- السبت نوفمبر 30, 2013 12:19 pm
#66669
اليمن رسميا الجمهورية اليمنية دولة تقع جنوب غرب شبه الجزيرة العربية في غربي آسيا. تبلغ مساحتها حوالي 527,970 كيلو متر مربع، يحد اليمن من الشمال السعودية ومن الشرق سلطنة عمان لها ساحل جنوبي على بحر العرب وساحل غربي على البحر الأحمر. عاصمتها وأكبر مدنها هي صنعاء، ولدى اليمن أكثر من 200 جزيرة في البحر الأحمر وبحر العرب أهمها جزيرة سقطرى. وهي الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية ذات نظام جمهوري. ينص الدستور اليمني على ديمقراطية الدولة وإقرارها التعددية الحزبية والسياسية وتبنيها نظام اقتصادي حر والالتزام بالمواثيق والعهود الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع [4] وكان اليمن أول دولة في الجزيرة العربية سمح للنساء بحق التصويت عام 1967[5] تحققت الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 22 مايو 1990. اليمن عضو في جامعة الدول العربية من 1945 والأمم المتحدة من 1947 وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي.
لليمن طبيعة قبلية إذ أن غالب السكان يعيش في الأرياف وتشكل القبائل قرابة 85% من التعداد الكلي للسكان البالغ 25,408,288 وتلعب الانتماءات القبلية والمناطقية دورا كبيرا في رسم الخارطة السياسية للبلاد وهو البلد الثاني بعد الولايات المتحدة كأكبر نسبة امتلاك للسلاح بين أفراده [6] يقطن اليمن أغلبية سنية شافعية وأقلية زيدية كبيرة وأقليات صغيرة من إسماعيلية ويهود ومسيحيين [7]
تاريخ اليمن القديم يبدأ من أواخر الألفية الثانية ق.م حيث قامت مملكة سبأ ومَعيَّن وقتبان وحضرموت وحِميَّر وكانوا مسؤولين عن تطوير أحد أقدم الأبجديات في العالم وهي ماعرف بخط المسند [8] والذي قاموا بنقله إلى المتحدثين بالعربية الشمالية القديمة واللغات السامية في إثيوبيا [9] عدد النصوص والكتابات والشواهد الأركيولوجية في اليمن أكثر من باقي أقاليم وأقطار شبه الجزيرة العربية[10] أطلق عليها الإغريق تسمية (يونانية: Αραβία ευδαιμονία، لاتينية: Arabia Felix) و تعني العربية السعيدة [11] وقامت عدة دول في اليمن مثل الدولة الزيادية الدولة اليعفرية والإمامة الزيدية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية.
يعتمد الإقتصاد اليمني على موارد محدودة من النفط والغاز لم تستغل جيداً ولا يزال هذا القطاع رغم أنه يشكل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي غير مطور [12] تاريخياً، كان اليمن بلداً زراعياً ويعتمد على مداخيل ممراته البحرية وموانئه. تمر البلاد بأوضاع سياسية واقتصادية صعبة نتيجة الفساد والصراعات الإثنية والدينية التي تعيق مسيرة التنمية. وقامت ثورة الشباب اليمنية في (2011 - 2012) مطالبة بإسقاط علي عبد الله صالح، والذي حكم البلاد لمدة 33 سنة وأثمرت الإحتجاجات في تنحيته وتنحية أبنائه جزئيا عن المشهد السياسي. وانعقدت جلسات الحوار الوطني اليمني في 18 مارس 2013 الذي يعول عليه، وفق الأجهزة الرسمية، إيجاد حلول لمشاكل اليمن العالقة [13][14][15]
محتويات [أخف]
1 التسمية
2 الجغرافيا والمناخ
2.1 الموقع
2.2 التضاريس
2.3 المناخ
3 التقسيمات الإدارية
4 التركيبة السكانية
4.1 اللغات واللهجات
5 التاريخ
5.1 التاريخ القديم
5.2 العصور الوسطى
5.3 التاريخ الحديث
5.4 المرحلة المعاصرة
5.4.1 المملكة المتوكلية اليمنية
5.4.2 محمية عدن
5.4.3 الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي)
5.4.4 اليمن الجنوبي
5.4.5 الجمهورية اليمنية
5.5 الإحتجاجات الشعبية
6 الحكومة
6.1 السلطة التشريعية
6.2 السلطة التنفيذية
6.3 السلطة القضائية
6.4 الأحزاب السياسية
6.5 العلاقات الخارجية
7 الجيش
8 حقوق الإنسان
9 الصحة
10 التعليم
11 الاقتصاد
11.1 النفط والغاز
11.2 الزراعة
11.3 السياحة
11.4 النقل والمواصلات
12 الإعلام
12.1 الصحف والمجلات
13 الثقافة
13.1 الرقصات الشعبية
13.2 الأزياء الشعبية
13.3 السينما والتلفزيون
13.4 الموسيقى
13.5 الشعر والأدب
13.6 العمارة
13.7 المطبخ
13.8 الرياضة
14 الأعياد والعطلات الرسمية
15 صور من اليمن
16 ملاحظات
17 مراجع
التسمية[عدل]وردت عدة نظريات خلف تسمية اليمن وأول النصوص المسندية المكتشفة حتى الآن التي تشير لهذا الإسم يعود للقرن الثالث الميلادي وجائت بصيفة يمنت أو يمنة [16] وتشير إلى الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية الخاضع للحِميَّريين [17] أما العهد القديم فذكر مملكة سبأ كثيراً وأشار العهد الجديد إلى ملكة سبأ الأسطورية بـ"ملكة تيمن"[18] ولا زال اليهود يسمون يهود اليمن بـ"تيمانيم" ويسمون اليمن "تيمن"[19] في أيام الإمبراطورية الرومانية كانت البلاد تُعرف باسم العربية السعيدة[20] في الأدبيات العربية، اختلف اللسانيون وأهل الأخبار في تحديد معنى اليمن ولهم عدة نظريات بخصوص ذلك فقيل أنه مشتق من اليُمن أي البركة وهو نقيض الشؤم[21] وقيل كذلك أنه سمي باليمن لإنه يمين الكعبة[22] وقيل سمي نسبة إلى يمن بن قحطان وقالوا أن قحطان أبو اليمن وقالوا كذلك أن قحطان نفسه إسمه يمن[23] ومنهم من قال أن كل العرب كانوا بمكة فتيامن بنو يقطن في رواية وبنو يمن في رواية أخرى فسميت اليمن على ذلك[23] ومثل هذا من مألوف عادة أهل الأخبار فالشواهد الأثرية والكتابات الكلاسيكية خرساء صامتة عن قحطان ومكة والكعبة إذ كان بشبة الجزيرة ستة وعشرون كعبة على الأقل وقحطان مأخوذ من الشخصية التوراتية يقطان الذي يذكر العهد القديم أنه والد سبأ وحضرموت[24] الرأي الغالب أنه ظهر من كلمة يمنت في نصوص المسند[25][26][27] اليمن هو أحد خمسة أقاليم تحدد جغرافيا الجزيرة العربية وهو الإقليم لما وراء تثليث ويبرين إلى صنعاء وماقاربها من مخاليف وأقصى اليمن حضرموت ومركزها وقصبتها صنعاء [28][29][30]
الجغرافيا والمناخ[عدل] مقالات مفصلة: جغرافيا اليمن · مناخ اليمن
بادية اليمن (الجوف ـ مأرب)
المدرجات الجبلية في المحويت
سقطرى
تهامة اليمنالموقع[عدل]يقع اليمن في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية بين السعودية وسلطنة عمان. ويشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي. يبلغ طول الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية قرابة 1,458 كم و 288 كم مع عُمان من جهة الشرق.يطل اليمن على البحر الأحمر وبحر العرب ويبلغ طول الشريط الساحلي لليمن 2500 كم [31]
التضاريس[عدل]يتكون اليمن من خمسة أقاليم جغرافية هي :
إقليم السهل الساحلي : يمتد هذا الإقليم من تهامة مرورا بالسواحل الجنوبية للبلاد في عدن وحضرموت والمهرة. يتخلل هذا الإقليم عدة هضاب وجبال ويشمل سهول تهامة وأبين وميفعة والسهل الساحلي الشرقي في محافظة المهرة [32]
إقليم المرتفعات الجبلية : وهو أكبر أقاليم اليمن الجغرافية إذ يمتد من أقاصي الحدود الشمالية الغربية للبلاد حتى الحدود الجنوبية الشرقية. والجبال في هذا الإقليم هي الأعلى ارتفاعا في شبه الجزيرة العربية بمعدل 2000 م وتبلغ بعض القمم 3500 م أعلى هذه القمم هي قمة جبل النبي شعيب [33][34]
إقليم الأحواض الجبلية : يتميز هذا الإقليم بالأحواض والسهول الجبلية في مرتفعاته وأكثريتها تقع في الجانب الشرقي من الإقليم حيث تكثر المياه الآتية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتعبر في قاع يريم وذمار ومعبر وحوض صنعاء وعمران وصعدة.[35]
إقليم المناطق الهضبية: تقع إلى الشرق والشمال من إقليم المرتفعات الجبلية وموازية لها لكنها تتسع أكثر باتجاه الربع الخالي وطبيعة هذا الإقليم صحراوية صخرية تتخله بعض الأودية وينقسم إلى قسمين الهضبة الغربية وأعلى ارتفاع لها قرابة 1300م والهضبة الشرقية المتمثلة في هضبة حضرموت الي بدورها تنقسم إلى شمالية وجنوبية بسبب وادي حضرموت الذي يفصل بينهما.[36]
إقليم الصحراء :إقليم رملي يكاد يخلو من غطاء نباتي بإسثناء مجاري الأمطار ويشمل أجزاء من صحراء الربع الخالي. تراوح ارتفاع السطح هنا بين (500-1000) م فوق مستوى سطح البحر.[36]
المناخ[عدل]الجو حار ودرجة الرطوبة عالية في المناطق الساحلية ومعتدل في المناطق الجبلية وجاف وحار في المناطق الشرقية للبلاد [37][38]
الساحل الغربي: تصل درجة الحرارة إلى 54 درجة مئوية خلال فصل الصيف و 35 درجة مئوية شتاءا[39]
الساحل الجنوبي: 37 درجة مئوية صيفا و 25 شتاءا[40] كمية الأمطار لا تزيد عن 100 مليمتر في السنة و لا تتجاوز 10 أيام فقط في السنة [41]
المرتفعات: تتمتع بمناخ معتدل في معظم أيام السنة، على الرغم من أنه يمكن أن يصبح حار في الظهر و بارد في الليل و خصوصا بين شهري أكتوبر وفبراير.تصل درجة الحرارة إلى 5 درجات مئوية من نوفمبر إلى يناير و 25 درجة مئوية في يوليو[42] تسجل الأمطار أعلى قيمها في المنطقة الجبلية الوسطى حيث تتراوح كميتها السنوية بين 400 -1100 مليمتر تقريباً و بمعدل سنوي يقترب من 750 مليمتر
أيضا هذه المنطقة تسجل أعلى عدد للأيام الممطرة والتي قد تصل إلى أكثر من 156 يوم في السنة و بمعدل سنوي 94 يوم في السنة.[41]
التقسيمات الإدارية[عدل] مقالات مفصلة: تقسيمات اليمن الإدارية · محافظات اليمن · مديريات اليمن · مدن اليمن
تُقسم الجمهورية اليمنية إدارياً في إطار نظام السلطة المحلية إلى (21) محافظة بالإضافة إلى محافظة أرخبيل سقطرة التي أعلن أستقلالها عن حضرموت [43]، بما فيها أمانة العاصمة، و تقسّم المحافظات إلى: (333) مديرية، يتفرّع عنها (2200) عزلة و حي، فضلاً عن (36986) قرية و (91489) محلّة و حارة. كما يبلغ عدد الدوائر المحلية (5620) دائرة محلية (مركز انتخابي).[44] وفقا للباحث الأميركي ستيفين وود داي، فإن علي عبد الله صالح عمد إلى إنشاء أكبر عدد ممكن من المحافظات الصغيرة لإستمرار إعتمادها على صنعاء فعدد المحافظات كبير مقارنة بمساحة اليمن وأن التقسيمات الإدارية تصب في مصلحة نخب في المرتفعات الشمالية [45]
ترتيب المحافظات اليمنية
صنعاء
تعز
إب
جبلة
# قائمة محافظات اليمن عدد السكان
عدن
شبام
شبام كوكبان
صيرة
المكلا
1 محافظة صنعاء 1,048,310
2 محافظة تعز 2,727,186
3 محافظة الحديدة 2,470,703
4 محافظة إب 2,422,013
5 أمانة العاصمة 2,022,867
6 محافظة حجة 1,683,554
7 محافظة ذمار 1,514,297
8 حضرموت 1,181,863
9 محافظة عمران 1,002,099
10 محافظة لحج 825,794
11 محافظة صعدة 791,823
12 محافظة عدن 684,322
13 محافظة المحويت 564,067
14 محافظة البيضاء 656,811
15 محافظة الضالع 537,243
16 محافظة شبوة 536,594
17 محافظة أبين 497,231
18 محافظة الجوف 503,151
19 محافظة ريمة 448,550
20 محافظة مأرب 271,855
21 محافظة المهرة 101,701
22 محافظة سقطرى 42,842
التركيبة السكانية[عدل] مقالات مفصلة: سكان اليمن · قبائل اليمن · الهجرة إلى اليمن · الدين في اليمن · الإسلام في اليمن · يهود اليمن
أطفال يمنيون في مدينة جبلة
فتى من حاشد عام 1966، همدان في المرتفعات الشمالية فقط، يشكلون قرابة 20% من التعداد الكلي للسكان[46]يقدر تعداد سكان اليمن بقرابة 25,408,288 نسمة[47] تشكل القبائل الغالبية العظمى من المواطنين بقرابة 85% من التعداد الكلي للسكان[48] وجلهم من همدان (حاشد وبكيل) وحِميَّر وكِندة ومَذْحَج والمعافر وخولان وحضرموت ومايندرج تحتهم من بطون وفخائذ وأحلاف [49] معظم القبائل متحضر فعموم أهل اليمن حضر وليسوا أعراباً من عصورهم القديمة [50] ولكن توجد قبائل بدوية ـ أو كانت كذلك لفترة قريبة ـ في محافظة مأرب والجوف وبادية الربع الخالي شمال حضرموت وهناك المهرة في شرق اليمن وهم يتحدثون لغتهم الخاصة وهي اللغة المهرية. وهناك مواطنون من أصول أخرى فحوالي 5% أفارقة وقد يكونون غير ذلك ويتواجدون في المناطق الساحلية في تهامة وجنوب اليمن [51][52] كانت تجارة العبيد مزدهرة في اليمن وقد يكونون من شرق أفريقيا أو الهند [53][54][55]
يمكن ملاحظة الاختلاط الاثني بسهولة في تهامة وجنوب اليمن [56][57][58][59] وحوالي 10% من المواطنين من شعوب الترك والأرمن المسلمين والمصريين والأمازيغ وعرب آخرين [60][61][62][63] أما سكان جزيرة سقطرى فهم سكان أصليون ولكن جزيرتهم كانت مرفأ مهما للسفن التجارية فسيطر عليها السبئيون وكانت مأهولة بسكانها الأصليين ونزل بها أقوام من الهند ومبشرين بالمسيحية من اليونان ولغتهم وثقافتهم مزيج من كل هذه العوامل [64] وهم يقتربون من سكان المهرة وعددهم قرابة الخمسين ألف نسمة [65] بقيت تلك الجزيرة مسيحية بالكامل حتى فترات متقدمة من التاريخ اليمني وبدأ سكانها يعتنقون الإسلام عقب سيطرة سلطنة المهرة على الجزيرة وإختفى آخر مسيحي منها في القرن الثامن عشر [66]
هذه ليست إحصائات رسمية فمعظمهم قد لايعرف الكثير عن أصوله هذه فقد ذابوا في مجتمعهم ولكن يمكن تمييزهم بأنهم ليسوا قبليين ويتواجدون في المدن بينما تغلب القبيلة على الأرياف سواء المرتفعات الجبلية أو البادية وتعد القبائل واليهود في المرتفعات الشمالية أكثر إنعزالاً من سكان بقية المناطق[67] وهناك طبقة اجتماعية تُعرف بالأخدام [68] تم الغاء العبودية رسمياً عام 1962[69] ولكن مظاهر التميز الإثني والمناطقي لا زالت مستشرية باليمن والهويات المناطقية والقبلية قوية وانتماء القبائل لدولة وطنية أضعف بكثير من الهوية القبلية [70] ذلك أن النخبة السياسية حرصت على إذكاء هذه الفروقات وإستمرارية الأعراف القبلية، القبائل جزء كبير من السكان ولكن هناك مجموعات غير قبلية مؤثرة ومهمة [71] بالإضافة للعلاقات التي تربط الزعامات القبلية بالسعودية تلعب دورا مفصلياً في تقويض ولاء القبائل للدولة وطبيعة التوزيع السكاني كذلك، إذ لا زال معظم السكان يعيش في قرى نائية متناثرة بأرجاء البلاد وفقا لخالد فتاح، محاضر زائر بجامعة لوند السويدية[72] خاصة أن اليمنيون يستدعون انتمائاتهم الضيقة خلال الأزمات السياسية التي تعصف ببلادهم [73]
يمني يهودي مع ابنه ستينيات القرن العشرين في صنعاءنسبة الزيادة السكانية حوالي 3% سنويا وتبلغ الكثافة السكانية حوالي 40 نسمة لكل كم2. معدل الخصوبة هو 6.5 طفل لكل امرأة [74] و75% من السكان أعمارهم أقل من 30 سنة [75] يعيش 27.3% من السكان في المدن مقابل 73.7% في الأرياف و تبلغ نسبة الأمية حوالي 38.8% [74] قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر[76] يعد معدل النمو السكاني واحدا من أعلى المعدلات في العالم ومن المتوقع أن يصل تعداد اليمن إلى 30.8 مليون نسمة عام 2020 وهو مايضع اليمن أمام تحديات مستقبلية جديدة[77] يتواجد حوالي 700,000 لاجئ صومالي في اليمن وأعدادهم في تزايد مستمر [78][79][80][81] 260,000 مسجلون رسمياً[82] على الرغم من الاقتصاد الهش، محدودية خدمات الصحة العامة والتعليم، وبيئة أمنية شديدة التقلب[83]
الدين في اليمن (تقريبا)[84]
شافعية 65%
زيدية 35%
آخرون 1%
تقدر نسبة المسلمين في اليمن 99.0% أي 1.5% من مجموع مسلمي العالم [85] و ينقسم المسلمون في اليمن إلى مجموعتين رئيسيتين هما السنة الشافعية والشيعة الزيدية. وتبلغ نسبة الشافعية حوالي 60-70% مقابل زيدية 30 - 40% [86] وتوجد أقلية إسماعيلية صغيرة كذلك [87] هناك أعداد قليلة باقية من اليمنيين اليهود إذ هاجر أغلبهم إلى إسرائيل والولايات المتحدة وهم الأقلية الغير المسلمة الوحيدة من سكان البلد الأصليين [88][89] فوجودهم قديم للغاية ويعود للقرن الميلادي الثاني [90] أغلب الصناع والصاغة في اليمن كانوا يهود [91] يوجد أربعة كنائس في عدن للمسيحيين الذين أغلبهم من الأجانب وأقلية هندوسية صغيرة جدا (من أصول هندية) متواجدة في عدن كذلك [89] إذ كانت عدن مدينة مزدهرة ومتنوعة عرقيا ودينيا فقد كان هناك وجود للبارسيون أو الفارسية كما كان يسميهم أهل عدن ولم يبقى منهم سوى شخص واحد في 2013. فقد كانت عدن مركزا تجارياً ومقصداً لأصحاب الأموال فغدت تجمعا حضريا نابعا بالحياة بل كانت ثاني أهم موانئ العالم في الخمسينات بعد نيويورك[92] تقلصت أعداد الأقليات الدينية كثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين.
اللغات واللهجات[عدل] مقالات مفصلة: لغات اليمن · لهجة يمنية · لهجة صنعانية · لهجة تعزية-عدنية · لهجة حضرمية
ألواح الزبور السبئيةاللغة العربية هي اللغة الرسمية مع وجود أقلية تتحدث باللغة المهرية في شرقي البلاد ولسكان جزيرة سقطرى لغتهم الخاصة هي اللغة السقطرية ولا علاقة للمهرية والسقطرية بالعربية الجنوبية القديمة التي كانت سائدة في اليمن أيام التاريخ القديم [93] كان اليمنيون قديما يتحدثون بأربع لهجات ضمن ماعرف باللغة الصيهدية وهي اللغة السبئية والقتبانية والمعينية والحضرمية ودونوا كتابتهم بخط المسند والزبور وكانت اللغة السبئية هي الأكثر إنتشارا وتدوينا [94] بالإضافة للغة "شبه سبئية" كانت مستخدمة في نجران وقرية الفاو.
خط المسند كان نظام الكتابة الأقدم في شبه الجزيرة العربية ويعتبر أبجدية شقيقة للأبجدية الفينيقية ومتفرعا من الأبجدية السينائية الأولية [95] وأستعمل للتدوين من قبل المتحدثين بالعربية الشمالية القديمة واللغات الإثيوبية السامية فالمسند هو الخط العربي الأصلي فلم يطور سكان تلك المناطق نظام كتابة خاص بهم إلا أن جهود مبشري الكنائس الشرقية ساهم في إنتشار القلم النبطي المتأخر وهو أحد الخطوط السريانية على حساب المسند لإنه أسهل [96] وساهم دخول اليمنيين في الإسلام إلى هجرهم قلمهم القديم واستبداله بالأبجدية النبطية المتأخرة التي دون بها القرآن [97] يتحدث اليمنيون اليوم العربية باللهجة اليمنية وهي لهجة متطورة ومرتبطة ارتباطا وثيقا باللغة القديمة [98] وهي ثلاث لهجات بتفرعات لهجة صنعانية ولهجة حضرمية ولهجة تعزية-عدنية بالإضافة للهجة بدوية لسكان مأرب والجوف ولكل من هذه اللهجات خصائص ومميزات [99][100]
التاريخ[عدل] مقالة مفصلة: تاريخ اليمن
وجدت أثار وشواهد من العصر الحجري القديم ومدافن وميغاليث من العصر الحجري الحديث وبدأت علامات التحضر تظهر في الألفية الثانية ق م وظهرت مملكة سبأ في العام 1200 ق.م [101] قامت في اليمن أربعة إتحادات قبلية هي مملكة سبأ ومملكة حضرموت ومملكة معين ومملكة قتبان وأقوى هذه الإتحادات كان سبأ والتي ضمت بقية الممالك في القرن السابع ق.م بقيادة الملك السبئي كربئيل وتر الأول.
دخلت المسيحية إلى اليمن في القرن الرابع بعد الميلاد وشهدت البلاد تواجدا قويا لليهود حتى إعتنقت القبائل اليمانية الإسلام في القرن السابع الميلادي ولعبت القبائل دورا مفصليا في الفتوحات الإسلامية التي أعقبت وفاة النبي محمد. شهد اليمن قيام عدة دويلات وإمارات صغيرة أقوى الدول كانت الدولة الزيادية والدولة اليعفرية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية والإمامة الزيدية [ملاحظة 1] وشهد اليمن تواجدا للأيوبيين والعثمانيين والإنجليز.
التاريخ القديم[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن القديم · مملكة سبأ · مملكة حمير · مملكة قتبان · مملكة معين · مملكة حضرموت
"محرم برأن" (معبد البراء) أو محرم بلقيس كما يسميه اليمنيون اليوم
منحوتة لأسد من مملكة قتبان
إمرأة سبئية تحمل بخوراً ومشعلا من الزيتعلى أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، شهد اليمن قيام ممالك مدينة وهناك إختلاف بين الباحثين حول أصول بناة هذه الممالك، يقترح بعضهم إستنادا على التشابه اللغوي أن السبئيين نزحوا من كنعان[102] ويستدلون كذلك بنصوص من التوراة مثل هجوم السبئيين على أيوب وقتلهم أطفاله ففي هذا دلالة أن السبئيين كانوا أعراباً قبل استقرارهم في مأرب من وجهة نظرهم[103] اليمن أحد أقدم المناطق المأهولة في العالم وهناك دلائل على حضارات بدائية تسبق المملكة السبئية ولكن القليل هو المعروف عن هذه الفترة نظراً لقلة الدراسات الأثرية عن اليمن والتي تتعرض لمضايقات وعرقلة مدفوعة بعدم الرغبة في إسكتشاف تاريخ اليمن والجزيرة العربية ككل قبل الإسلام[104]
حسب الضئيل الذي عثر عليه بظاهر الأرض، كانت الممالك الأربع الرئيسية تتاجر بالبخور والبهارات والمر والذهب ويذكر العهد القديم قصة ملكة سبأ وزيارتها للملك سليمان وقدومها بقوافل محملة بالطيب والذهب[105] بدأ السبئيون بالتوسع شيئا فشيئا والإستيلاء على الإمارات الصغيرة التابعة للممالك الأخرى قرابة القرن التاسع قبل الميلاد[106] وبنى السبئيون سد رحاب (سد مأرب) في القرن الثامن ق.م وربما أقدم من ذلك وكان سببا رئيسياً لإزدهار وقوة المملكة[107] كان السد معجزة هندسية في تاريخ شبه الجزيرة العربية، يروي مايقارب 98,000 كم مربع، يدفع 1,700 متر مكعب من السيول حاملة 2000 طن من المياه في الثانية[108] عُرفت هذه الواحة البشرية الصنع بأرض الجنتين[109] كان السبئيون يحكمون من كهنة يسمى أحدهم مكرب والمكرب كان أعلى طبقة إجتماعية في العربية الجنوبية، معنى كلمة مكرب غير واضح ولكنها بالتأكيد ليست ملك أو أمير.
مابين 700 ـ 685 ق.م ، قام المكرب كربئيل وتر الأول بتغيير لقبه من مكرب إلى ملك وشن حملات واسعة وخلد انتصاراته ومعاركه في كتابة تركها بمدينة صرواح عاصمة السبئيين الدينية وجمع الممالك الأربع وكل الإمارات الصغيرة تحت حكمه عقب حملات عسكرية خلفت تسعة وثلاثين ألف قتيل وثلاث وسبعين ألف أسير [110][111] أقام السبئيون مستعمرات تجارية لهم في مواضع متعددة من شبه الجزيرة العربية أبرزها مملكة كندة في نجد ومستعمرة في أكسوم بشمال إثيوبيا ونقلوا نظام كتاباتهم القديم إلى تلك المناطق[112] في القرن الرابع ق.م، انتقل الملك في سبأ لأبناء همدان بقيادة الملك وهبئيل يحز[113] على أواخر القرن الثاني ق.م ضعفت مملكة سبأ واقتصر سلطانهم على مأرب وصنعاء واستعرت الفوضى السياسية في أرجاء المملكة بين حاشد وبكيل (سبئيين) ومملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين، كل يقاتل لأجل الصدارة وتحالف السبئيون بقيادة زعيم حاشد شاعر أوتر مع حضرموت وقضوا على مملكة قتبان في نفس الفترة وقضى ملك سبأ إيلي شرح يحضب جل فترة حكمه يخمد التمردات حتى تمكن الحِميَّريين بقيادة شمَّر يهرعش من القضاء على كل الممالك بعد سلسلة حروب ومعارك طويلة ودموية ولكن متقطعة ودخلت البلاد مرحلة الحكم المطلق للحميريين، وألغوا النظام الإتحادي الذي كان سائداً أيام دولة السبئيين[114] ذلك لإن النصوص المكتشفة أيام السبئيين، تظهر أن زعماء قبائل وإقطاعيات واسعة كانوا يشيرون لأنفسهم بملوك كذلك واقتصرت علاقتهم بمأرب على دفع الضرائب السنوية، فاختفت الألقاب الملكية لتقتصر على أذواء ريدان.
أتخذ الحِميَّريين من ظفار يريم عاصمة لمملكتهم وذلك عام 275 بعد الميلاد[115] إعتبار ظفار يريم عاصمة لم يقلل من أهمية مأرب عند الحميريين، بل استمروا بتقديم القرابين والأضحية في المعبد الرئيسي بمأرب ومرد ذلك كان رغبة الحِميَّريين باستمرارية التقاليد الموروثة وإضفاء شرعية لملكهم أمام السكان[116] وأتخذ الحميريين من العام 115 ق.م مبدأ لتقويمهم وقاموا بتوحيد آلهة الممالك وإعتبار رحمن إله الأرض والسماء والأوحد [117][118][119] شهدت البلاد مرحلة من الفوضى عقب وفاة شمَّر ذلك أن عدة بيوت حِميَّرية ادعت حقها في الملك، إلى أن استعاد ذمار علي يهبر السيطرة ليكون جد سلالة قوية من الحميريين حافظت على إستقرار المملكة من عام 320 وحتى 516 دون حروب أو معارك داخلية تذكر[120] خاض الحميريين عدة معارك مع المناذرة وتوسع سلطانهم أيام الملك أسعد الكامل في القرن الخامس الميلادي[121] بدأ الروم بمحاولة نشر المسيحية في اليمن قرابة القرن الرابع الميلادي واشتكى قائد المبشرين أن يهوداً منعوهم من مزاولة التبشير[122] وأكتشفت عدة كتابات بخط المسند تشير إلى رحمن وإسرائيل وأقيالٍ يهود[123][124][125] ولكنهم تمكنوا من تنصير نجران والمخا وظفار يريم وبناء ثلاث كنائس في هذه المدن [126] كان الملك شرحبيل يعفر الذي توفي عام 465 آخر ملوك حميَّر من سلالة ذمار علي يهبر[127]
تمثال للملك ذمار علي يهبر (المملكة الحِميَّرية)بحلول العام 516 (القرن السادس) يتضح وقوع صراع ما على السلطة بدلالة إكتشاف كتابات لشخصين متحاربين كلاهما يلقب نفسه باللقب الملكي للحِميَّريين[128][129] و وظهر يوسف أسأر وكان أحد الأذواء اليهود الذين ظهروا في نفس الفترة المضطربة. ارتكب يوسف مجازر بحق المسيحيين في المخا وظفار يريم ومأرب وحضرموت وأشهر وقائعه كانت في نجران، مصادر الإخباريين بعد الإسلام ذكرته ولكنها مصادر بلا قيمة تاريخية تذكر[130] بظهور يوسف كانت المملكة الحميرية قد سقطت على أرض الواقع ولم يلقب يوسف نفسه باللقب الملكي للحِميَّريين، هدم يوسف كنيسة ظفار يريم وشن حملات مشابهة على الطول الساحل الغربي في تهامة حتى وصل باب المندب، ليعيق وصول الإمدادات للمسيحيين في اليمن من مملكة أكسوم على الضفة المقابلة[131] إذ كان المسيحيين في نجران طابورا خامساُ لمملكة أكسوم[132][133] كانوا يريدون إبادة يهود اليمن بدلالة إحراقهم عدداً من المعابد اليهودية[134] أرسل يوسف قوة إلى نجران هدمت الأبرشية وقتلت أسقفها وإحدى عشر ألفاً من المسيحيين[135]
قتل المسيحيين بتلك الصورة برر تدخل بيزنطة ودعمها لأكسوم وتمكن الأسطول البيزنطي من هزيمة يوسف أسأر أو "ذو النواس الحِميَّري" عام 525 - 527 للميلاد وعُين شميفع أشوع حاكماً على البلاد، وقاموا بإعادة إعمار كل الكنائس التي هدمها ذو النواس منها ثلاث كنائس جديدة في نجران وحدها[136] قُتل شميفع أشوع من قبل أبرهة بعد خمس سنوات وأعلن نفسه ملكاً مستقلاً على حِميَّر وأعاد إستخدام اللقب الملكي للحميريين ونسجت حوله قصص وأساطير بعد الإسلام كعادة الإخباريين [137] شن أبرهة حملة واسعة على الحجاز، وفقا لكتابة بخط المسند دونها بنفسه وكتابات البيزنطيين، فإن الحملة كانت ناجحة بينما تذكر الأساطير العربية أن طيوراً خرجت من البحر هزمته[138] بقيت البلاد على ماهي عليه من الإضطراب حتى بعد عودة الحِميَّريين بقيادة شخصية شبه أسطورية تدعى سيف بن ذي يزن وفقا لمصادر متأخرة فلم يعد لحِميَّر سلطان على أحد وبقيت القبائل مستقلة عن أي حكومة حتى الإسلام [139] ذكرت المصادر البيزنطية المعاصرة لتلك الفترة أن الإمبراطورية الفارسية استولت على عدن[140] معظم المناطق كان خاضعا لزعماء محليين باستثناء عدن وصنعاء وتعتبر تلك الفترة نهاية الحضارة العربية الجنوبية القديمة[141]
العصور الوسطى[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن الإسلامي · زياديون · بنو يعفر · الإمامة الزيدية · الدولة الرسولية · بنو طاهر
الجامع الكبير بصنعاء من الداخلدخل الإسلام إلى اليمن عام 630 وأسلمت القبائل اليمانية سريعاً عقب قدوم علي بن أبي طالب فأسلمت همدان كلها في يوم واحد وسجد النبي لإسلامهم قائلا [142][143]:
«السلام على همدان، السلام على همدان»
وأرسل النبي محمد معاذ بن جبل إلى اليمن ونزل في تعز (مخلاف الجند) وأوصاه قائلا [144] :
يسر ولا تعسر ، وبشر ولا تنفر ، وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب ، يسألونك ما مفتاح الجنة ؛ فقل : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
—وصية النبي محمد لمعاذ بن جبل قبل بعثه إلى اليمن
مسجد الجند ثاني أقدم مساجد اليمنأرسل النبي كتاباً لوائل بن حجر وعدد من الأقيال بل أرسل عدة كتب لزعماء من قبيلة واحدة والسبب في ذلك كان الإنقسام الواضح بين القبائل وغياب سلطة مركزية قوية في اليمن أيام النبي [145] قدمت القبائل عام الوفود وكان سلوك النبي مختلفاً إتجاه كل قبيلة، فحفاوته في الإستقبال لقبائل أسلمت وقدمت الصدقات مبكراً كان مختلفاً عن القبائل التي أسلمت بعد هزيمتها مثل بنو الحارث بن كعب وخثعم وصداء من مذحج[146] هناك عدة أسباب وراء سرعة إنتشار الإسلام في اليمن، أولها أن عددا كبيراً من اليمنيين كانوا ممن يُعَرِفهم الإسلام بأنهم أهل كتاب كما يتضح من وصية النبي لمعاذ بن جبل، والثاني هو الإضطراب والإقطاعية الذي كانت تمر بها البلاد اليمانية فعدد من زعماء القبائل اعتنق الإسلام وقدم على النبي محمد لحل نزاعات قبلية مثل وائل بن حجر الحضرمي ونزاعه مع الأشعث بن قيس الكندي وفروة بن المسيك المرادي مع زعماء همدان[147]
قسم الخلفاء الراشدون اليمن لعدة مخاليف وكان عهدهم مستقراً ولعبت القبائل اليمانية دوراً مفصليا خلال الفتوحات الإسلامية في مصر والعراق والشام وشمال أفريقيا والأندلس[148][149][150][151] قليل هو المعروف عن اليمن خلال الدولة الأموية ولكن تقول المصادر أن اليمن والحجاز بايعت عبد الله بن الزبير[152] ولكن القبائل اليمانية في الشام كان من ثبت حكم مروان بن الحكم [153] كان اليمن مسرحا لعدد من الحركات الإباضية والشيعية التي حوربت من دول الخلافة وبدا جلياً أن الدولة العباسية لم تستطع إحكام سيطرتها على اليمن فاستقلت البلاد عام 815، وقامت الدولة الزيادية في زبيد وامتدت من حلي بن يعقوب وحتى عدن[154] وقامت الدولة اليعفرية في نفس الفترة وشملت المنطقة مابين صعدة وتعز بما في ذلك صنعاء[155] كانت الدولة الزيادية مستقرة في زبيد بينما كان على بقية المناطق أمراء محليين يذكرون ابن زياد في خطبة الجمعة ويسكون العملة باسمه وواجه الزياديون تحديات عديدة من بنو يعفر الذين كانوا يسيطرون على المرتفعات [156] أما حضرموت، فكان عليها أمراء إباضية مستقلون ينتمون لقبيلة كندة لكنها لم تتطور لدولة إمامة كما حدث في عُمان، ويعد عبد الله بن يحيى الكندي أول أئمة الإباضية في اليمن ككل.
زبيد من ضمن مواقع التراث العالمي في اليمنقدم الإمام الزيدي يحيى بن الحسين عام 890، ويحيى بن الحسين كان قاضيا وفقيها قدم بدعوة من قبائل صعدة - خولان تحديداً - لفض خلافات قبلية وعقب نجاحه في المهمة، تمكن من إقناع القيادات القبلية في المنطقة بإعتناق المذهب الزيدي وبدأ المذهب ينتشر ببطئ حتى شمل قبائل حاشد وبكيل اللتان عرفتا بـ جناحي الأئمة الزيدية [84] بنى الإمام الزيدي يحيى بن الحسين قاعدة له في صعدة ونجران[157] وحاول السيطرة على صنعاء من بنو يعفر عام 901 ولكنه طُرد منها عام 902 م [158] عام 904، هاجم القرامطة مدينة زبيد ونزلوا في يافع لحج ودخلت البلاد مرحلة من الفوضى والإقتتال لدرجة أنه من الفترة مابين 904 وحتى 913 تم غزو صنعاء عشرين مرة ومحاصرتها خمسة مرات من قبل القرامطة وبنو يعفر[159] استعاد أسعد بن إبراهيم الحوالي صنعاء عام 913 وأعاد نفوذه على مخلاف الجند (تعز) ومخلاف حضرموت[160] وتوفي السلطان أسعد عام 944 وكان آخر سلاطين بني يعفر الأقوياء.
كانت القبائل المستقلة مثل خولان وهمدان من يعين ويفصل الملوك، يساندون الزياديين تارة والأئمة الزيدية واليعفريين تارة أخرى فلم يثبتوا في ولائهم لأحد [161] وأعلن سليمان بن طرف الحكمي تمرده عام 960 واستقل بالمخلاف السليماني الذي سمي باسمه وهاجم بنو يعفر عاصمة بني زياد زبيد وأحرقوها بقيادة عبدالله بن قحطان الحِميَّري وشيخ قبلي آخر من خولان عام 989[162] من عام 989 ودولة بني زياد تحكم فعليا من قبل مولاهم الحسين بن سلامة الذي تمكن من الحفاظ عليها من الإنهيار الكامل عقب هجوم عبد الله بن قحطان وتمكن من إستعادة السيطرة على كافة تهامة اليمن من جديد وأخضع بني حكم في المخلاف السليماني إلى حلي بن يعقوب وتوفي عام 1022[163] بحلول عام 997، تحول سلاطين بنو يعفر لأمراء محليين مثلهم مثل بقية أمراء القبائل مقرهم في شبام كوكبان[164]
جبلة عاصمة الدولة الصليحيةسقطت دولة بني زياد رسمياً عام 1018 وقامت دولة بني نجاح عام 1022 في تهامة وعاصمتهم زبيد كذلك وظهر علي بن محمد الصليحي الحاشدي في نفس الفترة في المرتفعات الشمالية لليمن وكان إسماعيليا ، وتمكن الصليحي من تأسيس ماعرف بالدولة الصليحية عام 1047 وسيطر على زبيد ثم جمع بلاد اليمن تحت حكمه وسيطر على مكة عام 1064 واتخذ من صنعاء عاصمة لدولته[165][166][167] كان يُدعى له هو وزوجته أسماء بنت شهاب في خطب الجمعة وهو مالم يحدث في أي مكان في المنطقة العربية بعد الإسلام[168] ثم حكم المكرم بن علي وولى بنو زريع على عدن وانتقلت العاصمة من صنعاء إلى جبلة أيام الملكة أروى بنت أحمد الصليحي وحكمت السيدة الحرة باقتدار حتى أطلق عليها المؤرخين لقب بلقيس الثانية [167] ولا دلائل أن الصليحيين حاولوا فرض مذهبهم الإسماعيلي [169] سقطت دولة الصليحيين عام 1138 وشهدت البلاد مرحلة من الفوضى ونزاع قوى مذهبية وقبلية مختلفة منها سلاطين همدان الإسماعيلية ووالأئمة الزيدية فسيطر الهمدانية على صنعاء وبنو زريع على عدن وعاد النجاحيون لتهامة فقضى عليهم علي بن مهدي الحميري وقامت حروب ومعارك كثيرة بين القوى القبلية والمذهبية وهو ماسهل على الدولة الأيوبية دخولها إلى اليمن عام 1180.
قلعة القاهرة بتعز عاصمة ملوك بني رسولكان الأيوبيون يخشون تقدم علي بن مهدي الحميري نحو مكة بالإضافة لرغبتهم بتأمين الطريق التجارية عبر البحر الأحمر[170][171][172][173] قضى الأيوبيين على الدويلات الصغيرة في عدن وصنعاء وزبيد وصالحوا الإمارات الصغيرة في وادي حضرموت ولكنهم لم يتمكنوا من صعدة[174][175] ثار الزيدية وقاتلوا الأيوبيين وقتلوا منهم مقتلة عظيمة عام 1226 وأجلوا عن البلاد[176] ويمكن تلخيص حكم الأيوبيين في اليمن (1180 -1226) بأنه كان مستقرا في المناطق التي يدين سكانها بمذهب الأيوبيين الديني وهم سنة عكس المناطق الزيدية التي كانت سبباً في إرهاقهم وإرهاق غيرهم من الدول كما يظهر في دولة العثمانيين [177] كان عمر بن رسول نائباً للأيوبيين في اليمن ولكنه كان طموحاً وسياسياً بارعاً ًفأعلن نفسه ملكاً مستقلاً على البلاد وتلقب بـ الملك المنصور وبدأ ببناء قاعدة دعم شعبية وعزز مكانة القوى الشافعية في تعز ساعدته كثيراً في بناء دولته على أساس صلب عام 1229 واتخذ من تعز عاصمة[178][179] ووسع مملكته فشملت الأرضين من ظفار إلى مكة عام 1238[180] رغم أن الرسوليين إعتمدوا على قاعدة تعز وسكانها إلى اليوم شافعية ، لكنهم أقروا الحرية المذهبية والدينية[169]
تولى الملك المظفر يوسف الأول الحكم عقب إغتيال والده وبنى عدداً من المدارس والقلاع والحصون حتى الرحالة ماركو بولو أشاد باليمن خلال هذه الفترة ونشاطها التجاري والعمراني وكثرة القلاع والحصون بالبلاد [181] سحق الملك المظفر تمردات الأئمة الزيدية وأنصارهم القبليين في المرتفعات ولذلك عُرف بالمظفر. قمع المظفر محاولات أئمة الزيدية لزعزعة ملكه لدرجة أن الإمام الزيدي المتوكل المطهر بن يحيى وصفه بأنه أعظم ملوك اليمن[182] عام 1258، اشتكى مسلموا الصين للملك المظفر من ملكهم الذي منعهم من ختان أولادهم، فأرسل المظفر رسالة للصين بخصوص المشكلة، فرفع الملك الصيني الحظر على المسلمين[183] حكم اليمن لسبعة وأربعين عاماً منفرداً وله عدة كتب ألفها بنفسه وتوفي في تعز عام 1295[182] بنى الرسوليين قلعة القاهرة بتعز وجامع ومدرسة المظفر والمدرسة الأسدية والمدرسة الجبرتية والمدرسة المعتبية والمدرسة الياقوتية والمدرسة الأشرفية ولعدد من ملوكهم مؤلفات في الطب والصناعة واللغة[184][185] كان تعزيز المذهب الشافعي هدفهم وراء بناء هذه المدارس[186] وحرص الرسوليون على عدم مضايقة التجار وتوفير السبل اللازمة لإنعاش الإقتصاد، فازدهرت مدينة عدن على أيامهم[187] يعتبر المؤرخون دولة بني رسول من أعظم الدول اليمانية منذ سقوط مملكة حِميَّر[188]
المدرسة العامرية برداع بنيت عام 1504استمرت دولة بني رسول لأكثر من مئتي سنة إلى أن دب فيها الضعف عام 1424 ودبت الفوضى السياسية بين فصائل عديدة منها بنو طاهر المتمركزين برداع في محافظة البيضاء حالياً، فسيطروا على لحج عام 1443 ثم عدن 1454 بقيادة الملك الظافر عامر الأول[189] واجه الطاهريون عدة تحديات أهمها القبائل المتمردة والأئمة الزيدية وأنصارهم والغزو البرتغالي لعدن عام 1498. حاول بنو طاهر محاكاة الرسوليين فبنو عدداً من المدارس منها المدرسة العامرية وقنوات الري وخزانات المياه في زبيد وعدن ولكنهم كانوا أضعف من إحتواء الزيدية أو الدفاع عن أنفسهم من الغزاة[190]
تمكن الطاهريون من التصدي للبرتغاليين في البداية ولكنهم لم يحافظوا على سقطرى[191] وتحالف إمام الزيدية يحيى شرف الدين مع المماليك ضدهم [192] تعاون قائد جيش المماليك حسين الكردي والذي كان حاكماً على جدة مع الإمام الزيدي المناوئ للطاهريين المتوكل شرف الدين بعد رفض الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب التعاون مع المماليك ضد الإمبراطورية البرتغالية، وإستخدموا البارود والمدافع فتمكنوا من دحر الطاهريين من تعز ورداع ولحج وأبين وبقيت لهم سيطرة على عدن حتى عام 1539 انتهت بقدوم خادم سليمان باشا الحاكم العثماني على مصر وسيطرته على المدينة [193] هوان الطاهريين جعل الأئمة الزيدية وقبائل المرتفعات الشمالية يظهرون بمظهر أبطال قوميين ضد الإمبراطورية العثمانية[190]
التاريخ الحديث[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن الحديث · الإمبراطورية العثمانية · الإمامة الزيدية · الإمبراطورية البريطانية
جامع البكيرية العثماني بصنعاء بُني عام 1597دخل اليمن مرحلة من الفوضى وغياب السلطة المركزية وبقيت عدن وحيدة بيد الملك عامر بن داوود آخر ملوك الطاهريين فاقتحم خادم سليمان باشا المدينة عام 1538 وصلب عامر بن داوود وشرع عسكره بنهب المدينة رغم أن المؤرخ المقرب من البلاط العثماني ادعى أن خادم سليمان باشا أمرهم بالتوقف [194] وقد يكون تجنيا على سليمان باشا كون مصادر التاريخ العثماني في اليمن كانت متحيزة لقائد دون آخر[195] بسطت الإمبراطورية العثمانية سلطتها على عدن وسائر تهامة وضمت جيزان إلى زبيد [196] حاول العثمانيون ضم باقي اليمن وخلال الفترة مابين 1538 و1547 أرسل العثمانيون ثمانين ألف جندي الى اليمن، بقي منهم سبعة آلاف [197][198] كانت سلطة الإمبراطورية العثمانية الحقيقية محصورة في زبيد والمخا وعدن طيلة فترة وجودهم[199]
أرسل العثمانيون أويس باشا عام 1547 إلى زبيد وكانت المرتفعات الشمالية مستقلة عليها الإمام الزيدي يحيى شرف الدين، وكان الإمام الزيدي قد اختار ابنه علي ليكون إماماً من بعده وتجاهل ابنه المطهر بن يحيى شرف الدين لإنه أعرج لا يستطيع المشي باستقامة[200] فحز ذلك في نفس المطهر بن يحيى شرف الدين وتوجه إلى زبيد حيث أويس باشا وأبدى استعداده لمعاونة أويس باشا للسيطرة على المرتفعات. وبالفعل اقتحمت قوات أويس باشا وأنصار المطهر بن يحيى شرف الدين تعز وتوجهت شمالاً نحو صنعاء وسيطر عليها عام 1547 وأعطى العثمانيون المطهر بن يحيى شرف الدين لقب بك واعترفوا به إماماً على عمران وقاعدته ثلا[201] أُغتيل أويس باشا في زبيد نفس السنة وعاد المطهر بن يحيى شرف الدين إلى صنعاء، فأرسل العثمانيون أزدمر باشا الذي استعاد صنعاء وانسحب المطهر الى عمران.
عندما توجه أزدمر باشا إلى صنعاء انتهز شيخ قبلي من أبين يدعى علي بن سليمان الفضلي الفرصة فهاجم عدن وأخرج الأتراك وعسكرهم منها ونصب نفسه أميراً عليها، وفعل أمير محلي من زبيد الفعلة ذاتها فأرسل ازدمر باشا قوة إلى زبيد قتلت أمير التمرد، وقتل علي بن سليمان عام 1548[202] تولى محمود باشا أمور الإيالة وكان ظالماً قتل كل عسكري من قادته لا يوافقه رأيه، واتخذ لنفسه قصراً في تعز اسمه قصر السعادة كان مقرا لملوك بني رسول. علم أن في إب حصن اسمه حب يملكه الفقيه علي بن عبد الرحمن النظاري فأراد الإستيلاء عليه طمعا ولفق التهم على النظاري وقتل محمود باشا قادته العسكريين الذين رفضوا الإنصياع لأوامره. حاصر حصن حب في إب لثمانية أشهر حتى توسط الأمير الإسماعيلي عبد الله الداعي بينهما، فتعهد محمود باشا بعدم التعرض لعلي بن عبد الرحمن النظاري وأن يعطيه سنجقا وفق اختياره، فوافق النظاري ولكنه أُغتيل فور دخوله على مخيم محمود باشا[203] ترقى محمود باشا بعد هذه الحادثة وطلب نقله إلى مصر فولي رضوان باشا إيالة اليمن عام 1564 م.
عندما تولى رضوان باشا أمور الإيالة، أخذ بعرض مساوئ سلفه محمود باشا على الباب العالي في إسطنبول، فبرر محمود باشا اخفاقاته بأن اليمن بلاد واسعة وبحاجة إلى بكلربكيان ولايكفيها واحد، وأصر محمود باشا على موقفه حتى وافق الباب العالي وأرسلوا مراد باشا ليتولى تهامة وولوا رضوان باشا أمر المرتفعات الشمالية. وقد قصد محمود باشا النكاية برضوان باشا بهذا التعيين، كون القبائل أشرس وأصعب مراسا في المرتفعات الشمالية لليمن بالإضافة لكونها مقرا للأئمة الزيدية [204] تظاهر المطهر بن يحيى شرف الدين بموالاته لمراد باشا المسيطر على التهائم فتوقف الأخير عن إمداد رضوان باشا المسؤول عن المرتفعات، وتزايدت بينهم الخلافات لدهاء الإمام الزيدي المطهر فعُزل رضوان باشا وعُين حسن باشا بديلا عنه عام 1567. انتهز المطهر الفرصة ليجتاح صنعاء وساندته قبائل الجوف البدوية وراسل المطهر أمير بعدان فهاجموا القوات العثمانية وحوصر مراد باشا في ذمار. تمكن مراد باشا من الهرب وبقي معه خمسين من المشاة فاعترضته القبائل وجردته وعسكره من ثيابهم وقطعت رؤوسهم وأرسلتها إلى المطهر بن يحيى شرف الدين في صنعاء عام 1567[205]
أحد حصون ثلا في عمران حيث تحصن المطهر بن يحيى شرف الدين
تقدم بدو الجوف نحو تعز ومن ثم عدن وعندما علم سلطان الشحر في حضرموت بقدومهم عدن، قام بإرسال المؤن للعثمانيين فيها[206] كانت حضرموت خاضعة لعدة إمارات صغيرة لم يهتم بها العثمانيون واكتفوا بأمرهم ذكر سلاطين آل عثمان في خطب الجمعة وخشي سلطان الشحر تقدم الزيدية من عدن نحوه. بعد مقتل مراد باشا وفناء غالب الجيش العثماني في اليمن، أمر الباب العالي اللالا مصطفى باشا بالتوجه إلى اليمن، رفض في البداية ولم ينصاع إلا بعد أن رأى غضب السلطان[207] توجه لالا مصطفى باشا إلى مصر وحاول جمع القوات إلا أن الجيش التركي في مصر رفض التوجه إلى اليمن، فأرسل اللالا مصطفى باشا اثنان من جواويش مصر برسالة يعرضان على المطهر الصلح ويأمرانه بالطاعة بل طالبوه بالاعتذار والقول أنه لم يأمر بأي عمل ضد القوات العثمانية وأن ماحدث صدر عن العربان الجهلة وليس من حضرته الشريفة على حد تعبيرهم[208] رفض الإمام المطهر وبعث رسالته إلى الباب العالي مع الجاويش مصطفى باشا[209] أرسل اللالا مصطفى باشا القائد عثمان باشا الذي وصل تعز عام 1569 وحاصر قلعة القاهرة ولم يستطع العسكر العثماني الوصول إليها ولا إصابتها وقطعت عليهم القبائل المؤن وحاصرتهم وتعرض الجيش العثماني لخسائر فادحة[210]
عزل السلطان سليم الثاني اللالا مصطفى باشا لتقاعسه عن السفر إلى اليمن بنفسه وأمر باعدام عدد من أمراء السناجق في مصر وولى سنان باشا مقاليد الوزارة على أن يتوجه بكامل العسكر التركي في مصر إلى اليمن[211] قدم سنان باشا من مصر ونزل مكة ومر بجيزان وزبيد وهي مناطق كانت لازالت خاضعة للعثمانيين، وخلص عدن وتعز وإب من أتباع المطهر ثم حاصر شبام كوكبان لسبعة أشهر انتهت بتوقيع هدنة[212] استمر العثمانيون بتعقب الإمام المطهر وأنصاره لا يسيطرون على قرية إلا وتعاود السابقة التمرد من جديد، ولاحظ الأتراك أن القبائل كانت تشعل النيران كلما انسحبت نحو الجبال وذلك لإعلام القبائل الأخرى أنهم لا زالوا أحياء ولم يستطع العثمانيون القضاء على الإمام المطهر[213][214] توفي الإمام المطهر عام 1572 ولم يتحد الزيدية عقب وفاة إمامهم فتقاتل أبناء المطهر مع الحسن بن علي بن داود فاستغل العسكر الانقسام وتمكن العثمانيون من اقتحام صنعاء وصعدة ونجران عام 1583 بدعم من الإسماعيلية المناهضين للزيود[215][216] تحصن الحسن في شهارة وتم اعتقاله عام 1585 وسُجن في صنعاء ثم نُقل إلى تركيا ومات فيها.
جسر قديم بين جبلين في شهارة، أحد حصون الأئمة الزيديةكان الزيدية هاجس العثمانيين الأكبر في شبه الجزيرة العربية[217] فكفرهم العثمانيين ورموهم بالإلحاد والزندقة وكان السبب سياسياً فالعثمانيين لم يكفروا الإسماعيلية ذلك أنهم كانوا متعاونين معهم ضد الزيدية وكانوا يبررون وجودهم في اليمن على أنه نصرة للإسلام[218] ولكن الحقيقة أنهم أرادوا التحكم بحركة التجارة عبر البحر الأحمر[219] لم تكن هناك قيادة سياسية موحدة في المرتفعات عقب اعتقال الإمام الحسن بن علي بن داود ونفيه إلى تركيا، فعرض تلاميذ الفقيه القاسم بن محمد بن القاسم عليه الإمامة في صنعاء ولكنه رفض في البداية، ولكن تزايد الترويج للمذهب الحنفي على حساب الزيدية أغضب الإمام المنصور بالله القاسم فتوجه لأرياف صنعاء وبدأ بحشد الأنصار لقتال العثمانيين في سبتمبر 1597[220] وهو نفس العام الذي افتتحت فيه السلطات العثمانية جامع البكيرية في صنعاء[221] انضمت قبائل همدان وخولان وسنحان والأهنوم لتمرد الإمام المنصور بالله القاسم واستعاد الإمام صعدة وعمران وحجة مابين عام 1599 ـ 1602 ووقع جعفر باشا هدنة لعشر سنوات مع الإمام والإعتراف به إماما على المرتفعات عام 1608[222]
عام 1609، وصلت أول بعثة إنجليزية إلى اليمن وحاولوا إبرام معاهدة أو صفقة تجارية مع السلطات العثمانية إلا أن جعفر باشا قابل طلبهم بالرفض [223] شنت قبائل خولان هجوماً آخر على العثمانيين عام 1610 كلف العثمانيين خسائر كبيرة واستمر القتال حتى عام 1616 عندما عُزل جعفر باشا وعين الحاج محمد باشا والياً بدلا عنه[224] قام محمد باشا بانشاء سلطة لتلقي الشكاوي أسماها ديوان المظالم عام 1617 ورفض تمديد الهدنة بين العثمانيين والإمام القاسم فاستمر القتال في مايو 1617 واستعاد أمير محلي تسميه المصادر العثمانية بالشرجبي تعز عام 1619 فوقع محمد باشا على هدنة لعشر سنوات مع الإمام المنصور القاسم[225] توفي الإمام المنصور بالله القاسم في فبراير 1620 وخلفه إبنه المؤيد بالله محمد. استمرت الهدنة حتى العام 1626 عندما استعاد الإمام المؤيد بالله محمد المرتفعات وصبيا وأبو عريش واتفق مع شيخ قبلي من أبين على محاصرة لحج وعدن وبحلول عام 1627 كان معظم اليمن باستثناء الموانئ، قد تخلص من حكم العثمانيين[226] عُزل محمد باشا وعين حيدر باشا بدلا عنه وقام الأخير باقتراح هدنة جديدة مع الإمام المؤيد بالله لخمسة أشهر، خلال الخمسة أشهر طلب حيدر باشا دعما من عبدين باشا المرابط في مدينة سواكن السودانية، فنزل عبدين باشا المخا وحاول استعادة تعز ولكنه هُزم واضطر للتراجع إلى المخا عام 1628[227]
عام 1629، أرسل الباب العالي قانصوه باشا بدلا عن حيدر باشا، فنزل جيزان ثم زبيد وأعدم عبدين باشا وسجن حيدر باشا[228] حاول قانصوه باشا استعادة تعز ولكنه اضطر للتراجع إلى زبيد ووقع على هدنة جديدة مع الإمام المؤيد عام 1630[229] تمكن الإمام المؤيد استعادة زبيد عام 1634 وفنى غالب قوات قانصوه باشا وأعطى الإمام المؤيد للعثمانيين فرصة الإنسحاب سلميا من المخا آخر معاقل العثمانيين. والسبب الرئيس لنجاح الإمام المؤيد كان كان تعلم القبائل استخدام الأسلحة النارية[230] ووحدتها خلف بيت القاسم إذ تمكن المؤيد من اقناع القبائل أنه وأسرته الذين يستحقون الإمامة[231] ويعد والده الإمام المنصور القاسم مؤسس ماعٌرف بـ"الدولة القاسمية" ويمكن اعتبارها أقوى دول الإمامة الزيدية [232] كل قبائل همدان حاشد وبكيل بالإضافة لقبيلة يام وقبائل مذحج ومنها عبيدة قحطان بمأرب قاتلوا الأتراك الى جانب الإمام المؤيد، ونتيجة لذلك أبقت مأرب على شبه استقلالية عن الدولة القاسمية يحكمها أمير محلي من عبيدة[233] قام الإمام المؤيد باتلاف التبغ الذي دخل اليمن عام 1603 ولكنه لم ينجح في منعه تماماً وترك عدة مؤلفات عن تفسيراته للشريعة الإسلامية ولكنه تراجع عن محاولة فرض بعض رؤاه خوفا من تأليب القبائل ضده[234] ووزع البقية من الجنود الأتراك في الأرياف لمساعدة المزارعين. والحقيقة أن المشاة في قوات قانصوه باشا لم يكونوا من الأتراك بل من الفلاحين المصريين لذلك وزعهم الإمام لمساعدة الفلاحين اليمنيين[235][236]
ميناء المخا عام 1692، كان من أهم الموانئ ومن خلاله عرف العالم القهوةتوفي المؤيد عام 1644 واقتتل ابناء الإمام المنصور بالله القاسم على الإمامة حتى انتزعها إسماعيل بن القاسم في نفس العام وتوجه إلى عدن ولحج وأبين وطرد بقية الجند العثماني فيها وسيطر على عسير[237][238][239] وحضرموت وظفار عام 1654[240][241] وتمكن اليمن من توطيد علاقات تجارية مع إمبراطورية مغول الهند وكانت مدينة سورات الهندية الشريك التجاري الأكبر وتبادل البعثات الدبلوماسية مع السلطان العثماني في جدة وعباس الثاني الصفوي في إيران [242] وإثيوبيا كذلك أرسلت ثلاث بعثات ولكنها لم تتطور لحلف سياسي للضعف الذي أصاب أباطرة اثيوبيا وظهور اقطاعيين اقوياء في بلادهم[243] توفي اسماعيل بن القاسم عام 1676 وخلفه ابن اخيه أحمد بن الحسن بن القاسم بعد نزاع مع ابن عمه على الإمامة. لم تستطع الدولة القاسمية الحفاظ على ماأنجزه الإمام إسماعيل بن القاسم لأكثر من ثمانين سنة لعدة أسباب[244] :
قيام الأئمة بتعيين أقاربهم على المناصب الإدارية، بمرور الوقت تحول جزء كبير من أرجاء البلاد إلى إقطاعيات شبه مستقلة.
لم تتبع طريقة الخلافة قانونا واضحاً. فعقب وفاة كل إمام، يجمع أبنائه وأبناء عمومتهم أنصارهم من القبائل ويتقاتلون على المنصب وهو ما أضعف الدولة كثيراً وسمح لزعماء الإقطاعيات بالإستقلال.
في القرن الثامن عشر، تمكن عامل لحج المعين من الأئمة من الإستقلال بالمدينة والسيطرة على عدن عام 1740 فكانت تلك بداية سلطنة لحج وقامت قبائل يافع العليا (بني هرهرة) بمهاجمة إب واستقل شريف أبو عريش بالمخلاف السليماني، وتوقف آل كثير في حضرموت عن ترديد أسماء الأئمة الزيدية في خطب الجمعة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ورغم هذا استمر الأئمة بالقتال فيما بينهم على الإمامة[245][246][247] بقيت الإمامة تحكم بطريقتها بلا دستور واضح يوضح كيفية تداول السلطة أو حتى وراثتها وسيطرت سلطنة لحج على عدن ودخلت في عدة صراعات مع القبائل المجاورة، فهاجمها آل فضل والعوالق ويافع[248] وقع سلطان لحج على معاهدة مع الإنجليز مطلع القرن التاسع عشر، واستولى الإنجليز على عدن عام 1839 بقيادة الكابتن ستافورد هاينز مطالبين بتعويضات من السلطان اللحجي عن نهب حل بباخرة تابعة لهم، دفع السلطان جزءا من المبلغ المطلوب وانتهت المفاوضات بتسليم عدن إلى الإمبراطورية البريطانية مقابل مرتب سنوي[249] كان سلطان لحج أمياً وجاهلاً ولم يدرك أبعاد مافعله وواجه تحديا من أفراد عائلته مما جعل اعتماده يتزايد على القادمين الجدد الغير مرحب بهم[250] ولكنه كان محاصراً إما قبول عرض الإنجليز أو خسارة سلطته على لحج لهم أو للزيدية أو العثمانيين. كان الإنجليز يبحثون عن مستودع للفحم لإن الرحلة من السويس الى بومباي كانت تتطلب 700 طن من تلك الصخور[251] لم تكن عدن وجهة الإنجليز الأولى بل أرادوا السيطرة على المخا، ولكن الزيدية لم يكونوا بتعاون سلطان لحج الذي سلمهم عدن[252] من ناحية قانونية، كان وجود الإنجليز في عدن "مشبوها" وكانوا يدركون ذلك[253]
كنيسة القديس يوسف في عدن، بنيت عام 1850 وهي مهجورة حالياكان الإنجليز يدفعون المرتبات السنوية لمشايخ القبائل المحيطة بعدن ولكنهم لم يضمنوا لهم حماية حتى عشرينات القرن العشرين وإعتبار الإنجليز تلك القبائل إمارات مستقلة لمحاولة الزيدية إقتحام المدينة. الكيان الوحيد الذي كان مستقراً ويتمتع بمنظومة حكم مستقلة إلى حد معقول ومستفيداً من تواجد الإنجليز في عدن كان سلطنة لحج. لم يكونوا قوة عسكرية تضاهي القبائل في المرتفعات الشمالية، إذ تكون جيش السلطنة النظامي من أربعمئة عبد أفريقي ولكنها كانت توظف مرتزقة من القبائل المجاورة مثل الصبيحة ويافع والحواشب وتعداد السلطنة كلها لم يتجاوز عشرة آلاف نسمة مابين قبليين ومدنيين[254] كانت السلطنة تستفيد من أراضيها الزراعية الخصبة فتجمع الضرائب من المزارعين والحرفيين واستفادت كثيراً من إعلان البريطانيين عدن منطقة حرة عام 1850[255] ودعم الإنجليز السلطنة لقمع أي تمرد من القبائل وازدادت طموحات سلاطين لحج فأرادوا الإستيلاء على تعز عام 1870 ولكن لم يكتب لخطتهم تلك النجاح[256] انتعشت عدن من جديد بعد ثلاثمائة سنة من الركود واستوطنها تجار يهود وبارسيون وهنود وعمل الإنجليز على الحد من هجرة أبناء المناطق القبلية المجاورة إلى المدينة[257]
عاد العثمانيون من جديد وسقط ماتبقى من دولة القاسمية وأسسوا ولاية اليمن عام 1872 والتي ضمت نفس مناطق إيالة اليمن السابقة باستثناء المناطق الجنوبية. حاول العثمانيون ضم صنعاء للمرة الأولى عام 1849 ولكنهم تعرضوا لخسائر فادحة وخسروا 1500 جندي خلال المحاولة الفاشلة[258] مثل دخولهم الأول، سيطر العثمانيون على تهامة أولاً وتعلموا من تجربتهم السابقة فعملوا على ماأسموه تطوير اليمن فأدخلوا المطابع وبنو المدارس بل عملوا على علمنة المجتمع اليمني وإزالة الطبقية الإجتماعية السائدة وحاولوا عزل القوى التقليدية المهيمنة المتمثلة بمشايخ القبائل والأئمة الزيدية[259] اتهم مختار باشا الأئمة الزيدية بالتسبب في التخلف الذي يعاني منه اليمن وركزوا على تاريخ الأئمة في الإقتتال مابينهم لإستحقاق الإمامة كسبب رئيسي لحالة عدم الإستقرار والفوضى وغياب السلطة المركزية القوية وظهور الإقطاعيات لفترات طويلة من تاريخ اليمن[260]
حاول العثمانيون قدر إستطاعتهم إصلاح الأراضي الزراعية المهملة وتهيئتها للإستفادة القصوى المرجوة منها، وسامحوا القبائل على تمرادتهم المتواصلة وحاولوا تمدينهم وإخراطهم في أجهزة الدولة مثل الشرطة وجمع الضرائب ولكن ترتيب قبائل المرتفعات واستحالة ارضاء شيخ قبيلة دون تنفير الآخر، أفشل خطط العثمانيين. لذلك، فإن جشع الزعامات القبلية والصراعات بين الأئمة هي المسؤول عن فشل المخطط العثماني ولم يكن الأمر متعلقا بسوء إدارة من الأتراك[261] تمردات القبائل الزيدية وهم حاشد وبكيل وخولان بصورة رئيسية مدفوعة باعتقادات دينية كون الأتراك سنة وليست مشاعر قومية بالضرورة[262] اشتعلت الثورة في المرتفعات الشمالية عام 1878 وتحالفت القبائل بالشمال مع بيت حميد الدين عام 1890 وأفشلوا كل المخططات العثمانية لإخضاعهم[263] في الفترة مابين 1904 ـ 1911 بلغت خسائر العثمانيين عشرة آلاف جندي وخمسمائة ألف جنيه استرليني في العام الواحد[264] كان سكان المدن في اليمن يؤيدون العثمانيين ولكن اضطرت الدولة للاستسلام للإمام يحيى في النهاية عام 1911 لإن مشايخ القبائل في المرتفعات الشمالية كانوا يهاجمون الاتراك باستمرار [265] كانت الاتفاقية بين الأتراك والإمام يحيى هدنة ولم يرحلوا بالكلية بعد ولكن كان الإمام يحيى يحكم المرتفعات الشمالية فعلياً[266] وبقيت عدن محكومة من الإمبراطورية البريطانية.
المرحلة المعاصرة[عدل]المملكة المتوكلية اليمنية[عدل] مقالة مفصلة: المملكة المتوكلية اليمنية
صنعاء عام 1926كان يحيى حميد الدين المتوكل إماما على الزيدية في اليمن وبخروج العثمانيين أراد الإمام توسيع نفوذه ليشمل كامل اليمن ويعيد إحياء الدولة القاسمية [267] ولم يعترف بالمعاهدة الأنجلو العثمانية بترسيم الحدود الذي قسم اليمن لشمال وجنوب[268][269] حاول الإنجليز أن يستنسخوا نظام الولاية الأميرية الذي طبقوه في الهند ولكنه لم ينجح في جنوب اليمن[270] عام 1915، وقع الأدارسة في عسير على معاهدة مع الإنجليز لقتال الأتراك وفي المقابل، تضمن لهم استقلالهم فور انتهاء الحرب العالمية الأولى[271] قضى الإمام يحيى حميد الدين السنين الأولى بعد خروج العثمانيين يحاول التوسع واستعادة " الدولة القاسمية" ورغم موقفه الرسمي كإمام للزيدية، إلا أنه تجاهل تعاليم الأئمة الأولين بل اعتمد على أطروحات رجل الدين اليمني محمد الشوكاني الذي عاش في القرن الثامن عشر، وبالذات تلك المتعلقة بتحريم الخروج على الحاكم ولو كان ظالماً، فهذا طرح لا تقره الزيدية التقليدية ولكن الإمام يحيى رأى أنه بالإمكان توظيف المفهوم لصالح تثبيت حكمه[272] مثل أسلافه في الدولة القاسمية، كان الكثير من أئمة القاسميين لا يفون بشروط الإمامة وفق معتقد الزيدية، فقاموا بتعيين محمد الشوكاني قاضي القضاة ليجدد في المعتقد ويساعد في تثبيت سلطة الأئمة المتهالكة[272]
توجه الإمام جنوباً 1919 واقترب خمسين كيلومتراً من عدن بسهولة فقصف الإنجليز جيش الإمام بالقنابل واضطر للتراجع، وأسرع الإنجليز نحو الساحل التهامي وسيطروا على الحديدة ثم سلموها لحليفهم الإدريسي في عسير عام 1920، فكافئوا صديقاً بمعاقبة عدو[273] وأخذ الإنجليز بالتوسع وضم المشيخات المتعددة المحيطة بعدن لحمايتها، كان إجراءا إحترازياً لمنع الأئمة الزيدية من إقتحام عدن أكثر من كونها رغبة منهم بضم المشيخات الصغيرة للإمبراطورية [274] هاجم الإمام يحيى حميد الدين الحديدة بقوة من القبائل في المرتفعات، سيطر فيها على المدينة وأريافها واضطهد أهلها وقمعهم بوحشية وسحبت منهم أسلحتهم[275] ثم توجه نحو صبيا وحاصر الإدريسي واقتحمت قوات الإمام جيزان وعسير ونجران عام 1926[276] عرض الإدريسي على الإمام يحيى الإتحاد وإنهاء النزاع شريطة إعتراف الإمام به وبأسرته حكاماً على عسير، رفض الإمام يحيى العرض وأصر على إخراج الأدارسة من اليمن لدرجة أنه شبههم بالإنجليز في جنوبه[276][277]
دار الحجر كان منزلا للإمام يحيى حميد الدين قرب صنعاءتوجهت قوات الإمام جنوباً للمرة الثانية ومابين 1926 ـ 1928 شنت عدة غارات على المحمية حتى قصف الإنجليز تعز وإب بالطائرات كبدت قوات الإمام خسائر فادحة[278][279] ثم توجه علي بن ناصر القردعي المرادي بقوة قبلية صغيرة من مراد وبلحارث للسيطرة على شبوة قصفها الإنجليز بالطائرات وأخبروا المرادي أن شبوة ليست جزءا من اليمن، فترسيم الحدود بين الإنجليز والأتراك عام 1905 - 1914 كان ترسيما بين دولتين وفق المستعمر الإنجليزي[280][281] كانت الإمبراطورية الإيطالية أول من اعترف بالإمام يحيى ووصفته بملك اليمن، الإعتراف به ملكا على اليمن أقلق البريطانيين في عدن لإنه يضفي شرعية لمطالب الإمام بمحمية عدن، لإن اليمن هو إسم منطقة جغرافية في شبه الجزيرة العربية مثل إقليم البحرين والحجاز، يبدأ من شمال عسير وحتى ظفار فوصف الإمام يحيى حميد الدين بملك اليمن يعني انه ملك على كل هذه المنطقة ولكنه لم يكن، فغضب الإنجليز لهذا الإعتراف لإنه أضفى نوعاً من الشرعية على مساع الإمام [282]
توجه الأدارسة إلى ابن سعود وعرضوا عليه نفس العرض الذي عرضوه للإمام يحيى عام 1927، لم يخسر الأدارسة هدية البريطانيين الحديدة فحسب بل خسروا استقلالهم كذلك وارادوا البقاء بأي وسيلة كانت حتى لو كانوا تابعين. ألح البريطانيين على ابن سعود الإستيلاء على عسير وبحلول عام 1930 نصب ابن سعود حاكماً سعودياً على المنطقة. كان من مصلحة البريطانيين اختفاء الإدريسي كلاعب مؤثر في المنطقة وإلغاء المعاهدة التي تمت بينهم عام 1915، كانت عسير دويلة حاجزة أنشأها الإنجليز أساساً ولم يكن البريطانيين مستعدين لإستيلاء الإمبراطورية الإيطالية عليها وإحتكار حق التنقيب عن النفط في جزر فرسان[283][284]
قاد الأدارسة تمرداً ضد السعوديين عام 1932 وألغوا حلفهم مع ابن سعود والتحقوا بالإمام يحيى حميد الدين، قمعت السعودية ثورة الأدارسة عام 1933 واقتحمت قوات المملكة المتوكلية اليمنية عسير ونجران[ملاحظة 2] مطالبين بعودة الحكم للأدارسة ولم تثمر المفاوضات بين الطرفين. قامت الحرب السعودية اليمنية بين مارس ومايو 1934 وحاكى ابن سعود البريطانيين فلم يوجه قواته نحو المرتفعات الشمالية بل توجه مباشرة نحو الساحل التهامي وتقدموا مائة كيلومتر بعد صبيا[285] توقفت المعارك بتوقيع معاهدة الطائف التي نصت على تأجير عسير وجيزان ونجران لابن سعود على أن يتم تجديدها كل عشرين سنة قمرية وكانت المعاهدة قد انتهت عام 1992[286] استعجل الإمام يحيى بتوقيع المعاهدة لإن ابن سعود كان يفتقر للإمكانيات اللازمة لإستمرار الحرب أصلاً، وكان يخشى تمرداً جديداً من الإخوان وتفتقر قواته للخبرة في المعارك الجبلية لذلك توجه مسرعاً نحو تهامة إذ كان بإمكان الإمام يحيى أن يفعل مثلما فعل أسلافه مع الأتراك، إستدراجه للمرتفعات الشمالية حيث القبائل القوية وتحويلها لمقبرة أخرى للغزاة وفق تعبير برنارد رايخ بروفسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن[287] المعاهدة ألبت الطبقة الثرية في المرتفعات على الإمام يحيى، ذلك أنهم كانوا يعتمدون طريق التجارة الرابط بين تهامة والجبال، مصداقية الإمام يحيى وشرعيته كحاكم تأثرت كثيراً أمام النخب السياسية اليمنية بمن فيهم أبناء الإمام نفسه[288]
رسمة لعلي بن ناصر القردعي المرادي، أراد إمام الزيدية يحيى حميد الدين التخلص منه فزجه في معركة مع الإنجليز في شبوة ليعود المرادي ويقتل الإمام عام 1948[289]لم يكن تثبيت السلطة مهمة سهلة للإمام يحيى، فقبيلة حاشد هي وغيرها من قبائل المرتفعات لم تخضع لسلطته حتى العام 1928 رغم أن هذه القبائل زيدية تاريخياً وعندما سيطر على تعز، لم يثقل على أهلها كما فعل بسكان الحديدة ولكن كان هناك تذمر متزايد ودعوات في تعز لحكم محلي تطورت لاحقاً لحركات معارضة سياسية أسقطت المملكة المتوكلية اليمنية. أسس الإمام يحيى حميد الدين حكماً ثيوقراطيا زيدياً تجاهل أبناء المذاهب الأخرى مثل الشافعية والإسماعيلية واعتبر يهود اليمن ذميين[290] وتبنى سياسة إنعزالية خوفاً من أن تسقط بلاده لسلطة القوى الإستعمارية المتحاربة عقب الحرب العالمية الأولى وبالذات إيطاليا وبريطانيا وكذلك لإبعاد المملكة عن التيارات القومية التي ظهرت في المنطقة العربية تلك الفترة وساعده في ذلك أن جل المجتمع اليمني على أيامه كانو من المزارعين يعيشون في قرى مكتفية ذاتيا. محاولات الإمام لتوحيد اليمن بائت بالفشل بتوقيعه على معاهدة مع المستعمر الإنجليزي في عدن عام 1934 ومعاهدة الطائف مع السعودية نفس العام. ولجأ لرفع الضرائب على المزارعين في مناطق أكثر خصوبة زراعياَ لدعم القبائل بالسلع والأموال وهو ماأثار استياء أبناء تلك المناطق ودفعهم لتشكيل تنظيمات تهدف لإسقاط المملكة [291]
عمل الإمام يحيى على بناء مؤسسة عسكرية حديثة في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن العشرين، فأرسل العديد من الضباط للدراسة بالخارج فالمؤسسة العسكرية كانت المؤسسة الحكومية الوحيدة المتواصلة مع العالم الخارجي، فقد منع الإمام يحيى السفارات والبعثات الدبلوماسية من دخول البلاد وأي زائر أجنبي كان بحاجة إلى إذن شخصي منه[292] فدرس عبد الله السلال الذي أصبح أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية في بغداد وكذا فعل أحمد بن يحيى الثلايا ودرس ضباط آخرون في مصر وهو ماجعلهم يتواصلون مع عدد من المدارس الفكرية في تلك البلدان مثل الإخوان المسلمين الذين ألهموا مؤسس حزب الأحرار اليمنيين محمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان[293] لم تكن مطالب الإصلاحيين إسقاط الإمامة في البداية، بدلالة مشروع الإمامة الدستورية الذي قاده الإمام عبد الله الوزير بمساعدة من حزب الأحرار اليمنيين عام 1948 خلال ماسمي بثورة الدستور. اقتنص علي بن ناصر القردعي المرادي رأس الإمام في 17 فبراير 1948 بعد إنتخاب الأحرار لعبد الله الوزير إماما دستورياً[294]
الإمام أحمد حميد الدين ، تقول روايات أنه كان يتعمد خنق نفسه وهو صغير حتى تجحظ عيناه[295]شن أحمد حميد الدين ثورة مضادة فتوجه إلى المرتفعات وبدأ بجمع الأنصار وأعلن نفسه إماماً حاكماً بأمر الله وتمكن من اخماد ثورة الدستور وإعدام عبد الله الوزير وعلي بن ناصر [296] كان ابن سعود لا يحب الإمام أحمد حميد الدين ولكن تغييراً دستورياً في اليمن أسوأ من تولي أحمد حميد الدين الإمامة بالنسبة لابن سعود، فدعمه ليستعيد صنعاء وعمد إلى تأخير وصول بعثة جامعة الدول العربية لتقصي الحقائق[297] في عام 1955 قام المقدم العائد من العراق أحمد بن يحيى الثلايا بالإنقلاب على الإمام أحمد حميد الدين وحاصر قصره في تعز لعشرة أيام وخلال هذه المحاولة، احتدم الخلاف بين مدبري الإنقلاب مابين إسقاط المملكة أو تعيين عبد الله حميد الدين إماماً بدلا عنه، كان الثلايا يميل لتعيين الأمير عبد الله إماماً ولم يخطط لقتل الإمام أحمد لإدراكه ماخلفه اغتيال الإمام يحيى خلال ثورة الدستور من انشقاق في صفوف القيادات[298] فتوجه الأمير محمد البدر حميد الدين للمرتفعات الشمالية وجمع الأنصار مجدداً وهاجمت القبائل تعز وأفشلت الإنقلاب وأُعدم أحمد يحيى الثلايا في ملعب لكرة القدم.
إنقلاب الثلايا جعل الإمام أحمد حميد الدين يعيد النظر في السياسة الإنعزالية التي تبناها والده فقام بإصلاحات صورية لسحب البساط من تحت أقدام من سماهم بالحداثيين فدخل ككيان كونفدرالي في الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية عام 1958 وسمح لمهندسين وإخصائيين أجانب بدخول اليمن، فأرسل الأميركيون تقنيين للمساعدة في بناء طريق يربط صنعاء بالحديدة وعقد صفقات سلاح مع الإتحاد السوفييتي وسمح للصينيين بالمساهمة في عدد من المشاريع الحيوية وقام بانشاء وزارات بلا سلطات مثل وزارة النقل على سبيل المثال، رغم أنه لم تكن هناك طرق معبدة في اليمن على أيامه[299] هذه المحاولات من الإمام لم تزد رضى الناس عن حكمه بل زادتهم إيمانا وقناعة بضرورة رحيل بيت حميد الدين[300] لإن الإمام لم يقم دولة وطنية حيث بقيت الولاءات القبلية والطبقية الإجتماعية سائدة، يتمتع الإمام فيها بسلطات مطلقة لا يحدها شيئ وفي الثورات المتعاقبة ضد حكمه، كان ابناء عائلته يتأمرون ضده كذلك فأحداث هذه الفترة هي استمرارية لتاريخ طويل للأئمة الزيدية للقتال فيما بينهم لإستحقاق الإمامة حتى ابنه محمد البدر، خطط لإغتياله[300] كان الدعم التقليدي للأئمة الزيدية يأتي من المرتفعات الشمالية دائماً فلم يحظى الأئمة بدعم وإحترام مناطق مثل تعز أو البيضاء ومأرب. ولكن القبائل في المرتفعات الشمالية أكثر تعصباً ونزعة للإستقلال عن السلطات المركزية لفقر هذه المناطق مقارنة بالمناطق الأكثر خصوبة مثل إب وتعز، فرغم ولائهم المذهبي للأئمة الزيدية إلا أنها كانت أشبه بدويلات صغيرة لديها أراضيها، وحلفائها وزعمائها السياسيين (المشائخ) ومصالحها الخاصة. القبائل قبلت بدور الأئمة كزعماء دينيين لا سياسيين، لذلك فإن محاولات الأئمة الزيدية لإنشاء حقل سياسي لم تستمر طويلاً سواء في القرن السابع عشر خلال ماسمي بالدولة القاسمية أو المملكة المتوكلية في القرن العشرين[301]
لليمن طبيعة قبلية إذ أن غالب السكان يعيش في الأرياف وتشكل القبائل قرابة 85% من التعداد الكلي للسكان البالغ 25,408,288 وتلعب الانتماءات القبلية والمناطقية دورا كبيرا في رسم الخارطة السياسية للبلاد وهو البلد الثاني بعد الولايات المتحدة كأكبر نسبة امتلاك للسلاح بين أفراده [6] يقطن اليمن أغلبية سنية شافعية وأقلية زيدية كبيرة وأقليات صغيرة من إسماعيلية ويهود ومسيحيين [7]
تاريخ اليمن القديم يبدأ من أواخر الألفية الثانية ق.م حيث قامت مملكة سبأ ومَعيَّن وقتبان وحضرموت وحِميَّر وكانوا مسؤولين عن تطوير أحد أقدم الأبجديات في العالم وهي ماعرف بخط المسند [8] والذي قاموا بنقله إلى المتحدثين بالعربية الشمالية القديمة واللغات السامية في إثيوبيا [9] عدد النصوص والكتابات والشواهد الأركيولوجية في اليمن أكثر من باقي أقاليم وأقطار شبه الجزيرة العربية[10] أطلق عليها الإغريق تسمية (يونانية: Αραβία ευδαιμονία، لاتينية: Arabia Felix) و تعني العربية السعيدة [11] وقامت عدة دول في اليمن مثل الدولة الزيادية الدولة اليعفرية والإمامة الزيدية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية.
يعتمد الإقتصاد اليمني على موارد محدودة من النفط والغاز لم تستغل جيداً ولا يزال هذا القطاع رغم أنه يشكل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي غير مطور [12] تاريخياً، كان اليمن بلداً زراعياً ويعتمد على مداخيل ممراته البحرية وموانئه. تمر البلاد بأوضاع سياسية واقتصادية صعبة نتيجة الفساد والصراعات الإثنية والدينية التي تعيق مسيرة التنمية. وقامت ثورة الشباب اليمنية في (2011 - 2012) مطالبة بإسقاط علي عبد الله صالح، والذي حكم البلاد لمدة 33 سنة وأثمرت الإحتجاجات في تنحيته وتنحية أبنائه جزئيا عن المشهد السياسي. وانعقدت جلسات الحوار الوطني اليمني في 18 مارس 2013 الذي يعول عليه، وفق الأجهزة الرسمية، إيجاد حلول لمشاكل اليمن العالقة [13][14][15]
محتويات [أخف]
1 التسمية
2 الجغرافيا والمناخ
2.1 الموقع
2.2 التضاريس
2.3 المناخ
3 التقسيمات الإدارية
4 التركيبة السكانية
4.1 اللغات واللهجات
5 التاريخ
5.1 التاريخ القديم
5.2 العصور الوسطى
5.3 التاريخ الحديث
5.4 المرحلة المعاصرة
5.4.1 المملكة المتوكلية اليمنية
5.4.2 محمية عدن
5.4.3 الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي)
5.4.4 اليمن الجنوبي
5.4.5 الجمهورية اليمنية
5.5 الإحتجاجات الشعبية
6 الحكومة
6.1 السلطة التشريعية
6.2 السلطة التنفيذية
6.3 السلطة القضائية
6.4 الأحزاب السياسية
6.5 العلاقات الخارجية
7 الجيش
8 حقوق الإنسان
9 الصحة
10 التعليم
11 الاقتصاد
11.1 النفط والغاز
11.2 الزراعة
11.3 السياحة
11.4 النقل والمواصلات
12 الإعلام
12.1 الصحف والمجلات
13 الثقافة
13.1 الرقصات الشعبية
13.2 الأزياء الشعبية
13.3 السينما والتلفزيون
13.4 الموسيقى
13.5 الشعر والأدب
13.6 العمارة
13.7 المطبخ
13.8 الرياضة
14 الأعياد والعطلات الرسمية
15 صور من اليمن
16 ملاحظات
17 مراجع
التسمية[عدل]وردت عدة نظريات خلف تسمية اليمن وأول النصوص المسندية المكتشفة حتى الآن التي تشير لهذا الإسم يعود للقرن الثالث الميلادي وجائت بصيفة يمنت أو يمنة [16] وتشير إلى الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية الخاضع للحِميَّريين [17] أما العهد القديم فذكر مملكة سبأ كثيراً وأشار العهد الجديد إلى ملكة سبأ الأسطورية بـ"ملكة تيمن"[18] ولا زال اليهود يسمون يهود اليمن بـ"تيمانيم" ويسمون اليمن "تيمن"[19] في أيام الإمبراطورية الرومانية كانت البلاد تُعرف باسم العربية السعيدة[20] في الأدبيات العربية، اختلف اللسانيون وأهل الأخبار في تحديد معنى اليمن ولهم عدة نظريات بخصوص ذلك فقيل أنه مشتق من اليُمن أي البركة وهو نقيض الشؤم[21] وقيل كذلك أنه سمي باليمن لإنه يمين الكعبة[22] وقيل سمي نسبة إلى يمن بن قحطان وقالوا أن قحطان أبو اليمن وقالوا كذلك أن قحطان نفسه إسمه يمن[23] ومنهم من قال أن كل العرب كانوا بمكة فتيامن بنو يقطن في رواية وبنو يمن في رواية أخرى فسميت اليمن على ذلك[23] ومثل هذا من مألوف عادة أهل الأخبار فالشواهد الأثرية والكتابات الكلاسيكية خرساء صامتة عن قحطان ومكة والكعبة إذ كان بشبة الجزيرة ستة وعشرون كعبة على الأقل وقحطان مأخوذ من الشخصية التوراتية يقطان الذي يذكر العهد القديم أنه والد سبأ وحضرموت[24] الرأي الغالب أنه ظهر من كلمة يمنت في نصوص المسند[25][26][27] اليمن هو أحد خمسة أقاليم تحدد جغرافيا الجزيرة العربية وهو الإقليم لما وراء تثليث ويبرين إلى صنعاء وماقاربها من مخاليف وأقصى اليمن حضرموت ومركزها وقصبتها صنعاء [28][29][30]
الجغرافيا والمناخ[عدل] مقالات مفصلة: جغرافيا اليمن · مناخ اليمن
بادية اليمن (الجوف ـ مأرب)
المدرجات الجبلية في المحويت
سقطرى
تهامة اليمنالموقع[عدل]يقع اليمن في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية بين السعودية وسلطنة عمان. ويشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي. يبلغ طول الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية قرابة 1,458 كم و 288 كم مع عُمان من جهة الشرق.يطل اليمن على البحر الأحمر وبحر العرب ويبلغ طول الشريط الساحلي لليمن 2500 كم [31]
التضاريس[عدل]يتكون اليمن من خمسة أقاليم جغرافية هي :
إقليم السهل الساحلي : يمتد هذا الإقليم من تهامة مرورا بالسواحل الجنوبية للبلاد في عدن وحضرموت والمهرة. يتخلل هذا الإقليم عدة هضاب وجبال ويشمل سهول تهامة وأبين وميفعة والسهل الساحلي الشرقي في محافظة المهرة [32]
إقليم المرتفعات الجبلية : وهو أكبر أقاليم اليمن الجغرافية إذ يمتد من أقاصي الحدود الشمالية الغربية للبلاد حتى الحدود الجنوبية الشرقية. والجبال في هذا الإقليم هي الأعلى ارتفاعا في شبه الجزيرة العربية بمعدل 2000 م وتبلغ بعض القمم 3500 م أعلى هذه القمم هي قمة جبل النبي شعيب [33][34]
إقليم الأحواض الجبلية : يتميز هذا الإقليم بالأحواض والسهول الجبلية في مرتفعاته وأكثريتها تقع في الجانب الشرقي من الإقليم حيث تكثر المياه الآتية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتعبر في قاع يريم وذمار ومعبر وحوض صنعاء وعمران وصعدة.[35]
إقليم المناطق الهضبية: تقع إلى الشرق والشمال من إقليم المرتفعات الجبلية وموازية لها لكنها تتسع أكثر باتجاه الربع الخالي وطبيعة هذا الإقليم صحراوية صخرية تتخله بعض الأودية وينقسم إلى قسمين الهضبة الغربية وأعلى ارتفاع لها قرابة 1300م والهضبة الشرقية المتمثلة في هضبة حضرموت الي بدورها تنقسم إلى شمالية وجنوبية بسبب وادي حضرموت الذي يفصل بينهما.[36]
إقليم الصحراء :إقليم رملي يكاد يخلو من غطاء نباتي بإسثناء مجاري الأمطار ويشمل أجزاء من صحراء الربع الخالي. تراوح ارتفاع السطح هنا بين (500-1000) م فوق مستوى سطح البحر.[36]
المناخ[عدل]الجو حار ودرجة الرطوبة عالية في المناطق الساحلية ومعتدل في المناطق الجبلية وجاف وحار في المناطق الشرقية للبلاد [37][38]
الساحل الغربي: تصل درجة الحرارة إلى 54 درجة مئوية خلال فصل الصيف و 35 درجة مئوية شتاءا[39]
الساحل الجنوبي: 37 درجة مئوية صيفا و 25 شتاءا[40] كمية الأمطار لا تزيد عن 100 مليمتر في السنة و لا تتجاوز 10 أيام فقط في السنة [41]
المرتفعات: تتمتع بمناخ معتدل في معظم أيام السنة، على الرغم من أنه يمكن أن يصبح حار في الظهر و بارد في الليل و خصوصا بين شهري أكتوبر وفبراير.تصل درجة الحرارة إلى 5 درجات مئوية من نوفمبر إلى يناير و 25 درجة مئوية في يوليو[42] تسجل الأمطار أعلى قيمها في المنطقة الجبلية الوسطى حيث تتراوح كميتها السنوية بين 400 -1100 مليمتر تقريباً و بمعدل سنوي يقترب من 750 مليمتر
أيضا هذه المنطقة تسجل أعلى عدد للأيام الممطرة والتي قد تصل إلى أكثر من 156 يوم في السنة و بمعدل سنوي 94 يوم في السنة.[41]
التقسيمات الإدارية[عدل] مقالات مفصلة: تقسيمات اليمن الإدارية · محافظات اليمن · مديريات اليمن · مدن اليمن
تُقسم الجمهورية اليمنية إدارياً في إطار نظام السلطة المحلية إلى (21) محافظة بالإضافة إلى محافظة أرخبيل سقطرة التي أعلن أستقلالها عن حضرموت [43]، بما فيها أمانة العاصمة، و تقسّم المحافظات إلى: (333) مديرية، يتفرّع عنها (2200) عزلة و حي، فضلاً عن (36986) قرية و (91489) محلّة و حارة. كما يبلغ عدد الدوائر المحلية (5620) دائرة محلية (مركز انتخابي).[44] وفقا للباحث الأميركي ستيفين وود داي، فإن علي عبد الله صالح عمد إلى إنشاء أكبر عدد ممكن من المحافظات الصغيرة لإستمرار إعتمادها على صنعاء فعدد المحافظات كبير مقارنة بمساحة اليمن وأن التقسيمات الإدارية تصب في مصلحة نخب في المرتفعات الشمالية [45]
ترتيب المحافظات اليمنية
صنعاء
تعز
إب
جبلة
# قائمة محافظات اليمن عدد السكان
عدن
شبام
شبام كوكبان
صيرة
المكلا
1 محافظة صنعاء 1,048,310
2 محافظة تعز 2,727,186
3 محافظة الحديدة 2,470,703
4 محافظة إب 2,422,013
5 أمانة العاصمة 2,022,867
6 محافظة حجة 1,683,554
7 محافظة ذمار 1,514,297
8 حضرموت 1,181,863
9 محافظة عمران 1,002,099
10 محافظة لحج 825,794
11 محافظة صعدة 791,823
12 محافظة عدن 684,322
13 محافظة المحويت 564,067
14 محافظة البيضاء 656,811
15 محافظة الضالع 537,243
16 محافظة شبوة 536,594
17 محافظة أبين 497,231
18 محافظة الجوف 503,151
19 محافظة ريمة 448,550
20 محافظة مأرب 271,855
21 محافظة المهرة 101,701
22 محافظة سقطرى 42,842
التركيبة السكانية[عدل] مقالات مفصلة: سكان اليمن · قبائل اليمن · الهجرة إلى اليمن · الدين في اليمن · الإسلام في اليمن · يهود اليمن
أطفال يمنيون في مدينة جبلة
فتى من حاشد عام 1966، همدان في المرتفعات الشمالية فقط، يشكلون قرابة 20% من التعداد الكلي للسكان[46]يقدر تعداد سكان اليمن بقرابة 25,408,288 نسمة[47] تشكل القبائل الغالبية العظمى من المواطنين بقرابة 85% من التعداد الكلي للسكان[48] وجلهم من همدان (حاشد وبكيل) وحِميَّر وكِندة ومَذْحَج والمعافر وخولان وحضرموت ومايندرج تحتهم من بطون وفخائذ وأحلاف [49] معظم القبائل متحضر فعموم أهل اليمن حضر وليسوا أعراباً من عصورهم القديمة [50] ولكن توجد قبائل بدوية ـ أو كانت كذلك لفترة قريبة ـ في محافظة مأرب والجوف وبادية الربع الخالي شمال حضرموت وهناك المهرة في شرق اليمن وهم يتحدثون لغتهم الخاصة وهي اللغة المهرية. وهناك مواطنون من أصول أخرى فحوالي 5% أفارقة وقد يكونون غير ذلك ويتواجدون في المناطق الساحلية في تهامة وجنوب اليمن [51][52] كانت تجارة العبيد مزدهرة في اليمن وقد يكونون من شرق أفريقيا أو الهند [53][54][55]
يمكن ملاحظة الاختلاط الاثني بسهولة في تهامة وجنوب اليمن [56][57][58][59] وحوالي 10% من المواطنين من شعوب الترك والأرمن المسلمين والمصريين والأمازيغ وعرب آخرين [60][61][62][63] أما سكان جزيرة سقطرى فهم سكان أصليون ولكن جزيرتهم كانت مرفأ مهما للسفن التجارية فسيطر عليها السبئيون وكانت مأهولة بسكانها الأصليين ونزل بها أقوام من الهند ومبشرين بالمسيحية من اليونان ولغتهم وثقافتهم مزيج من كل هذه العوامل [64] وهم يقتربون من سكان المهرة وعددهم قرابة الخمسين ألف نسمة [65] بقيت تلك الجزيرة مسيحية بالكامل حتى فترات متقدمة من التاريخ اليمني وبدأ سكانها يعتنقون الإسلام عقب سيطرة سلطنة المهرة على الجزيرة وإختفى آخر مسيحي منها في القرن الثامن عشر [66]
هذه ليست إحصائات رسمية فمعظمهم قد لايعرف الكثير عن أصوله هذه فقد ذابوا في مجتمعهم ولكن يمكن تمييزهم بأنهم ليسوا قبليين ويتواجدون في المدن بينما تغلب القبيلة على الأرياف سواء المرتفعات الجبلية أو البادية وتعد القبائل واليهود في المرتفعات الشمالية أكثر إنعزالاً من سكان بقية المناطق[67] وهناك طبقة اجتماعية تُعرف بالأخدام [68] تم الغاء العبودية رسمياً عام 1962[69] ولكن مظاهر التميز الإثني والمناطقي لا زالت مستشرية باليمن والهويات المناطقية والقبلية قوية وانتماء القبائل لدولة وطنية أضعف بكثير من الهوية القبلية [70] ذلك أن النخبة السياسية حرصت على إذكاء هذه الفروقات وإستمرارية الأعراف القبلية، القبائل جزء كبير من السكان ولكن هناك مجموعات غير قبلية مؤثرة ومهمة [71] بالإضافة للعلاقات التي تربط الزعامات القبلية بالسعودية تلعب دورا مفصلياً في تقويض ولاء القبائل للدولة وطبيعة التوزيع السكاني كذلك، إذ لا زال معظم السكان يعيش في قرى نائية متناثرة بأرجاء البلاد وفقا لخالد فتاح، محاضر زائر بجامعة لوند السويدية[72] خاصة أن اليمنيون يستدعون انتمائاتهم الضيقة خلال الأزمات السياسية التي تعصف ببلادهم [73]
يمني يهودي مع ابنه ستينيات القرن العشرين في صنعاءنسبة الزيادة السكانية حوالي 3% سنويا وتبلغ الكثافة السكانية حوالي 40 نسمة لكل كم2. معدل الخصوبة هو 6.5 طفل لكل امرأة [74] و75% من السكان أعمارهم أقل من 30 سنة [75] يعيش 27.3% من السكان في المدن مقابل 73.7% في الأرياف و تبلغ نسبة الأمية حوالي 38.8% [74] قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر[76] يعد معدل النمو السكاني واحدا من أعلى المعدلات في العالم ومن المتوقع أن يصل تعداد اليمن إلى 30.8 مليون نسمة عام 2020 وهو مايضع اليمن أمام تحديات مستقبلية جديدة[77] يتواجد حوالي 700,000 لاجئ صومالي في اليمن وأعدادهم في تزايد مستمر [78][79][80][81] 260,000 مسجلون رسمياً[82] على الرغم من الاقتصاد الهش، محدودية خدمات الصحة العامة والتعليم، وبيئة أمنية شديدة التقلب[83]
الدين في اليمن (تقريبا)[84]
شافعية 65%
زيدية 35%
آخرون 1%
تقدر نسبة المسلمين في اليمن 99.0% أي 1.5% من مجموع مسلمي العالم [85] و ينقسم المسلمون في اليمن إلى مجموعتين رئيسيتين هما السنة الشافعية والشيعة الزيدية. وتبلغ نسبة الشافعية حوالي 60-70% مقابل زيدية 30 - 40% [86] وتوجد أقلية إسماعيلية صغيرة كذلك [87] هناك أعداد قليلة باقية من اليمنيين اليهود إذ هاجر أغلبهم إلى إسرائيل والولايات المتحدة وهم الأقلية الغير المسلمة الوحيدة من سكان البلد الأصليين [88][89] فوجودهم قديم للغاية ويعود للقرن الميلادي الثاني [90] أغلب الصناع والصاغة في اليمن كانوا يهود [91] يوجد أربعة كنائس في عدن للمسيحيين الذين أغلبهم من الأجانب وأقلية هندوسية صغيرة جدا (من أصول هندية) متواجدة في عدن كذلك [89] إذ كانت عدن مدينة مزدهرة ومتنوعة عرقيا ودينيا فقد كان هناك وجود للبارسيون أو الفارسية كما كان يسميهم أهل عدن ولم يبقى منهم سوى شخص واحد في 2013. فقد كانت عدن مركزا تجارياً ومقصداً لأصحاب الأموال فغدت تجمعا حضريا نابعا بالحياة بل كانت ثاني أهم موانئ العالم في الخمسينات بعد نيويورك[92] تقلصت أعداد الأقليات الدينية كثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين.
اللغات واللهجات[عدل] مقالات مفصلة: لغات اليمن · لهجة يمنية · لهجة صنعانية · لهجة تعزية-عدنية · لهجة حضرمية
ألواح الزبور السبئيةاللغة العربية هي اللغة الرسمية مع وجود أقلية تتحدث باللغة المهرية في شرقي البلاد ولسكان جزيرة سقطرى لغتهم الخاصة هي اللغة السقطرية ولا علاقة للمهرية والسقطرية بالعربية الجنوبية القديمة التي كانت سائدة في اليمن أيام التاريخ القديم [93] كان اليمنيون قديما يتحدثون بأربع لهجات ضمن ماعرف باللغة الصيهدية وهي اللغة السبئية والقتبانية والمعينية والحضرمية ودونوا كتابتهم بخط المسند والزبور وكانت اللغة السبئية هي الأكثر إنتشارا وتدوينا [94] بالإضافة للغة "شبه سبئية" كانت مستخدمة في نجران وقرية الفاو.
خط المسند كان نظام الكتابة الأقدم في شبه الجزيرة العربية ويعتبر أبجدية شقيقة للأبجدية الفينيقية ومتفرعا من الأبجدية السينائية الأولية [95] وأستعمل للتدوين من قبل المتحدثين بالعربية الشمالية القديمة واللغات الإثيوبية السامية فالمسند هو الخط العربي الأصلي فلم يطور سكان تلك المناطق نظام كتابة خاص بهم إلا أن جهود مبشري الكنائس الشرقية ساهم في إنتشار القلم النبطي المتأخر وهو أحد الخطوط السريانية على حساب المسند لإنه أسهل [96] وساهم دخول اليمنيين في الإسلام إلى هجرهم قلمهم القديم واستبداله بالأبجدية النبطية المتأخرة التي دون بها القرآن [97] يتحدث اليمنيون اليوم العربية باللهجة اليمنية وهي لهجة متطورة ومرتبطة ارتباطا وثيقا باللغة القديمة [98] وهي ثلاث لهجات بتفرعات لهجة صنعانية ولهجة حضرمية ولهجة تعزية-عدنية بالإضافة للهجة بدوية لسكان مأرب والجوف ولكل من هذه اللهجات خصائص ومميزات [99][100]
التاريخ[عدل] مقالة مفصلة: تاريخ اليمن
وجدت أثار وشواهد من العصر الحجري القديم ومدافن وميغاليث من العصر الحجري الحديث وبدأت علامات التحضر تظهر في الألفية الثانية ق م وظهرت مملكة سبأ في العام 1200 ق.م [101] قامت في اليمن أربعة إتحادات قبلية هي مملكة سبأ ومملكة حضرموت ومملكة معين ومملكة قتبان وأقوى هذه الإتحادات كان سبأ والتي ضمت بقية الممالك في القرن السابع ق.م بقيادة الملك السبئي كربئيل وتر الأول.
دخلت المسيحية إلى اليمن في القرن الرابع بعد الميلاد وشهدت البلاد تواجدا قويا لليهود حتى إعتنقت القبائل اليمانية الإسلام في القرن السابع الميلادي ولعبت القبائل دورا مفصليا في الفتوحات الإسلامية التي أعقبت وفاة النبي محمد. شهد اليمن قيام عدة دويلات وإمارات صغيرة أقوى الدول كانت الدولة الزيادية والدولة اليعفرية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية والإمامة الزيدية [ملاحظة 1] وشهد اليمن تواجدا للأيوبيين والعثمانيين والإنجليز.
التاريخ القديم[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن القديم · مملكة سبأ · مملكة حمير · مملكة قتبان · مملكة معين · مملكة حضرموت
"محرم برأن" (معبد البراء) أو محرم بلقيس كما يسميه اليمنيون اليوم
منحوتة لأسد من مملكة قتبان
إمرأة سبئية تحمل بخوراً ومشعلا من الزيتعلى أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، شهد اليمن قيام ممالك مدينة وهناك إختلاف بين الباحثين حول أصول بناة هذه الممالك، يقترح بعضهم إستنادا على التشابه اللغوي أن السبئيين نزحوا من كنعان[102] ويستدلون كذلك بنصوص من التوراة مثل هجوم السبئيين على أيوب وقتلهم أطفاله ففي هذا دلالة أن السبئيين كانوا أعراباً قبل استقرارهم في مأرب من وجهة نظرهم[103] اليمن أحد أقدم المناطق المأهولة في العالم وهناك دلائل على حضارات بدائية تسبق المملكة السبئية ولكن القليل هو المعروف عن هذه الفترة نظراً لقلة الدراسات الأثرية عن اليمن والتي تتعرض لمضايقات وعرقلة مدفوعة بعدم الرغبة في إسكتشاف تاريخ اليمن والجزيرة العربية ككل قبل الإسلام[104]
حسب الضئيل الذي عثر عليه بظاهر الأرض، كانت الممالك الأربع الرئيسية تتاجر بالبخور والبهارات والمر والذهب ويذكر العهد القديم قصة ملكة سبأ وزيارتها للملك سليمان وقدومها بقوافل محملة بالطيب والذهب[105] بدأ السبئيون بالتوسع شيئا فشيئا والإستيلاء على الإمارات الصغيرة التابعة للممالك الأخرى قرابة القرن التاسع قبل الميلاد[106] وبنى السبئيون سد رحاب (سد مأرب) في القرن الثامن ق.م وربما أقدم من ذلك وكان سببا رئيسياً لإزدهار وقوة المملكة[107] كان السد معجزة هندسية في تاريخ شبه الجزيرة العربية، يروي مايقارب 98,000 كم مربع، يدفع 1,700 متر مكعب من السيول حاملة 2000 طن من المياه في الثانية[108] عُرفت هذه الواحة البشرية الصنع بأرض الجنتين[109] كان السبئيون يحكمون من كهنة يسمى أحدهم مكرب والمكرب كان أعلى طبقة إجتماعية في العربية الجنوبية، معنى كلمة مكرب غير واضح ولكنها بالتأكيد ليست ملك أو أمير.
مابين 700 ـ 685 ق.م ، قام المكرب كربئيل وتر الأول بتغيير لقبه من مكرب إلى ملك وشن حملات واسعة وخلد انتصاراته ومعاركه في كتابة تركها بمدينة صرواح عاصمة السبئيين الدينية وجمع الممالك الأربع وكل الإمارات الصغيرة تحت حكمه عقب حملات عسكرية خلفت تسعة وثلاثين ألف قتيل وثلاث وسبعين ألف أسير [110][111] أقام السبئيون مستعمرات تجارية لهم في مواضع متعددة من شبه الجزيرة العربية أبرزها مملكة كندة في نجد ومستعمرة في أكسوم بشمال إثيوبيا ونقلوا نظام كتاباتهم القديم إلى تلك المناطق[112] في القرن الرابع ق.م، انتقل الملك في سبأ لأبناء همدان بقيادة الملك وهبئيل يحز[113] على أواخر القرن الثاني ق.م ضعفت مملكة سبأ واقتصر سلطانهم على مأرب وصنعاء واستعرت الفوضى السياسية في أرجاء المملكة بين حاشد وبكيل (سبئيين) ومملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين، كل يقاتل لأجل الصدارة وتحالف السبئيون بقيادة زعيم حاشد شاعر أوتر مع حضرموت وقضوا على مملكة قتبان في نفس الفترة وقضى ملك سبأ إيلي شرح يحضب جل فترة حكمه يخمد التمردات حتى تمكن الحِميَّريين بقيادة شمَّر يهرعش من القضاء على كل الممالك بعد سلسلة حروب ومعارك طويلة ودموية ولكن متقطعة ودخلت البلاد مرحلة الحكم المطلق للحميريين، وألغوا النظام الإتحادي الذي كان سائداً أيام دولة السبئيين[114] ذلك لإن النصوص المكتشفة أيام السبئيين، تظهر أن زعماء قبائل وإقطاعيات واسعة كانوا يشيرون لأنفسهم بملوك كذلك واقتصرت علاقتهم بمأرب على دفع الضرائب السنوية، فاختفت الألقاب الملكية لتقتصر على أذواء ريدان.
أتخذ الحِميَّريين من ظفار يريم عاصمة لمملكتهم وذلك عام 275 بعد الميلاد[115] إعتبار ظفار يريم عاصمة لم يقلل من أهمية مأرب عند الحميريين، بل استمروا بتقديم القرابين والأضحية في المعبد الرئيسي بمأرب ومرد ذلك كان رغبة الحِميَّريين باستمرارية التقاليد الموروثة وإضفاء شرعية لملكهم أمام السكان[116] وأتخذ الحميريين من العام 115 ق.م مبدأ لتقويمهم وقاموا بتوحيد آلهة الممالك وإعتبار رحمن إله الأرض والسماء والأوحد [117][118][119] شهدت البلاد مرحلة من الفوضى عقب وفاة شمَّر ذلك أن عدة بيوت حِميَّرية ادعت حقها في الملك، إلى أن استعاد ذمار علي يهبر السيطرة ليكون جد سلالة قوية من الحميريين حافظت على إستقرار المملكة من عام 320 وحتى 516 دون حروب أو معارك داخلية تذكر[120] خاض الحميريين عدة معارك مع المناذرة وتوسع سلطانهم أيام الملك أسعد الكامل في القرن الخامس الميلادي[121] بدأ الروم بمحاولة نشر المسيحية في اليمن قرابة القرن الرابع الميلادي واشتكى قائد المبشرين أن يهوداً منعوهم من مزاولة التبشير[122] وأكتشفت عدة كتابات بخط المسند تشير إلى رحمن وإسرائيل وأقيالٍ يهود[123][124][125] ولكنهم تمكنوا من تنصير نجران والمخا وظفار يريم وبناء ثلاث كنائس في هذه المدن [126] كان الملك شرحبيل يعفر الذي توفي عام 465 آخر ملوك حميَّر من سلالة ذمار علي يهبر[127]
تمثال للملك ذمار علي يهبر (المملكة الحِميَّرية)بحلول العام 516 (القرن السادس) يتضح وقوع صراع ما على السلطة بدلالة إكتشاف كتابات لشخصين متحاربين كلاهما يلقب نفسه باللقب الملكي للحِميَّريين[128][129] و وظهر يوسف أسأر وكان أحد الأذواء اليهود الذين ظهروا في نفس الفترة المضطربة. ارتكب يوسف مجازر بحق المسيحيين في المخا وظفار يريم ومأرب وحضرموت وأشهر وقائعه كانت في نجران، مصادر الإخباريين بعد الإسلام ذكرته ولكنها مصادر بلا قيمة تاريخية تذكر[130] بظهور يوسف كانت المملكة الحميرية قد سقطت على أرض الواقع ولم يلقب يوسف نفسه باللقب الملكي للحِميَّريين، هدم يوسف كنيسة ظفار يريم وشن حملات مشابهة على الطول الساحل الغربي في تهامة حتى وصل باب المندب، ليعيق وصول الإمدادات للمسيحيين في اليمن من مملكة أكسوم على الضفة المقابلة[131] إذ كان المسيحيين في نجران طابورا خامساُ لمملكة أكسوم[132][133] كانوا يريدون إبادة يهود اليمن بدلالة إحراقهم عدداً من المعابد اليهودية[134] أرسل يوسف قوة إلى نجران هدمت الأبرشية وقتلت أسقفها وإحدى عشر ألفاً من المسيحيين[135]
قتل المسيحيين بتلك الصورة برر تدخل بيزنطة ودعمها لأكسوم وتمكن الأسطول البيزنطي من هزيمة يوسف أسأر أو "ذو النواس الحِميَّري" عام 525 - 527 للميلاد وعُين شميفع أشوع حاكماً على البلاد، وقاموا بإعادة إعمار كل الكنائس التي هدمها ذو النواس منها ثلاث كنائس جديدة في نجران وحدها[136] قُتل شميفع أشوع من قبل أبرهة بعد خمس سنوات وأعلن نفسه ملكاً مستقلاً على حِميَّر وأعاد إستخدام اللقب الملكي للحميريين ونسجت حوله قصص وأساطير بعد الإسلام كعادة الإخباريين [137] شن أبرهة حملة واسعة على الحجاز، وفقا لكتابة بخط المسند دونها بنفسه وكتابات البيزنطيين، فإن الحملة كانت ناجحة بينما تذكر الأساطير العربية أن طيوراً خرجت من البحر هزمته[138] بقيت البلاد على ماهي عليه من الإضطراب حتى بعد عودة الحِميَّريين بقيادة شخصية شبه أسطورية تدعى سيف بن ذي يزن وفقا لمصادر متأخرة فلم يعد لحِميَّر سلطان على أحد وبقيت القبائل مستقلة عن أي حكومة حتى الإسلام [139] ذكرت المصادر البيزنطية المعاصرة لتلك الفترة أن الإمبراطورية الفارسية استولت على عدن[140] معظم المناطق كان خاضعا لزعماء محليين باستثناء عدن وصنعاء وتعتبر تلك الفترة نهاية الحضارة العربية الجنوبية القديمة[141]
العصور الوسطى[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن الإسلامي · زياديون · بنو يعفر · الإمامة الزيدية · الدولة الرسولية · بنو طاهر
الجامع الكبير بصنعاء من الداخلدخل الإسلام إلى اليمن عام 630 وأسلمت القبائل اليمانية سريعاً عقب قدوم علي بن أبي طالب فأسلمت همدان كلها في يوم واحد وسجد النبي لإسلامهم قائلا [142][143]:
«السلام على همدان، السلام على همدان»
وأرسل النبي محمد معاذ بن جبل إلى اليمن ونزل في تعز (مخلاف الجند) وأوصاه قائلا [144] :
يسر ولا تعسر ، وبشر ولا تنفر ، وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب ، يسألونك ما مفتاح الجنة ؛ فقل : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
—وصية النبي محمد لمعاذ بن جبل قبل بعثه إلى اليمن
مسجد الجند ثاني أقدم مساجد اليمنأرسل النبي كتاباً لوائل بن حجر وعدد من الأقيال بل أرسل عدة كتب لزعماء من قبيلة واحدة والسبب في ذلك كان الإنقسام الواضح بين القبائل وغياب سلطة مركزية قوية في اليمن أيام النبي [145] قدمت القبائل عام الوفود وكان سلوك النبي مختلفاً إتجاه كل قبيلة، فحفاوته في الإستقبال لقبائل أسلمت وقدمت الصدقات مبكراً كان مختلفاً عن القبائل التي أسلمت بعد هزيمتها مثل بنو الحارث بن كعب وخثعم وصداء من مذحج[146] هناك عدة أسباب وراء سرعة إنتشار الإسلام في اليمن، أولها أن عددا كبيراً من اليمنيين كانوا ممن يُعَرِفهم الإسلام بأنهم أهل كتاب كما يتضح من وصية النبي لمعاذ بن جبل، والثاني هو الإضطراب والإقطاعية الذي كانت تمر بها البلاد اليمانية فعدد من زعماء القبائل اعتنق الإسلام وقدم على النبي محمد لحل نزاعات قبلية مثل وائل بن حجر الحضرمي ونزاعه مع الأشعث بن قيس الكندي وفروة بن المسيك المرادي مع زعماء همدان[147]
قسم الخلفاء الراشدون اليمن لعدة مخاليف وكان عهدهم مستقراً ولعبت القبائل اليمانية دوراً مفصليا خلال الفتوحات الإسلامية في مصر والعراق والشام وشمال أفريقيا والأندلس[148][149][150][151] قليل هو المعروف عن اليمن خلال الدولة الأموية ولكن تقول المصادر أن اليمن والحجاز بايعت عبد الله بن الزبير[152] ولكن القبائل اليمانية في الشام كان من ثبت حكم مروان بن الحكم [153] كان اليمن مسرحا لعدد من الحركات الإباضية والشيعية التي حوربت من دول الخلافة وبدا جلياً أن الدولة العباسية لم تستطع إحكام سيطرتها على اليمن فاستقلت البلاد عام 815، وقامت الدولة الزيادية في زبيد وامتدت من حلي بن يعقوب وحتى عدن[154] وقامت الدولة اليعفرية في نفس الفترة وشملت المنطقة مابين صعدة وتعز بما في ذلك صنعاء[155] كانت الدولة الزيادية مستقرة في زبيد بينما كان على بقية المناطق أمراء محليين يذكرون ابن زياد في خطبة الجمعة ويسكون العملة باسمه وواجه الزياديون تحديات عديدة من بنو يعفر الذين كانوا يسيطرون على المرتفعات [156] أما حضرموت، فكان عليها أمراء إباضية مستقلون ينتمون لقبيلة كندة لكنها لم تتطور لدولة إمامة كما حدث في عُمان، ويعد عبد الله بن يحيى الكندي أول أئمة الإباضية في اليمن ككل.
زبيد من ضمن مواقع التراث العالمي في اليمنقدم الإمام الزيدي يحيى بن الحسين عام 890، ويحيى بن الحسين كان قاضيا وفقيها قدم بدعوة من قبائل صعدة - خولان تحديداً - لفض خلافات قبلية وعقب نجاحه في المهمة، تمكن من إقناع القيادات القبلية في المنطقة بإعتناق المذهب الزيدي وبدأ المذهب ينتشر ببطئ حتى شمل قبائل حاشد وبكيل اللتان عرفتا بـ جناحي الأئمة الزيدية [84] بنى الإمام الزيدي يحيى بن الحسين قاعدة له في صعدة ونجران[157] وحاول السيطرة على صنعاء من بنو يعفر عام 901 ولكنه طُرد منها عام 902 م [158] عام 904، هاجم القرامطة مدينة زبيد ونزلوا في يافع لحج ودخلت البلاد مرحلة من الفوضى والإقتتال لدرجة أنه من الفترة مابين 904 وحتى 913 تم غزو صنعاء عشرين مرة ومحاصرتها خمسة مرات من قبل القرامطة وبنو يعفر[159] استعاد أسعد بن إبراهيم الحوالي صنعاء عام 913 وأعاد نفوذه على مخلاف الجند (تعز) ومخلاف حضرموت[160] وتوفي السلطان أسعد عام 944 وكان آخر سلاطين بني يعفر الأقوياء.
كانت القبائل المستقلة مثل خولان وهمدان من يعين ويفصل الملوك، يساندون الزياديين تارة والأئمة الزيدية واليعفريين تارة أخرى فلم يثبتوا في ولائهم لأحد [161] وأعلن سليمان بن طرف الحكمي تمرده عام 960 واستقل بالمخلاف السليماني الذي سمي باسمه وهاجم بنو يعفر عاصمة بني زياد زبيد وأحرقوها بقيادة عبدالله بن قحطان الحِميَّري وشيخ قبلي آخر من خولان عام 989[162] من عام 989 ودولة بني زياد تحكم فعليا من قبل مولاهم الحسين بن سلامة الذي تمكن من الحفاظ عليها من الإنهيار الكامل عقب هجوم عبد الله بن قحطان وتمكن من إستعادة السيطرة على كافة تهامة اليمن من جديد وأخضع بني حكم في المخلاف السليماني إلى حلي بن يعقوب وتوفي عام 1022[163] بحلول عام 997، تحول سلاطين بنو يعفر لأمراء محليين مثلهم مثل بقية أمراء القبائل مقرهم في شبام كوكبان[164]
جبلة عاصمة الدولة الصليحيةسقطت دولة بني زياد رسمياً عام 1018 وقامت دولة بني نجاح عام 1022 في تهامة وعاصمتهم زبيد كذلك وظهر علي بن محمد الصليحي الحاشدي في نفس الفترة في المرتفعات الشمالية لليمن وكان إسماعيليا ، وتمكن الصليحي من تأسيس ماعرف بالدولة الصليحية عام 1047 وسيطر على زبيد ثم جمع بلاد اليمن تحت حكمه وسيطر على مكة عام 1064 واتخذ من صنعاء عاصمة لدولته[165][166][167] كان يُدعى له هو وزوجته أسماء بنت شهاب في خطب الجمعة وهو مالم يحدث في أي مكان في المنطقة العربية بعد الإسلام[168] ثم حكم المكرم بن علي وولى بنو زريع على عدن وانتقلت العاصمة من صنعاء إلى جبلة أيام الملكة أروى بنت أحمد الصليحي وحكمت السيدة الحرة باقتدار حتى أطلق عليها المؤرخين لقب بلقيس الثانية [167] ولا دلائل أن الصليحيين حاولوا فرض مذهبهم الإسماعيلي [169] سقطت دولة الصليحيين عام 1138 وشهدت البلاد مرحلة من الفوضى ونزاع قوى مذهبية وقبلية مختلفة منها سلاطين همدان الإسماعيلية ووالأئمة الزيدية فسيطر الهمدانية على صنعاء وبنو زريع على عدن وعاد النجاحيون لتهامة فقضى عليهم علي بن مهدي الحميري وقامت حروب ومعارك كثيرة بين القوى القبلية والمذهبية وهو ماسهل على الدولة الأيوبية دخولها إلى اليمن عام 1180.
قلعة القاهرة بتعز عاصمة ملوك بني رسولكان الأيوبيون يخشون تقدم علي بن مهدي الحميري نحو مكة بالإضافة لرغبتهم بتأمين الطريق التجارية عبر البحر الأحمر[170][171][172][173] قضى الأيوبيين على الدويلات الصغيرة في عدن وصنعاء وزبيد وصالحوا الإمارات الصغيرة في وادي حضرموت ولكنهم لم يتمكنوا من صعدة[174][175] ثار الزيدية وقاتلوا الأيوبيين وقتلوا منهم مقتلة عظيمة عام 1226 وأجلوا عن البلاد[176] ويمكن تلخيص حكم الأيوبيين في اليمن (1180 -1226) بأنه كان مستقرا في المناطق التي يدين سكانها بمذهب الأيوبيين الديني وهم سنة عكس المناطق الزيدية التي كانت سبباً في إرهاقهم وإرهاق غيرهم من الدول كما يظهر في دولة العثمانيين [177] كان عمر بن رسول نائباً للأيوبيين في اليمن ولكنه كان طموحاً وسياسياً بارعاً ًفأعلن نفسه ملكاً مستقلاً على البلاد وتلقب بـ الملك المنصور وبدأ ببناء قاعدة دعم شعبية وعزز مكانة القوى الشافعية في تعز ساعدته كثيراً في بناء دولته على أساس صلب عام 1229 واتخذ من تعز عاصمة[178][179] ووسع مملكته فشملت الأرضين من ظفار إلى مكة عام 1238[180] رغم أن الرسوليين إعتمدوا على قاعدة تعز وسكانها إلى اليوم شافعية ، لكنهم أقروا الحرية المذهبية والدينية[169]
تولى الملك المظفر يوسف الأول الحكم عقب إغتيال والده وبنى عدداً من المدارس والقلاع والحصون حتى الرحالة ماركو بولو أشاد باليمن خلال هذه الفترة ونشاطها التجاري والعمراني وكثرة القلاع والحصون بالبلاد [181] سحق الملك المظفر تمردات الأئمة الزيدية وأنصارهم القبليين في المرتفعات ولذلك عُرف بالمظفر. قمع المظفر محاولات أئمة الزيدية لزعزعة ملكه لدرجة أن الإمام الزيدي المتوكل المطهر بن يحيى وصفه بأنه أعظم ملوك اليمن[182] عام 1258، اشتكى مسلموا الصين للملك المظفر من ملكهم الذي منعهم من ختان أولادهم، فأرسل المظفر رسالة للصين بخصوص المشكلة، فرفع الملك الصيني الحظر على المسلمين[183] حكم اليمن لسبعة وأربعين عاماً منفرداً وله عدة كتب ألفها بنفسه وتوفي في تعز عام 1295[182] بنى الرسوليين قلعة القاهرة بتعز وجامع ومدرسة المظفر والمدرسة الأسدية والمدرسة الجبرتية والمدرسة المعتبية والمدرسة الياقوتية والمدرسة الأشرفية ولعدد من ملوكهم مؤلفات في الطب والصناعة واللغة[184][185] كان تعزيز المذهب الشافعي هدفهم وراء بناء هذه المدارس[186] وحرص الرسوليون على عدم مضايقة التجار وتوفير السبل اللازمة لإنعاش الإقتصاد، فازدهرت مدينة عدن على أيامهم[187] يعتبر المؤرخون دولة بني رسول من أعظم الدول اليمانية منذ سقوط مملكة حِميَّر[188]
المدرسة العامرية برداع بنيت عام 1504استمرت دولة بني رسول لأكثر من مئتي سنة إلى أن دب فيها الضعف عام 1424 ودبت الفوضى السياسية بين فصائل عديدة منها بنو طاهر المتمركزين برداع في محافظة البيضاء حالياً، فسيطروا على لحج عام 1443 ثم عدن 1454 بقيادة الملك الظافر عامر الأول[189] واجه الطاهريون عدة تحديات أهمها القبائل المتمردة والأئمة الزيدية وأنصارهم والغزو البرتغالي لعدن عام 1498. حاول بنو طاهر محاكاة الرسوليين فبنو عدداً من المدارس منها المدرسة العامرية وقنوات الري وخزانات المياه في زبيد وعدن ولكنهم كانوا أضعف من إحتواء الزيدية أو الدفاع عن أنفسهم من الغزاة[190]
تمكن الطاهريون من التصدي للبرتغاليين في البداية ولكنهم لم يحافظوا على سقطرى[191] وتحالف إمام الزيدية يحيى شرف الدين مع المماليك ضدهم [192] تعاون قائد جيش المماليك حسين الكردي والذي كان حاكماً على جدة مع الإمام الزيدي المناوئ للطاهريين المتوكل شرف الدين بعد رفض الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب التعاون مع المماليك ضد الإمبراطورية البرتغالية، وإستخدموا البارود والمدافع فتمكنوا من دحر الطاهريين من تعز ورداع ولحج وأبين وبقيت لهم سيطرة على عدن حتى عام 1539 انتهت بقدوم خادم سليمان باشا الحاكم العثماني على مصر وسيطرته على المدينة [193] هوان الطاهريين جعل الأئمة الزيدية وقبائل المرتفعات الشمالية يظهرون بمظهر أبطال قوميين ضد الإمبراطورية العثمانية[190]
التاريخ الحديث[عدل] مقالات مفصلة: تاريخ اليمن الحديث · الإمبراطورية العثمانية · الإمامة الزيدية · الإمبراطورية البريطانية
جامع البكيرية العثماني بصنعاء بُني عام 1597دخل اليمن مرحلة من الفوضى وغياب السلطة المركزية وبقيت عدن وحيدة بيد الملك عامر بن داوود آخر ملوك الطاهريين فاقتحم خادم سليمان باشا المدينة عام 1538 وصلب عامر بن داوود وشرع عسكره بنهب المدينة رغم أن المؤرخ المقرب من البلاط العثماني ادعى أن خادم سليمان باشا أمرهم بالتوقف [194] وقد يكون تجنيا على سليمان باشا كون مصادر التاريخ العثماني في اليمن كانت متحيزة لقائد دون آخر[195] بسطت الإمبراطورية العثمانية سلطتها على عدن وسائر تهامة وضمت جيزان إلى زبيد [196] حاول العثمانيون ضم باقي اليمن وخلال الفترة مابين 1538 و1547 أرسل العثمانيون ثمانين ألف جندي الى اليمن، بقي منهم سبعة آلاف [197][198] كانت سلطة الإمبراطورية العثمانية الحقيقية محصورة في زبيد والمخا وعدن طيلة فترة وجودهم[199]
أرسل العثمانيون أويس باشا عام 1547 إلى زبيد وكانت المرتفعات الشمالية مستقلة عليها الإمام الزيدي يحيى شرف الدين، وكان الإمام الزيدي قد اختار ابنه علي ليكون إماماً من بعده وتجاهل ابنه المطهر بن يحيى شرف الدين لإنه أعرج لا يستطيع المشي باستقامة[200] فحز ذلك في نفس المطهر بن يحيى شرف الدين وتوجه إلى زبيد حيث أويس باشا وأبدى استعداده لمعاونة أويس باشا للسيطرة على المرتفعات. وبالفعل اقتحمت قوات أويس باشا وأنصار المطهر بن يحيى شرف الدين تعز وتوجهت شمالاً نحو صنعاء وسيطر عليها عام 1547 وأعطى العثمانيون المطهر بن يحيى شرف الدين لقب بك واعترفوا به إماماً على عمران وقاعدته ثلا[201] أُغتيل أويس باشا في زبيد نفس السنة وعاد المطهر بن يحيى شرف الدين إلى صنعاء، فأرسل العثمانيون أزدمر باشا الذي استعاد صنعاء وانسحب المطهر الى عمران.
عندما توجه أزدمر باشا إلى صنعاء انتهز شيخ قبلي من أبين يدعى علي بن سليمان الفضلي الفرصة فهاجم عدن وأخرج الأتراك وعسكرهم منها ونصب نفسه أميراً عليها، وفعل أمير محلي من زبيد الفعلة ذاتها فأرسل ازدمر باشا قوة إلى زبيد قتلت أمير التمرد، وقتل علي بن سليمان عام 1548[202] تولى محمود باشا أمور الإيالة وكان ظالماً قتل كل عسكري من قادته لا يوافقه رأيه، واتخذ لنفسه قصراً في تعز اسمه قصر السعادة كان مقرا لملوك بني رسول. علم أن في إب حصن اسمه حب يملكه الفقيه علي بن عبد الرحمن النظاري فأراد الإستيلاء عليه طمعا ولفق التهم على النظاري وقتل محمود باشا قادته العسكريين الذين رفضوا الإنصياع لأوامره. حاصر حصن حب في إب لثمانية أشهر حتى توسط الأمير الإسماعيلي عبد الله الداعي بينهما، فتعهد محمود باشا بعدم التعرض لعلي بن عبد الرحمن النظاري وأن يعطيه سنجقا وفق اختياره، فوافق النظاري ولكنه أُغتيل فور دخوله على مخيم محمود باشا[203] ترقى محمود باشا بعد هذه الحادثة وطلب نقله إلى مصر فولي رضوان باشا إيالة اليمن عام 1564 م.
عندما تولى رضوان باشا أمور الإيالة، أخذ بعرض مساوئ سلفه محمود باشا على الباب العالي في إسطنبول، فبرر محمود باشا اخفاقاته بأن اليمن بلاد واسعة وبحاجة إلى بكلربكيان ولايكفيها واحد، وأصر محمود باشا على موقفه حتى وافق الباب العالي وأرسلوا مراد باشا ليتولى تهامة وولوا رضوان باشا أمر المرتفعات الشمالية. وقد قصد محمود باشا النكاية برضوان باشا بهذا التعيين، كون القبائل أشرس وأصعب مراسا في المرتفعات الشمالية لليمن بالإضافة لكونها مقرا للأئمة الزيدية [204] تظاهر المطهر بن يحيى شرف الدين بموالاته لمراد باشا المسيطر على التهائم فتوقف الأخير عن إمداد رضوان باشا المسؤول عن المرتفعات، وتزايدت بينهم الخلافات لدهاء الإمام الزيدي المطهر فعُزل رضوان باشا وعُين حسن باشا بديلا عنه عام 1567. انتهز المطهر الفرصة ليجتاح صنعاء وساندته قبائل الجوف البدوية وراسل المطهر أمير بعدان فهاجموا القوات العثمانية وحوصر مراد باشا في ذمار. تمكن مراد باشا من الهرب وبقي معه خمسين من المشاة فاعترضته القبائل وجردته وعسكره من ثيابهم وقطعت رؤوسهم وأرسلتها إلى المطهر بن يحيى شرف الدين في صنعاء عام 1567[205]
أحد حصون ثلا في عمران حيث تحصن المطهر بن يحيى شرف الدين
تقدم بدو الجوف نحو تعز ومن ثم عدن وعندما علم سلطان الشحر في حضرموت بقدومهم عدن، قام بإرسال المؤن للعثمانيين فيها[206] كانت حضرموت خاضعة لعدة إمارات صغيرة لم يهتم بها العثمانيون واكتفوا بأمرهم ذكر سلاطين آل عثمان في خطب الجمعة وخشي سلطان الشحر تقدم الزيدية من عدن نحوه. بعد مقتل مراد باشا وفناء غالب الجيش العثماني في اليمن، أمر الباب العالي اللالا مصطفى باشا بالتوجه إلى اليمن، رفض في البداية ولم ينصاع إلا بعد أن رأى غضب السلطان[207] توجه لالا مصطفى باشا إلى مصر وحاول جمع القوات إلا أن الجيش التركي في مصر رفض التوجه إلى اليمن، فأرسل اللالا مصطفى باشا اثنان من جواويش مصر برسالة يعرضان على المطهر الصلح ويأمرانه بالطاعة بل طالبوه بالاعتذار والقول أنه لم يأمر بأي عمل ضد القوات العثمانية وأن ماحدث صدر عن العربان الجهلة وليس من حضرته الشريفة على حد تعبيرهم[208] رفض الإمام المطهر وبعث رسالته إلى الباب العالي مع الجاويش مصطفى باشا[209] أرسل اللالا مصطفى باشا القائد عثمان باشا الذي وصل تعز عام 1569 وحاصر قلعة القاهرة ولم يستطع العسكر العثماني الوصول إليها ولا إصابتها وقطعت عليهم القبائل المؤن وحاصرتهم وتعرض الجيش العثماني لخسائر فادحة[210]
عزل السلطان سليم الثاني اللالا مصطفى باشا لتقاعسه عن السفر إلى اليمن بنفسه وأمر باعدام عدد من أمراء السناجق في مصر وولى سنان باشا مقاليد الوزارة على أن يتوجه بكامل العسكر التركي في مصر إلى اليمن[211] قدم سنان باشا من مصر ونزل مكة ومر بجيزان وزبيد وهي مناطق كانت لازالت خاضعة للعثمانيين، وخلص عدن وتعز وإب من أتباع المطهر ثم حاصر شبام كوكبان لسبعة أشهر انتهت بتوقيع هدنة[212] استمر العثمانيون بتعقب الإمام المطهر وأنصاره لا يسيطرون على قرية إلا وتعاود السابقة التمرد من جديد، ولاحظ الأتراك أن القبائل كانت تشعل النيران كلما انسحبت نحو الجبال وذلك لإعلام القبائل الأخرى أنهم لا زالوا أحياء ولم يستطع العثمانيون القضاء على الإمام المطهر[213][214] توفي الإمام المطهر عام 1572 ولم يتحد الزيدية عقب وفاة إمامهم فتقاتل أبناء المطهر مع الحسن بن علي بن داود فاستغل العسكر الانقسام وتمكن العثمانيون من اقتحام صنعاء وصعدة ونجران عام 1583 بدعم من الإسماعيلية المناهضين للزيود[215][216] تحصن الحسن في شهارة وتم اعتقاله عام 1585 وسُجن في صنعاء ثم نُقل إلى تركيا ومات فيها.
جسر قديم بين جبلين في شهارة، أحد حصون الأئمة الزيديةكان الزيدية هاجس العثمانيين الأكبر في شبه الجزيرة العربية[217] فكفرهم العثمانيين ورموهم بالإلحاد والزندقة وكان السبب سياسياً فالعثمانيين لم يكفروا الإسماعيلية ذلك أنهم كانوا متعاونين معهم ضد الزيدية وكانوا يبررون وجودهم في اليمن على أنه نصرة للإسلام[218] ولكن الحقيقة أنهم أرادوا التحكم بحركة التجارة عبر البحر الأحمر[219] لم تكن هناك قيادة سياسية موحدة في المرتفعات عقب اعتقال الإمام الحسن بن علي بن داود ونفيه إلى تركيا، فعرض تلاميذ الفقيه القاسم بن محمد بن القاسم عليه الإمامة في صنعاء ولكنه رفض في البداية، ولكن تزايد الترويج للمذهب الحنفي على حساب الزيدية أغضب الإمام المنصور بالله القاسم فتوجه لأرياف صنعاء وبدأ بحشد الأنصار لقتال العثمانيين في سبتمبر 1597[220] وهو نفس العام الذي افتتحت فيه السلطات العثمانية جامع البكيرية في صنعاء[221] انضمت قبائل همدان وخولان وسنحان والأهنوم لتمرد الإمام المنصور بالله القاسم واستعاد الإمام صعدة وعمران وحجة مابين عام 1599 ـ 1602 ووقع جعفر باشا هدنة لعشر سنوات مع الإمام والإعتراف به إماما على المرتفعات عام 1608[222]
عام 1609، وصلت أول بعثة إنجليزية إلى اليمن وحاولوا إبرام معاهدة أو صفقة تجارية مع السلطات العثمانية إلا أن جعفر باشا قابل طلبهم بالرفض [223] شنت قبائل خولان هجوماً آخر على العثمانيين عام 1610 كلف العثمانيين خسائر كبيرة واستمر القتال حتى عام 1616 عندما عُزل جعفر باشا وعين الحاج محمد باشا والياً بدلا عنه[224] قام محمد باشا بانشاء سلطة لتلقي الشكاوي أسماها ديوان المظالم عام 1617 ورفض تمديد الهدنة بين العثمانيين والإمام القاسم فاستمر القتال في مايو 1617 واستعاد أمير محلي تسميه المصادر العثمانية بالشرجبي تعز عام 1619 فوقع محمد باشا على هدنة لعشر سنوات مع الإمام المنصور القاسم[225] توفي الإمام المنصور بالله القاسم في فبراير 1620 وخلفه إبنه المؤيد بالله محمد. استمرت الهدنة حتى العام 1626 عندما استعاد الإمام المؤيد بالله محمد المرتفعات وصبيا وأبو عريش واتفق مع شيخ قبلي من أبين على محاصرة لحج وعدن وبحلول عام 1627 كان معظم اليمن باستثناء الموانئ، قد تخلص من حكم العثمانيين[226] عُزل محمد باشا وعين حيدر باشا بدلا عنه وقام الأخير باقتراح هدنة جديدة مع الإمام المؤيد بالله لخمسة أشهر، خلال الخمسة أشهر طلب حيدر باشا دعما من عبدين باشا المرابط في مدينة سواكن السودانية، فنزل عبدين باشا المخا وحاول استعادة تعز ولكنه هُزم واضطر للتراجع إلى المخا عام 1628[227]
عام 1629، أرسل الباب العالي قانصوه باشا بدلا عن حيدر باشا، فنزل جيزان ثم زبيد وأعدم عبدين باشا وسجن حيدر باشا[228] حاول قانصوه باشا استعادة تعز ولكنه اضطر للتراجع إلى زبيد ووقع على هدنة جديدة مع الإمام المؤيد عام 1630[229] تمكن الإمام المؤيد استعادة زبيد عام 1634 وفنى غالب قوات قانصوه باشا وأعطى الإمام المؤيد للعثمانيين فرصة الإنسحاب سلميا من المخا آخر معاقل العثمانيين. والسبب الرئيس لنجاح الإمام المؤيد كان كان تعلم القبائل استخدام الأسلحة النارية[230] ووحدتها خلف بيت القاسم إذ تمكن المؤيد من اقناع القبائل أنه وأسرته الذين يستحقون الإمامة[231] ويعد والده الإمام المنصور القاسم مؤسس ماعٌرف بـ"الدولة القاسمية" ويمكن اعتبارها أقوى دول الإمامة الزيدية [232] كل قبائل همدان حاشد وبكيل بالإضافة لقبيلة يام وقبائل مذحج ومنها عبيدة قحطان بمأرب قاتلوا الأتراك الى جانب الإمام المؤيد، ونتيجة لذلك أبقت مأرب على شبه استقلالية عن الدولة القاسمية يحكمها أمير محلي من عبيدة[233] قام الإمام المؤيد باتلاف التبغ الذي دخل اليمن عام 1603 ولكنه لم ينجح في منعه تماماً وترك عدة مؤلفات عن تفسيراته للشريعة الإسلامية ولكنه تراجع عن محاولة فرض بعض رؤاه خوفا من تأليب القبائل ضده[234] ووزع البقية من الجنود الأتراك في الأرياف لمساعدة المزارعين. والحقيقة أن المشاة في قوات قانصوه باشا لم يكونوا من الأتراك بل من الفلاحين المصريين لذلك وزعهم الإمام لمساعدة الفلاحين اليمنيين[235][236]
ميناء المخا عام 1692، كان من أهم الموانئ ومن خلاله عرف العالم القهوةتوفي المؤيد عام 1644 واقتتل ابناء الإمام المنصور بالله القاسم على الإمامة حتى انتزعها إسماعيل بن القاسم في نفس العام وتوجه إلى عدن ولحج وأبين وطرد بقية الجند العثماني فيها وسيطر على عسير[237][238][239] وحضرموت وظفار عام 1654[240][241] وتمكن اليمن من توطيد علاقات تجارية مع إمبراطورية مغول الهند وكانت مدينة سورات الهندية الشريك التجاري الأكبر وتبادل البعثات الدبلوماسية مع السلطان العثماني في جدة وعباس الثاني الصفوي في إيران [242] وإثيوبيا كذلك أرسلت ثلاث بعثات ولكنها لم تتطور لحلف سياسي للضعف الذي أصاب أباطرة اثيوبيا وظهور اقطاعيين اقوياء في بلادهم[243] توفي اسماعيل بن القاسم عام 1676 وخلفه ابن اخيه أحمد بن الحسن بن القاسم بعد نزاع مع ابن عمه على الإمامة. لم تستطع الدولة القاسمية الحفاظ على ماأنجزه الإمام إسماعيل بن القاسم لأكثر من ثمانين سنة لعدة أسباب[244] :
قيام الأئمة بتعيين أقاربهم على المناصب الإدارية، بمرور الوقت تحول جزء كبير من أرجاء البلاد إلى إقطاعيات شبه مستقلة.
لم تتبع طريقة الخلافة قانونا واضحاً. فعقب وفاة كل إمام، يجمع أبنائه وأبناء عمومتهم أنصارهم من القبائل ويتقاتلون على المنصب وهو ما أضعف الدولة كثيراً وسمح لزعماء الإقطاعيات بالإستقلال.
في القرن الثامن عشر، تمكن عامل لحج المعين من الأئمة من الإستقلال بالمدينة والسيطرة على عدن عام 1740 فكانت تلك بداية سلطنة لحج وقامت قبائل يافع العليا (بني هرهرة) بمهاجمة إب واستقل شريف أبو عريش بالمخلاف السليماني، وتوقف آل كثير في حضرموت عن ترديد أسماء الأئمة الزيدية في خطب الجمعة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ورغم هذا استمر الأئمة بالقتال فيما بينهم على الإمامة[245][246][247] بقيت الإمامة تحكم بطريقتها بلا دستور واضح يوضح كيفية تداول السلطة أو حتى وراثتها وسيطرت سلطنة لحج على عدن ودخلت في عدة صراعات مع القبائل المجاورة، فهاجمها آل فضل والعوالق ويافع[248] وقع سلطان لحج على معاهدة مع الإنجليز مطلع القرن التاسع عشر، واستولى الإنجليز على عدن عام 1839 بقيادة الكابتن ستافورد هاينز مطالبين بتعويضات من السلطان اللحجي عن نهب حل بباخرة تابعة لهم، دفع السلطان جزءا من المبلغ المطلوب وانتهت المفاوضات بتسليم عدن إلى الإمبراطورية البريطانية مقابل مرتب سنوي[249] كان سلطان لحج أمياً وجاهلاً ولم يدرك أبعاد مافعله وواجه تحديا من أفراد عائلته مما جعل اعتماده يتزايد على القادمين الجدد الغير مرحب بهم[250] ولكنه كان محاصراً إما قبول عرض الإنجليز أو خسارة سلطته على لحج لهم أو للزيدية أو العثمانيين. كان الإنجليز يبحثون عن مستودع للفحم لإن الرحلة من السويس الى بومباي كانت تتطلب 700 طن من تلك الصخور[251] لم تكن عدن وجهة الإنجليز الأولى بل أرادوا السيطرة على المخا، ولكن الزيدية لم يكونوا بتعاون سلطان لحج الذي سلمهم عدن[252] من ناحية قانونية، كان وجود الإنجليز في عدن "مشبوها" وكانوا يدركون ذلك[253]
كنيسة القديس يوسف في عدن، بنيت عام 1850 وهي مهجورة حالياكان الإنجليز يدفعون المرتبات السنوية لمشايخ القبائل المحيطة بعدن ولكنهم لم يضمنوا لهم حماية حتى عشرينات القرن العشرين وإعتبار الإنجليز تلك القبائل إمارات مستقلة لمحاولة الزيدية إقتحام المدينة. الكيان الوحيد الذي كان مستقراً ويتمتع بمنظومة حكم مستقلة إلى حد معقول ومستفيداً من تواجد الإنجليز في عدن كان سلطنة لحج. لم يكونوا قوة عسكرية تضاهي القبائل في المرتفعات الشمالية، إذ تكون جيش السلطنة النظامي من أربعمئة عبد أفريقي ولكنها كانت توظف مرتزقة من القبائل المجاورة مثل الصبيحة ويافع والحواشب وتعداد السلطنة كلها لم يتجاوز عشرة آلاف نسمة مابين قبليين ومدنيين[254] كانت السلطنة تستفيد من أراضيها الزراعية الخصبة فتجمع الضرائب من المزارعين والحرفيين واستفادت كثيراً من إعلان البريطانيين عدن منطقة حرة عام 1850[255] ودعم الإنجليز السلطنة لقمع أي تمرد من القبائل وازدادت طموحات سلاطين لحج فأرادوا الإستيلاء على تعز عام 1870 ولكن لم يكتب لخطتهم تلك النجاح[256] انتعشت عدن من جديد بعد ثلاثمائة سنة من الركود واستوطنها تجار يهود وبارسيون وهنود وعمل الإنجليز على الحد من هجرة أبناء المناطق القبلية المجاورة إلى المدينة[257]
عاد العثمانيون من جديد وسقط ماتبقى من دولة القاسمية وأسسوا ولاية اليمن عام 1872 والتي ضمت نفس مناطق إيالة اليمن السابقة باستثناء المناطق الجنوبية. حاول العثمانيون ضم صنعاء للمرة الأولى عام 1849 ولكنهم تعرضوا لخسائر فادحة وخسروا 1500 جندي خلال المحاولة الفاشلة[258] مثل دخولهم الأول، سيطر العثمانيون على تهامة أولاً وتعلموا من تجربتهم السابقة فعملوا على ماأسموه تطوير اليمن فأدخلوا المطابع وبنو المدارس بل عملوا على علمنة المجتمع اليمني وإزالة الطبقية الإجتماعية السائدة وحاولوا عزل القوى التقليدية المهيمنة المتمثلة بمشايخ القبائل والأئمة الزيدية[259] اتهم مختار باشا الأئمة الزيدية بالتسبب في التخلف الذي يعاني منه اليمن وركزوا على تاريخ الأئمة في الإقتتال مابينهم لإستحقاق الإمامة كسبب رئيسي لحالة عدم الإستقرار والفوضى وغياب السلطة المركزية القوية وظهور الإقطاعيات لفترات طويلة من تاريخ اليمن[260]
حاول العثمانيون قدر إستطاعتهم إصلاح الأراضي الزراعية المهملة وتهيئتها للإستفادة القصوى المرجوة منها، وسامحوا القبائل على تمرادتهم المتواصلة وحاولوا تمدينهم وإخراطهم في أجهزة الدولة مثل الشرطة وجمع الضرائب ولكن ترتيب قبائل المرتفعات واستحالة ارضاء شيخ قبيلة دون تنفير الآخر، أفشل خطط العثمانيين. لذلك، فإن جشع الزعامات القبلية والصراعات بين الأئمة هي المسؤول عن فشل المخطط العثماني ولم يكن الأمر متعلقا بسوء إدارة من الأتراك[261] تمردات القبائل الزيدية وهم حاشد وبكيل وخولان بصورة رئيسية مدفوعة باعتقادات دينية كون الأتراك سنة وليست مشاعر قومية بالضرورة[262] اشتعلت الثورة في المرتفعات الشمالية عام 1878 وتحالفت القبائل بالشمال مع بيت حميد الدين عام 1890 وأفشلوا كل المخططات العثمانية لإخضاعهم[263] في الفترة مابين 1904 ـ 1911 بلغت خسائر العثمانيين عشرة آلاف جندي وخمسمائة ألف جنيه استرليني في العام الواحد[264] كان سكان المدن في اليمن يؤيدون العثمانيين ولكن اضطرت الدولة للاستسلام للإمام يحيى في النهاية عام 1911 لإن مشايخ القبائل في المرتفعات الشمالية كانوا يهاجمون الاتراك باستمرار [265] كانت الاتفاقية بين الأتراك والإمام يحيى هدنة ولم يرحلوا بالكلية بعد ولكن كان الإمام يحيى يحكم المرتفعات الشمالية فعلياً[266] وبقيت عدن محكومة من الإمبراطورية البريطانية.
المرحلة المعاصرة[عدل]المملكة المتوكلية اليمنية[عدل] مقالة مفصلة: المملكة المتوكلية اليمنية
صنعاء عام 1926كان يحيى حميد الدين المتوكل إماما على الزيدية في اليمن وبخروج العثمانيين أراد الإمام توسيع نفوذه ليشمل كامل اليمن ويعيد إحياء الدولة القاسمية [267] ولم يعترف بالمعاهدة الأنجلو العثمانية بترسيم الحدود الذي قسم اليمن لشمال وجنوب[268][269] حاول الإنجليز أن يستنسخوا نظام الولاية الأميرية الذي طبقوه في الهند ولكنه لم ينجح في جنوب اليمن[270] عام 1915، وقع الأدارسة في عسير على معاهدة مع الإنجليز لقتال الأتراك وفي المقابل، تضمن لهم استقلالهم فور انتهاء الحرب العالمية الأولى[271] قضى الإمام يحيى حميد الدين السنين الأولى بعد خروج العثمانيين يحاول التوسع واستعادة " الدولة القاسمية" ورغم موقفه الرسمي كإمام للزيدية، إلا أنه تجاهل تعاليم الأئمة الأولين بل اعتمد على أطروحات رجل الدين اليمني محمد الشوكاني الذي عاش في القرن الثامن عشر، وبالذات تلك المتعلقة بتحريم الخروج على الحاكم ولو كان ظالماً، فهذا طرح لا تقره الزيدية التقليدية ولكن الإمام يحيى رأى أنه بالإمكان توظيف المفهوم لصالح تثبيت حكمه[272] مثل أسلافه في الدولة القاسمية، كان الكثير من أئمة القاسميين لا يفون بشروط الإمامة وفق معتقد الزيدية، فقاموا بتعيين محمد الشوكاني قاضي القضاة ليجدد في المعتقد ويساعد في تثبيت سلطة الأئمة المتهالكة[272]
توجه الإمام جنوباً 1919 واقترب خمسين كيلومتراً من عدن بسهولة فقصف الإنجليز جيش الإمام بالقنابل واضطر للتراجع، وأسرع الإنجليز نحو الساحل التهامي وسيطروا على الحديدة ثم سلموها لحليفهم الإدريسي في عسير عام 1920، فكافئوا صديقاً بمعاقبة عدو[273] وأخذ الإنجليز بالتوسع وضم المشيخات المتعددة المحيطة بعدن لحمايتها، كان إجراءا إحترازياً لمنع الأئمة الزيدية من إقتحام عدن أكثر من كونها رغبة منهم بضم المشيخات الصغيرة للإمبراطورية [274] هاجم الإمام يحيى حميد الدين الحديدة بقوة من القبائل في المرتفعات، سيطر فيها على المدينة وأريافها واضطهد أهلها وقمعهم بوحشية وسحبت منهم أسلحتهم[275] ثم توجه نحو صبيا وحاصر الإدريسي واقتحمت قوات الإمام جيزان وعسير ونجران عام 1926[276] عرض الإدريسي على الإمام يحيى الإتحاد وإنهاء النزاع شريطة إعتراف الإمام به وبأسرته حكاماً على عسير، رفض الإمام يحيى العرض وأصر على إخراج الأدارسة من اليمن لدرجة أنه شبههم بالإنجليز في جنوبه[276][277]
دار الحجر كان منزلا للإمام يحيى حميد الدين قرب صنعاءتوجهت قوات الإمام جنوباً للمرة الثانية ومابين 1926 ـ 1928 شنت عدة غارات على المحمية حتى قصف الإنجليز تعز وإب بالطائرات كبدت قوات الإمام خسائر فادحة[278][279] ثم توجه علي بن ناصر القردعي المرادي بقوة قبلية صغيرة من مراد وبلحارث للسيطرة على شبوة قصفها الإنجليز بالطائرات وأخبروا المرادي أن شبوة ليست جزءا من اليمن، فترسيم الحدود بين الإنجليز والأتراك عام 1905 - 1914 كان ترسيما بين دولتين وفق المستعمر الإنجليزي[280][281] كانت الإمبراطورية الإيطالية أول من اعترف بالإمام يحيى ووصفته بملك اليمن، الإعتراف به ملكا على اليمن أقلق البريطانيين في عدن لإنه يضفي شرعية لمطالب الإمام بمحمية عدن، لإن اليمن هو إسم منطقة جغرافية في شبه الجزيرة العربية مثل إقليم البحرين والحجاز، يبدأ من شمال عسير وحتى ظفار فوصف الإمام يحيى حميد الدين بملك اليمن يعني انه ملك على كل هذه المنطقة ولكنه لم يكن، فغضب الإنجليز لهذا الإعتراف لإنه أضفى نوعاً من الشرعية على مساع الإمام [282]
توجه الأدارسة إلى ابن سعود وعرضوا عليه نفس العرض الذي عرضوه للإمام يحيى عام 1927، لم يخسر الأدارسة هدية البريطانيين الحديدة فحسب بل خسروا استقلالهم كذلك وارادوا البقاء بأي وسيلة كانت حتى لو كانوا تابعين. ألح البريطانيين على ابن سعود الإستيلاء على عسير وبحلول عام 1930 نصب ابن سعود حاكماً سعودياً على المنطقة. كان من مصلحة البريطانيين اختفاء الإدريسي كلاعب مؤثر في المنطقة وإلغاء المعاهدة التي تمت بينهم عام 1915، كانت عسير دويلة حاجزة أنشأها الإنجليز أساساً ولم يكن البريطانيين مستعدين لإستيلاء الإمبراطورية الإيطالية عليها وإحتكار حق التنقيب عن النفط في جزر فرسان[283][284]
قاد الأدارسة تمرداً ضد السعوديين عام 1932 وألغوا حلفهم مع ابن سعود والتحقوا بالإمام يحيى حميد الدين، قمعت السعودية ثورة الأدارسة عام 1933 واقتحمت قوات المملكة المتوكلية اليمنية عسير ونجران[ملاحظة 2] مطالبين بعودة الحكم للأدارسة ولم تثمر المفاوضات بين الطرفين. قامت الحرب السعودية اليمنية بين مارس ومايو 1934 وحاكى ابن سعود البريطانيين فلم يوجه قواته نحو المرتفعات الشمالية بل توجه مباشرة نحو الساحل التهامي وتقدموا مائة كيلومتر بعد صبيا[285] توقفت المعارك بتوقيع معاهدة الطائف التي نصت على تأجير عسير وجيزان ونجران لابن سعود على أن يتم تجديدها كل عشرين سنة قمرية وكانت المعاهدة قد انتهت عام 1992[286] استعجل الإمام يحيى بتوقيع المعاهدة لإن ابن سعود كان يفتقر للإمكانيات اللازمة لإستمرار الحرب أصلاً، وكان يخشى تمرداً جديداً من الإخوان وتفتقر قواته للخبرة في المعارك الجبلية لذلك توجه مسرعاً نحو تهامة إذ كان بإمكان الإمام يحيى أن يفعل مثلما فعل أسلافه مع الأتراك، إستدراجه للمرتفعات الشمالية حيث القبائل القوية وتحويلها لمقبرة أخرى للغزاة وفق تعبير برنارد رايخ بروفسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن[287] المعاهدة ألبت الطبقة الثرية في المرتفعات على الإمام يحيى، ذلك أنهم كانوا يعتمدون طريق التجارة الرابط بين تهامة والجبال، مصداقية الإمام يحيى وشرعيته كحاكم تأثرت كثيراً أمام النخب السياسية اليمنية بمن فيهم أبناء الإمام نفسه[288]
رسمة لعلي بن ناصر القردعي المرادي، أراد إمام الزيدية يحيى حميد الدين التخلص منه فزجه في معركة مع الإنجليز في شبوة ليعود المرادي ويقتل الإمام عام 1948[289]لم يكن تثبيت السلطة مهمة سهلة للإمام يحيى، فقبيلة حاشد هي وغيرها من قبائل المرتفعات لم تخضع لسلطته حتى العام 1928 رغم أن هذه القبائل زيدية تاريخياً وعندما سيطر على تعز، لم يثقل على أهلها كما فعل بسكان الحديدة ولكن كان هناك تذمر متزايد ودعوات في تعز لحكم محلي تطورت لاحقاً لحركات معارضة سياسية أسقطت المملكة المتوكلية اليمنية. أسس الإمام يحيى حميد الدين حكماً ثيوقراطيا زيدياً تجاهل أبناء المذاهب الأخرى مثل الشافعية والإسماعيلية واعتبر يهود اليمن ذميين[290] وتبنى سياسة إنعزالية خوفاً من أن تسقط بلاده لسلطة القوى الإستعمارية المتحاربة عقب الحرب العالمية الأولى وبالذات إيطاليا وبريطانيا وكذلك لإبعاد المملكة عن التيارات القومية التي ظهرت في المنطقة العربية تلك الفترة وساعده في ذلك أن جل المجتمع اليمني على أيامه كانو من المزارعين يعيشون في قرى مكتفية ذاتيا. محاولات الإمام لتوحيد اليمن بائت بالفشل بتوقيعه على معاهدة مع المستعمر الإنجليزي في عدن عام 1934 ومعاهدة الطائف مع السعودية نفس العام. ولجأ لرفع الضرائب على المزارعين في مناطق أكثر خصوبة زراعياَ لدعم القبائل بالسلع والأموال وهو ماأثار استياء أبناء تلك المناطق ودفعهم لتشكيل تنظيمات تهدف لإسقاط المملكة [291]
عمل الإمام يحيى على بناء مؤسسة عسكرية حديثة في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن العشرين، فأرسل العديد من الضباط للدراسة بالخارج فالمؤسسة العسكرية كانت المؤسسة الحكومية الوحيدة المتواصلة مع العالم الخارجي، فقد منع الإمام يحيى السفارات والبعثات الدبلوماسية من دخول البلاد وأي زائر أجنبي كان بحاجة إلى إذن شخصي منه[292] فدرس عبد الله السلال الذي أصبح أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية في بغداد وكذا فعل أحمد بن يحيى الثلايا ودرس ضباط آخرون في مصر وهو ماجعلهم يتواصلون مع عدد من المدارس الفكرية في تلك البلدان مثل الإخوان المسلمين الذين ألهموا مؤسس حزب الأحرار اليمنيين محمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان[293] لم تكن مطالب الإصلاحيين إسقاط الإمامة في البداية، بدلالة مشروع الإمامة الدستورية الذي قاده الإمام عبد الله الوزير بمساعدة من حزب الأحرار اليمنيين عام 1948 خلال ماسمي بثورة الدستور. اقتنص علي بن ناصر القردعي المرادي رأس الإمام في 17 فبراير 1948 بعد إنتخاب الأحرار لعبد الله الوزير إماما دستورياً[294]
الإمام أحمد حميد الدين ، تقول روايات أنه كان يتعمد خنق نفسه وهو صغير حتى تجحظ عيناه[295]شن أحمد حميد الدين ثورة مضادة فتوجه إلى المرتفعات وبدأ بجمع الأنصار وأعلن نفسه إماماً حاكماً بأمر الله وتمكن من اخماد ثورة الدستور وإعدام عبد الله الوزير وعلي بن ناصر [296] كان ابن سعود لا يحب الإمام أحمد حميد الدين ولكن تغييراً دستورياً في اليمن أسوأ من تولي أحمد حميد الدين الإمامة بالنسبة لابن سعود، فدعمه ليستعيد صنعاء وعمد إلى تأخير وصول بعثة جامعة الدول العربية لتقصي الحقائق[297] في عام 1955 قام المقدم العائد من العراق أحمد بن يحيى الثلايا بالإنقلاب على الإمام أحمد حميد الدين وحاصر قصره في تعز لعشرة أيام وخلال هذه المحاولة، احتدم الخلاف بين مدبري الإنقلاب مابين إسقاط المملكة أو تعيين عبد الله حميد الدين إماماً بدلا عنه، كان الثلايا يميل لتعيين الأمير عبد الله إماماً ولم يخطط لقتل الإمام أحمد لإدراكه ماخلفه اغتيال الإمام يحيى خلال ثورة الدستور من انشقاق في صفوف القيادات[298] فتوجه الأمير محمد البدر حميد الدين للمرتفعات الشمالية وجمع الأنصار مجدداً وهاجمت القبائل تعز وأفشلت الإنقلاب وأُعدم أحمد يحيى الثلايا في ملعب لكرة القدم.
إنقلاب الثلايا جعل الإمام أحمد حميد الدين يعيد النظر في السياسة الإنعزالية التي تبناها والده فقام بإصلاحات صورية لسحب البساط من تحت أقدام من سماهم بالحداثيين فدخل ككيان كونفدرالي في الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية عام 1958 وسمح لمهندسين وإخصائيين أجانب بدخول اليمن، فأرسل الأميركيون تقنيين للمساعدة في بناء طريق يربط صنعاء بالحديدة وعقد صفقات سلاح مع الإتحاد السوفييتي وسمح للصينيين بالمساهمة في عدد من المشاريع الحيوية وقام بانشاء وزارات بلا سلطات مثل وزارة النقل على سبيل المثال، رغم أنه لم تكن هناك طرق معبدة في اليمن على أيامه[299] هذه المحاولات من الإمام لم تزد رضى الناس عن حكمه بل زادتهم إيمانا وقناعة بضرورة رحيل بيت حميد الدين[300] لإن الإمام لم يقم دولة وطنية حيث بقيت الولاءات القبلية والطبقية الإجتماعية سائدة، يتمتع الإمام فيها بسلطات مطلقة لا يحدها شيئ وفي الثورات المتعاقبة ضد حكمه، كان ابناء عائلته يتأمرون ضده كذلك فأحداث هذه الفترة هي استمرارية لتاريخ طويل للأئمة الزيدية للقتال فيما بينهم لإستحقاق الإمامة حتى ابنه محمد البدر، خطط لإغتياله[300] كان الدعم التقليدي للأئمة الزيدية يأتي من المرتفعات الشمالية دائماً فلم يحظى الأئمة بدعم وإحترام مناطق مثل تعز أو البيضاء ومأرب. ولكن القبائل في المرتفعات الشمالية أكثر تعصباً ونزعة للإستقلال عن السلطات المركزية لفقر هذه المناطق مقارنة بالمناطق الأكثر خصوبة مثل إب وتعز، فرغم ولائهم المذهبي للأئمة الزيدية إلا أنها كانت أشبه بدويلات صغيرة لديها أراضيها، وحلفائها وزعمائها السياسيين (المشائخ) ومصالحها الخاصة. القبائل قبلت بدور الأئمة كزعماء دينيين لا سياسيين، لذلك فإن محاولات الأئمة الزيدية لإنشاء حقل سياسي لم تستمر طويلاً سواء في القرن السابع عشر خلال ماسمي بالدولة القاسمية أو المملكة المتوكلية في القرن العشرين[301]