منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#66503
مَن فاز بصفقة مفاوضات النووي الإيراني، هل هي الدول الست الكبرى، أم صاحبة القضية والمشكلة؟ وماذا عن التبعات القادمة أمام إعادة سياسات الغرب وأمريكا، بالتحوّل من المعارك الأجنبية التي أرهقت اقتصادهما، إلى محاولة احتواء الصين العملاق القادم بخلق طوق تحالف عالمي يضعها أمام خيارين، قبول واقع جديد، أو البقاء منفردة في رفضها الاندماج في الاقتصاد العالمي؟

العقوبات الدولية أثرت بشكل مباشر في إيران، لكنها أدارت مباحثاتها بروح النفس الطويل، وبصرف النظر عن الخطوات التي اعتبرت حسن نوايا بإعطاء مهلة ستة أشهر على نجاح هذا الاتفاق وما أراده المجتمعون بنزع فتيل أزمة السلاح النووي، إلا أن الضمانات لا تزال غير واضحة، ولعل الانفراج بدأ مع الرئيس روحاني الذي يمثل «البراغماتية» الحقيقية المخالفة لحالة الصدام التي تركها نجاد وأمريكا وحلفاؤها، حيث رأوا فيه قابلية الشخص الممكن التفاهم معه، لكن عدم تحقيقه انفراجاً في الأزمة قد يدفع بالمتشددين هناك لاتخاذ قرارات أكثر راديكالية، ومع أن ذلك غير صحيح لأن إدارة السياسة في إيران تخضع للمرشد أولاً، ولكنها تعمل ضمن الفريق الواحد بحيث لا توجد تناقضات بالمواقف وتحقيق الأهداف..

سورية والعراق وحزب الله، قد يكونون حاضرين في المباحثات، والمقابل ليس فقط منح بعض الأموال الموقوفة، أو تسهيل تصدير النفط والسلع الإيرانية الأخرى، وإنما لقفل ملفات هي نتاج كسر العصا بين الأطراف، ومع ذلك فالتفاؤل لا تدعمه نتائج واضحة، إذ إن الصفقة تمت بين المجتمعين بحيث كلّ منهم يرى مصلحته في الحل من أفق تطلعاته..

فأوروبا وأمريكا وقافلة شركات الانتظار التي تريد الزحف على سوق مفتوح تبدو مغرياته أكثر، وكذلك روسيا والصين، غير أن الموضوع وإن تعلق بالاقتصاد، فهناك خطط تبدو أنها تجهز لحرب باردة بين الشرق والغرب، وخاصة مشروع إيقاف حدود قفزات الصين، لكن هناك من يقول إن إيران أو غيرها تريد لعب دور الأبواب المفتوحة لتحصل على صفقات أهم بين المتنافسين شأن أي دولة أخرى لديها الإمكانات والشروط التي تفرضها..

إيران تؤمن أن الحصول على سلاح نووي بقدرات ذاتية قضية قومية وعزة وطنية، وهنا يأتي تراجعها ربما تحت ضغط تجاوز صبرها حين سقطت عملتها لأدنى حدودها، ومضاعفات البطالة، وشح الصادرات والواردات ما أثر في الدخل الوطني لكل فرد، فجاء الخيار أن التخلص من العقوبات هو أولوية أساسية على سلاح نووي قد تحصل عليه لاحقاً..

إسرائيل اعتبرت الاتفاق سبب خيبة أملها، وأنه ضد ما تعتبره خطورة على أمنها، لكن هل تتخذ خطوة ضرب مفاعلات إيران، وهو ما تستبعده أمريكا وأوروبا معاً لعدم قدرتها تقنياً ولوجستياً على ذلك، لكن ماذا لو اندفعت بمغامرة تضع حلفاءها أمام موقف الخيار الصعب بعدم وجود خيارات دبلوماسية في حال نفذت هذه الضربة؟

دول الخليج العربي لها نفس المخاوف وربما تتجاوز إسرائيل أن الاتفاق يريد أن يضعها عارية أمام تنامي قوة إيران النووية ومطامعها التي لا تخفيها، ولذلك فالموقف قد يخلق تنافراً بين أوروبا وأمريكا ودول الخليج تحديداً، وقد تستعمل أسلحة تؤثر في العلاقات الاقتصادية فيما لو تم تخفيض صادرات النفط، وسحب الأرصدة من تلك الدول، والبحث عن منافذ لها الرغبة في الحصول على مكاسب من هذا الاتفاق، وهي حصيلة تدرك أضرارها كل الأطراف، غير أن ما ستكشفه الأيام القادمة سوف يكون الحكم على النوايا والوقائع..


يوسف الكويليت - جريدة الرياض