- الأحد ديسمبر 01, 2013 5:51 pm
#66924
في ظل تزايد نشاط السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط، أصبح الحديث عن "حقبة" روسية تساهم في إعادة تشكيل المنطقة، يجد صدى له، في ظل تعدد الأدوار المؤثرة التي أصبحت روسيا تلعبها في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي استعصت على الحل طوال الفترة الماضية، ولكن استقرار هذه "الحقبة" يرتبط بحجم التفاهم بين روسيا والولايات المتحدة، على تلك الأدوار، ومدي استعداد روسيا لتحمل تكلفتها.
"فرص" استراتيجية:
هناك مجموعة من التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، والتي خلقت مجموعة "فرص" بالمعنى الاستراتيجي، استدعت سياسة روسية أكثر نشاطًا عن ذي قبل، وسمحت بإعادة تموضعها في الشرق الأوسط ربما كـ"قوة موازية" للقوة الأمريكية، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كلمته أمام الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في 27 سبتمبر الماضي، بقوله أن "روسيا قلقة من التصريحات المتكررة بشأن حق بعض الدول في استخدام القوة من أجل ضمان المصالح الذاتية بمنطقة الشرق الأوسط"، وقد كان ذلك
تعليقًا على ما ورد في كلمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول حق بلاده في حماية مصالحها باستخدام القوة، خاصة في ظل اتضاح محدودية النفوذ الذي يمكن أن تمارسه واشنطن في المنطقة، واتباعها سياسات تجاه هذه التطورات لم تحظ بقبول أو ترحيب من قبل حلفائها الرئيسيين، على عكس السياسات الروسية، وتتمثل أهم هذه التطورات فيما يلي:
1- تشكل تحالف "4+2"، الذي يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن، بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، وتعثر تجربتهم في غيرها من الدول، وهو تحالف ظل يبحث عن دعم أمريكي له، ولكن نظرًا لتبني واشنطن سياسة رافضة لدعم التغيير الذي فرضته ثورة 30 يونيو في مصر، والذي مثل الأساس الذي تكون هذا التحالف بناءً عليه، اتجهت هذه الدول إلي روسيا، خاصة وأنها تحفظت منذ البداية على أي صعود سياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في مصر وغيرها من الدول، وظلت محتفظة بتصنيفها كـ"جماعة ارهابية" على قوائمها الخاصة، وبالتالي أصبحت روسيا الطرف الداعم لهذا التحالف الإقليمي، ومثلت ما يشبه "العازل" الذي يقلص حدة الضغوط التي تمارسها واشنطن على دول هذا التحالف.
2- استمرار تماسك نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي وإيراني، وتردد واشنطن في تبني أي سياسة تؤدي إلى تدخل عسكري لإسقاطه، وهو ما كشف عنه عدم تمسك أوباما بـ"الخط الأحمر" الخاص باستخدام الأسلحة الكيماوية، وقبوله المقترح الروسي الخاص بتفكيك ترسانة سوريا من هذه الأسلحة.
3- تزايد ضغوط الوضع الاقتصادي في روسيا، خاصة مع استمرار انخفاض معدل نمو الاقتصاد الروسي مقارنة بالمعدل العالمي، وهو ما دفعها إلي التقارب مع الدول التي تستطيع أن تنعش اقتصادها، الذي يقوم على مرتكزين هما تجارة السلاح والطاقة، وتعد دول الخليج هي "المنقذ" لها، خاصة في ظل سعي هذه الدول إلي تنويع مصادر السلاح بعيدًا عن الولايات المتحدة، ولضمان مستوي مستقر لأسعار النفط، وذلك من خلال التحكم في حجم الإنتاج، وهو ما يتفق والتوجه الروسي، حيث تسعى روسيا إلى شراكة استراتيجية بالمعنى الاقتصادي والتقني، تستند بالأساس إلى الطاقة والتعاون العسكري.
أدوار متعددة لموسكو:
إن الحديث عن دور روسي في منطقة الشرق الأوسط، يستدعي دومًا مناقشة علاقة هذا الدور بالنفوذ الامريكي في المنطقة، الذي رغم محدوديته التي تكشفت مؤخرًا، إلا أنه لا يمكن تجاهله، فأي دور يمكن أن تلعبه روسيا في المنطقة، سيكون مرتبطًا بتوافق ما مع الولايات المتحدة، حوله، ومن المتوقع أن تكون هناك أدوار روسية، ترتبط بالقضايا الأكثر استعصاءًا على الحل في المنطقة، والتي عجزت واشنطن عن إدارتها بصورة منفردة طوال الفترة الماضية، في إطار من "التفاهم المرن" بين الدولتين. وتتمثل هذه الأدوار فيما يلي:
1- "الضامن الدولي" لتسوية الصراع في سوريا، ويرتبط هذا الدور بالمبادرة التي طرحتها روسيا، والتي قضت بإخضاع ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية للرقابة الدولية تمهيدًا للتخلص منها. وتعد الكيفية التي انتهى بها الجدل الخاص بتوجيه الضربة العسكرية لنظام الأسد، انتصارًا للدبلوماسية الروسية على نظيرتها الأمريكية، خاصة أن موسكو نجحت في الحصول على تنازلات من واشنطن حول كيفية تسوية الصراع في سوريا، ترجم في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118، حيث حالت موسكو دون أن يتم استخدام القضية الكيماوية كمبرر لتوجيه ضربة لنظام الأسد من أجل تسوية الصراع مع المعارضة، مع موافقة واشنطن على الحل السياسي للصراع، والذي يستند إلى اتفاق "جنيف-1" الذي أقر تشكيل حكومة انتقالية لها سلطات تنفيذية، والذي يمهد الطريق أمام عقد مؤتمر "جنيف- 2". ويلاحظ أن هناك حرصًا أمريكيًا - روسيًا على تحريك الجهود الخاصة بعقد مؤتمر "جنيف- 2"، من خلال تكثيف المساعي الخاصة بحل معضلة تمثيل المعارضة السورية في المؤتمر، وفي هذا الإطار أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في 6 نوفمبر الحالي، عن استعداد بلاده لاستضافة لقاء غير رسمي في موسكو بين ممثلين عن السلطات السورية والمعارضة قبل الانعقاد الرسمي للمؤتمر.
2- "الصديق" الداعم لتحالف "4+2"، ولمصر العضو في هذا التحالف على وجه التحديد، خاصة وأن تشكل هذا التحالف ارتبط بالثورة الثانية التي شهدتها مصر في 30 يونيو، وقد كشفت الزيارة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سيرغي لافروف وسيرغي شويغو للقاهرة، عن أبعاد هذا الدعم، الذي لا يقف عند المجال الاقتصادي فقط، وإنما يمتد إلي المجال العسكري أيضًا، حيث تم الاتفاق على صفقة لتوريد الأسلحة الروسية إلى مصر تفاوتت التقديرات بشأنها وسط حديث عن قيام السعودية والإمارات بدور في إتمامها.
3- المسهل ""facilitator لحل الأزمة الإيرانية، ليس علي صعيد البرنامج النووي فحسب، وإنما أيضًا علي مستوي القضايا غير النووية التي تهمها مثل الصراع في سوريا، حيث مازالت روسيا تحتفظ بأوراق مهمة في أزمة البرنامج النووي باعتبارها عضوًا في مجموعة "5+1" وكذلك عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، وقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 18 نوفمبر الجاري، عن أن روسيا ترى "فرصة حقيقية" لتسوية مشكلة النووي الإيراني، وذلك قبل استئناف المفاوضات النووية الدولية في 20 نوفمبر الحالي. وقد يساعد التوافق "المرن" بين واشنطن وموسكو الخاص بتسوية الصراع في سوريا، على حل أزمة النووي الإيراني، التي قد تتطلب توافقًا من نوع آخر، قد يعيد ترتيب الأوضاع في المنطقة، خاصة وأنه يبدو أن روسيا لن تتخلى عن دعم القدرات النووية الإيرانية، وقد تسعى إلى إبرام اتفاق مشابه للاتفاق الخاص بـ"الكيماوي" السوري، ليس بهدف نزع القدرات النووية الإيرانية، وإنما بهدف خلق واقع جديد يحفظ لها نفوذًا ما.
أدوار "مرحلية"؟
رغم تزايد تأثير روسيا في التفاعلات الشرق أوسطية خلال الآونة الأخيرة، وتحولها إلى طرف مباشر لا يمكن إغفاله في تحليل الوضع في المنطقة، إلا أن استمرار أدوارها في المنطقة، على نحو يسمح بالحديث عن "حقبة روسية"، يظل رهنًا بمجموعة من المتغيرات، يتمثل المتغير الأول في حجم الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط، خاصة في فترة ما بعد أوباما، وهو ما قد يضع حدًا للتمدد الروسي في المنطقة، ففي نهاية المطاف، لن تنجح روسيا في لعب أدوار في المنطقة دون تفاهم ما مع واشنطن.
وينصرف المتغير الثاني إلى قدرة روسيا على مواصلة لعب هذه الأدوار، خاصة إذا بدأت تفرض عليها تكلفة اقتصادية قد لا تستطيع تحملها في المدى الطويل، فحتى الآن، ما تمارسه من أدوار في المنطقة، تحصل على مقابل اقتصادي له، وهو ما تشير إليه على سبيل المثال، صفقة الأسلحة الأخيرة مع مصر والتي تقدر قيمتها بـ2 مليار دولار.
فيما يتعلق المتغير الثالث، باستمرار القضايا التي تسمح لروسيا بلعب هذه الأدوار، فعودة الاستقرار في المشرق، وانتهاء التوتر بين واشنطن ودول تحالف "4+2"، فضلا عن التوصل لصفقة مع إيران، قد يضطر روسيا إلى العودة لنمط السياسات "الهادئة" التي اتبعتها في الفترة السابقة على الثورات العربية، كما أن تنامي التوقعات في المنطقة حول دور روسي محتمل في تسوية القضية الفلسطينية، قد يصطدم بالواقعية الروسية والتي حالت دون تدخل موسكو المباشر في هذا الملف منذ مؤتمر مدريد للسلام 1991.
"فرص" استراتيجية:
هناك مجموعة من التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، والتي خلقت مجموعة "فرص" بالمعنى الاستراتيجي، استدعت سياسة روسية أكثر نشاطًا عن ذي قبل، وسمحت بإعادة تموضعها في الشرق الأوسط ربما كـ"قوة موازية" للقوة الأمريكية، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كلمته أمام الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في 27 سبتمبر الماضي، بقوله أن "روسيا قلقة من التصريحات المتكررة بشأن حق بعض الدول في استخدام القوة من أجل ضمان المصالح الذاتية بمنطقة الشرق الأوسط"، وقد كان ذلك
تعليقًا على ما ورد في كلمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول حق بلاده في حماية مصالحها باستخدام القوة، خاصة في ظل اتضاح محدودية النفوذ الذي يمكن أن تمارسه واشنطن في المنطقة، واتباعها سياسات تجاه هذه التطورات لم تحظ بقبول أو ترحيب من قبل حلفائها الرئيسيين، على عكس السياسات الروسية، وتتمثل أهم هذه التطورات فيما يلي:
1- تشكل تحالف "4+2"، الذي يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن، بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، وتعثر تجربتهم في غيرها من الدول، وهو تحالف ظل يبحث عن دعم أمريكي له، ولكن نظرًا لتبني واشنطن سياسة رافضة لدعم التغيير الذي فرضته ثورة 30 يونيو في مصر، والذي مثل الأساس الذي تكون هذا التحالف بناءً عليه، اتجهت هذه الدول إلي روسيا، خاصة وأنها تحفظت منذ البداية على أي صعود سياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في مصر وغيرها من الدول، وظلت محتفظة بتصنيفها كـ"جماعة ارهابية" على قوائمها الخاصة، وبالتالي أصبحت روسيا الطرف الداعم لهذا التحالف الإقليمي، ومثلت ما يشبه "العازل" الذي يقلص حدة الضغوط التي تمارسها واشنطن على دول هذا التحالف.
2- استمرار تماسك نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي وإيراني، وتردد واشنطن في تبني أي سياسة تؤدي إلى تدخل عسكري لإسقاطه، وهو ما كشف عنه عدم تمسك أوباما بـ"الخط الأحمر" الخاص باستخدام الأسلحة الكيماوية، وقبوله المقترح الروسي الخاص بتفكيك ترسانة سوريا من هذه الأسلحة.
3- تزايد ضغوط الوضع الاقتصادي في روسيا، خاصة مع استمرار انخفاض معدل نمو الاقتصاد الروسي مقارنة بالمعدل العالمي، وهو ما دفعها إلي التقارب مع الدول التي تستطيع أن تنعش اقتصادها، الذي يقوم على مرتكزين هما تجارة السلاح والطاقة، وتعد دول الخليج هي "المنقذ" لها، خاصة في ظل سعي هذه الدول إلي تنويع مصادر السلاح بعيدًا عن الولايات المتحدة، ولضمان مستوي مستقر لأسعار النفط، وذلك من خلال التحكم في حجم الإنتاج، وهو ما يتفق والتوجه الروسي، حيث تسعى روسيا إلى شراكة استراتيجية بالمعنى الاقتصادي والتقني، تستند بالأساس إلى الطاقة والتعاون العسكري.
أدوار متعددة لموسكو:
إن الحديث عن دور روسي في منطقة الشرق الأوسط، يستدعي دومًا مناقشة علاقة هذا الدور بالنفوذ الامريكي في المنطقة، الذي رغم محدوديته التي تكشفت مؤخرًا، إلا أنه لا يمكن تجاهله، فأي دور يمكن أن تلعبه روسيا في المنطقة، سيكون مرتبطًا بتوافق ما مع الولايات المتحدة، حوله، ومن المتوقع أن تكون هناك أدوار روسية، ترتبط بالقضايا الأكثر استعصاءًا على الحل في المنطقة، والتي عجزت واشنطن عن إدارتها بصورة منفردة طوال الفترة الماضية، في إطار من "التفاهم المرن" بين الدولتين. وتتمثل هذه الأدوار فيما يلي:
1- "الضامن الدولي" لتسوية الصراع في سوريا، ويرتبط هذا الدور بالمبادرة التي طرحتها روسيا، والتي قضت بإخضاع ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية للرقابة الدولية تمهيدًا للتخلص منها. وتعد الكيفية التي انتهى بها الجدل الخاص بتوجيه الضربة العسكرية لنظام الأسد، انتصارًا للدبلوماسية الروسية على نظيرتها الأمريكية، خاصة أن موسكو نجحت في الحصول على تنازلات من واشنطن حول كيفية تسوية الصراع في سوريا، ترجم في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118، حيث حالت موسكو دون أن يتم استخدام القضية الكيماوية كمبرر لتوجيه ضربة لنظام الأسد من أجل تسوية الصراع مع المعارضة، مع موافقة واشنطن على الحل السياسي للصراع، والذي يستند إلى اتفاق "جنيف-1" الذي أقر تشكيل حكومة انتقالية لها سلطات تنفيذية، والذي يمهد الطريق أمام عقد مؤتمر "جنيف- 2". ويلاحظ أن هناك حرصًا أمريكيًا - روسيًا على تحريك الجهود الخاصة بعقد مؤتمر "جنيف- 2"، من خلال تكثيف المساعي الخاصة بحل معضلة تمثيل المعارضة السورية في المؤتمر، وفي هذا الإطار أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في 6 نوفمبر الحالي، عن استعداد بلاده لاستضافة لقاء غير رسمي في موسكو بين ممثلين عن السلطات السورية والمعارضة قبل الانعقاد الرسمي للمؤتمر.
2- "الصديق" الداعم لتحالف "4+2"، ولمصر العضو في هذا التحالف على وجه التحديد، خاصة وأن تشكل هذا التحالف ارتبط بالثورة الثانية التي شهدتها مصر في 30 يونيو، وقد كشفت الزيارة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سيرغي لافروف وسيرغي شويغو للقاهرة، عن أبعاد هذا الدعم، الذي لا يقف عند المجال الاقتصادي فقط، وإنما يمتد إلي المجال العسكري أيضًا، حيث تم الاتفاق على صفقة لتوريد الأسلحة الروسية إلى مصر تفاوتت التقديرات بشأنها وسط حديث عن قيام السعودية والإمارات بدور في إتمامها.
3- المسهل ""facilitator لحل الأزمة الإيرانية، ليس علي صعيد البرنامج النووي فحسب، وإنما أيضًا علي مستوي القضايا غير النووية التي تهمها مثل الصراع في سوريا، حيث مازالت روسيا تحتفظ بأوراق مهمة في أزمة البرنامج النووي باعتبارها عضوًا في مجموعة "5+1" وكذلك عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، وقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 18 نوفمبر الجاري، عن أن روسيا ترى "فرصة حقيقية" لتسوية مشكلة النووي الإيراني، وذلك قبل استئناف المفاوضات النووية الدولية في 20 نوفمبر الحالي. وقد يساعد التوافق "المرن" بين واشنطن وموسكو الخاص بتسوية الصراع في سوريا، على حل أزمة النووي الإيراني، التي قد تتطلب توافقًا من نوع آخر، قد يعيد ترتيب الأوضاع في المنطقة، خاصة وأنه يبدو أن روسيا لن تتخلى عن دعم القدرات النووية الإيرانية، وقد تسعى إلى إبرام اتفاق مشابه للاتفاق الخاص بـ"الكيماوي" السوري، ليس بهدف نزع القدرات النووية الإيرانية، وإنما بهدف خلق واقع جديد يحفظ لها نفوذًا ما.
أدوار "مرحلية"؟
رغم تزايد تأثير روسيا في التفاعلات الشرق أوسطية خلال الآونة الأخيرة، وتحولها إلى طرف مباشر لا يمكن إغفاله في تحليل الوضع في المنطقة، إلا أن استمرار أدوارها في المنطقة، على نحو يسمح بالحديث عن "حقبة روسية"، يظل رهنًا بمجموعة من المتغيرات، يتمثل المتغير الأول في حجم الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط، خاصة في فترة ما بعد أوباما، وهو ما قد يضع حدًا للتمدد الروسي في المنطقة، ففي نهاية المطاف، لن تنجح روسيا في لعب أدوار في المنطقة دون تفاهم ما مع واشنطن.
وينصرف المتغير الثاني إلى قدرة روسيا على مواصلة لعب هذه الأدوار، خاصة إذا بدأت تفرض عليها تكلفة اقتصادية قد لا تستطيع تحملها في المدى الطويل، فحتى الآن، ما تمارسه من أدوار في المنطقة، تحصل على مقابل اقتصادي له، وهو ما تشير إليه على سبيل المثال، صفقة الأسلحة الأخيرة مع مصر والتي تقدر قيمتها بـ2 مليار دولار.
فيما يتعلق المتغير الثالث، باستمرار القضايا التي تسمح لروسيا بلعب هذه الأدوار، فعودة الاستقرار في المشرق، وانتهاء التوتر بين واشنطن ودول تحالف "4+2"، فضلا عن التوصل لصفقة مع إيران، قد يضطر روسيا إلى العودة لنمط السياسات "الهادئة" التي اتبعتها في الفترة السابقة على الثورات العربية، كما أن تنامي التوقعات في المنطقة حول دور روسي محتمل في تسوية القضية الفلسطينية، قد يصطدم بالواقعية الروسية والتي حالت دون تدخل موسكو المباشر في هذا الملف منذ مؤتمر مدريد للسلام 1991.