صفحة 1 من 1

تشيكو سلوفاكيا

مرسل: الجمعة نوفمبر 29, 2013 12:19 pm
بواسطة سليمان الفراج 3332
لقد وجد دخول قوى حلف فرصوفيا إلى تشيكوسلوفاكيا في 21 غشت 1968 صدى في العالم أجمع وأحرج بشكل واضح موقف الأحزاب الشيوعية الموالية لموسكو وخاصة أحزاب البلدان الرأسمالية المتقدمة، إذ أن كافة التبريرات المعطاة لم تحل تناقضا هاما برز في سياسة " المعسكر الاشتراكي " . فكيف يفسر الاتحاد السوفياتي الذي يمارس التعايش السلمي مع الإمبريالية العالمية منذ عشرات السنين ويؤمن بالتطور السلمي نحو العدالة الاجتماعية والاشتراكية ويقوم بحملة مركزة حول " الصداقة بين الشعوب " ، كيف يفسر إرساله 600000 مسلح ليفرض على الشعب التشيكوسلوفاكي الحكم الذي يراه ملائما ؟
لا يمكن فهم هذا التدخل السافر سوى انطلاقا من مصالح البيروقراطية السوفياتية وعلاقتها بالوضع العالمي كما كان يبرز سنة 1968 . فقد أتت أحداث تشيكوسلوفاكيا في سياق تفاقم أزمة النظام الرأسمالي العالمي وتطور الثورة الكولونيالية وأيضا نمو الحركة الثورية في الدول الإمبريالية نفسها كما تجلى ذلك في انتفاضة البروليتاريا الفرنسية في ماي 1968 . زد على ذلك فقدان الاتحاد السوفياتي لهيمنته السياسية على الصعيد العالمي وبروزه بشكل واضح كقوة معادية للثورة . وكان نضال الطبقة العاملة والطلاب التشيكوسلوفاكيين قد تأثر بشكل ملموس بهذا الوضع العالمي ( علاقة ماي الفرنسي " بربيع " براغ واضحة جدا ) .
إن الهدف من نشر ملف حول أحداث تشيكوسلوفاكيا لا يقتصر بالنسبة للماركسيين الثوريين على محاولة إعطاء تحليل علمي للأحداث بل يشمل أيضا تبني موقف واضح منها . والموقف الماركسي الثوري على هذا الصعيد لا يمكنه أن يكون سوى موقف دعم لنضال الطبقة العاملة التشيكوسلوفاكية ضد الحكم البيروقراطي القائم ومصالحه الرجعية .
وفي كافة الأحوال لم تنته " أحداث " تشيكوسلوفاكيا مع الاحتلال السوفياتي . فالتناقضات التي أدت إلى تفجير الأوضاع عام 1968 مازالت موجودة حتى يومنا هذا . ومن ناحية أخرى لا يمكن فهم المقاومة المعادية للبيروقراطية التي برزت منذ سنة 1968 في يوغسلافيا وبولونيا وحتى الاتحاد السوفياتي سوى على ضوء ربطها بأحداث تشيكوسلوفاكيا ، بالضبط كما يصعب فهم هذه الأخيرة دون ربطها بالنضالات المعادية للبيروقراطية التي تمت في أوروبا الشرقية منذ 1953 .
إن نضال الطبقة العاملة التشيكوسلوفاكية وكافة نضالات شعوب الدول العمالية الهادفة إلى إقامة سلطة بروليتارية حقيقية على أنقاض الحكم البيروقراطي القائم ، ليس سوى جزء من نضال البروليتاريا العالمية في سبيل انتصار الاشتراكية على صعيد العالم .
الثورة السياسية أو النضال من أجل الديموقراطية البروليتارية في الدول العمالية
عندما يتكلم الماركسيون الثوريون عن " دولة عمالية " إنهم لا يقصدون بذلك بالضرورة أن البروليتاريا هي التي تحكم مباشرة من خلال مجالسها . فالاتحاد السوفياتي والصين و تشيكوسلوفاكيا وغيرها من البلدان ، تصنف كدول عمالية بالرغم من أن السلطات القائمة في هذه الدول بعيدة جدا عن تحديدات ماركس ولينين حول شكل ديكتاتورية البروليتاريا . إن ما يلاحظه المرء في هذه البلدان هو الديكتاتورية البيروقراطية الحزبية . على المجتمع ، وعزل الطبقة العاملة وسائر الجماهير الكادحة عن الممارسة السياسية المباشرة . فالصين والاتحاد السوفياتي و تشيكوسلوفاكيا الخ . هي دول عمالية لأنها قضت على علاقات الإنتاج الرأسمالية وأطاحت بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وأرست الركيزة الاشتراكية للاقتصاد . فالبنية التحتية ( أي العلاقات الاقتصادية القائمة ) هي التي تحدد في نهاية التحليل طبيعة المجتمع ونوعية البنية السياسية . ولكن ذلك صحيح فقط في نهاية التحليل أي أن العلاقات السياسية ليست انعكاسا ميكانيكيا للبنية الاقتصادية على صعيد البناء الفوقي ، فكما تستند إلى الاقتصاد البرجوازي بنى فوقية مختلفة ( حكم ليبرالي، حكم بونابرتي ، حكم فاشي ، الخ... ) أيضا الاقتصاد اللارأسمالي لا يعرف شكلا واحدا من البناء الفوقي . ولذا فإن عدم مشاركة جماهير الاتحاد السوفياتي ( أو الصين ) في تحديد مصير المجتمع ، والمواقف الخائنة للسلطة السوفياتية ، لا تعني أن الاتحاد السوفياتي ليس دولة عمالية ، بل تعني فقط أنه دولة عمالية منحطة . فما هي أسباب هذا الانحطاط وبماذا يتجلى ؟