صفحة 1 من 1

جدليه العلاقة بين المفاهيم ولأنظمة السياسية :

مرسل: السبت نوفمبر 30, 2013 4:53 pm
بواسطة سلمان عبدالله
باعتقادي أن الكثير من المفاهيم الفلسفية و العلمية و مدلولاتها المستخدمة ولا سيما التي تتعلق بتطور المجتمع و حياة الانسان و كل ما هو مرتبط بالصيرورة التاريخية تتلون و تتغير تبعا لنوعية الأنظمة و نمط الحكم السائد في هذا البلد أو ذاك، و هنا أخص بالذكر منطقة الشرق الأوسط و منها سوريا على سبيل المثال لا الحصر .

و مرد ذلك في رأي يعود ...الى ان الأنظمة السياسية التي اعتلت سدة الحكم خاصة مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني أي بعد خروج الاستعمار من المنطقة و ما رافقها من تشوهات بنيوية .

و أغلب الأنظمة السياسية التي تشكلت كانت على الأغلب من رحم المؤسسة العسكرية ، بالاضافة الى ذلك أنها لم تكن لديها أي تجربة سابقة في مجال الحكم والمفاهيم المتعلقة بممارسة السلطه السياسية بمعناها المدني و ليس العسكري و كما لم تكن لها صلة بمفهوم الديمقراطية في ممارسة السلطة السياسية عبر المؤسسات المدنية و خاصة مفهوم التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع .

و لهذا نجد بأن أول ما قاموا به و فكروا كان عسكرة الدولة و المجتمع ، و لأن أغلبهم قد قاموا بالاستيلاء على السلطه عن طريق الانقلابات العسكرية السيئة الصيت و هذا ما ترك من أثار سلبية فيما بعد على حياة أجيال متعددة من الشعب و لا سيما موضوعة نظرية المؤامرة و التي رافقتهم طوال وجودهم في سدة الرئاسة ، ليس هذا فقط و انما حاولوا زرعها في عقول الناس ، فصدقهم الكثيرون.

و لكنها في الحقيقة لم تكن هذا سوى ذر الرماد في العيون كما يقال ، لأن وراء الأكمة ما وراءها ، و هذا ما لمسه الكثيرون من أبناء شعبنا مؤخرا و لكن بعد ان وقع الفأس بالرأس .أي بعد عقود طويلة من الملاحقات و التعذيب و السجون و النفي و الاعتقالات الكيفية و فقدان الكثير من الاهل و الأحبة في أنصاف الليالي و متاهات و غياهب السجون و تحت التعذيب و دون رحمة أو شفقة و .....و ....ألخ .

بغية التشبث بكرسي الحكم و البقاء فيها أطول مدة زمنية ممكنة قاموا ببث الرعب في نفوس الصديق قبل العدو من خلال كم الأفواه و الاستجوابات و الحرمان و الاقامة الجبرية و التذويب بالاسيد، و الاعدامات الميدانية ، و مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية و بشكل صوري.

فلم يكتفي هؤلاء بذلك بل وصل بهم الامر الى سحب الجنسية من مواطنيها بحجج واهية (سحب الجنسية من المئات الألاف من أبناء الشعب الكردي على سبيل المثال ).

و ليس هذا و حسب بل و قاموا بتزوير الحقائق و التاريخ بهدف التأثير على الذاكرة الشعبية و لطمس الوقائع حتى يستديم لهم العرش و الجاه الى أبد الآبدين كما يقال .

و لهذا كله حاولوا جاهدين تغيير المصطلحات العلمية و الثقافية ، و المعالم الحضارية الموجودة بل و اهمالها لا بل و تركها في طي النسيان لاخراجها من الذاكره الشعبية شيئا فشيئا كما هو الحال بالنسبة لقبر صلاح الدين ، و يوسف العظمة و السعي الدائم في تغيير أسماء الاماكن و القلاع ... و القائمة تطول هنا .....

و كما أسلفت تم تشويه الثقافة الشعبية و التلاعب بها و خاصة ما هو متعلق بالتاريخ الماضي القريب و البعيد ، و حاولوا جاهدين تغييب الشعب ودورها من حياة الدولة و هذا ما تجلى من خلال وأد الديمقراطية التي كانت سائدة في الفترة التي تلت مرحلة ما بعد الاستعمار و ما شهدها تلك الفتره من التعددية السياسية و الفكرية و المنافسة الحرة بين الأحزاب الموجودة آنذاك .

و أما من الناحية الاقتصادية فلم يكن بامكان أحد ما الا القلة من الدائرة المقربة و الفاسدين من الحاشية و ذلك من معرفة الحسابات المتعلقة بالموازنة العامة للدولة و مصادر الدولة من حسابات الواردة و الجارية و ما يخص النفقات العامة ، و ميزانية وزارة الدفاع ، و مصادر الدخل و و التمويل غيرها ...فازداد الفساد الاداري و المالي نتيجة لعمليات السلب و النهب في مجالات الاقتصادية و المالية و التجارية ، و كذلك لانعدام الشفافية في كل مرافق الدولة ، ولغياب دور الرقابي للدولة ، بالاضافة الى تعدد و تداخل و التزاوج بين العديد من الجهات و المسؤلين و المؤسسات الرسمية ، عدا ما كان يجري وراء الكواليس و...و ...ألخ .

تشابك و تداخل في أجهزة الدولة أدى زيادة عمليات النهب ، و التهرب الضريبي ، و تهريب الأموال الى خارج البلاد كل ذلك مما أثر سلبا على الاقتصاد الوطني .

و أما من الناحية العلمية فتراجع و تقهقر دورها نتيجة عمليات الفساد التي انتشرت فيها مؤخرا من المحسوبية و التسيب و الاهمال و مرافقها من تسريب للأسئلة و التدخلات الأمنية في شؤون الطلبة و عمليات التصحيح و غيرها ....

تحت عنوان الوطن و أمنه و حمايته من العدو الأسرائيلي و التدخلات الامبريالية العالمية و قيادتها لجبهة الصمود و التصدي المزعوم سخرت كل موارد الدولة لخدمتها هذا من جهة و من جهة أخرى زاد من قبضتها الأمنية و ظلمها حتى جعل من الوطن سجنا لأبنائها ، بدلا من ان يكون حضنا دافيء و ملتقى لجميع أبنائها بغض النظر عن أصولهم و جذورهم العرقية و المذهبية و الطائفية و الفكرية و .....و.....بل وصل به الأمر الى الاتجار بالوطن من خلال شعارات براقة تدغدغ المشاعر و ألحس الوجداني الوطني و القومي لدى البسطاء من عامة الشعب و لنا في ذلك أمثلة عديدة من شعارات في تحرير الأراضي المحتلة ، الى تحرير فلسطين و القدس ، و دعم المقاومة اللبنانية البطلة في الجنوب الى تحقيق الوحدة العربية ، و من ثم قيام الاشتراكية ليتحقق بذلك حلم الفقراء في مجتمع خال من الظلم و الاضطهاد يسوده العدل و المساواة و الرفاه الأبدي ..........

فاذا أمعنا النظر في الدول ذات الأنظمة الشمولية أو الديكتاتورية أو ذات الطبيعة الاستبدادية المطلقة أو العائلية الملكية أو ...أو .. نجد بأن الانسان لا قيمة له في تلك المعادلة، فليس هذا و حسب بل لا وجود حتى لمفاهيم كالحرية و العدالة و المساواة و حق الشعوب، و حق الاعتراف بالآخر، أو التداول السلمي للسلطه و سيادة القانون أو محاسبة المسؤولين و سارقي قوت الشعب ، فليس كل هذا الا هراء، بل مجرد كلام في الهواء ، و لكن الله يمهل و لا يهمل، لذا كما نرى فقد بدء الدم تسير في عروق الشعوب من جديد ليزلزل الأرض تحت أقدام ظالمه من الطغاة كما هو جاري الآن في دول المنطقة بما يسمى بالربيع العربي، و هنا أسمح لنفسي بأن أسميها ربيع الشعوب في خضم تقاطع المصالح الداخليه و الخارجية على ساحة الوطن و يمثل هذا من شد و جذب و تناحر في المصالح ، بين هذا و ذاك تم استباحة الدم السوري و يتم تهجير الوطن من أبنائه