الإجابات على بعض الأسئلة الرئيسية سوف تقرر نجاح الاتفاق مع إ
مرسل: الجمعة نوفمبر 29, 2013 1:08 pm
يمثل اتفاق "الخطوة الأولى" بشأن برنامج إيران النووي وقتاً مستقطعاً وليس انفراجة. فبموجب الاتفاق، سوف تتوقف إيران مؤقتاً عن إحراز المزيد من التقدم في برنامجها النووي لكنها لن تتراجع عن أي تقدم أحرزته، وسوف يفعل الغرب الشيء ذاته فيما يتعلق بالعقوبات.
يشار إلى أن النقاش الناشئ - حيث يؤكد النقاد أنه كان ينبغي مطالبة إيران بالمزيد؛ ويرد المدافعون عن الاتفاق بأن هذا أفضل ما تستطيع الولايات المتحدة تحقيقه وأن البديل لم يكن التوصل إلى اتفاق أفضل وإنما خوض صراع عسكري - ذلك النقاش يمثل أهمية كبيرة، لكن بعد توقيع الاتفاقية يأتي دور المسائل الأكثر أهمية.
سوف تحدد ثلاث مسائل تتعلق بما إذا كانت هذه الاتفاقية ستحرز تقدماَ في نهاية المطاف من عدمه أو ما إذا كانت ستفضي إلى انتكاسة في مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
وتتعلق المسألة الأولى بتنفيذ الاتفاق. فقد تعثرت الاتفاقات النووية السابقة مع إيران، مثل تلك الموقعة بين طهران والاتحاد الأوروبي في 2003-2004، خلال التنفيذ وليس خلال المفاوضات. وفي مرحلة ما خلال الستة أشهر القادمة، قد تنخرط إيران في أنشطة تنتهك نص الاتفاق أو جوهره.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يغطي اتفاق جنيف سوى واحداً من ثلاثة عناصر من البرنامج النووي الإيراني، ألا وهو: تصنيع الوقود. أما العنصران الآخران، وهما بحوث التحويل إلى الأسلحة وتطوير أجهزة إطلاق الصواريخ، فهما محظوران بموجب قرار من الأمم المتحدة لكن لم يتم تناولهما في الاتفاق وربما يستمر الأمر على هذا المنوال.
يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إعداد خطط طوارئ للرد على أي خداع إيراني بشأن الاتفاق ومعاقبة الأنشطة الإيرانية المرتبطة بالبرنامج النووي والتي لم يتناولها الاتفاق. يجب أن نتذكر أنه عندما تجاوز الأسد الخط الأحمر الذي وضعه أوباما بشأن الأسلحة الكيميائية، وجد المسؤولون الأمريكيون أنفسهم في حيرة وتخبط لصياغة رد مناسب. إن هذا النوع من السياسة الارتجالية لا يمكن تكراره مع إيران.
أما السؤال الثاني فيتعلق بالوضع النهائي للبرنامج النووي الإيراني. فالاتفاق المرحلي يسمح لطهران بالاحتفاظ بجميع قدراتها النووية دون مطالبتها بالإفصاح عن الأنشطة المرتبطة بالأسلحة النووية، سواء كانت في الماضي أو الحاضر. وهذه صيغة تنطوي على خطورة كبيرة. فبدون وجود رؤية ثاقبة حول النطاق الكامل لأنشطة إيران النووية السرية، لا يمكن لأي قدر من المراقبة والتفتيش أن يوفر ثقة فعلية في أن إيران لا تمتلك برنامجاً موازياً بعيداً عن أعين المفتشين.
يجب أن يعمل أي اتفاق نهائي على تقليص القدرات النووية التي لم تمسها هذه الخطوة الدبلوماسية الأولى كما يجب أن يطالب إيران بالإفصاح عن النطاق الكامل لأنشطتها النووية الماضية والحالية من جانب كافة الكيانات الإيرانية. ولجعل الأمر واضح لطهران فيما يتعلق بالبديل لتلك الشروط، ينبغي أن تهدد إدارة أوباما بفرض عقوبات إضافية في حالة عدم التوصل إلى اتفاق ويجب أن تتخذ خطوات لتعزيز مصداقية خياراتها العسكرية.
وهذه ليست فقط سياسة جيدة لكنها تعكس نهجاً عملياً: فأي اتفاق نهائي أو حتى تجديد لفترة الستة أشهر المرحلية "من خلال الموافقة المشتركة" كما يسمح به اتفاق جنيف، سوف يتطلب تعاوناً من الكونغرس. لقد كان من الصعب جداً الحصول على موافقة الكونغرس لرفع العقوبات عن ليبيا بعد أن وافقت تلك البلاد على تفكيك برنامجها النووي والتخلي عن دعمها للإرهاب. إن الحصول على موافقة الكونغرس بشأن أي اتفاق ينص على مطالب أقل بكثير من إيران هو أمر غير واقعي.
والمسألة الأخيرة، بل والأكثر أهمية، أن الاتفاق يثير تساؤلات حول الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إذ يرى حلفاء واشنطن بالفعل أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة؛ ومن المرجح أن يعزز اتفاق جنيف من تلك الرؤية حيث إنه يضفي صفة قانونية على الأنشطة النووية التي عارضتها الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي على مدار العقد الماضي. ووفقاً لذلك، سوف يرى كثيرون أن هذا مؤشر على أن مغازلة الخطوط الحمراء الأمريكية يجلب معه مكافآت - وهو للأسف نفس الدرس الذي استفاده كثيرون من سياسة عدم التدخل التي انتهجتها الولايات المتحدة في سوريا.
إن مقاومة هذا الانطباع سوف يتطلب جهوداً قوية واستباقية، على نحو يتناقض مع النهج المتردد الذي اتبعته واشنطن تجاه الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. وسيكون من بين العناصر الهامة التنفيذ الفعّال للعقوبات التي لا تزال إيران تواجهها بشأن برنامجها النووي إلى جانب تلك المرتبطة بالإرهاب وحقوق الإنسان وقضايا أخرى. يجب على واشنطن أن تردع الدول والشركات عن العودة في وقت سابق لأوانه إلى مزاولة الأنشطة التجارية على نحو طبيعي مع طهران.
وعلاوة على ذلك، وفي سبيل بعث إشارات لكل من إيران وحلفاء واشنطن بأن الولايات المتحدة لا تبحث عن مخرج لكنها تظل ملتزمة تجاه المنطقة، ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن ينسقوا مع حلفاء واشنطن بشأن محتوى أي اتفاق نهائي بدلاً من مواجهتهم بالأمر الواقع. وبعيداً عن المسألة النووية، يتعيّن على واشنطن مواصلة العمل على إحباط السياسات الإيرانية المعادية وأن تدافع عن مصالحها والمصالح التي تشاطرها مع حلفائها، وأن تعمق من ناحية أخرى المشاركة الأمريكية في المنطقة.
لقد وُصف اتفاق جنيف بجدارة على أنه "خطوة أولى". إن الوقت وأفعال واشنطن سيحددا وحدهما ما إذا كانت تلك خطوة تجاه نزع السلاح النووي الإيراني أم صعود البلاد كقوة نووية، إن كانت خطوة تجاه تراجع الولايات المتحدة أم إعادة تأكيد وتوطيد القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط.
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن.
يشار إلى أن النقاش الناشئ - حيث يؤكد النقاد أنه كان ينبغي مطالبة إيران بالمزيد؛ ويرد المدافعون عن الاتفاق بأن هذا أفضل ما تستطيع الولايات المتحدة تحقيقه وأن البديل لم يكن التوصل إلى اتفاق أفضل وإنما خوض صراع عسكري - ذلك النقاش يمثل أهمية كبيرة، لكن بعد توقيع الاتفاقية يأتي دور المسائل الأكثر أهمية.
سوف تحدد ثلاث مسائل تتعلق بما إذا كانت هذه الاتفاقية ستحرز تقدماَ في نهاية المطاف من عدمه أو ما إذا كانت ستفضي إلى انتكاسة في مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
وتتعلق المسألة الأولى بتنفيذ الاتفاق. فقد تعثرت الاتفاقات النووية السابقة مع إيران، مثل تلك الموقعة بين طهران والاتحاد الأوروبي في 2003-2004، خلال التنفيذ وليس خلال المفاوضات. وفي مرحلة ما خلال الستة أشهر القادمة، قد تنخرط إيران في أنشطة تنتهك نص الاتفاق أو جوهره.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يغطي اتفاق جنيف سوى واحداً من ثلاثة عناصر من البرنامج النووي الإيراني، ألا وهو: تصنيع الوقود. أما العنصران الآخران، وهما بحوث التحويل إلى الأسلحة وتطوير أجهزة إطلاق الصواريخ، فهما محظوران بموجب قرار من الأمم المتحدة لكن لم يتم تناولهما في الاتفاق وربما يستمر الأمر على هذا المنوال.
يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إعداد خطط طوارئ للرد على أي خداع إيراني بشأن الاتفاق ومعاقبة الأنشطة الإيرانية المرتبطة بالبرنامج النووي والتي لم يتناولها الاتفاق. يجب أن نتذكر أنه عندما تجاوز الأسد الخط الأحمر الذي وضعه أوباما بشأن الأسلحة الكيميائية، وجد المسؤولون الأمريكيون أنفسهم في حيرة وتخبط لصياغة رد مناسب. إن هذا النوع من السياسة الارتجالية لا يمكن تكراره مع إيران.
أما السؤال الثاني فيتعلق بالوضع النهائي للبرنامج النووي الإيراني. فالاتفاق المرحلي يسمح لطهران بالاحتفاظ بجميع قدراتها النووية دون مطالبتها بالإفصاح عن الأنشطة المرتبطة بالأسلحة النووية، سواء كانت في الماضي أو الحاضر. وهذه صيغة تنطوي على خطورة كبيرة. فبدون وجود رؤية ثاقبة حول النطاق الكامل لأنشطة إيران النووية السرية، لا يمكن لأي قدر من المراقبة والتفتيش أن يوفر ثقة فعلية في أن إيران لا تمتلك برنامجاً موازياً بعيداً عن أعين المفتشين.
يجب أن يعمل أي اتفاق نهائي على تقليص القدرات النووية التي لم تمسها هذه الخطوة الدبلوماسية الأولى كما يجب أن يطالب إيران بالإفصاح عن النطاق الكامل لأنشطتها النووية الماضية والحالية من جانب كافة الكيانات الإيرانية. ولجعل الأمر واضح لطهران فيما يتعلق بالبديل لتلك الشروط، ينبغي أن تهدد إدارة أوباما بفرض عقوبات إضافية في حالة عدم التوصل إلى اتفاق ويجب أن تتخذ خطوات لتعزيز مصداقية خياراتها العسكرية.
وهذه ليست فقط سياسة جيدة لكنها تعكس نهجاً عملياً: فأي اتفاق نهائي أو حتى تجديد لفترة الستة أشهر المرحلية "من خلال الموافقة المشتركة" كما يسمح به اتفاق جنيف، سوف يتطلب تعاوناً من الكونغرس. لقد كان من الصعب جداً الحصول على موافقة الكونغرس لرفع العقوبات عن ليبيا بعد أن وافقت تلك البلاد على تفكيك برنامجها النووي والتخلي عن دعمها للإرهاب. إن الحصول على موافقة الكونغرس بشأن أي اتفاق ينص على مطالب أقل بكثير من إيران هو أمر غير واقعي.
والمسألة الأخيرة، بل والأكثر أهمية، أن الاتفاق يثير تساؤلات حول الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إذ يرى حلفاء واشنطن بالفعل أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة؛ ومن المرجح أن يعزز اتفاق جنيف من تلك الرؤية حيث إنه يضفي صفة قانونية على الأنشطة النووية التي عارضتها الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي على مدار العقد الماضي. ووفقاً لذلك، سوف يرى كثيرون أن هذا مؤشر على أن مغازلة الخطوط الحمراء الأمريكية يجلب معه مكافآت - وهو للأسف نفس الدرس الذي استفاده كثيرون من سياسة عدم التدخل التي انتهجتها الولايات المتحدة في سوريا.
إن مقاومة هذا الانطباع سوف يتطلب جهوداً قوية واستباقية، على نحو يتناقض مع النهج المتردد الذي اتبعته واشنطن تجاه الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. وسيكون من بين العناصر الهامة التنفيذ الفعّال للعقوبات التي لا تزال إيران تواجهها بشأن برنامجها النووي إلى جانب تلك المرتبطة بالإرهاب وحقوق الإنسان وقضايا أخرى. يجب على واشنطن أن تردع الدول والشركات عن العودة في وقت سابق لأوانه إلى مزاولة الأنشطة التجارية على نحو طبيعي مع طهران.
وعلاوة على ذلك، وفي سبيل بعث إشارات لكل من إيران وحلفاء واشنطن بأن الولايات المتحدة لا تبحث عن مخرج لكنها تظل ملتزمة تجاه المنطقة، ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن ينسقوا مع حلفاء واشنطن بشأن محتوى أي اتفاق نهائي بدلاً من مواجهتهم بالأمر الواقع. وبعيداً عن المسألة النووية، يتعيّن على واشنطن مواصلة العمل على إحباط السياسات الإيرانية المعادية وأن تدافع عن مصالحها والمصالح التي تشاطرها مع حلفائها، وأن تعمق من ناحية أخرى المشاركة الأمريكية في المنطقة.
لقد وُصف اتفاق جنيف بجدارة على أنه "خطوة أولى". إن الوقت وأفعال واشنطن سيحددا وحدهما ما إذا كانت تلك خطوة تجاه نزع السلاح النووي الإيراني أم صعود البلاد كقوة نووية، إن كانت خطوة تجاه تراجع الولايات المتحدة أم إعادة تأكيد وتوطيد القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط.
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن.