الصعود السلمي والتوازن السياسي في الصين ..
مرسل: الخميس نوفمبر 28, 2013 2:41 am
يشهد العالم تغيرات هائله حيث تكون النظم والانماط والطرق في حالة اختبار(فيمايخص الزمن والتطبيقات) على حالة خلفيه تباين الظروف الوطنيه في مختلف بلدان العالم والصين لاتستطيع ان تتطور بمعزل عن العالم وفي ذات الوقت لايستطيع العالم ان يحقق الاستقرار والازدهار دون الصين فلولا التعاون المتبادل والودي مع بلدان العالم لما تمكنت الصين من تحقيق اكبر الطفرات الاقتصاديه في التاريخ الحديث والنجاحات المتتاليه في عمليات الاندماج مع الاقتصاد العالمي وانعكاساتها على مزيد من النمو الاقتصادي الداخلي كل هذا كان لابد ان يثير في النفوس مزيجاَ من الاعجاب والدهشه، من المسلم به ان الصين اليوم هي اهم قوة صاعده على الساحه الدوليه لما بعد الحرب البارده وان مايخيف القوى العالميه ليس الوزن الاقتصادي المتزايد للصين انما معدلات النمو وتأثيرها على ميزان القوى العالمي هو مايخيف تلك القوى ، نجحت الصين في تثبيت دعائمها في وقت وجيز للغايه اذا ما قورن بذلك الوقت الذي استغرقته الدول الصناعيه لتحقيق هذه النهضه ومن المهم القول ان القيم المستمده من الثقافه الصينيه مسؤوله بشكل كبير فيما تحقق في الصين من انجازات اقتصاديه وانه ماكان لتلك الانجازات ان تتم بهذه الصوره وبتلك السرعه لولا ان خلفية ثقافيه مواتيه كانت هناك لتدفع بها وتزيد من زخمها .
النمو الصيني في المجالات الاقتصاديه والسياسيه والعسكريه وهي المجالات التي تحمل دلاله استراتيجيه مهمه لادارة الصراع الدولي في آسيا ومن غير المشكوك فيه ان الصعود الاقتصادي الصيني وتنامي العلاقات التجاريه والاستثماريه في جنوب شرق اسيا قد احدث تحولات كبيره في مختلف التفاعلات بين دول تلك المنطقه،وان تعاظم النفوذ السياسي للصين وانعكاسات هذا النمو على النظام الاقليمي في آسيا- باسفيك وهو ماسيشكل الهويه العالميه للصين . وهي اليوم تفتخر كونها موطن اقدم حضاره مستمره في العالم ليومنا هذا حيث كانت في اغلب مراحلها التاريخيه قوه عظمى بالرغم من انها قد عانت خلال اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين من فترة عدم الاستقرار والتراخي والانحطاط الا ان العقود الاخيره قد اوجدت انبعاثاَ جديداَ لعناصر القوه والنجاح الصيني واجمع المحللون ان الصين ستكون عملاق القرت الحادي والعشرين.
شعار النمو والصعود السلمي للصين يستخدم اساساَ لطمأنة بلدان شرق اسيا والولايات المتحده الامريكيه من ان النمو الصيني الاقتصادي والعسكري لايشكل تهديداَ للسلم والاستقرار في المنطقه وسيكون له نتائج ايجابيه على الدول الاخرى اي ان القاده الصينيين يصورون النمو الاقتصادي والعسكري في شكل لعبة غير صفريه Non-Zero Sum Games بين القوى المركزيه في النظام العالمي المعاصر حيث يدور التفاعل على اساس الاقرار بمصالح متناقضه من ناحيه ومصالح مشتركه من ناحيه اخرى. وتسعى الصين لتجنب السياسات التي تتجه الى التنافس والتي سلكتها القوى الجديده الصاعده في مراحل من تاريخها مثل المانيا في مطلع القرن العشرين والامبرياليه اليابانيه والاتحاد السسوفيتي السابق من اجل تفادي ذلك تبنت الصين "سياسة الصعود السلمي "والتي تعني بالاضافه الى بناء القوه والنفوذ الاقليمي والدولي الصيني طمأنة الدول الاخرى حول طريقة توجيه هذه القوه المتناميه في الجانب الاخر ولازالة الشعور بعدم الامن وعدم الثقه في اوساط جيرانها تبنت الصين شعارات سلميه شكلت الخطوط العريضه لسياستها الخارجيه مثل(عامل جيراننا بلطف،عاملهم كشركاء) و(حافظ على علاقات صداقه مع الجيران اجعلهم يشعرون بالامن وساعد في جعلهم اغنياء) كل هذه الشعارات والمباديء التي تتبناها الصين قد خلقت نقاشات في الداخل الصين بين التيارات والتوجهات الصينيه وفتحت نظرية "الصعود السلمي " ابواب النقاشات داخل الصين على مصراعيها حيث عارض البعض استخدامها فيما تحفظ البعض الاخر عليها وبالخصوص تيار الرئيس "يانغ زيمينJiang Zemin " او مايطلق عليه"التيار القومي البراغماتي" وقد تركزت الاعتراضات على العديد من الاسباب كان ابرزها واهمها هو ان مفهوم مصطلح"الصعود" بحد ذاته ربما يثير مخاوف الاخرين ومهما كان هذا المصطلح سلمياَ ام غير سلمي يجعل دول العالم تعتقد بأن الصعود الذي تتحدث عنه الصين يثير مخاوفها ويجعلها ربما تعمل بالضد من صعود الصين ،في خضم هذه النقاشات اقترح تيار الرئيس "زيمين" استبدال مفهوم "الصعود السلمي" بمفهوم"السلام والتنميه" الذي تعود جذوره الى العام 1978م عندما اطلق الاستراتيجي الصيني "دينغ سياوبينغDeng Xiao Ping "مهندس سياسة الانفتاح والتحديث الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للصين المعاصره،وهي السياسه الاولى التي اوصلت الصين الى المسرح العالمي وخصوصاَ في المجال الاقتصادي، ان من اقوال "دينغ"المآثوره :"علينا ان نراقب برويه وان نحصن موقعنا ونتعامل مع الاحداث بهدوء وان نخفي طاقتنا وننتظر وقتنا ونكون جيدين في المحافظه على البقاء بعيداَ عن الاضواء والا ندعي القياده مطلقاَ" من هذا القول نجد ان التيار القومي البراغماتي يرى ان توجه "دينغ"لايزال يشكل الاساس المتين الذي يجب الاعتماد عليه في مقابل هذا اصر التيار القومي الواقعي اي تيار "هو جينتاو Hu Jintao"على انه لامبرر لأخفاء طموح الصين في الصعود الى الساحه العالميه كقوه كبرى المهم ليس الحديث عن صعود الصين او عدمه لأن الجميع يستطيع ان يرى ان الصين تصعد اليوم في النظام العالمي وان يكتمل تشكيل سياق صعودها بشكل كامل بعد ، لكن المهم ان يتم اقناع القوى المهمه في النظام العالمي ان صعود الصين ليس من اجل تهديد موقعهم على الساحه العالميه او مصالحهم وبالرغم من ذلك لم يقتنع البراغماتيون بمنطق وطرح الواقعيين وعلى اثر ذلك استبعد مفهوم "الصعود السلمي" لصالح المفهوم المقترح "السلام والتنميه"في النقاشات الدائره في الاوساط الرسميه.ومع خروج "يانغ زيمين"بشكل نهائي من السلطه وذلك مع نهاية العام 2004م واستتباب الامر لصالح "هو جينتاو" وفريقه بشكل مطلق وكامل عاد مفهوم "الصعود السلمي"الى الواجهه وهي اشاره مهمه وواضحه الى انتصار فريق الرئيس الجديد في النقاشات الاستراتيجيه حول هذا المفهوم ،وتطور الامر حيث تولى "زينغ"فيما بعد تسويق المفهوم ومضمونه على المستوى العالمي حيث قام بشرح وجهة النظر الصينيه للعالم الغربي في مقال له نشر في مجلة "فورين افيرزForeign Affairs Magazine "في ايلول/سبتمبر العام 2005م وحدد فيه ثلاث تحديات رئيسيه تواجه الصين في المستقبل وهي النقص في الموارد الاوليه الوطنيه اللازمه لأشباع حاجات البلاد في طريقها للصعود العالمي والموازنه بين التنميه الاقتصاديه والاجتماعيه بالشكل الذي لايؤدي الى حدوث فجوه تسير بالصين الى الانهيار وكذلك التحدي البيئي الذي يعتبر العقبه الاساسيه في طريق تحقيق التنميه المستدامه للصين وقد اعتبر "زينغ"ان مواجهة هذه التحديات لايمكن ان يتم تجاوزها الا من خلال تجاوز النموذج القديم للتصنيع والعمل على تقديم نموذج صناعي حديث ومتطور وكذلك تجاوز نماذج السيطره الاجتماعيه القديمه والعمل بكل قوه من اجل بناء مجتمع متناغم والاهم من ذلك كله لابد من تجاوز الطرق التقليديه لصعود القوى على المسرح العالمي واستبعاد عقلية "الحرب البارده" التي ادت الى تعريف العلاقات الدوليه على اسس ايدلوجيه ويركز هنا على ان سياسة الصعود السلمي تخدم هذا الغرض بشكل كبير .
قامت القياده الصينيه باستخدام مفهوم "الصعود السلمي"رسمياَ لاول مره في منتدى آسيا والمحيط الهاديء Asia-Pacific Economic Cooperation-APEC الذي عقد في كوريا الجنوبيه نهاية العام 2005م حيث شدد المسؤولون على اهمية الصعود السلمي في سياسة الصين وعلى انها لاتزال قوه ناميه تحتاج الى الكثير لتتحول الى قوه عالميه.ان ابرز المتأثرين بالشعور بالقوه في الصين هم القوميون التقليديين (وهو ماجرت العاده على ان يطلق عليهم –الصقور)وبالخصوص العسكريين حيث دعا العقيد في الجيش الصيني (ليو مبينغ فوLiu Mingfu)في كتابه الذي اصدره في العام 2010م تحت عنوان "الحلم الصيني" الذي نشر باللغة الصينية " الى ان تتخلى الصين عن تواضعها فيما يتعلق باهدافها على الساحه العالميه وان تتحدى الولايات المتحده على الزعامه العالميه.
وفي كتابه يعكس "ليو"الطموحات القومية الصينية المتصاعدة حيث جاءت الدعوة للتخلي عن التواضع فيما يتعلق بالاهداف العالمية "والقفز لكي تصبح (الصين) رقم واحد في العالم" الكولونيل ليو الذي حذر أيضا من ان صعود الصين سيزعج واشنطن وهو ما يزيد من خطر الحرب وان كانت بكين تأمل في "صعود سلمي". وقال ليو ان هدف الصين الكبير في القرن الحادي والعشرين ان تصبح رقم واحد في العالم.. القوة العليا". وكتب ليو وهو استاذ في جامعة الدفاع الوطني ويدرب الضباط الشبان في جيش الصين "اذا لم تتمكن الصين في القرن الحادي والعشرين من ان تكون رقم واحد في العالم ان تكون القوة العليا فانها ستصبح حتما مهمشة". واتسم كتابه الذي وقع في 303 صفحات بالجرأة رغم النبرة الاخيرة التي سادت في الصين مطالبة بموقف متشدد من الولايات المتحدة في قضايا منها التجارة والتبت وحقوق الانسان ومبيعات السلاح لتايوان الجزيرة التي تحكم نفسها وتعتبرها بكين اقليما منشقا. وقال ليو في كتابه "ما دامت الصين تسعى للصعود حتى تصبح رقم واحد في العالم.. وحتى اذا اصبحت الصين أكثر رأسمالية من الولايات المتحدة نفسها ستحرص الولايات المتحدة على احتوائها". وأضاف أن المنافسة بين القوتين "هي منافسة على الزعامة صراع حول من يسقط ومن يصعد للهيمنة على العالم. حتى تنقذ (الصين) نفسها وتنقذ العالم وعلى الصين ان تعد نفسها لان تصبح قبطان السفينة " وعليها الاطاحه برقم واحد وان الوقت الان مناسب جدا لتحقيق هذا الهدف وان ذلك سيحصل حتى لو تحولت الصين الى دوله اكثر رأسماليه من الولايات المتحده نفسها حيث ستسعى الاخيره دوماَ الى احتواء الاولى .
وهنا لابد من ان نؤشر على ان مثل هذه الدعوه لم تكن جديده على الساحه الصينيه خصوصاَ فيما يتعلق بموضوع تحديث القدرات العسكريه للصين والسيطره على الاقل على منطقة شرق اسيا ،والحقيقه ان العقيد"ليو" لايعبر عن دعوته تلك عن نفسه فقط حيث من الواضح ان هذه الطبقه تكتسب نفوذاَ يوماَ بعد يوم داخل الصين في سياق المطالبه به كلما بدت قدرات الصين بشكل اكبر، حيث تعد دعوه العقيد الصيني في هذا المجال هي امتداد لدعوة مماثله كان قد اطلقها عسكريان متقاعدان في الجيش الصيني خلال فترة التسعينات من خلال كتاب كان يحمل عنوان "الحرب غير المقيده War Restricted"بعدما كان الانتصار الامريكي في حرب الخليج الثانيه بمثابة الانذار للعديد من الدول التي ليس بأستطاعتها مواجهة القوه العسكريه الامريكيه بشكل مباشر والدافع الى ايجاد طرق وبدائل مختلفه للمواجهه وهو ما ادى الى ولادة القدرات اللاتناظريه للصين Asymmetric Capabilities .
وما القيم التي اقتدت بها الصين مثل تفضيل الجماعه على الفرد والاعلاء من شأن العمل الجاد والشاق في سبيل الجماعه والحرص على البعد الانساني في علاقات العمل الا تركيز على ضرورة ارتكاز الاعمال الى شبكات من العلاقات الاجتماعيه الوطيده التي تيسر الانجاز وتدفعه في اتجاهات مثمره وهذه القيم المستمده من التراث الصيني كانت ولا تزال عاملاَ رئيسياَ في تفسير المعجزه الصينيه الاقتصاديه وسبباَ من اسباب وجودها واستمرارها والواقع ان الغرب لم يكن وحده في انبهاره بالتفسيرات لظاهرة النمو الاقتصادي في الصين،وان عدم الانسياق للتجارب الغربيه في النمو بل استلهام الخصوصيات الصينيه في توجيه مسار النمو الاقتصادي هو ماضمن للدوله التمتع بمستويات مرتفعه ومطرده من هذا النمو .
التنميه السياسيه وماتعنيه من امكانيات تحول النظام السياسي من الطور السلطوي الى صوره اخرى ديمقراطيه ولكن لانغفل القول بعدم ضرورة مشابهه الطور السياسي في الصين لنظيره في الغرب وان القيم الصينيه ايضاَ مثل احترام النظام والتناغم الاجتماعي هي التي كفلت للبلاد حتى اليوم استقراراَ افتقرت اليه دول كثيره طبقت دون وعي النموذج الديمقراطي الغربي وهو النموذج الذي ينادي بالحريات السياسيه الفرديه دون اعتبار لمسائل شديدة الاهميه كالاستقرار الاجتماعي وتجنب الفوضى الاجتماعيه وفي اطار هذه النقاشات المحتدمه حول تأثير القيم على النو الاقتصادي والتنميه السياسيه في الوقت الذي تعالت فيه الاصوات في الداخل الصيني الى ضرورة الالتزام بالخصوصات الثقافيه الصينيه، فكم من مجتمعات وصمت بانها ذات تراث سلطوي نابع من قيم سلطويه ثم نجحت في انجاز التحولات الديمقراطيه شأنها شأن المجتمعات ذات التراث العميق في الديمقراطيه .
التضامن الاجتماعي واحترام السلطه التي ينظر اليهما في الصين على انهما تحولات دون ان ينتج التطور السياسي اثاره الغير محموده التي سببها الغرب من حيث الافراط في تقديس الحقوق الفرديه على حساب الحقوق الجماعيه او رفض دور الحكومه في تحقيق الانضباط اللازم اذا خرجت الامور عن مسارها الامن ففي الصين الديمقراطيه لايحبذ ان تمر عبر الطرق الغربيه وانه من الممكن للصينيين ان يشيدوا الديمقراطيه بطرقهم الخاصه وبالاعتماد على قيمهم الذاتيه الحقيقه يبدوا ان هذه النقاشات التي تدور قد جعلت من مناخ التحرير السياسي غير قاصر على مايقوم في الواقع الصيني فقط انما امتدت مظاهر التحرير لتشمل ايضاَ مجال الفكر والايدلوجيا ومنذ النصف الثاني من الثمانينات بدأت تجري مناقشات مستفيضه وثريه وحتى في صحف الحزب الشيوعي الصيني(كممثل للقوى المنتجة المتقدمة الصينية، والقوى الثقافية المتقدمة وغالبية الشعب الصيني) عن الاتجاهات الفكريه والفلسفيه وبشكل طبيعي لم يكن موضوع الاختلاف بالرأي بين النخب والاكاديميين والناس داخل الصين ولدت حراكاَ ثقافياَ كبيراَ وبالرغم من تلك الاختلافات لكن الصينيون اجمعوا على ان انتخابات نواب مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الثامن عشر تمضي بشكل ديمقراطي وفي نفس الوقت يزيد عدد المندوبين من القواعد الشعبيه بواقع زياده "50"مندوباَ ليكون اجمالي المندوبيين 2270 مندوباَ ،وذكرت نشرة وزعتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر عام 2011 م أن إدارة التنظيم التابعة للجنة حثت جميع وحدات الحزب على القيام بترشيحات ديمقراطية " بحس مسؤولية قوي وطريقة دقيقة". حيث يضم الحزب الشيوعي الصيني حاليا أكثر من 80 مليون عضو و3.89 مليون وحدة على مستوى القاعدة بزيادة حوالى 10 ملايين عضو منذ المؤتمر السابع عشر الذي عقد عام 2007م. ووفقا للجنة المركزية للحزب، فإنه في الشركات مركزية الإدارة والشركات على مستوى المقاطعات لا يجب أن يأخذ كوادر الحزب أكثر من 68% من عدد المندوبين، كما يجب الا يقل عدد الأعضاء العاملين في جبهة الانتاج عن 32%. وأحد الأهداف الرئيسية للانتخابات هى زيادة نسبة العمال، بمن فيهم العمال المهاجرين. وبالاضافة إلى ذلك، يتم اتخاذ مزيد من الاجراءات لنشر الديمقراطية من أجل التشجيع على مشاركة أوسع في التصويت .
العديد من الكتاب والصحفيين الامريكان قد قارن بين امريكا الحزب الواحد والصين ايضا ذات الحزب الواحد بالرغم من ان امريكا ذات حزبين ديمقراطي وجمهوري الا ان الحقيقه تشير الى ان امريكا تعيش ايضاَ قضية الحزب الواحد ففي مقال للصحفي والكاتب الامريكي " توماس فريدمان" تحت عنوان (ديمقراطية الحزب الواحد) في صحيفة "نيويورك تايمز يقول: "مما لا شك فيه أن دكتاتورية الحزب الواحد لها جوانبها السلبية، ولكن إذا قادتها مجموعة من الحكماء المتنورين، كما هو الحال في الصين اليوم، يصبح لها منافع عظيمة كذلك؛ حيث يستطيع هذا الحزب الواحد أن يفرض بعض السياسات ذات الصعوبة السياسية التي لها أهمية قصوى في تقدم المجتمع في القرن الحادي والعشرين، وبالتالي، فمحاولات الصين اللحاق بنا في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، والطاقة الشمسية، وفعالية الوقود، والبطاريات، والطاقة النووية، وطاقة الرياح ليست من قبيل المصادفة. كما يدرك قادة الصين أنه في عالم من الانفجارات السكانية، ومع زيادة حجم الطبقة الوسطى في الأسواق الناشئة، فإن الطلب على استخدام الطاقة النظيفة والحرص على فعالية الوقود سوف يتزايدان، وبالتالي فإن الصين حريصة على الحصول على امتلاك تلك الصناعات، وهي تضع بالفعل السياسات التي تمكنها من فعل ذلك بما في ذلك رفع أسعار البنزين. وديمقراطية حزبنا الواحد هي الأسوأ، فالحقيقة هي أنه يوجد لاعب وحيد فقط في ما يتعلق بتشريع الطاقة والمناخ، أو في ما يتعلق بتشريع الرعاية الصحية، وهو الحزب الديمقراطي؛ حيث يقف الحزب الجمهوري ـ مع وجود عدة استثناءات ـ عاقدا ذراعيه وهو يقول: "لا"، ويرغب الكثير منهم في أن يفشل أوباما، يا له من ضياع، فالرئيس أوباما ليس عالم اجتماع، بل وسطي، ولكنه إذا اضطر إلى أن يعتمد كليا على حزبه لكي يمرر التشريع، فسوف ينهزم على يد الفصائل المتصارعة بداخله". ويقول يقول جو روم:، صاحب مدونة" "climateprogress.org: "الصين سوف تأكلنا وتأخذ وظائفنا في مجال الطاقة النظيفة ـ وهي الصناعة التي اخترعناها ـ وسوف يقومون بعمل ذلك من خلال اقتصاد يعمل وفق خطط، وهو ما نفتقر إليه ولا نرغب فيه". فالطريقة الوحيدة التي نستطيع بها مجاراتهم؛ هي فرض تشريع لرفع أسعار الكربون، بالإضافة إلى الفعالية ووضع معايير قابلة للتجديد لتنشيط القطاع الاستثماري الخاص في التكنولوجيا النظيفة، وهو ما يصعب تحقيقه من خلال ديمقراطية الحزب الواحد. وينطبق ذلك على الرعاية الصحية، فيقول مات ميلر المسؤول المالي بقيادة كلينتون، ومؤلف كتاب "طغيان الأفكار الميتة": "إن الآلية الأساسية التي يرغب من خلالها الرئيس أوباما توسيع نطاق التغطية التأمينية وتقليل التكلفة ستكون من خلال (بورصة) جديدة، ومقاصة تأمين جديدة، مصممة وفقا للخطة التي وضعها مت رومني عندما كان حاكما لماساشوستس؛ تقوم على السماح للأفراد بالانضمام إلى فئات تأمينية معينة في القطاع الخاص، مع توفير الدعم لذوي الدخل المنخفض". ان تنظيم الحزب الواحد يقوم على مبدأ ين رئيسيين الاول هو مبدأ القياده الجماعيه التي تعني عدم انفراد شخص واحد بالحكم والثاني مبدأ المركزيه الديمقراطيه التي تعني تكوين كل التنظيمات الحزب من القاعده الى القمه بواسطة الانتخابات ومشاركة كل الاعضاء في مناقشة سياسة الحزب وقرارته مع خضوع الاقليه لرأي الاغلبيه فمعيار الديمقراطيه هنا ليس عدد الاحزاب السياسيه او وجود معارضه وانما هو المدى الذي تساهم فيه جماهير الشعب في الحكم من خلال لجان الحزب المنتشره في البلاد. قضية الحقوق المتكافئه مسأله غير وارده لانه لايوجد اساس اجتماعي لها بالاضافه الى ان تعدد الاحزاب في الديمقراطيه الليبراليه لايحقق المساواة الواقعيه بين الافكار لان الذي يملك اجهزة التأثير على الراي العام هو الذي يملك التوجه الايدلوجي وهذا يجعل من حرية الفكر في ظل الديمقراطيه الغربيه شكلاَ بغير مضمون حقيقي حسب وجهة النظر الصينيه ، ويقدم النموذج الصيني مبرراَ يتعلق بأن الحزب الواحد يستطيع في ظل مايسمى بالثوره الدائمه ليس فقط ان يحقق خطوات سريعه نحو النميه الاقتصاديه والاجتماعيه في فترة زمنيه قصيره ولكنه كذلك يجعل من التنميه عملية شامله في اطار ايجاد وتنمية الانسان المتقدم والمنتج فاذا كان احد اهداف الحزب الرئيسيه العمل على تحقيق الرفاهيه الماديه فان ذلك يجب ان يتم في ظل تنمية الانسان وتشجيعه على التحقيق من قواه وطاقاته الخلاقه فالتنميه من هذا المنظور لاقيمة لها الا اذا تقدم الجميع في وقت واحد بحيث لايترك احد او يتخلف احد سواءاَ اقتصادياَ او حضارياَ والتقدم السريع لايتحقق الا اذا تحققت تنمية وتقدم كل فرد مع المجموع وهذه هي مهمة الحزب الذي يعمل على دفع الجماهير الى نبذ الانانيه والاستعاضه بالحوافز المعنويه مما يقود الى تفجير طاقات الحماس وتصبح مشاركة الجماهير حقيقيه من خلال لجان الحزب في اتخاذ القرارات اداة لتزويدهم بالمعرفه الكفيله بتحويل الطاقات الكامنه الى طاقات منتجه حيث تزداد رغبة العاملين في العمل المنتج وتزداد نسبة العمل التطوعي لتحقيق اهداف المجتمع وذلك من خلال ارتفاع مستوى وعيهم وزيادة معرفتهم واحساسهم بالعالم المحيط بهم.
يقول الكاتب الصيني "إيريك اكس لي Eric X Li " »، وهو أستاذ بكلية العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة" فودان" ومقيم في شنغهاي في مقال له في صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" :إن العالم يتغير بالثورات والانتخابات وطرق أخرى، لكن أبرز تغييرين سلميين يوجدان في أهم بلدين في العالم وهما الصين والولايات المتحدة. وأوضح لي -في مقال بصحيفة نيويورك تايمز- أن السنة المقبلة ستشهد انتخابات الرئاسة الأميركية وانتخابات الكونغرس، كما ستشهد الصين ظهور قيادة جديدة لحزبها الشيوعي. وقال الكاتب إن سؤالا واحد يفرض نفسه في هذه الظروف وهو: "ما هي أفضل طريقة للحكم؟" وأشار الكاتب إلى كتاب ألفه المفكر الأميركي" فرانسيس فوكوياما "بعنوان "أصول النظام السياسي"، حيث قال فيه إن نجاح نظام الحزب الواحد في الصين لا يحل مشكلة الحاكم السيئ، وهي: كيف يتم تحديد سوء الحاكم ومتى يتم عزله في هذه الحالة. كما أشار إلى مقال كتبه معلق صحفي موضحا الفكرة من زاوية أخرى، وهي أن الحزب الشيوعي الصيني رغم شعبيته لا يتنازل عن السلطة عندما يخسر هذه الشعبية. وقال الكاتب إن أحادية الحزب الشيوعي الصينية راسخة في الدستور الصيني رسوخ الديمقراطية في الدستور الصيني، وشرح شعبية الحزب الشيوعي في الصين فقال إنها تنبع من دعم الدستور، أما الدعم الأميركي للحزبين الجمهوري والديمقراطي فهو بالضرورة ليس مرتبطا بالنظام الانتخابي الديمقراطي، وهنا يكمن الفرق. وقال الكاتب إن البعض يرى ضرورة ذهاب الحزب الشيوعي الصيني بمجرد فقدانه الدعم الشعبي، و إن هذا الافتراض في غير محله لأنه يعني أيضا أنه على الولايات المتحدة أن تلغي وثيقة الحقوق إذا فقد النظام الانتخابي فيها دعم الشعب، وتبحث عن شكل جديد لنظام الحكم قد يكون تسلطيا. وقال الكاتب إنه منذ تأسيس الصين الشعبية في عام 1949م، تحت قيادة حزب سياسي واحد، شملت التغييرات في السياسات الحكومية أوسع نطاق ممكن. بدءا بما سمي "تحالف الديمقراطية الجديدة" في بداية عملية إصلاح الأراضي المثيرة أوائل خمسينيات القرن الماضي، ومن القفزة الكبرى إلى شبه خصخصة الأراضي الزراعية في الستينيات، ومن الثورة الثقافية إلى إصلاح السوق في عهد دنغ جياو بينغ، وإعادة تعريف جيانغ زيمين للحزب من خلال "نظرية التمثيلات الثلاثة"، لتكون النتيجة هي صعوبة التفريق بين مراحل السياسة الداخلية الصينية من فترة إلى أخرى. أما على صعيد السياسة الخارجية، فيقول الكاتب إن الصين انتقلت من التحالف الوثيق مع الاتحاد السوفياتي السابق في الخمسينيات، إلى التحالف الافتراضي مع أميركا في السبعينيات والثمانينيات، أما اليوم فهي تتحرك مستقلة وتسعى لعالم متعدد الأقطاب، وهذا رغم تولي عدد من الزعماء قيادتها. وأوضح الكاتب أن سجلات الأنظمة الانتخابية في جميع أنحاء العالم تشير إلى أن التناوب الحزبي عبر الانتخابات قد لا يوفر المرونة اللازمة أو التصحيح الذاتي، ففي الولايات المتحدة قد تسفر الانتخابات عن رؤساء جدد وأغلبية جديدة في الكونغرس، لكنها لا يبدو أن لديها الكثير لمواجهة مشاكل أميركا على المدى الطويل. أما في أوروبا فالحكومات تذهب وتأتي بانتظام عن طريق الانتخابات، ولكنها لم تنتج الحد الأدنى من التصحيح المطلوب لمعالجة مشاكلهم الضخمة، والشيء ذاته في اليابان التي تشهد رئيس وزراء كل سنة، إذ فشلت الانتخابات والتناوب في إخراج البلاد من الركود المستمر منذ 20 سنة. وربما هذا يفسر سبب حصول الحكومات التي تنتجها انتخابات على أقل من 50% من نسبة التأييد في بلدانهم، بينما احتفظت حكومة الحزب الواحد في الصين على معدلات تأييد تتجاوز 80% على مدى عقود. وخلص الكاتب إلى نتيجة مفادها أن التناوب الانتخابي لن يحصل بالضرورة على الشرعية والمرونة اللازمة، كما أن نظام حكم الحزب الواحد لا يعني بالضرورة أنه جامد ولا يتمتع بالتأييد الشعبي.
النمو الصيني في المجالات الاقتصاديه والسياسيه والعسكريه وهي المجالات التي تحمل دلاله استراتيجيه مهمه لادارة الصراع الدولي في آسيا ومن غير المشكوك فيه ان الصعود الاقتصادي الصيني وتنامي العلاقات التجاريه والاستثماريه في جنوب شرق اسيا قد احدث تحولات كبيره في مختلف التفاعلات بين دول تلك المنطقه،وان تعاظم النفوذ السياسي للصين وانعكاسات هذا النمو على النظام الاقليمي في آسيا- باسفيك وهو ماسيشكل الهويه العالميه للصين . وهي اليوم تفتخر كونها موطن اقدم حضاره مستمره في العالم ليومنا هذا حيث كانت في اغلب مراحلها التاريخيه قوه عظمى بالرغم من انها قد عانت خلال اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين من فترة عدم الاستقرار والتراخي والانحطاط الا ان العقود الاخيره قد اوجدت انبعاثاَ جديداَ لعناصر القوه والنجاح الصيني واجمع المحللون ان الصين ستكون عملاق القرت الحادي والعشرين.
شعار النمو والصعود السلمي للصين يستخدم اساساَ لطمأنة بلدان شرق اسيا والولايات المتحده الامريكيه من ان النمو الصيني الاقتصادي والعسكري لايشكل تهديداَ للسلم والاستقرار في المنطقه وسيكون له نتائج ايجابيه على الدول الاخرى اي ان القاده الصينيين يصورون النمو الاقتصادي والعسكري في شكل لعبة غير صفريه Non-Zero Sum Games بين القوى المركزيه في النظام العالمي المعاصر حيث يدور التفاعل على اساس الاقرار بمصالح متناقضه من ناحيه ومصالح مشتركه من ناحيه اخرى. وتسعى الصين لتجنب السياسات التي تتجه الى التنافس والتي سلكتها القوى الجديده الصاعده في مراحل من تاريخها مثل المانيا في مطلع القرن العشرين والامبرياليه اليابانيه والاتحاد السسوفيتي السابق من اجل تفادي ذلك تبنت الصين "سياسة الصعود السلمي "والتي تعني بالاضافه الى بناء القوه والنفوذ الاقليمي والدولي الصيني طمأنة الدول الاخرى حول طريقة توجيه هذه القوه المتناميه في الجانب الاخر ولازالة الشعور بعدم الامن وعدم الثقه في اوساط جيرانها تبنت الصين شعارات سلميه شكلت الخطوط العريضه لسياستها الخارجيه مثل(عامل جيراننا بلطف،عاملهم كشركاء) و(حافظ على علاقات صداقه مع الجيران اجعلهم يشعرون بالامن وساعد في جعلهم اغنياء) كل هذه الشعارات والمباديء التي تتبناها الصين قد خلقت نقاشات في الداخل الصين بين التيارات والتوجهات الصينيه وفتحت نظرية "الصعود السلمي " ابواب النقاشات داخل الصين على مصراعيها حيث عارض البعض استخدامها فيما تحفظ البعض الاخر عليها وبالخصوص تيار الرئيس "يانغ زيمينJiang Zemin " او مايطلق عليه"التيار القومي البراغماتي" وقد تركزت الاعتراضات على العديد من الاسباب كان ابرزها واهمها هو ان مفهوم مصطلح"الصعود" بحد ذاته ربما يثير مخاوف الاخرين ومهما كان هذا المصطلح سلمياَ ام غير سلمي يجعل دول العالم تعتقد بأن الصعود الذي تتحدث عنه الصين يثير مخاوفها ويجعلها ربما تعمل بالضد من صعود الصين ،في خضم هذه النقاشات اقترح تيار الرئيس "زيمين" استبدال مفهوم "الصعود السلمي" بمفهوم"السلام والتنميه" الذي تعود جذوره الى العام 1978م عندما اطلق الاستراتيجي الصيني "دينغ سياوبينغDeng Xiao Ping "مهندس سياسة الانفتاح والتحديث الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للصين المعاصره،وهي السياسه الاولى التي اوصلت الصين الى المسرح العالمي وخصوصاَ في المجال الاقتصادي، ان من اقوال "دينغ"المآثوره :"علينا ان نراقب برويه وان نحصن موقعنا ونتعامل مع الاحداث بهدوء وان نخفي طاقتنا وننتظر وقتنا ونكون جيدين في المحافظه على البقاء بعيداَ عن الاضواء والا ندعي القياده مطلقاَ" من هذا القول نجد ان التيار القومي البراغماتي يرى ان توجه "دينغ"لايزال يشكل الاساس المتين الذي يجب الاعتماد عليه في مقابل هذا اصر التيار القومي الواقعي اي تيار "هو جينتاو Hu Jintao"على انه لامبرر لأخفاء طموح الصين في الصعود الى الساحه العالميه كقوه كبرى المهم ليس الحديث عن صعود الصين او عدمه لأن الجميع يستطيع ان يرى ان الصين تصعد اليوم في النظام العالمي وان يكتمل تشكيل سياق صعودها بشكل كامل بعد ، لكن المهم ان يتم اقناع القوى المهمه في النظام العالمي ان صعود الصين ليس من اجل تهديد موقعهم على الساحه العالميه او مصالحهم وبالرغم من ذلك لم يقتنع البراغماتيون بمنطق وطرح الواقعيين وعلى اثر ذلك استبعد مفهوم "الصعود السلمي" لصالح المفهوم المقترح "السلام والتنميه"في النقاشات الدائره في الاوساط الرسميه.ومع خروج "يانغ زيمين"بشكل نهائي من السلطه وذلك مع نهاية العام 2004م واستتباب الامر لصالح "هو جينتاو" وفريقه بشكل مطلق وكامل عاد مفهوم "الصعود السلمي"الى الواجهه وهي اشاره مهمه وواضحه الى انتصار فريق الرئيس الجديد في النقاشات الاستراتيجيه حول هذا المفهوم ،وتطور الامر حيث تولى "زينغ"فيما بعد تسويق المفهوم ومضمونه على المستوى العالمي حيث قام بشرح وجهة النظر الصينيه للعالم الغربي في مقال له نشر في مجلة "فورين افيرزForeign Affairs Magazine "في ايلول/سبتمبر العام 2005م وحدد فيه ثلاث تحديات رئيسيه تواجه الصين في المستقبل وهي النقص في الموارد الاوليه الوطنيه اللازمه لأشباع حاجات البلاد في طريقها للصعود العالمي والموازنه بين التنميه الاقتصاديه والاجتماعيه بالشكل الذي لايؤدي الى حدوث فجوه تسير بالصين الى الانهيار وكذلك التحدي البيئي الذي يعتبر العقبه الاساسيه في طريق تحقيق التنميه المستدامه للصين وقد اعتبر "زينغ"ان مواجهة هذه التحديات لايمكن ان يتم تجاوزها الا من خلال تجاوز النموذج القديم للتصنيع والعمل على تقديم نموذج صناعي حديث ومتطور وكذلك تجاوز نماذج السيطره الاجتماعيه القديمه والعمل بكل قوه من اجل بناء مجتمع متناغم والاهم من ذلك كله لابد من تجاوز الطرق التقليديه لصعود القوى على المسرح العالمي واستبعاد عقلية "الحرب البارده" التي ادت الى تعريف العلاقات الدوليه على اسس ايدلوجيه ويركز هنا على ان سياسة الصعود السلمي تخدم هذا الغرض بشكل كبير .
قامت القياده الصينيه باستخدام مفهوم "الصعود السلمي"رسمياَ لاول مره في منتدى آسيا والمحيط الهاديء Asia-Pacific Economic Cooperation-APEC الذي عقد في كوريا الجنوبيه نهاية العام 2005م حيث شدد المسؤولون على اهمية الصعود السلمي في سياسة الصين وعلى انها لاتزال قوه ناميه تحتاج الى الكثير لتتحول الى قوه عالميه.ان ابرز المتأثرين بالشعور بالقوه في الصين هم القوميون التقليديين (وهو ماجرت العاده على ان يطلق عليهم –الصقور)وبالخصوص العسكريين حيث دعا العقيد في الجيش الصيني (ليو مبينغ فوLiu Mingfu)في كتابه الذي اصدره في العام 2010م تحت عنوان "الحلم الصيني" الذي نشر باللغة الصينية " الى ان تتخلى الصين عن تواضعها فيما يتعلق باهدافها على الساحه العالميه وان تتحدى الولايات المتحده على الزعامه العالميه.
وفي كتابه يعكس "ليو"الطموحات القومية الصينية المتصاعدة حيث جاءت الدعوة للتخلي عن التواضع فيما يتعلق بالاهداف العالمية "والقفز لكي تصبح (الصين) رقم واحد في العالم" الكولونيل ليو الذي حذر أيضا من ان صعود الصين سيزعج واشنطن وهو ما يزيد من خطر الحرب وان كانت بكين تأمل في "صعود سلمي". وقال ليو ان هدف الصين الكبير في القرن الحادي والعشرين ان تصبح رقم واحد في العالم.. القوة العليا". وكتب ليو وهو استاذ في جامعة الدفاع الوطني ويدرب الضباط الشبان في جيش الصين "اذا لم تتمكن الصين في القرن الحادي والعشرين من ان تكون رقم واحد في العالم ان تكون القوة العليا فانها ستصبح حتما مهمشة". واتسم كتابه الذي وقع في 303 صفحات بالجرأة رغم النبرة الاخيرة التي سادت في الصين مطالبة بموقف متشدد من الولايات المتحدة في قضايا منها التجارة والتبت وحقوق الانسان ومبيعات السلاح لتايوان الجزيرة التي تحكم نفسها وتعتبرها بكين اقليما منشقا. وقال ليو في كتابه "ما دامت الصين تسعى للصعود حتى تصبح رقم واحد في العالم.. وحتى اذا اصبحت الصين أكثر رأسمالية من الولايات المتحدة نفسها ستحرص الولايات المتحدة على احتوائها". وأضاف أن المنافسة بين القوتين "هي منافسة على الزعامة صراع حول من يسقط ومن يصعد للهيمنة على العالم. حتى تنقذ (الصين) نفسها وتنقذ العالم وعلى الصين ان تعد نفسها لان تصبح قبطان السفينة " وعليها الاطاحه برقم واحد وان الوقت الان مناسب جدا لتحقيق هذا الهدف وان ذلك سيحصل حتى لو تحولت الصين الى دوله اكثر رأسماليه من الولايات المتحده نفسها حيث ستسعى الاخيره دوماَ الى احتواء الاولى .
وهنا لابد من ان نؤشر على ان مثل هذه الدعوه لم تكن جديده على الساحه الصينيه خصوصاَ فيما يتعلق بموضوع تحديث القدرات العسكريه للصين والسيطره على الاقل على منطقة شرق اسيا ،والحقيقه ان العقيد"ليو" لايعبر عن دعوته تلك عن نفسه فقط حيث من الواضح ان هذه الطبقه تكتسب نفوذاَ يوماَ بعد يوم داخل الصين في سياق المطالبه به كلما بدت قدرات الصين بشكل اكبر، حيث تعد دعوه العقيد الصيني في هذا المجال هي امتداد لدعوة مماثله كان قد اطلقها عسكريان متقاعدان في الجيش الصيني خلال فترة التسعينات من خلال كتاب كان يحمل عنوان "الحرب غير المقيده War Restricted"بعدما كان الانتصار الامريكي في حرب الخليج الثانيه بمثابة الانذار للعديد من الدول التي ليس بأستطاعتها مواجهة القوه العسكريه الامريكيه بشكل مباشر والدافع الى ايجاد طرق وبدائل مختلفه للمواجهه وهو ما ادى الى ولادة القدرات اللاتناظريه للصين Asymmetric Capabilities .
وما القيم التي اقتدت بها الصين مثل تفضيل الجماعه على الفرد والاعلاء من شأن العمل الجاد والشاق في سبيل الجماعه والحرص على البعد الانساني في علاقات العمل الا تركيز على ضرورة ارتكاز الاعمال الى شبكات من العلاقات الاجتماعيه الوطيده التي تيسر الانجاز وتدفعه في اتجاهات مثمره وهذه القيم المستمده من التراث الصيني كانت ولا تزال عاملاَ رئيسياَ في تفسير المعجزه الصينيه الاقتصاديه وسبباَ من اسباب وجودها واستمرارها والواقع ان الغرب لم يكن وحده في انبهاره بالتفسيرات لظاهرة النمو الاقتصادي في الصين،وان عدم الانسياق للتجارب الغربيه في النمو بل استلهام الخصوصيات الصينيه في توجيه مسار النمو الاقتصادي هو ماضمن للدوله التمتع بمستويات مرتفعه ومطرده من هذا النمو .
التنميه السياسيه وماتعنيه من امكانيات تحول النظام السياسي من الطور السلطوي الى صوره اخرى ديمقراطيه ولكن لانغفل القول بعدم ضرورة مشابهه الطور السياسي في الصين لنظيره في الغرب وان القيم الصينيه ايضاَ مثل احترام النظام والتناغم الاجتماعي هي التي كفلت للبلاد حتى اليوم استقراراَ افتقرت اليه دول كثيره طبقت دون وعي النموذج الديمقراطي الغربي وهو النموذج الذي ينادي بالحريات السياسيه الفرديه دون اعتبار لمسائل شديدة الاهميه كالاستقرار الاجتماعي وتجنب الفوضى الاجتماعيه وفي اطار هذه النقاشات المحتدمه حول تأثير القيم على النو الاقتصادي والتنميه السياسيه في الوقت الذي تعالت فيه الاصوات في الداخل الصيني الى ضرورة الالتزام بالخصوصات الثقافيه الصينيه، فكم من مجتمعات وصمت بانها ذات تراث سلطوي نابع من قيم سلطويه ثم نجحت في انجاز التحولات الديمقراطيه شأنها شأن المجتمعات ذات التراث العميق في الديمقراطيه .
التضامن الاجتماعي واحترام السلطه التي ينظر اليهما في الصين على انهما تحولات دون ان ينتج التطور السياسي اثاره الغير محموده التي سببها الغرب من حيث الافراط في تقديس الحقوق الفرديه على حساب الحقوق الجماعيه او رفض دور الحكومه في تحقيق الانضباط اللازم اذا خرجت الامور عن مسارها الامن ففي الصين الديمقراطيه لايحبذ ان تمر عبر الطرق الغربيه وانه من الممكن للصينيين ان يشيدوا الديمقراطيه بطرقهم الخاصه وبالاعتماد على قيمهم الذاتيه الحقيقه يبدوا ان هذه النقاشات التي تدور قد جعلت من مناخ التحرير السياسي غير قاصر على مايقوم في الواقع الصيني فقط انما امتدت مظاهر التحرير لتشمل ايضاَ مجال الفكر والايدلوجيا ومنذ النصف الثاني من الثمانينات بدأت تجري مناقشات مستفيضه وثريه وحتى في صحف الحزب الشيوعي الصيني(كممثل للقوى المنتجة المتقدمة الصينية، والقوى الثقافية المتقدمة وغالبية الشعب الصيني) عن الاتجاهات الفكريه والفلسفيه وبشكل طبيعي لم يكن موضوع الاختلاف بالرأي بين النخب والاكاديميين والناس داخل الصين ولدت حراكاَ ثقافياَ كبيراَ وبالرغم من تلك الاختلافات لكن الصينيون اجمعوا على ان انتخابات نواب مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الثامن عشر تمضي بشكل ديمقراطي وفي نفس الوقت يزيد عدد المندوبين من القواعد الشعبيه بواقع زياده "50"مندوباَ ليكون اجمالي المندوبيين 2270 مندوباَ ،وذكرت نشرة وزعتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر عام 2011 م أن إدارة التنظيم التابعة للجنة حثت جميع وحدات الحزب على القيام بترشيحات ديمقراطية " بحس مسؤولية قوي وطريقة دقيقة". حيث يضم الحزب الشيوعي الصيني حاليا أكثر من 80 مليون عضو و3.89 مليون وحدة على مستوى القاعدة بزيادة حوالى 10 ملايين عضو منذ المؤتمر السابع عشر الذي عقد عام 2007م. ووفقا للجنة المركزية للحزب، فإنه في الشركات مركزية الإدارة والشركات على مستوى المقاطعات لا يجب أن يأخذ كوادر الحزب أكثر من 68% من عدد المندوبين، كما يجب الا يقل عدد الأعضاء العاملين في جبهة الانتاج عن 32%. وأحد الأهداف الرئيسية للانتخابات هى زيادة نسبة العمال، بمن فيهم العمال المهاجرين. وبالاضافة إلى ذلك، يتم اتخاذ مزيد من الاجراءات لنشر الديمقراطية من أجل التشجيع على مشاركة أوسع في التصويت .
العديد من الكتاب والصحفيين الامريكان قد قارن بين امريكا الحزب الواحد والصين ايضا ذات الحزب الواحد بالرغم من ان امريكا ذات حزبين ديمقراطي وجمهوري الا ان الحقيقه تشير الى ان امريكا تعيش ايضاَ قضية الحزب الواحد ففي مقال للصحفي والكاتب الامريكي " توماس فريدمان" تحت عنوان (ديمقراطية الحزب الواحد) في صحيفة "نيويورك تايمز يقول: "مما لا شك فيه أن دكتاتورية الحزب الواحد لها جوانبها السلبية، ولكن إذا قادتها مجموعة من الحكماء المتنورين، كما هو الحال في الصين اليوم، يصبح لها منافع عظيمة كذلك؛ حيث يستطيع هذا الحزب الواحد أن يفرض بعض السياسات ذات الصعوبة السياسية التي لها أهمية قصوى في تقدم المجتمع في القرن الحادي والعشرين، وبالتالي، فمحاولات الصين اللحاق بنا في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، والطاقة الشمسية، وفعالية الوقود، والبطاريات، والطاقة النووية، وطاقة الرياح ليست من قبيل المصادفة. كما يدرك قادة الصين أنه في عالم من الانفجارات السكانية، ومع زيادة حجم الطبقة الوسطى في الأسواق الناشئة، فإن الطلب على استخدام الطاقة النظيفة والحرص على فعالية الوقود سوف يتزايدان، وبالتالي فإن الصين حريصة على الحصول على امتلاك تلك الصناعات، وهي تضع بالفعل السياسات التي تمكنها من فعل ذلك بما في ذلك رفع أسعار البنزين. وديمقراطية حزبنا الواحد هي الأسوأ، فالحقيقة هي أنه يوجد لاعب وحيد فقط في ما يتعلق بتشريع الطاقة والمناخ، أو في ما يتعلق بتشريع الرعاية الصحية، وهو الحزب الديمقراطي؛ حيث يقف الحزب الجمهوري ـ مع وجود عدة استثناءات ـ عاقدا ذراعيه وهو يقول: "لا"، ويرغب الكثير منهم في أن يفشل أوباما، يا له من ضياع، فالرئيس أوباما ليس عالم اجتماع، بل وسطي، ولكنه إذا اضطر إلى أن يعتمد كليا على حزبه لكي يمرر التشريع، فسوف ينهزم على يد الفصائل المتصارعة بداخله". ويقول يقول جو روم:، صاحب مدونة" "climateprogress.org: "الصين سوف تأكلنا وتأخذ وظائفنا في مجال الطاقة النظيفة ـ وهي الصناعة التي اخترعناها ـ وسوف يقومون بعمل ذلك من خلال اقتصاد يعمل وفق خطط، وهو ما نفتقر إليه ولا نرغب فيه". فالطريقة الوحيدة التي نستطيع بها مجاراتهم؛ هي فرض تشريع لرفع أسعار الكربون، بالإضافة إلى الفعالية ووضع معايير قابلة للتجديد لتنشيط القطاع الاستثماري الخاص في التكنولوجيا النظيفة، وهو ما يصعب تحقيقه من خلال ديمقراطية الحزب الواحد. وينطبق ذلك على الرعاية الصحية، فيقول مات ميلر المسؤول المالي بقيادة كلينتون، ومؤلف كتاب "طغيان الأفكار الميتة": "إن الآلية الأساسية التي يرغب من خلالها الرئيس أوباما توسيع نطاق التغطية التأمينية وتقليل التكلفة ستكون من خلال (بورصة) جديدة، ومقاصة تأمين جديدة، مصممة وفقا للخطة التي وضعها مت رومني عندما كان حاكما لماساشوستس؛ تقوم على السماح للأفراد بالانضمام إلى فئات تأمينية معينة في القطاع الخاص، مع توفير الدعم لذوي الدخل المنخفض". ان تنظيم الحزب الواحد يقوم على مبدأ ين رئيسيين الاول هو مبدأ القياده الجماعيه التي تعني عدم انفراد شخص واحد بالحكم والثاني مبدأ المركزيه الديمقراطيه التي تعني تكوين كل التنظيمات الحزب من القاعده الى القمه بواسطة الانتخابات ومشاركة كل الاعضاء في مناقشة سياسة الحزب وقرارته مع خضوع الاقليه لرأي الاغلبيه فمعيار الديمقراطيه هنا ليس عدد الاحزاب السياسيه او وجود معارضه وانما هو المدى الذي تساهم فيه جماهير الشعب في الحكم من خلال لجان الحزب المنتشره في البلاد. قضية الحقوق المتكافئه مسأله غير وارده لانه لايوجد اساس اجتماعي لها بالاضافه الى ان تعدد الاحزاب في الديمقراطيه الليبراليه لايحقق المساواة الواقعيه بين الافكار لان الذي يملك اجهزة التأثير على الراي العام هو الذي يملك التوجه الايدلوجي وهذا يجعل من حرية الفكر في ظل الديمقراطيه الغربيه شكلاَ بغير مضمون حقيقي حسب وجهة النظر الصينيه ، ويقدم النموذج الصيني مبرراَ يتعلق بأن الحزب الواحد يستطيع في ظل مايسمى بالثوره الدائمه ليس فقط ان يحقق خطوات سريعه نحو النميه الاقتصاديه والاجتماعيه في فترة زمنيه قصيره ولكنه كذلك يجعل من التنميه عملية شامله في اطار ايجاد وتنمية الانسان المتقدم والمنتج فاذا كان احد اهداف الحزب الرئيسيه العمل على تحقيق الرفاهيه الماديه فان ذلك يجب ان يتم في ظل تنمية الانسان وتشجيعه على التحقيق من قواه وطاقاته الخلاقه فالتنميه من هذا المنظور لاقيمة لها الا اذا تقدم الجميع في وقت واحد بحيث لايترك احد او يتخلف احد سواءاَ اقتصادياَ او حضارياَ والتقدم السريع لايتحقق الا اذا تحققت تنمية وتقدم كل فرد مع المجموع وهذه هي مهمة الحزب الذي يعمل على دفع الجماهير الى نبذ الانانيه والاستعاضه بالحوافز المعنويه مما يقود الى تفجير طاقات الحماس وتصبح مشاركة الجماهير حقيقيه من خلال لجان الحزب في اتخاذ القرارات اداة لتزويدهم بالمعرفه الكفيله بتحويل الطاقات الكامنه الى طاقات منتجه حيث تزداد رغبة العاملين في العمل المنتج وتزداد نسبة العمل التطوعي لتحقيق اهداف المجتمع وذلك من خلال ارتفاع مستوى وعيهم وزيادة معرفتهم واحساسهم بالعالم المحيط بهم.
يقول الكاتب الصيني "إيريك اكس لي Eric X Li " »، وهو أستاذ بكلية العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة" فودان" ومقيم في شنغهاي في مقال له في صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" :إن العالم يتغير بالثورات والانتخابات وطرق أخرى، لكن أبرز تغييرين سلميين يوجدان في أهم بلدين في العالم وهما الصين والولايات المتحدة. وأوضح لي -في مقال بصحيفة نيويورك تايمز- أن السنة المقبلة ستشهد انتخابات الرئاسة الأميركية وانتخابات الكونغرس، كما ستشهد الصين ظهور قيادة جديدة لحزبها الشيوعي. وقال الكاتب إن سؤالا واحد يفرض نفسه في هذه الظروف وهو: "ما هي أفضل طريقة للحكم؟" وأشار الكاتب إلى كتاب ألفه المفكر الأميركي" فرانسيس فوكوياما "بعنوان "أصول النظام السياسي"، حيث قال فيه إن نجاح نظام الحزب الواحد في الصين لا يحل مشكلة الحاكم السيئ، وهي: كيف يتم تحديد سوء الحاكم ومتى يتم عزله في هذه الحالة. كما أشار إلى مقال كتبه معلق صحفي موضحا الفكرة من زاوية أخرى، وهي أن الحزب الشيوعي الصيني رغم شعبيته لا يتنازل عن السلطة عندما يخسر هذه الشعبية. وقال الكاتب إن أحادية الحزب الشيوعي الصينية راسخة في الدستور الصيني رسوخ الديمقراطية في الدستور الصيني، وشرح شعبية الحزب الشيوعي في الصين فقال إنها تنبع من دعم الدستور، أما الدعم الأميركي للحزبين الجمهوري والديمقراطي فهو بالضرورة ليس مرتبطا بالنظام الانتخابي الديمقراطي، وهنا يكمن الفرق. وقال الكاتب إن البعض يرى ضرورة ذهاب الحزب الشيوعي الصيني بمجرد فقدانه الدعم الشعبي، و إن هذا الافتراض في غير محله لأنه يعني أيضا أنه على الولايات المتحدة أن تلغي وثيقة الحقوق إذا فقد النظام الانتخابي فيها دعم الشعب، وتبحث عن شكل جديد لنظام الحكم قد يكون تسلطيا. وقال الكاتب إنه منذ تأسيس الصين الشعبية في عام 1949م، تحت قيادة حزب سياسي واحد، شملت التغييرات في السياسات الحكومية أوسع نطاق ممكن. بدءا بما سمي "تحالف الديمقراطية الجديدة" في بداية عملية إصلاح الأراضي المثيرة أوائل خمسينيات القرن الماضي، ومن القفزة الكبرى إلى شبه خصخصة الأراضي الزراعية في الستينيات، ومن الثورة الثقافية إلى إصلاح السوق في عهد دنغ جياو بينغ، وإعادة تعريف جيانغ زيمين للحزب من خلال "نظرية التمثيلات الثلاثة"، لتكون النتيجة هي صعوبة التفريق بين مراحل السياسة الداخلية الصينية من فترة إلى أخرى. أما على صعيد السياسة الخارجية، فيقول الكاتب إن الصين انتقلت من التحالف الوثيق مع الاتحاد السوفياتي السابق في الخمسينيات، إلى التحالف الافتراضي مع أميركا في السبعينيات والثمانينيات، أما اليوم فهي تتحرك مستقلة وتسعى لعالم متعدد الأقطاب، وهذا رغم تولي عدد من الزعماء قيادتها. وأوضح الكاتب أن سجلات الأنظمة الانتخابية في جميع أنحاء العالم تشير إلى أن التناوب الحزبي عبر الانتخابات قد لا يوفر المرونة اللازمة أو التصحيح الذاتي، ففي الولايات المتحدة قد تسفر الانتخابات عن رؤساء جدد وأغلبية جديدة في الكونغرس، لكنها لا يبدو أن لديها الكثير لمواجهة مشاكل أميركا على المدى الطويل. أما في أوروبا فالحكومات تذهب وتأتي بانتظام عن طريق الانتخابات، ولكنها لم تنتج الحد الأدنى من التصحيح المطلوب لمعالجة مشاكلهم الضخمة، والشيء ذاته في اليابان التي تشهد رئيس وزراء كل سنة، إذ فشلت الانتخابات والتناوب في إخراج البلاد من الركود المستمر منذ 20 سنة. وربما هذا يفسر سبب حصول الحكومات التي تنتجها انتخابات على أقل من 50% من نسبة التأييد في بلدانهم، بينما احتفظت حكومة الحزب الواحد في الصين على معدلات تأييد تتجاوز 80% على مدى عقود. وخلص الكاتب إلى نتيجة مفادها أن التناوب الانتخابي لن يحصل بالضرورة على الشرعية والمرونة اللازمة، كما أن نظام حكم الحزب الواحد لا يعني بالضرورة أنه جامد ولا يتمتع بالتأييد الشعبي.