صفحة 1 من 1

الاعلام والسياسة الخارجية

مرسل: الأحد ديسمبر 01, 2013 7:42 pm
بواسطة عبدالملك السفيان 333
تعد عملية فهم طبيعة العلاقة بين الاعلام و السياسة الخارجية احدى مدخلات المتغيرات الايديولوجية لتتابع التطور المعاصر الذي اصاب العمل السياسي في نطاق الاسرة الدولية و كيف اضحى ينبع من خصائص و مقومات تختلف اختلافا كليا عن التقاليد التي ظلت سائدة حتى عدة قرون و اجمالا حتى انفجار الحرب العالمية الثانية0
هذه الصورة الجديدة للعمل الايديولوجي أبرزت ثلاث حقائق هي :
اولاً: ضرورة التمييز في السياسة الخارجية بين مستويات ثلاث : اعداد السياسة الخارجية من جانب ثم عملية صنع القرار السياسي من جانب آخر ثم عملية تنفيذ القرار السياسي في جانب ثالث0
ثانياً : نقل اساليب العمل السياسي الداخلي الذي اساسه التعانق الديمقراطي بين القوى الى النطاق الدولي و الخارجي و بصفة خاصة من خلال المنظمات الدولية0
ثالثاً : تعدد ادوات تنفيذ السياسة الخارجية و النظر الى الاعلام على انه اداة من ادوات تنفيذ السياسة الخارجية تربط بين العمل الداخلي و العمل الخارجي من جانب و تستند الى ادوات اخرى مكملة من جانب آخر0
متابعة هذه النواحي سوف يسمخ لنا بابراز اهمية العلاقة بين السياسة الخارجية و العمل الاعلامي


ان اول ما يلاحظ في العمل السياسي الخارجي هو ضرورة التمييز بين مستويات العمل السياسي الخارجي كحركة سياسية بحتة و هو بهذا المعنى يخضع لجميع القواعد التي يفرضها مفهوم الحركة و لكنه حركة لا يمكن ان تكون صادرة الاّ من الدولة او توابعها و بعبارة اخرى هي حركة حكومية و هذا يفرض على العمل السياسي الخارجي اول خصائصه انه نشاط للاداة الحكومية في نطاق الاسرة الدولية.


و حيث ان الاسرة الدولية لاتزال تخضع لشريعة الغاب لانها لاتزال لم تملك بعد ذلك التنظيم الذي يسمح بالجزاء لمخالفة قواعده فأن العمل السياسي الخارجي لابد و ان يعكس هذه الحقيقة انه في جوهره ليس الاّ سعي نحو السيطرة و الاستحواذ انه من حيث طبيعته ليس الاّ انتزاع لمكاسب او حماية من عدوان متوقع و هكذا من تفاعل هذين المتغيرين تتحدد خصائص و مستويات العمل السياسي الخارجي.


يمكننا ان نميّز بين مستويات ثلاث من مستويات الحركة في نطاق العمل الخارجي كل منها له خصائصه و له مقتضياته و هذه المستويات هي وضع او صياغة السياسة الخارجية , عملية القرار السياسي الخارجي , عملية تنفيذ السياسة الخارجية.
كل هذه المستويات ترتبط رغم ذلك بالمستويات الاخرى فصنع القرار السياسي يجب ان يندرج في وضع او صياغة السياسة الخارجية و اسلوب تنفيذ السياسة الخارجية ينبع من طبيعة و خصائص النظام السياسي الخارجي رغم ذلك و رغم ان تعرّضنا لهذه النواحي فقط من تلك الحدود التي تفرضها علينا مشكلة العلاقة بين العمل الاعلامي و السياسة الخارجية لابراز كيف ان الاعلام بدوره احد عناصر الموقف الذي نعيشه من التخطيط و عدم الاتزان.


لذلك فان الدعاية و الاعلام تمثّل خط الهجوم الاول و خط الدفاع الاخير0 هذا التحليل يسمح بأن نفهم لماذا نرفض بعض الحالات الاخيرة التي تقوم على اساس التمييز بين اربعة ادوات لتنفيذ السياسة الخارجية: الاداة الاقتصادية ثم الاداة العسكرية و الواقع ان الاداة الايديولوجية لا موضع لها في ذاتها في نطاق العلاقات الدولية حيث تنصهر في العمل الدعائي و الاعلامي0 و الادوات الاخرى مكملة او ممهدة و ليست لها وظيفة مستقلة من حيث عملية تنفيذ السياسة الخارجية و الواقع ان مردّ ذلك الخلط هو ضرورة التمييز بين عملية تنفيذ السياسة الخارجية و عملية استخدام اداة معينة من جانب الطبقة الحاكمة تعني تحديد للعناصر المشاركة تحديد للاتجاه الذي نتحرك في نطاقه من حيث المصب الذي تتجه اليه الاداة تحديد للاهداف التي يسعى اليها المخطّط للسياسة الخارجية ثم اخيراً تحديد للموقف الذي يرتبط به التعامل بتلك الاداة و هكذا نجد ان مستوى السياسة الخارجية بدوره يفترض مستويات اخرى تابعة كل منها له ابعاده و له خصائصه و نستطيع ان نلخص الاطار العام لمستويات العمل السياسي الخارجي في القواعد التالية:


القاعدة الاولى : انه يجب ان نفصل دائماً أقل الادوات تكلفة, فالاعتداء على سفير لا يمكن ان يواجه بحرب مسلّحة و هنا ان اقل الادوات تكلفة بصفة عامة هي الاداة الاعلامية.
القاعدة الثانية : هي قاعدة التنسيق بين ادوات السياسة الخارجية و معنى ذلك انه يجب ان توجد علاقة ترابط بين هذه الادوات بحيث تصير عملية السياسة الخارجية منسجمة و منسقة بشكل كامل و هذا يفترض التخطيط المرن الذي اساسه وضوح الرؤية القاعدة الثالثة : و مفادها ان رغم تعدّد ادوات السياسة الخارجية فجوهر العمل الخارجي يظل دائما عملية التفاوض0 فالسياسة الخارجية لا تعدو ان تكون تطويع ارادة لارادة اخرى و هكذا حتى العمل العسكري ليس سوى اداة الغرض منها اكراه الخصم على الاستسلام لشروط معينة ما كان يسلم بها لو لم تحدث الهزيمة العسكرية و هكذا فان السياسة الخارجية تنجح لا عندما يقدّر لها ان تنتصر في معركة و انما فقط عندما تفرض على الخصم الاستسلام لطلباتها ان نجاح تنفيذ أي سياسة خارجية يجب ان يفرض على مخطّط تلك السياسة ان يتحرك و هو يستند الى اعمدة ثلاث:
دبلوماسية نشطة , دعاية اعلامية فعالة , قوة عسكرية متطورة و يقظة

..