حل مشكلات الحدود
مرسل: السبت نوفمبر 30, 2013 12:12 pm
صحيفة 26سبتمبر
د. سمير العبدلي
في هذه الأيام الوحدوية المباركة من شهر مايو التي حقق فيها شعبنا اليمني أعظم انجازاته على مر تاريخه النضالي الطويل ألا وهو إنجاز تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 19990م تلك الوحدة التي استطاع اليمن الموحد من خلالها أن يحقق العديد من الانتصارات والانجازات والتي من أبرزها أقرار النهج الديمقراطي والتعددية السياسية وحرية التعبير وإلغاء براميل التشطير المقيتة إلى الأبد هذا على المستوى الوطني. أما على المستوى العربي والإقليمي فقد كانت دولة الوحدة على موعد لاستكمال ترسيم حدودها مع كافة الدول الشقيقة العربية والإفريقية على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، ودولياً كان الانفتاح على كل دول العالم أبرز سمات المرحلة الوحدوية.
حقيقة الأمر تعتبر مشكلات الحدود العربية- العربية أحد الثغرات المؤثرة في جدار الأمن القومي العربي، وواحدة من بؤر التوتر التي استغلها الاستعمار ومازال لتفجير الصراعات العربية- العربية والاستفادة منها كما حدث في أزمة الخليج بين العراق والكويت. فمع رحيل الاستعمار الأجنبي بكافة اشكاله الذي احتل أرضنا العربية من المحيط إلى الخليج -مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وقيامه بتقسيم الوطن العربي وفق اتفاقية «سايكس بيكو» المشؤومة الى دويلات، التي أراد المحتل من خلالها أن يزرع الفتنة بين الشعوب العربية من خلال التقسيم الوهمي للحدود والذي تعمد فيها إدخال كافة المتناقضات من أجل أن تكون الحدود ألغاماً متفجرة في وجه الشعوب العربية الساعية إلى بناء مشروعها الوطني، نجحت ألغام الحدود في إشعال العديد من الحرائق بين أبناء الأمة العربية حتى أضحت إشكاليات الحدود تدخل ضمن أدوات بعض الأنظمة لتعزيز خلافاتها مع الدولة العربية الجارة لها. ونستطيع القول إن مشكلات الحدود تعتبر السمة الغالبة بين كافة أقطار الوطن العربي.
واليمن كأحد الدول العربية حديثة التحرر من الاستبداد الإمامي والاستقلال من الاستعمار البريطاني في الستينات آنذاك كانت تعاني من مشكلات عدم ترسيم الحدود بالإضافة الى النزاعات الداخلية فيما بينها، فدخلت جمهوريتا اليمن زمن التشطير حروباً عدة ضد بعضهما أو مع دول عربية شقيقة دفاعاً عن الحدود أو النفوذ أو سياسات المصالح الدولية والإقليمية بالإنابة ولم ترسم حدود اليمن بشكلها النهائي مع اغلب الدول المجاورة إلا بعد تحقيق الوحدة المباركة.
لقد شكلت الوحدة اليمنية بالفعل حلقة استقرار وتوافق إلى حد كبير في البعد الاستراتيجي للعلاقات الخارجية سواء بالنسبة للنظام السياسي أو للشعب اليمني، مما مكن اليمن من الاتفاق على ترسيم حدودها بشكلها النهائي مع كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وإريتريا.
إن مشكلات ترسيم الحدود بين اليمن وجيرانها على مر العقود شهدت الكثير من التدهور في العلاقات والصراعات وعدم الاستقرار، بل كانت في معظم الأحوال تستغل من قبل أطراف دولية أو إقليمية كساحة مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، فقد شهدت العلاقات اليمنية- العمانية أو اليمنية السعودية على وجه الخصوص الكثير من الإشكاليات حيث إن المملكة لم ترسم حدودها مع معظم الدول العربية المجاورة لها إلا في السنوات القليلة الماضية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م الضاغطة. أو العلاقات اليمنية -الاريترية بعد ان عينت اريتريا نفسها شرطياً لمنطقة البحر الأحمر عام 1990م في إطار مشروع «شيمون بيريز» الشرق الأوسط الجديد والتي نجحت القيادة اليمنية من خلال لجوئها إلى التحكيم في افشال إدعاءات ملكية اريتريا للجزر اليمنية بل نجحت اليمن في أن تبسط سيادتها الكاملة عليها. لقد شهدت تلك الفترة الكثير من الصراعات والاتفاقات المؤقتة حتى كانت الوحدة عامل قوة للشعب والنظام اليمني، فاتيحت له الفرصة لكي يرسم حدوده بشكلها النهائي وفق قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».
أهم اتفاقيات الحدود التي وقعتها اليمن بعد تحقيق الوحدة:
وقعت اليمن بعد تحقيق الوحدة المباركة مايو 1990م عدداً من معاهدات ترسيم الحدود مع كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية واريتريا:
1- اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية مع سلطنة عمان:
اتفاقية ترسيم الحدود البرية 1/10/ 1992م.
اتفاقية ترسيم الحدود البحرية 14/12/2003م.
2- اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية مع المملكة العربية السعودية:
مذكرة التفاهم اليمنية- السعودية لتشكيل لجان التفاوض26/2/1995م
3- اتفاقية جدة لترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية في 6/12/ 2000م.
التصديق النهائي على ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية في 26/6/2002م.
اتفاقية ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية وجمهورية اريتريا:
اتفاق المبادئ بين اليمن واريتريا في 21/5/1996م.
اتفاق على التحكيم بين الجمهورية اليمنية واريتريا 3/10/1996م.
حكم هيئة التحكيم بشان السيادة على الجزر في البحر الأحمر (حنيش الكبرى وحنيش الصغرى وسيول حنيش وجبل زقر وجبل الزبير وجبل الطير) لصالح اليمن في 9/10/1998م.
حكم هيئة التحكيم بشأن ترسيم الحدود البحرية بين الجمهورية اليمنية واريتريا 21/8/1991م.
اليمن وحل مشكلات الحدود :
يعتبر قيام اليمن الموحد بعد تحقيق وحدته بحل مشكلات الحدود العالقة مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة بالطرق السلمية على قاعدة لا ضرر ولا ضرار خطوة هامة نحو تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي والعربي في منطقة شهدت العديد من الصراعات المسلحة والحروب والدمار بسبب عدم استقرار الحدود وتنافس كل دولة على تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح من وراء الصدامات الحدودية، ويشهد الله كم من الدماء وأموال التنمية دفعها الشعبان الشقيقان اليمني والسعودي منذ اتفاق الطائف 1934م اثناء الصراع على الحدود والمصالح الآنية التي خدمت أعداءهم أكثر مما خدمت مصالح هذا النظام أو ذاك، أو تلك الأموال والأنفس التي أهدرت إثناء صراع سلطنة عمان مع الشطر الجنوبي من الوطن آنذاك، اما فيما يتعلق بالمشكلة الأريترية فبرغم المساعدات العربية واليمنية التي قدمت من أجل تحرير اريتريا وحصولها على الاستقلال إلا انه في احد شطحات وتجليات النظام الافورقي وبدعم خارجي - للضغط على النظام في اليمن لتقديم تنازلات لصالح أطراف في النظام الدولي -تم دفع اريتريا لاحتلال الجزر اليمنية حنيش الصغرى والكبرى وعدد من الجزر الأخرى ولكن حكمة القيادة اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس على عبدالله صالح فوتت فرصة الفخ المراد لليمن الوقوع فيه ولجأت اليمن إلى التحكيم الدولي ونجحت الخبرة اليمنية بمساعدة عربية في أظهار الحق الذي اثبت السيادة الكاملة لصالح اليمن على الجزر التابعة له، لتثبت القيادة اليمنية بٌعد الرؤية، وربما كان احتلال اريتريا للجزر اليمنية شكل جرس إنذار للقيادة والشعب اليمني لتنبهنا بأننا دولة بحرية من الدرجة الأولى وليس دولة برية جبلية فقط، حيث تمتلك اليمن سواحل بمساحة 2000 كيلومتر تقريباً تمتد من البحر الأحمر شمالاً وخليج عدن جنوباً، وحتى البحر العربي غربا،ً كانت كلها مفتوحة على مصراعيها ولكي تسجل أيضاً أن كل مآسي اليمن من الاحتلالات الأجنبية والتهريب عبر تاريخه كانت تأتي من البحر، لذا كان صدمة الاحتلال ناقوساً جعل النظام يهتم أكثر بأهمية تأمين حدوده البحرية وإنشاء قوات بحرية متنوعة للحفاظ على السيادة اليمنية.
شكل ترسيم الحدود بين اليمن وجيرانه العرب والأفارقة علامات بارزة أسهمت في تحقيق الاستقرار العربي والإقليمي في تلك المنطقة على النحو التالي:
أصبحت الحدود مصدر أمن واستقرار بين اليمن وجيرانها وأضحت خارج نطاق التبرير للخلافات بين الأنظمة في حال وجود خلافات فيما بينها.
حدوث استقرار كبير في تلك الدول مما وجَّه الكثير من جهودها ومواردها نحو التنمية والبناء الداخلي في كل دولة.
حل مشكلات الحدود أبعد إلى حد كبير التدخلات الخارجية المثيرة للخلاف بين تلك الدول والتي غالباً ما كانت تستغل مشكلات الحدود لتوتر الأجواء .
الحد من الانفاق العسكري الذي كان يهدر بسبب المواجهات والمشاكل الحدودية.
إعطاء نموذج للدول العربية الأخرى التي تتنازع على الحدود لحل مشكلاتها بالطرق السلمية على قاعدة لاضرر ولا ضرار.
أهمية أن يتيح ترسيم الحدود بين تلك الدول على ضرورة التنسيق لتنمية وتطوير مناطق الحدود المتاخمة، بحيث تكون نموذجاً للتنمية والتطوير والعيش المشترك بعد ان كانت مناطق صراعات ومماحكات. وجود العديد من الاتفاقات المكملة لترسيم الحدود بين اليمن وجيرانها على وجه الخصوص مع المملكة العربية السعودية للاستفادة الاقتصادية والاجتماعية واحتواء العمالة اليمنية، والتي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن ولكنها من علامات الاستقرار والتعاون الناجمة عن توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود ذات التأثير الهام.
وفي الأخير فانني أرى ان أهمية معالجة قضايا ترسيم الحدود فيما بين الدول العربية بشكلها النهائي لما يوفره ذلك من المزيد من الجهد والوقت للبناء والتنمية بدلاً من تشتيت الجهود وإهدارها في الحروب والتطاحن حيث إننا جميعاً كأمة عربية وكجيران مستهدفون في مستقبلنا وفي جودنا وفي استقرارنا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الصعبة، إذا لم نتكاتف وتتوحد مصالحنا الاقتصادية والسياسية على الأقل في مواجهة المشاريع المعدة لطمس هويتنا ومستقبل أجيالنا.
د. سمير العبدلي
في هذه الأيام الوحدوية المباركة من شهر مايو التي حقق فيها شعبنا اليمني أعظم انجازاته على مر تاريخه النضالي الطويل ألا وهو إنجاز تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 19990م تلك الوحدة التي استطاع اليمن الموحد من خلالها أن يحقق العديد من الانتصارات والانجازات والتي من أبرزها أقرار النهج الديمقراطي والتعددية السياسية وحرية التعبير وإلغاء براميل التشطير المقيتة إلى الأبد هذا على المستوى الوطني. أما على المستوى العربي والإقليمي فقد كانت دولة الوحدة على موعد لاستكمال ترسيم حدودها مع كافة الدول الشقيقة العربية والإفريقية على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، ودولياً كان الانفتاح على كل دول العالم أبرز سمات المرحلة الوحدوية.
حقيقة الأمر تعتبر مشكلات الحدود العربية- العربية أحد الثغرات المؤثرة في جدار الأمن القومي العربي، وواحدة من بؤر التوتر التي استغلها الاستعمار ومازال لتفجير الصراعات العربية- العربية والاستفادة منها كما حدث في أزمة الخليج بين العراق والكويت. فمع رحيل الاستعمار الأجنبي بكافة اشكاله الذي احتل أرضنا العربية من المحيط إلى الخليج -مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وقيامه بتقسيم الوطن العربي وفق اتفاقية «سايكس بيكو» المشؤومة الى دويلات، التي أراد المحتل من خلالها أن يزرع الفتنة بين الشعوب العربية من خلال التقسيم الوهمي للحدود والذي تعمد فيها إدخال كافة المتناقضات من أجل أن تكون الحدود ألغاماً متفجرة في وجه الشعوب العربية الساعية إلى بناء مشروعها الوطني، نجحت ألغام الحدود في إشعال العديد من الحرائق بين أبناء الأمة العربية حتى أضحت إشكاليات الحدود تدخل ضمن أدوات بعض الأنظمة لتعزيز خلافاتها مع الدولة العربية الجارة لها. ونستطيع القول إن مشكلات الحدود تعتبر السمة الغالبة بين كافة أقطار الوطن العربي.
واليمن كأحد الدول العربية حديثة التحرر من الاستبداد الإمامي والاستقلال من الاستعمار البريطاني في الستينات آنذاك كانت تعاني من مشكلات عدم ترسيم الحدود بالإضافة الى النزاعات الداخلية فيما بينها، فدخلت جمهوريتا اليمن زمن التشطير حروباً عدة ضد بعضهما أو مع دول عربية شقيقة دفاعاً عن الحدود أو النفوذ أو سياسات المصالح الدولية والإقليمية بالإنابة ولم ترسم حدود اليمن بشكلها النهائي مع اغلب الدول المجاورة إلا بعد تحقيق الوحدة المباركة.
لقد شكلت الوحدة اليمنية بالفعل حلقة استقرار وتوافق إلى حد كبير في البعد الاستراتيجي للعلاقات الخارجية سواء بالنسبة للنظام السياسي أو للشعب اليمني، مما مكن اليمن من الاتفاق على ترسيم حدودها بشكلها النهائي مع كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وإريتريا.
إن مشكلات ترسيم الحدود بين اليمن وجيرانها على مر العقود شهدت الكثير من التدهور في العلاقات والصراعات وعدم الاستقرار، بل كانت في معظم الأحوال تستغل من قبل أطراف دولية أو إقليمية كساحة مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، فقد شهدت العلاقات اليمنية- العمانية أو اليمنية السعودية على وجه الخصوص الكثير من الإشكاليات حيث إن المملكة لم ترسم حدودها مع معظم الدول العربية المجاورة لها إلا في السنوات القليلة الماضية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م الضاغطة. أو العلاقات اليمنية -الاريترية بعد ان عينت اريتريا نفسها شرطياً لمنطقة البحر الأحمر عام 1990م في إطار مشروع «شيمون بيريز» الشرق الأوسط الجديد والتي نجحت القيادة اليمنية من خلال لجوئها إلى التحكيم في افشال إدعاءات ملكية اريتريا للجزر اليمنية بل نجحت اليمن في أن تبسط سيادتها الكاملة عليها. لقد شهدت تلك الفترة الكثير من الصراعات والاتفاقات المؤقتة حتى كانت الوحدة عامل قوة للشعب والنظام اليمني، فاتيحت له الفرصة لكي يرسم حدوده بشكلها النهائي وفق قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».
أهم اتفاقيات الحدود التي وقعتها اليمن بعد تحقيق الوحدة:
وقعت اليمن بعد تحقيق الوحدة المباركة مايو 1990م عدداً من معاهدات ترسيم الحدود مع كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية واريتريا:
1- اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية مع سلطنة عمان:
اتفاقية ترسيم الحدود البرية 1/10/ 1992م.
اتفاقية ترسيم الحدود البحرية 14/12/2003م.
2- اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية مع المملكة العربية السعودية:
مذكرة التفاهم اليمنية- السعودية لتشكيل لجان التفاوض26/2/1995م
3- اتفاقية جدة لترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية في 6/12/ 2000م.
التصديق النهائي على ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية في 26/6/2002م.
اتفاقية ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية وجمهورية اريتريا:
اتفاق المبادئ بين اليمن واريتريا في 21/5/1996م.
اتفاق على التحكيم بين الجمهورية اليمنية واريتريا 3/10/1996م.
حكم هيئة التحكيم بشان السيادة على الجزر في البحر الأحمر (حنيش الكبرى وحنيش الصغرى وسيول حنيش وجبل زقر وجبل الزبير وجبل الطير) لصالح اليمن في 9/10/1998م.
حكم هيئة التحكيم بشأن ترسيم الحدود البحرية بين الجمهورية اليمنية واريتريا 21/8/1991م.
اليمن وحل مشكلات الحدود :
يعتبر قيام اليمن الموحد بعد تحقيق وحدته بحل مشكلات الحدود العالقة مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة بالطرق السلمية على قاعدة لا ضرر ولا ضرار خطوة هامة نحو تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي والعربي في منطقة شهدت العديد من الصراعات المسلحة والحروب والدمار بسبب عدم استقرار الحدود وتنافس كل دولة على تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح من وراء الصدامات الحدودية، ويشهد الله كم من الدماء وأموال التنمية دفعها الشعبان الشقيقان اليمني والسعودي منذ اتفاق الطائف 1934م اثناء الصراع على الحدود والمصالح الآنية التي خدمت أعداءهم أكثر مما خدمت مصالح هذا النظام أو ذاك، أو تلك الأموال والأنفس التي أهدرت إثناء صراع سلطنة عمان مع الشطر الجنوبي من الوطن آنذاك، اما فيما يتعلق بالمشكلة الأريترية فبرغم المساعدات العربية واليمنية التي قدمت من أجل تحرير اريتريا وحصولها على الاستقلال إلا انه في احد شطحات وتجليات النظام الافورقي وبدعم خارجي - للضغط على النظام في اليمن لتقديم تنازلات لصالح أطراف في النظام الدولي -تم دفع اريتريا لاحتلال الجزر اليمنية حنيش الصغرى والكبرى وعدد من الجزر الأخرى ولكن حكمة القيادة اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس على عبدالله صالح فوتت فرصة الفخ المراد لليمن الوقوع فيه ولجأت اليمن إلى التحكيم الدولي ونجحت الخبرة اليمنية بمساعدة عربية في أظهار الحق الذي اثبت السيادة الكاملة لصالح اليمن على الجزر التابعة له، لتثبت القيادة اليمنية بٌعد الرؤية، وربما كان احتلال اريتريا للجزر اليمنية شكل جرس إنذار للقيادة والشعب اليمني لتنبهنا بأننا دولة بحرية من الدرجة الأولى وليس دولة برية جبلية فقط، حيث تمتلك اليمن سواحل بمساحة 2000 كيلومتر تقريباً تمتد من البحر الأحمر شمالاً وخليج عدن جنوباً، وحتى البحر العربي غربا،ً كانت كلها مفتوحة على مصراعيها ولكي تسجل أيضاً أن كل مآسي اليمن من الاحتلالات الأجنبية والتهريب عبر تاريخه كانت تأتي من البحر، لذا كان صدمة الاحتلال ناقوساً جعل النظام يهتم أكثر بأهمية تأمين حدوده البحرية وإنشاء قوات بحرية متنوعة للحفاظ على السيادة اليمنية.
شكل ترسيم الحدود بين اليمن وجيرانه العرب والأفارقة علامات بارزة أسهمت في تحقيق الاستقرار العربي والإقليمي في تلك المنطقة على النحو التالي:
أصبحت الحدود مصدر أمن واستقرار بين اليمن وجيرانها وأضحت خارج نطاق التبرير للخلافات بين الأنظمة في حال وجود خلافات فيما بينها.
حدوث استقرار كبير في تلك الدول مما وجَّه الكثير من جهودها ومواردها نحو التنمية والبناء الداخلي في كل دولة.
حل مشكلات الحدود أبعد إلى حد كبير التدخلات الخارجية المثيرة للخلاف بين تلك الدول والتي غالباً ما كانت تستغل مشكلات الحدود لتوتر الأجواء .
الحد من الانفاق العسكري الذي كان يهدر بسبب المواجهات والمشاكل الحدودية.
إعطاء نموذج للدول العربية الأخرى التي تتنازع على الحدود لحل مشكلاتها بالطرق السلمية على قاعدة لاضرر ولا ضرار.
أهمية أن يتيح ترسيم الحدود بين تلك الدول على ضرورة التنسيق لتنمية وتطوير مناطق الحدود المتاخمة، بحيث تكون نموذجاً للتنمية والتطوير والعيش المشترك بعد ان كانت مناطق صراعات ومماحكات. وجود العديد من الاتفاقات المكملة لترسيم الحدود بين اليمن وجيرانها على وجه الخصوص مع المملكة العربية السعودية للاستفادة الاقتصادية والاجتماعية واحتواء العمالة اليمنية، والتي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن ولكنها من علامات الاستقرار والتعاون الناجمة عن توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود ذات التأثير الهام.
وفي الأخير فانني أرى ان أهمية معالجة قضايا ترسيم الحدود فيما بين الدول العربية بشكلها النهائي لما يوفره ذلك من المزيد من الجهد والوقت للبناء والتنمية بدلاً من تشتيت الجهود وإهدارها في الحروب والتطاحن حيث إننا جميعاً كأمة عربية وكجيران مستهدفون في مستقبلنا وفي جودنا وفي استقرارنا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الصعبة، إذا لم نتكاتف وتتوحد مصالحنا الاقتصادية والسياسية على الأقل في مواجهة المشاريع المعدة لطمس هويتنا ومستقبل أجيالنا.