منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#66558
قد تكون المرة الأولى التي ينفلت فيها الوضع الأمني في عاصمة الشمال الى هذه الدرجة، وقد تكون المرة الأولى التي يتخطى فيها هذا الفلتان حدود الإينرغا من الجبل، يقابلها رد ناري من العيار الثقيل من باب التبانة. نعم القضية لم تعد محمولة بالنسبة إلى سكان عاصمة الشمال الذين يحبون الحياة من دون حروب. آخر مظاهر هذا الفلتان تجلت بالكم الهائل من السرقات التي تسجل لا سيما في منطقة التل التي تجسد عصب المدينة الإقتصادي. وبحسب مصادر طرابلسية، إرتفع عدد هذه السرقات في الآونة الأخيرة لأن العصابات تستفيد من حال التوتر الموجود، وتطاول هذه السرقات مؤسسات تجارية تابعة لعلويين في التل وأخرى يملكها سُنّة في المنطقة عينها. وإذا لم تسمح الظروف لهذه العصابات بالسرقة وإتمام العملية بنجاح يتم اللجوء الى حرق هذه المحال كـ"فشة خلق" طائفية بحتة تؤدي بطبيعة الحال الى مزيد من الفقر والحرمان لدى أصحابها، في عاصمة الفقراء.
وعلى هامش عمليات السرقة هذه التي تسجل بعيداً من عيون الدولة الغائبة كلياً عما يحصل، برزت خلال الأيام الماضية ظاهرة جديدة يلجأ خلالها مسلحون مقنعون الى الدخول بقوة السلاح الى المحال التي تحدت الأوضاع الأمنية وفتحت أبوابها مطالبين أصحابها بخوات مالية تعود بنا بالذاكرة الى صفحات الحرب اللبنانية يوم سقطت الدولة بين أيدي الميليشيات. ويخّير المقنعون أصحاب المحال إما بدفع هذه الخوات وإما بإضرام النار بمؤسساتهم ليلاً الأمر الذي يدفع بهؤلاء التجار الى الدفع بسرعة خصوصاً أنهم يشعرون بأن الدولة لا تستطيع أن تفعل شيئاً مع هؤلاء المرتكبين الذين يراهنون على إستمرار حال الحرب بين الجبل والتبانة للإستمرار في مسيرتهم.
هناك من يقول في عاصمة الشمال إن سبب تفشي هذه الظاهرة يعود الى العدد الكبير للنازحين السوريين الذي إجتاح المدينة منذ بداية الأحداث في سوريا في آذار من العام 2011، هذا العدد الذي من المستحيل أن تستوعبه المدينة نظراً الى الضغط السكاني الموجود فيها وبسبب نسبة الفقر الموجودة فيها أساساً، هذا بالإضافة الى إنعدام فرص العمل وما يشكله النازحون من خطر على اليد العاملة الطرابلسية لا سيما في ورش البناء وغيرها. في المقابل، تجزم شخصيات طرابلسية نافذة بأن هذه العصابات طرابلسية بحتة وبأن النازحين لا يستطيعون تنفيذ مثل هذه العمليات في وضح النهار.
أكثر من شكوى سجلت بحق هؤلاء في مخفر طرابلس، وأكثر من شكوى وصلت الى البلدية ولكن حتى اللحظة لا حياة لمن تنادي، فلا دوريات لقوى الأمن الداخلي أو لشرطة البلدية، كما أن ما من عملية توقيف واحدة سجلت حتى اللحظة كي يطمئن أصحاب المؤسسات التجارية إلى عودة الحياة إلى طبيعتها في القريب العاجل.