضاء عليهم، وهو ما يجب على الصوماليين أن يضعوه في اعتبارهم. وقد وصفت طريقة عمل القراصنة في ذلك الوقت على النحو التالي: «عندما يثبون على ظهر سفينة الأعداء، كان كل بحار يمسك بخنجر في كل يد ويضع خنجرا ثالثا في فمه، وكان ذلك سببا في بثّ الرعب في قلب الخصم الذي كان يصرخ ويستجدي الرحمة على الفور». وذلك حسبما أفاد توماس جيفرسون، السفير الأميركي في ذلك الوقت لفرنسا، بعد أن حصل مع جون أدامز، المبعوث للندن، على الوصف من مبعوث بريطانيا لدى طرابلس عام 1786. ويشير ذلك إلى نقطة مهمة. كان لدى قراصنة البربر سفيرا، اجتمع مع جيفرسون وآدامز. وكان القراصنة يعملون لصالح حكومة. وأوكل الحكام البربر لهم مهمة السرقة والنهب والاختطاف. وكان أمرا رسميا. وكان بمثابة إرهاب ترعاه دولة. وكان رد الدول الغربية على ذلك هو دفع «الإتاوة»، وهي لفظة لطيفة تعبر عن الابتزاز. وكان قراصنة القرن الثامن عشر يتركون سفن الدول التي تدفع الإتاوة تمر. وفي الوقت الحالي، دفعت الشركات البحرية أكثر من 100 مليون دولار على سبيل الفدية للقراصنة الصوماليين، وهي استراتيجية تساعدهم على إنقاذ شحناتهم، ولكنها تدفع عددا أكبر من الصيادين الصوماليين غير العاملين إلى الدخول في مجال خطف السفن. وحاولت الولايات المتحدة أن تبدو لطيفة مع قراصنة البربر، لدرجة أنها وقعت عددا من المعاهدات. وكانت دول البربر دولا إسلامية، كما هو الحال مع الصومال. وقد أكدت الولايات المتحدة على أن الأمير غير مرتبط بالربوبية. «الولايات المتحدة لم تؤسس على الديانة المسيحية بأي حال من الأحوال، كما أنها في ذاتها لا يوجد عداء بينها وبين قوانين ودين المسلمين»، حسب ما جاء في معاهدة كانت في عام 1796. ومع ذلك، ففي النهاية شعر الأميركيون بالإهانة من دفع الأموال لمجموعة من البلطجية، وهذا ما تسبب في نشوب حروب البربر. بدأ ذلك في عام 1801 عندما أصبح جيفرسون رئيسا، وحدث مرة أخرى في عام 1815، عندما أرسل جيمس ماديسون الأسطول الأميركي لقذف ساحل البربر. وفي النهاية أجبر القراصنة البربر على الرضوخ بعد مواجهتهم مع الأميركيين وبسبب الغزو الفرنسي للجزائر في عام 1830. هل سوف يحدث ذلك في الصومال؟ ففي الأسبوع الماضي، وقبل محاولة فرنسية لإنقاذ عائلة من الاختطاف انتهت بموت أحد الرهائن، حثت وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون العالم على «إنهاء شبح القرصنة». ولكن مشكلة القرصنة الصومالية ليست مشكلة منفصلة، بل هي العرَض الأخير لما أصاب دولة فاشلة بصورة واضحة. والموضوع، كما يقول أي أمير من أمراء الحرب هناك، يتعلق بالأموال. «نريد مالا»، هذا شعارهم. إذا كان ذلك يشبه ما وقع في الماضي، فإنه يشجع على الحديث عن حل المشكلة بنفس الطريقة: الضغط على القراصنة عن طريق نقل المعركة إلى منطقة تؤذيهم كثيرا: إلى الشاطئ. وحتى تتغلب أميركا على ذلك وحتى يقوم العالم بجمع الصوماليين مع بعضهم بعضا كدولة واحدة، فثمة حل آخر يطرح نفسه: تجنب المياه الصومالية.
ربان سفينة أميركي في قبضة أوغاد بحريين، وعدد من الممرات البحرية الأهم في العالم عرضة للهجمات، ورجال من بقعة قذرة داخل أفريقيا يزعجون القوى الأعظم في العالم. هل يبدو ذلك مألوفا؟ حسنا، لا نتحدث عن الحدث الدرامي الذي وقع خلال الأسبوع الماضي، عندما قام قراصنة صوماليون بالهجوم على سفينة شحن أميركية داخل المحيط الهندي وأخذوا ربانها رهينة، قبل أن يهربوا معه داخل قارب نجاة. بل نتحدث عن حروب البربر، قبل حوالي 200 عام، عندما قام قراصنة من الساحل البربري (المغرب وتونس والجزائر وليبيا حاليا) بخطف سفن أوروبية وطلبوا فدية مقابل طواقم السفن. «عندما قرأت للمرة الأولى عن القراصنة الصوماليين، تحولت إلى زوجتي ونحن على مائدة الإفطار وقلت لها: هذا شيء وقع من قبل»، هكذا قال فرانك لامبرت، الأستاذ في جامعة بوردو والخبير في قراصنة البربر. ويوضح الدكتور لامبرت كيف كان قطاع الطرق قديما، كما هو الحال حاليا مع القراصنة الصوماليين، حيث يقومون بالاحتفاظ بالرهائن على قيد الحياة. ولم تكن الإنسانية هي الدافع. ولكنها كانت تجارة رابحة. وكان القراصنة يعلقون الأسرى على خطاف ضخم إذا قاوموهم. وكان قراصنة البربر يستخدمون قوارب صغيرة، يقودها في الأغلب عبيد مقيدون بالسلاسل في المجاديف، ليقوموا بالهجوم على السفن الأوروبية الأكبر. وكان عملهم يتسم بالوقاحة، ولكنه كان فعالا، كما هو الحال مع القراصنة الحاليين في الصومال، الذين سيطروا في نوفمبر (تشرين الثاني) على ناقلة بترول سعودية يبلغ طولها 1000 قدم داخل خليج عدن، وهو ممر مهم على البحر الأحمر. ولكن التبجح الذي ظهر به قراصنة البربر كان سبب القضاء عليهم، وهو ما يجب على الصوماليين أن يضعوه في اعتبارهم. وقد وصفت طريقة عمل القراصنة في ذلك الوقت على النحو التالي: «عندما يثبون على ظهر سفينة الأعداء، كان كل بحار يمسك بخنجر في كل يد ويضع خنجرا ثالثا في فمه، وكان ذلك سببا في بثّ الرعب في قلب الخصم الذي كان يصرخ ويستجدي الرحمة على الفور». وذلك حسبما أفاد توماس جيفرسون، السفير الأميركي في ذلك الوقت لفرنسا، بعد أن حصل مع جون أدامز، المبعوث للندن، على الوصف من مبعوث بريطانيا لدى طرابلس عام 1786. ويشير ذلك إلى نقطة مهمة. كان لدى قراصنة البربر سفيرا، اجتمع مع جيفرسون وآدامز. وكان القراصنة يعملون لصالح حكومة. وأوكل الحكام البربر لهم مهمة السرقة والنهب والاختطاف. وكان أمرا رسميا. وكان بمثابة إرهاب ترعاه دولة. وكان رد الدول الغربية على ذلك هو دفع «الإتاوة»، وهي لفظة لطيفة تعبر عن الابتزاز. وكان قراصنة القرن الثامن عشر يتركون سفن الدول التي تدفع الإتاوة تمر. وفي الوقت الحالي، دفعت الشركات البحرية أكثر من 100 مليون دولار على سبيل الفدية للقراصنة الصوماليين، وهي استراتيجية تساعدهم على إنقاذ شحناتهم، ولكنها تدفع عددا أكبر من الصيادين الصوماليين غير العاملين إلى الدخول في مجال خطف السفن. وحاولت الولايات المتحدة أن تبدو لطيفة مع قراصنة البربر، لدرجة أنها وقعت عددا من المعاهدات. وكانت دول البربر دولا إسلامية، كما هو الحال مع الصومال. وقد أكدت الولايات المتحدة على أن الأمير غير مرتبط بالربوبية. «الولايات المتحدة لم تؤسس على الديانة المسيحية بأي حال من الأحوال، كما أنها في ذاتها لا يوجد عداء بينها وبين قوانين ودين المسلمين»، حسب ما جاء في معاهدة كانت في عام 1796. ومع ذلك، ففي النهاية شعر الأميركيون بالإهانة من دفع الأموال لمجموعة من البلطجية، وهذا ما تسبب في نشوب حروب البربر. بدأ ذلك في عام 1801 عندما أصبح جيفرسون رئيسا، وحدث مرة أخرى في عام 1815، عندما أرسل جيمس ماديسون الأسطول الأميركي لقذف ساحل البربر. وفي النهاية أجبر القراصنة البربر على الرضوخ بعد مواجهتهم مع الأميركيين وبسبب الغزو الفرنسي للجزائر في عام 1830. هل سوف يحدث ذلك في الصومال؟ ففي الأسبوع الماضي، وقبل محاولة فرنسية لإنقاذ عائلة من الاختطاف انتهت بموت أحد الرهائن، حثت وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون العالم على «إنهاء شبح القرصنة». ولكن مشكلة القرصنة الصومالية ليست مشكلة منفصلة، بل هي العرَض الأخير لما أصاب دولة فاشلة بصورة واضحة. والموضوع، كما يقول أي أمير من أمراء الحرب هناك، يتعلق بالأموال. «نريد مالا»، هذا شعارهم. إذا كان ذلك يشبه ما وقع في الماضي، فإنه يشجع على الحديث عن حل المشكلة بنفس الطريقة: الضغط على القراصنة عن طريق نقل المعركة إلى منطقة تؤذيهم كثيرا: إلى الشاطئ. وحتى تتغلب أميركا على ذلك وحتى يقوم العالم بجمع الصوماليين مع بعضهم بعضا كدولة واحدة، فثمة حل آخر يطرح نفسه: تجنب المياه الصومالية.