استقالة بسمارك:
مرسل: السبت نوفمبر 30, 2013 9:38 pm
في عام 1888 مات الإمبراطور الألماني فيلهلم الأول تاركا العرش لابنه فريدريش الثالث. لكن العاهل الجديد كان مصابا بالسرطان وقضى ثلاثة أشهر، وهي فترة حكمه، في صراع معه قبل أن يموت. فحل محله ابنه فيلهلم الثاني. وكان الإمبراطور الجديد معارضا لسياسة بسمارك الخارجية الحذرة والمترددة في التصرف., وكان يطمح نحو توسع سريع وقوي لحماية مكانة ألمانيا في العالم.
وسرعان ما أفسدت الخلافات بين فيلهلم الثاني ومستشاره جو العلاقة بينهما. وقد اعتقد بسمارك ان بإمكانه السيطرة على فيلهلم, فأبدى احتراما قليلا لسياساته في أواخر العقد الثامن. وقد حدث الشرخ النهائي بعد أن حاول بمسارك تنفيذ قوانين مكافحة الاشتراكيين في بداية عام 1890. وكانت الأغلبية البرلمانية المكونة من حزب المحافظين والحزب الليبرالي القومي على استعداد لتمديد مدة العمل بالقانون.
ولكن الخلاف حدث بشأن سماح القانون لقوات الشرطة بنفي الاشتراكيين من بلداتهم, وهي سلطة كانت تستخدم لقمع الخصوم السياسيين. ورفض الحزب الليبرالي القومي الموافقة على هذا الجزء من القانون, في حين ساند المحافظون فقط القانون إذا تم تعديله, وهددوا بعدم الموافقة على القانون لأن بسمارك لم يمنح موافقته على تعديل القانون.
وحين استمر الجدل ازداد اهتمام فيلهلم بالقضايا الاشتراكية, وخاصة معاملة عمال المناجم الذين أعلنوا إضرابهم في عام 1889, واستمر في تنفيذ سياسته النشطة في الحكومة, وكان دائما ما يقاطع بسمارك في المجلس لكي يوضح سياسته الاشتراكية. عارض بسمارك بحدة سياسة فيلهلم وعمل على تجاهلها. ورغم أن فيلهلم دعم مكافحة الاشتراكيين المعدل, حاول بسمارك دفعه إلى عدم الموافقة على هذا التعديل كلية. ولكن حين لم تنجح حجج بسمارك في إقناع فيلهلم لم يستطع التحكم في أعصابه واندفع يفصح لفيلهلم رغبته في تأجيج الصراع مع الاشتراكيين, لكي يتخذ ذلك حجة للقضاء عليهم وتحطيمهم. فأجابه فيلهلم بأنه لا يريد بدء فترة حكمه بمعركة دموية ضد رعاياه. وحين أدرك بسمارك الحماقة التي ارتكبها حاول التوصل مع فيلهلم إلى حل وسط, فوافق على سياسته الاشتراكية تجاه عمال الصناعة, بل واقترح أيضا تكوين مجلس أوروبي لمناقشة ظروف العمل يرأسه الإمبراطور الألماني.
ورغم هذا فقد أدت سلسلة الأحداث إلى زيادة الهوة بين فيلهلم وبسمارك. وشعر بسمارك بكراهية الإمبراطور وعدم تقديره له وبمحاولة مستشارية تشويه صورته لديه, فرفض التوقيع مع فيلهلم على إعلان لحماية حقوق العمال, كما كان يشترط الدستور الألماني, وقد أظهر ذلك مدى استياء بسمارك من تدخل الإمبراطور المتزايد في سلطات بسمارك الغير محدودة. وقد عمل بسمارك من خلف الكواليس على تحطيم مجلس العمل العالمي الذي كان فيلهلم يعتز به أيما اعتزاز.
وكانت آخر فصول الخلاف حين حاول بسمارك تكوين أغلبية برلمانية جديدة, فصوتت كتلته بالموافقة على قانون الاشتراكيين. أما القوى الأخرى في الرايخستاج فكانت الحزب المركزي الكاثوليكي وحزب المحافظين. أراد بسمارك تشكيل تحالف جديد مع الحزب المركزي, ودعى لودفيج فيندهورست الزعيم البرلماني إلى مناقشة إمكانية التحالف بينهما. وكانت هذه آخر مناورات بسمارك السياسية. وغضب فيلهلم لدى سماعة خبر زيارة بسمارك لفيندهورست. في دولة برلمانية يمتلك رئيس الحكومة معتمدا على الثقة التي منحهته إياها الأغلبية البرلمانية في تكوين تحالفات سياسية لدعم قرارته. أما في ألمانيا فالمستشار كان معتمدا على ثقة الإمبراطور وحده, وكان فيلهلم يعتقد بأن لديه الحق في أن يتم إبلاغه بلقاء رئيس وزرائه قبل حدوثه. وهنا انفجر فيلهلم بالغضب بعد أن أدرك استهانة بسمارك به كإمبراطور.
وللمرة الأولى أجبر بسمارك على كتابة استقالته, شجب فيها تدخل فيلهلم في الشؤون الداخلية والخارجية, ولم تنشر هذه الاستقالة إلا بعد وفاة بسمارك. وهكذا سقط بسمارك ضحية لإمبراطور صنع هو إمبراطوريته بنفسه, وأدرك أن قرار العزل على وشك الصدور.
اضطر بسمارك إلى تقديم استقالته بعد إصرار فيلهلم الثاني في عام 1890, عن عمر يناهز الخامسة والسبعين, ليخلفه في مستشارية ألمانيا ورئاسة الوزراء في بروسيا ليو فون كابريفي. لقد طرح بسمارك مثل ورقة لعب, وأعطي لقبا جديدا وهو "دوق فون لاوْنبورج", وبدأ فترة تقاعده الهادئة في ضيعته في فارتسين (الواقعة حاليا في بولندا). وانتقل بعد شهر من وفاة زوجته في 27 نوفمبر 1894 إلى فريدريشسروهه بالقرب من هامبورج, منتظرا بلا جدوى خطاب استدعائه للخدمة مرة أخرى. وبمجرد خروجه من السلطة بدأ المواطنون في تمجيده, فجمعوا الأموال لبناء النصب التذكارية تخليدا له. وقد كان شهرته الواسعة في ألمانيا, فسميت العديد من المباني باسمه, وألفت الكتب عنه وحققت نجاحا كبيرا, ورسمه الكثير من الرسامين ومن بينهم فرانتس فون لينباخ وألرز.
وسرعان ما أفسدت الخلافات بين فيلهلم الثاني ومستشاره جو العلاقة بينهما. وقد اعتقد بسمارك ان بإمكانه السيطرة على فيلهلم, فأبدى احتراما قليلا لسياساته في أواخر العقد الثامن. وقد حدث الشرخ النهائي بعد أن حاول بمسارك تنفيذ قوانين مكافحة الاشتراكيين في بداية عام 1890. وكانت الأغلبية البرلمانية المكونة من حزب المحافظين والحزب الليبرالي القومي على استعداد لتمديد مدة العمل بالقانون.
ولكن الخلاف حدث بشأن سماح القانون لقوات الشرطة بنفي الاشتراكيين من بلداتهم, وهي سلطة كانت تستخدم لقمع الخصوم السياسيين. ورفض الحزب الليبرالي القومي الموافقة على هذا الجزء من القانون, في حين ساند المحافظون فقط القانون إذا تم تعديله, وهددوا بعدم الموافقة على القانون لأن بسمارك لم يمنح موافقته على تعديل القانون.
وحين استمر الجدل ازداد اهتمام فيلهلم بالقضايا الاشتراكية, وخاصة معاملة عمال المناجم الذين أعلنوا إضرابهم في عام 1889, واستمر في تنفيذ سياسته النشطة في الحكومة, وكان دائما ما يقاطع بسمارك في المجلس لكي يوضح سياسته الاشتراكية. عارض بسمارك بحدة سياسة فيلهلم وعمل على تجاهلها. ورغم أن فيلهلم دعم مكافحة الاشتراكيين المعدل, حاول بسمارك دفعه إلى عدم الموافقة على هذا التعديل كلية. ولكن حين لم تنجح حجج بسمارك في إقناع فيلهلم لم يستطع التحكم في أعصابه واندفع يفصح لفيلهلم رغبته في تأجيج الصراع مع الاشتراكيين, لكي يتخذ ذلك حجة للقضاء عليهم وتحطيمهم. فأجابه فيلهلم بأنه لا يريد بدء فترة حكمه بمعركة دموية ضد رعاياه. وحين أدرك بسمارك الحماقة التي ارتكبها حاول التوصل مع فيلهلم إلى حل وسط, فوافق على سياسته الاشتراكية تجاه عمال الصناعة, بل واقترح أيضا تكوين مجلس أوروبي لمناقشة ظروف العمل يرأسه الإمبراطور الألماني.
ورغم هذا فقد أدت سلسلة الأحداث إلى زيادة الهوة بين فيلهلم وبسمارك. وشعر بسمارك بكراهية الإمبراطور وعدم تقديره له وبمحاولة مستشارية تشويه صورته لديه, فرفض التوقيع مع فيلهلم على إعلان لحماية حقوق العمال, كما كان يشترط الدستور الألماني, وقد أظهر ذلك مدى استياء بسمارك من تدخل الإمبراطور المتزايد في سلطات بسمارك الغير محدودة. وقد عمل بسمارك من خلف الكواليس على تحطيم مجلس العمل العالمي الذي كان فيلهلم يعتز به أيما اعتزاز.
وكانت آخر فصول الخلاف حين حاول بسمارك تكوين أغلبية برلمانية جديدة, فصوتت كتلته بالموافقة على قانون الاشتراكيين. أما القوى الأخرى في الرايخستاج فكانت الحزب المركزي الكاثوليكي وحزب المحافظين. أراد بسمارك تشكيل تحالف جديد مع الحزب المركزي, ودعى لودفيج فيندهورست الزعيم البرلماني إلى مناقشة إمكانية التحالف بينهما. وكانت هذه آخر مناورات بسمارك السياسية. وغضب فيلهلم لدى سماعة خبر زيارة بسمارك لفيندهورست. في دولة برلمانية يمتلك رئيس الحكومة معتمدا على الثقة التي منحهته إياها الأغلبية البرلمانية في تكوين تحالفات سياسية لدعم قرارته. أما في ألمانيا فالمستشار كان معتمدا على ثقة الإمبراطور وحده, وكان فيلهلم يعتقد بأن لديه الحق في أن يتم إبلاغه بلقاء رئيس وزرائه قبل حدوثه. وهنا انفجر فيلهلم بالغضب بعد أن أدرك استهانة بسمارك به كإمبراطور.
وللمرة الأولى أجبر بسمارك على كتابة استقالته, شجب فيها تدخل فيلهلم في الشؤون الداخلية والخارجية, ولم تنشر هذه الاستقالة إلا بعد وفاة بسمارك. وهكذا سقط بسمارك ضحية لإمبراطور صنع هو إمبراطوريته بنفسه, وأدرك أن قرار العزل على وشك الصدور.
اضطر بسمارك إلى تقديم استقالته بعد إصرار فيلهلم الثاني في عام 1890, عن عمر يناهز الخامسة والسبعين, ليخلفه في مستشارية ألمانيا ورئاسة الوزراء في بروسيا ليو فون كابريفي. لقد طرح بسمارك مثل ورقة لعب, وأعطي لقبا جديدا وهو "دوق فون لاوْنبورج", وبدأ فترة تقاعده الهادئة في ضيعته في فارتسين (الواقعة حاليا في بولندا). وانتقل بعد شهر من وفاة زوجته في 27 نوفمبر 1894 إلى فريدريشسروهه بالقرب من هامبورج, منتظرا بلا جدوى خطاب استدعائه للخدمة مرة أخرى. وبمجرد خروجه من السلطة بدأ المواطنون في تمجيده, فجمعوا الأموال لبناء النصب التذكارية تخليدا له. وقد كان شهرته الواسعة في ألمانيا, فسميت العديد من المباني باسمه, وألفت الكتب عنه وحققت نجاحا كبيرا, ورسمه الكثير من الرسامين ومن بينهم فرانتس فون لينباخ وألرز.