صفحة 1 من 1

العلاقات السياسية الدولية والمشكلات الكبرى

مرسل: الجمعة نوفمبر 29, 2013 9:21 am
بواسطة عبدالرحمن السحيم 704
يعتبر الدكتور راشد البراوى، أحد رواد العلوم السياسية فى مصر ولاشك أن أعدادا كثيرة من المثقفين المصريين، قد أفادوا من دراساته وأبحاثه التى قرءوها منشورة، حين كانت العلوم السياسية تكاد تكون فى عهد الطفولة فى مصر ولم يكن الإنتاج العلمى الغزير للدكتور البراوى، مقصورا على الفكر السياسى والفكر الاقتصادى بل تناول أيضا دراسة الفكر الماركسى دراسة متعمقة، وامتد نشاطه الفكرى إلى العلاقات السياسية الدولية، وكان كتابه الطريق إلى السلام الذى وضعه من نحو ربع قرن، من أوائل الكتب التى تناولت العلاقات السياسية الدولية فى مصر وقد تناول هذا الكتاب فطور فيه وزاده حتى جعله الكتاب الذى نعرض له اليوم، وان كان لم يشر فى مقدمة كتابه هذا، أو فى ثناياه، إلى كتابه القديم الذى جعله نواة لكتابه الجديد ويبدأ هذا الكتاب الجديد بدراسة آراء ومشروعات المفكرين من اجل جعل السلام مستتبا فى العالم منذ عهد الإغريق حتى الثورة الفرنسية، ثم ينتقل إلى الفترة التاريخية التى تلت مؤتمر فيينا المنعقد سنة 1815 إلى الحرب العالمية الأولى ومن هذا ينتقل إلى عصبة الأمم، فيخصص لها فصلا يتناول فيه قيامها وأجهزتها العاملة ثم يتحدث عن المحاولات التى بذلك فيما بين الحربين لتدعيم هذه المنظمة، فيشير إلى بروتوكول جنيف، والى اتفاقات لوكارنو وميثاق بريان كيلوج، ويتعرض لمشكلة التسلح ويختتم هذا الجزء بقيام الحرب العالمية الثانية وفى فصل آخر من الكتاب يتولى دراسة الأمم المتحدة، فيذكر هيئاتها العاملة المختلفة مثل الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادى والاجتماعى، وغيرها من الهيئات العاملة ولكن هذه الدراسة يغلب عليها الجانب الوصفى القائم على ذكر ما ورد عن كل منها فى أهم النصوص القانونية ولئن كان هذا جائزا سنة 1945 حين قامت الأمم المتحدة، فانه لم يصبح جائزا اليوم بعد مرور ثلاثين عاما على قيام تلك المنظمة حيث حدث تغير وتطور فى أجهزة الأمم المتحدة، وفى سياساتها ويخصص فصلا للنتائج السياسية للحرب العالمية الثانية فيعرض للتسوية الإقليمية فى أوربا، ولانهيار الإمبراطورية اليابانية والنظم الاستعمارية وفى الكتاب دراسة عن اليقظة الكبرى فى أسيا، فيتحدث عن حركة القوميات فيها، مشيرا إلى مؤتمر باندونج، فيما لا يتجاوز نصف صفحة وكان من الفضل لو انه خصص لذلك دراسة أطول، تتلاءم مع حقيقة أهميتها بالنسبة للدول العالم الثالث التى نحن منها خاصة وانه صدرت فى هذا الموضوع دراسات علمية متعددة باللغة العربية والأجنبية ولم يشر فى كتابه إلى أى منها ليرشد القارئ المتعطش إلى مزيد من المعلومات فى هذا الموضوع ويخصص فصلا للمواثيق والمنظمات الإقليمية، ويؤسفنا أن نقرر أن هذا الفصل من اضعف فصول هذا الكتاب، وقد بدأه بالحديث عن الكومنولث البريطانى، وعن منظمة الدول الأمريكية، مشيرا إلى تنظيماتها وفقا لميثاق بوجوتا الصادر سنة 1948 ولم يذكر المواثيق الجديدة التى صدرت بعد ذلك، فغيرت المنظمة تغييرا شاملا، ونفس ما نلاحظه بالنسبة لمنظمة الدول الأمريكية، نرى مثيله بالنسبة لمنظمة الجامعة الصادر سنة 1945، وأغفل كل التعديلات التى طرأت بعد ذلك، من نحو معاهدة الضمان الجماعى وإنشاء المجلس الاقتصادى للجامعة، والسوق العربية المشتركة، ومؤتمرات القمة العربية وتحليله لمنظمة الوحدة الأفريقية يقع فى اقل من أربع صفحات، ويتضمن نفس العيب الذى لاحظناه من قبل فيتحدث عن المنظمات سنة إنشائها أى سنة 1963 تاركا جميع ما حدث بعد ذلك من تغييرات وما قلنا هنا عن المنظمات الإقليمية، نرى مثيله فى دراسته للأحلاف العسكرية، سواء منها حلف الأطلنطى أو حلف جنوب شرق آسيا أو حلف وارسو وفى فصل تال يتحدث عن الخلاف بين الصين والاتحاد السوفيتى وله فى هذا البحث كتاب قيم سماه الصراع الكبير بين الصين والاتحاد السوفيتى، نشره سنة 1964ن وقد تحدث بإيجاز عن النزاع العربى الإسرائيلى، وعن الصراع فى فيتنام، والحرب الأهلية فى نيجيريا والحركة الانفصالية فى جنوب السودان وما نأخذه على هذه الدراسات انه لم يذكر أى مرجع عنها باللغة العربية، رغم تعدد هذه المراجع وبعد ذلك ينتقل إلى القضية الألمانية، فيعرض لمبدأ هاليشتاين، ولمشكلة برلين، ثم يخصص بعد ذلك فصلين للتقارب الأمريكى السوفيتى، عنوان الأول منهما دبلوماسية البنج بونج، مقدماتها ودوافعها وعنوان ثانيهما الجبل ينتقل إلى ماو ويخصص بعد ذلك دراسة وجيزة لليابان، غير أنها عميقة، وعنوانها اليابان عملاق اقتصادى، وقزم عسكرى ويخصص دراسة لمؤتمر الأمن الأوربى، ويختتم الكتاب بفصل عن لقاء القمة الأمريكى السوفيتى ويتسم كتاب الدكتور راشد البراوى بالطابع التاريخى، لأنه يعرض المشكلات السياسية الكبرى، وفقا للمنهج التاريخى دون غيره من المناهج العلمية الأخرى ونأخذ على الكتاب أيضا، أن الجانب الأفريقى والعربى لم يجد من المؤلف العناية الواجبة لهذا الموضوع فقد عرض لكثير من القضايا التى وقعت فى تلك المنطقة من العالم، ولكنه اغفل قضايا اكثر من تلك التى عرض لها مثل الخلافات التى وقعت بين الدول العربية وبعضها، وبينها وبين بعض الدول الأجنبية، وسياسة عدم الانحياز ومؤتمراتها، والحرب الأهلية فى الكونغو، والحركة الافرو آسيوية ونحو ذلك من القضايا التى أن ذكرها فأنها لا تستغرق إلا سطورا يسيرة ونضيف إلى تلك المأخذ، أن المؤلف لم يذيل كتابة يذكر قائمة بالمراجع التى يمكن أن يستعين بها من يريد التوسع فى دراسة موضع من الموضوعات التى تناولها الكتاب ولكن تلك المآخذ لا تغض فى رأينا من شأن الكتاب ولا تنكر الدور الكبير الذى اضطلع به المؤلف فى دراسات العلوم السياسية بعامة وحسبنا أن نقول انه مع كونه من الرواد الأوائل لهذه العلوم، فانه مازال عاكفا عليها منتجا فيها إنتاجا مثمرا