- الأحد ديسمبر 01, 2013 10:06 pm
#67005
تعريف عام
الديمقراطية نظام سياسي واجتماعي حيث الشعب هو مصدر السيادة والسلطة، فهو يحكم نفسه عن طريق ممثلين عنه.
خصائص
يمكن تلخيص خصائص النظام الديمقراطي بالنقاط التالية:
1. ينتخب الشعب ممثليه عن طريق انتخابات عامة
2. تمارس الأغلبية المنتخبة الحكم، هذه الأغلبية الصادرة عن فئات الشعب المختلفة هي سياسية بالتعريف وليست عرقية أو إثنية أو دينية.
3. تصان حقوق المعارضة
4. تصان الحريات العامة للمجتمع، منها حرية التعبير وحرية العقيدة وحرية الاجتماع وحرية الصحافة
5. وجود دولة القانون التي تحترم وتضمن حقوق المواطنين والمساواة بينهم
6. الحد من اعتباطية سلطة الحاكم عن طريق مؤسسات دائمة وآليات للدفاع عن المواطنين
7. ضمان عدم الجمع بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية
8. ترسيخ مبدأ الدستورية. أي أن السلطات والمواطنين يحترمون الدستور ويرجعون إلى القضاء لحل الخلافات .
تعلن هذه الخصائص في دستور ديمقراطي يعتبر بمثابة تعاقد بين المواطنين. تتم مناقشته بشكل علني وبحرية كاملة مع شروحات كافية، ويتم إقراره من قبل جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب، ويعرض نص الدستور عليه في استفتاء عام.
ميزات
· للديمقراطية قوة هائلة في تحريك المجتمعات الإنسانية. فهي أرضية خصبة لكي يعي الناس مكانتهم وحقوقهم وواجباتهم وتحقيق مصيرهم.
· تجعل من الحرية عاملا مشتركا لكافة المواطنين.
· تقوي قناعة المواطنين لتفعيلها والدفاع عنها وإلزام الحكام بها.
· ترفع الخوف عن قلوب الناس بسبب وعيهم بحقوقهم ومراقبتهم للحكام.
· ترسخ كرامة الناس وتنمي استقلاليتهم ونضوج تفكيرهم وسلوكهم الاجتماعي.
· توجد توازنا بين الحكومة والمعارضة.
· تفسح مجالا واسعا للجميع للنقاش الحر والاتجاه إلى العقل لإقناع الآخر .
· تفتح آفاقا جديدة للإبداع في كثير من المجالات لإيجاد حلول أكثر ملاءمة.
· تدير الصراع السياسي والاجتماعي بشكل سلمي.
· تعطي الناس فرصا أكبر للتأثير على مجريات الأحداث وليساهموا بالحياة العامة عن طريق العمل السياسي والمدني
وعن طريق وسائل النشر والاتصالات الحديثة المتاحة في المجتمع.
· توجد آلية واضحة لتطبيق مفهوم السلطة وممارستها في كافة مستويات العلاقات الإنسانية.
· تجعل من الشعب في نفس الوقت حاكم ومحكوم.
2
الديمقراطية السياسية والاجتماعية
"العدالة الاجتماعية شرط الحرية وشرط انسجام الإرادة الخاصة مع الإرادة العامة"
جان-جاك روسو 1778-1712
الديمقراطية السياسية تبقى ناقصة بدون ديمقراطية اجتماعية. الأولى تهتم بمصدر السيادة والسلطة وحقوق المواطن السياسية ومساهمته في الانتخابات وتشكيل الأحزاب وإبداء الرأي ونشره... أما الثانية، والتي لها أولوية على الديمقراطية السياسية، فتهتم بتحسين أوضاع المواطن المادية، عن طريق مبدأ العدالة الاجتماعية من حيث توزيع خيرات البلد على كل المواطنين لأن للمواطن حق شرعي بنصيب عادل منها. فالمساواة بين الأفراد في المجتمعات المنظمة تستند بشكل أساسي على هذه العدالة الاجتماعية. فأفراد الشعب المنبوذين والفقراء وقليلي الثقافة، لا يمكن أن يساهموا بشكل جدي في الحياة السياسية التي تتطلب معرفة بأمور الدولة وتسييرها وأمور السلطة ومداخلاتها. أولويات هؤلاء الناس هي لقمة العيش وليست السياسة.
الحقوق الاجتماعية ضرورية لاعتبار الإنسان غاية في ذاته يجب احترامه ومساعدته على العيش الكريم. لأن هدف التنمية والتقدم في الدولة هو حرية المواطن ورفاهيته. الديمقراطية الاجتماعية تسهل مشاركة المواطنين في العمل السياسي بشكل فعّال لأنها تسد حاجاتهم المادية وتعيد لهم اعتبارهم وكرامتهم وبهذا يصبح للديمقراطية بشطريها معنا واقعيا ومتكاملا.
في حال تأخر الديمقراطية الاجتماعية، من الضروري رغم ذلك تحريك الديمقراطية السياسية ، لأن أي توعية سياسية، ولو كانت في حدود ضيقة، تساعد الناس على معرفة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. فإشراك الناس في العمل السياسي يحرك كثيرا من طاقات كامنة فيهم للمطالبة بمجتمع أكثر عدالة.
السلطة الاقتصادية في الدول الديمقراطية الرأسمالية وخاصة في الدول النامية، تلعب دورا سلبيا جدا في تطوير الديمقراطية الاجتماعية. لأن هدف الرأسمالية يتناقض أصلا مع هدف العدالة الاجتماعية. هدف الرأسمالية هو الربح الجشع بكافة الوسائل والحصول على امتيازات طبقية تعلو بكثير على حقوق بقية المواطنين. هذه الامتيازات تعطي الرأسماليين سلطة غير شرعية للتدخل في أمور الدولة وتوجيه سياساتها عن طريق الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية والإعلامية لمصالحها الخاصة دون أي اعتبار لمصلحة البلاد والمواطنين في الحاضر والمستقبل من حيث التنمية الاقتصادية السليمة لاستغلال خيرات البلاد وتوظيفها بشكل عادل وعقلاني. الانهيار الهائل في الاقتصاد العالمي في نهاية 2008 أكبر برهان على متاهات وبلطجة الرأسمالية. الانهيار الأخير، الذي يذكرنا بانهيار 1929سيعود دوريا إن لم تتغير فلسفة الليبيرالية الجديدة التي دشّنها الرئيس ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية تاتشر في الثمانينات من القرن العشرين. أسباب الانهيار الاقتصادي العالمي يعود الى خلق مجتمع اقتصادي ومالي مؤسس على المضاربة بلا حدود بعيدا كل البعد عن الاقتصاد الحقيقي والواقعي. هذه المزايدات في سعر السلع لا يمكن أن تتصاعد هرميا بشكل مستمر، سوف تحصل ازمة اقتصادية يذهب ضحيتها بشكل أساسي الناس العاديين الذين دخلوا في لعبة المضاربات وزيادة مداخيل وهمية على الورق، يمكن أن تنهار في أي لحظة. لقد شجعتهم ودفعتهم إليها المؤسسات المالية التي قدمت القروض السهلة لتشجيع الناس على الاستهلاك وشراء البيوت مثلا ثم بيعها ثانية وثالثة... إلى أن ينفجر "البالون" الاصطناعي، لأن البعد صار كبيرا جدا بين السعر الواقعي للأشياء والسعر الذي وصلت إليه هذه المزايدات. أما الادّخار، الذي هو الاحتياطي الاساسي لحماية الناس من الأزمات الحياتية، لم تشجعه المؤسسات المالية ولا حتى الدولة. الفوائد المعروضة على المدخرين ضئيلة غير مشجعة على الادخار. بواسطة الدعاية الدائمة تم غسل دماغ الناس على الاستهلاك بلا وعي .
للخروج من هذه الازمة الاقتصادية، أخذت الدول بتقديم آلاف المليارات من الدولارات لدعم البنوك والشركات. أما ملايين الناس الذي أضاعوا " اقتصادياتهم" في هذه "الطوشة" العالمية فلقد تركوا ليدبروا "رأسهم" !
لا يكفي التبجح بالحريات العامة والمساواة أمام القانون إن لم ترفق بتحسين الاوضاع الاقتصادية للمواطنين ليصبح لهذه المساواة والحرية معنى واقعيا.
6
النقابات والديمقراطية
النقابات الحرة، المستقلة عن السلطة السياسية، عنصر أساسي في بنية الديمقراطية السياسية والاجتماعية. فهي ملاذ للعمال في كل مجالات العمل في القطاع الخاص أو العام. تنطق باسمهم وتدافع عن حقوقهم وتحاول تحسين أوضاعهم. إن الغالبية الساحقة من الراشدين هم عمال أو موظفين، يشكلون قطاعا هائلا من المجتمع المدني. وبما أن السياسة تهدف أولا لتحسين أوضاع المواطنين فمن الضروري أن يكون لهم دور سياسي هام.
بدون النقابات يبقى الفرد وحيدا أمام جبروت ورحمة رب العمل. فالنقابة هي قوة تحد من سلطة الدولة وسلطة رأس المال لصالح الأغلبية العاملة.
يمكن تحسين العدالة الاجتماعية بالانتساب إلى النقابات وبهذا تنمو الديمقراطية الاجتماعية التي هي أساس الديمقراطية السياسية. الدول الأكثر عدالة اجتماعية هي التي فيها نسبة عالية من العمال النقابيين (82% في السويد)
المجال المفضل لخلق أجواء ديمقراطية هو العمل النقابي الذي يحدد علاقة رب العمل بالعمال بشكل واضح وسليم في المؤسسة. فمشاركتهم في الإنتاج وتسيير المؤسسات هي ضرورة ديمقراطية وضرورة اقتصادية، أظهرت دراسات متعددة في دول متقدمة أن المنظمات النقابية القوية، تساهم ايجابيا في الانتاجية ورفع مستوى دخل العمال ونمّو أكبر للعدالة الاجتماعية. ولقد بينت التجارب كذلك أن إشراك العمال في إدارة الشركات كما هو الحال في السويد مثلا أدى الى تحسين الانتاجية والى علاقات اجتماعية سليمة. التفاوض بين أرباب العمل والنقابات تساعد على تبادل المعلومات واتخاذ القرارات الملائمة لكل الأطراف شرط أن تدور في أجواء شفافة . هذه التعاملات بين الاطراف تساعد على تخفيف البطالة وإيجاد حلول ملائمة للمؤسسات وللاقتصاد بشكل عام، هذا الحوار الاجتماعي يبني ويضمن نمو وازدهار اقتصادي عادل .
ترى المنظمة العالمية للنقابات أن مفهوم العمل اللائق بالإنسان يعني حصول كل شخص، رجل أو امرأة ،على عمل منتج وفي أجواء من الحرية والعدالة والأمان والكرامة. مفهوم العمل هذا له أربعة ركائز: تشجيع زيادة فرص العمل، ضمان حق العمل، الضمان الاجتماعي والحوار الاجتماعي.
النزعة الديكتاتورية نراها غالبا في مجالات العمل، خاصة في اقتصاديات البلاد النامية. فرب العمل يأمر والعمال ينفذون . فالفرد يعامل كآلة يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، أو عزلها تبعا لمشيئة ونزوات المسؤول ومتطلبات العمل والإنتاجية المقررة بأقل ما يمكن من التكلفة.
حق الاضراب في الديمقراطيات المعروفة هي من الحقوق المعترف بها في دساتير هذه الدول. الإضراب هي ظاهرة إجتماعية أساسية وملازمة للديمقراطية. في حال استهتار قوى رأسمال أو الدولة بحقوق العمال والموظفين، من الضروري لهؤلاء أن يحتجوا ويضربوا عن العمل للحصول على حقوقهم وحصصهم المشروعة من الخيرات. بهذا يتولد في المجتمع توازن بين الاطراف. للتقليل من كثرة الاضرابات يجب زيادة نسبة النقابيين وإعطاء فرص أكبر للمفاوضات المباشرة بين أرباب الاعمال أو مدراء المؤسسات والنقابات للوصول الى حلول معقولة.
الحياة النقابية مدرسة ممتازة للتمرس بالديمقراطية عن طريق الحوار واتخاذ القرارات والتصويت الحر واختيار القيادات والدفاع عن مكاسب العمال.
الديمقراطية نظام سياسي واجتماعي حيث الشعب هو مصدر السيادة والسلطة، فهو يحكم نفسه عن طريق ممثلين عنه.
خصائص
يمكن تلخيص خصائص النظام الديمقراطي بالنقاط التالية:
1. ينتخب الشعب ممثليه عن طريق انتخابات عامة
2. تمارس الأغلبية المنتخبة الحكم، هذه الأغلبية الصادرة عن فئات الشعب المختلفة هي سياسية بالتعريف وليست عرقية أو إثنية أو دينية.
3. تصان حقوق المعارضة
4. تصان الحريات العامة للمجتمع، منها حرية التعبير وحرية العقيدة وحرية الاجتماع وحرية الصحافة
5. وجود دولة القانون التي تحترم وتضمن حقوق المواطنين والمساواة بينهم
6. الحد من اعتباطية سلطة الحاكم عن طريق مؤسسات دائمة وآليات للدفاع عن المواطنين
7. ضمان عدم الجمع بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية
8. ترسيخ مبدأ الدستورية. أي أن السلطات والمواطنين يحترمون الدستور ويرجعون إلى القضاء لحل الخلافات .
تعلن هذه الخصائص في دستور ديمقراطي يعتبر بمثابة تعاقد بين المواطنين. تتم مناقشته بشكل علني وبحرية كاملة مع شروحات كافية، ويتم إقراره من قبل جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب، ويعرض نص الدستور عليه في استفتاء عام.
ميزات
· للديمقراطية قوة هائلة في تحريك المجتمعات الإنسانية. فهي أرضية خصبة لكي يعي الناس مكانتهم وحقوقهم وواجباتهم وتحقيق مصيرهم.
· تجعل من الحرية عاملا مشتركا لكافة المواطنين.
· تقوي قناعة المواطنين لتفعيلها والدفاع عنها وإلزام الحكام بها.
· ترفع الخوف عن قلوب الناس بسبب وعيهم بحقوقهم ومراقبتهم للحكام.
· ترسخ كرامة الناس وتنمي استقلاليتهم ونضوج تفكيرهم وسلوكهم الاجتماعي.
· توجد توازنا بين الحكومة والمعارضة.
· تفسح مجالا واسعا للجميع للنقاش الحر والاتجاه إلى العقل لإقناع الآخر .
· تفتح آفاقا جديدة للإبداع في كثير من المجالات لإيجاد حلول أكثر ملاءمة.
· تدير الصراع السياسي والاجتماعي بشكل سلمي.
· تعطي الناس فرصا أكبر للتأثير على مجريات الأحداث وليساهموا بالحياة العامة عن طريق العمل السياسي والمدني
وعن طريق وسائل النشر والاتصالات الحديثة المتاحة في المجتمع.
· توجد آلية واضحة لتطبيق مفهوم السلطة وممارستها في كافة مستويات العلاقات الإنسانية.
· تجعل من الشعب في نفس الوقت حاكم ومحكوم.
2
الديمقراطية السياسية والاجتماعية
"العدالة الاجتماعية شرط الحرية وشرط انسجام الإرادة الخاصة مع الإرادة العامة"
جان-جاك روسو 1778-1712
الديمقراطية السياسية تبقى ناقصة بدون ديمقراطية اجتماعية. الأولى تهتم بمصدر السيادة والسلطة وحقوق المواطن السياسية ومساهمته في الانتخابات وتشكيل الأحزاب وإبداء الرأي ونشره... أما الثانية، والتي لها أولوية على الديمقراطية السياسية، فتهتم بتحسين أوضاع المواطن المادية، عن طريق مبدأ العدالة الاجتماعية من حيث توزيع خيرات البلد على كل المواطنين لأن للمواطن حق شرعي بنصيب عادل منها. فالمساواة بين الأفراد في المجتمعات المنظمة تستند بشكل أساسي على هذه العدالة الاجتماعية. فأفراد الشعب المنبوذين والفقراء وقليلي الثقافة، لا يمكن أن يساهموا بشكل جدي في الحياة السياسية التي تتطلب معرفة بأمور الدولة وتسييرها وأمور السلطة ومداخلاتها. أولويات هؤلاء الناس هي لقمة العيش وليست السياسة.
الحقوق الاجتماعية ضرورية لاعتبار الإنسان غاية في ذاته يجب احترامه ومساعدته على العيش الكريم. لأن هدف التنمية والتقدم في الدولة هو حرية المواطن ورفاهيته. الديمقراطية الاجتماعية تسهل مشاركة المواطنين في العمل السياسي بشكل فعّال لأنها تسد حاجاتهم المادية وتعيد لهم اعتبارهم وكرامتهم وبهذا يصبح للديمقراطية بشطريها معنا واقعيا ومتكاملا.
في حال تأخر الديمقراطية الاجتماعية، من الضروري رغم ذلك تحريك الديمقراطية السياسية ، لأن أي توعية سياسية، ولو كانت في حدود ضيقة، تساعد الناس على معرفة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. فإشراك الناس في العمل السياسي يحرك كثيرا من طاقات كامنة فيهم للمطالبة بمجتمع أكثر عدالة.
السلطة الاقتصادية في الدول الديمقراطية الرأسمالية وخاصة في الدول النامية، تلعب دورا سلبيا جدا في تطوير الديمقراطية الاجتماعية. لأن هدف الرأسمالية يتناقض أصلا مع هدف العدالة الاجتماعية. هدف الرأسمالية هو الربح الجشع بكافة الوسائل والحصول على امتيازات طبقية تعلو بكثير على حقوق بقية المواطنين. هذه الامتيازات تعطي الرأسماليين سلطة غير شرعية للتدخل في أمور الدولة وتوجيه سياساتها عن طريق الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية والإعلامية لمصالحها الخاصة دون أي اعتبار لمصلحة البلاد والمواطنين في الحاضر والمستقبل من حيث التنمية الاقتصادية السليمة لاستغلال خيرات البلاد وتوظيفها بشكل عادل وعقلاني. الانهيار الهائل في الاقتصاد العالمي في نهاية 2008 أكبر برهان على متاهات وبلطجة الرأسمالية. الانهيار الأخير، الذي يذكرنا بانهيار 1929سيعود دوريا إن لم تتغير فلسفة الليبيرالية الجديدة التي دشّنها الرئيس ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية تاتشر في الثمانينات من القرن العشرين. أسباب الانهيار الاقتصادي العالمي يعود الى خلق مجتمع اقتصادي ومالي مؤسس على المضاربة بلا حدود بعيدا كل البعد عن الاقتصاد الحقيقي والواقعي. هذه المزايدات في سعر السلع لا يمكن أن تتصاعد هرميا بشكل مستمر، سوف تحصل ازمة اقتصادية يذهب ضحيتها بشكل أساسي الناس العاديين الذين دخلوا في لعبة المضاربات وزيادة مداخيل وهمية على الورق، يمكن أن تنهار في أي لحظة. لقد شجعتهم ودفعتهم إليها المؤسسات المالية التي قدمت القروض السهلة لتشجيع الناس على الاستهلاك وشراء البيوت مثلا ثم بيعها ثانية وثالثة... إلى أن ينفجر "البالون" الاصطناعي، لأن البعد صار كبيرا جدا بين السعر الواقعي للأشياء والسعر الذي وصلت إليه هذه المزايدات. أما الادّخار، الذي هو الاحتياطي الاساسي لحماية الناس من الأزمات الحياتية، لم تشجعه المؤسسات المالية ولا حتى الدولة. الفوائد المعروضة على المدخرين ضئيلة غير مشجعة على الادخار. بواسطة الدعاية الدائمة تم غسل دماغ الناس على الاستهلاك بلا وعي .
للخروج من هذه الازمة الاقتصادية، أخذت الدول بتقديم آلاف المليارات من الدولارات لدعم البنوك والشركات. أما ملايين الناس الذي أضاعوا " اقتصادياتهم" في هذه "الطوشة" العالمية فلقد تركوا ليدبروا "رأسهم" !
لا يكفي التبجح بالحريات العامة والمساواة أمام القانون إن لم ترفق بتحسين الاوضاع الاقتصادية للمواطنين ليصبح لهذه المساواة والحرية معنى واقعيا.
6
النقابات والديمقراطية
النقابات الحرة، المستقلة عن السلطة السياسية، عنصر أساسي في بنية الديمقراطية السياسية والاجتماعية. فهي ملاذ للعمال في كل مجالات العمل في القطاع الخاص أو العام. تنطق باسمهم وتدافع عن حقوقهم وتحاول تحسين أوضاعهم. إن الغالبية الساحقة من الراشدين هم عمال أو موظفين، يشكلون قطاعا هائلا من المجتمع المدني. وبما أن السياسة تهدف أولا لتحسين أوضاع المواطنين فمن الضروري أن يكون لهم دور سياسي هام.
بدون النقابات يبقى الفرد وحيدا أمام جبروت ورحمة رب العمل. فالنقابة هي قوة تحد من سلطة الدولة وسلطة رأس المال لصالح الأغلبية العاملة.
يمكن تحسين العدالة الاجتماعية بالانتساب إلى النقابات وبهذا تنمو الديمقراطية الاجتماعية التي هي أساس الديمقراطية السياسية. الدول الأكثر عدالة اجتماعية هي التي فيها نسبة عالية من العمال النقابيين (82% في السويد)
المجال المفضل لخلق أجواء ديمقراطية هو العمل النقابي الذي يحدد علاقة رب العمل بالعمال بشكل واضح وسليم في المؤسسة. فمشاركتهم في الإنتاج وتسيير المؤسسات هي ضرورة ديمقراطية وضرورة اقتصادية، أظهرت دراسات متعددة في دول متقدمة أن المنظمات النقابية القوية، تساهم ايجابيا في الانتاجية ورفع مستوى دخل العمال ونمّو أكبر للعدالة الاجتماعية. ولقد بينت التجارب كذلك أن إشراك العمال في إدارة الشركات كما هو الحال في السويد مثلا أدى الى تحسين الانتاجية والى علاقات اجتماعية سليمة. التفاوض بين أرباب العمل والنقابات تساعد على تبادل المعلومات واتخاذ القرارات الملائمة لكل الأطراف شرط أن تدور في أجواء شفافة . هذه التعاملات بين الاطراف تساعد على تخفيف البطالة وإيجاد حلول ملائمة للمؤسسات وللاقتصاد بشكل عام، هذا الحوار الاجتماعي يبني ويضمن نمو وازدهار اقتصادي عادل .
ترى المنظمة العالمية للنقابات أن مفهوم العمل اللائق بالإنسان يعني حصول كل شخص، رجل أو امرأة ،على عمل منتج وفي أجواء من الحرية والعدالة والأمان والكرامة. مفهوم العمل هذا له أربعة ركائز: تشجيع زيادة فرص العمل، ضمان حق العمل، الضمان الاجتماعي والحوار الاجتماعي.
النزعة الديكتاتورية نراها غالبا في مجالات العمل، خاصة في اقتصاديات البلاد النامية. فرب العمل يأمر والعمال ينفذون . فالفرد يعامل كآلة يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، أو عزلها تبعا لمشيئة ونزوات المسؤول ومتطلبات العمل والإنتاجية المقررة بأقل ما يمكن من التكلفة.
حق الاضراب في الديمقراطيات المعروفة هي من الحقوق المعترف بها في دساتير هذه الدول. الإضراب هي ظاهرة إجتماعية أساسية وملازمة للديمقراطية. في حال استهتار قوى رأسمال أو الدولة بحقوق العمال والموظفين، من الضروري لهؤلاء أن يحتجوا ويضربوا عن العمل للحصول على حقوقهم وحصصهم المشروعة من الخيرات. بهذا يتولد في المجتمع توازن بين الاطراف. للتقليل من كثرة الاضرابات يجب زيادة نسبة النقابيين وإعطاء فرص أكبر للمفاوضات المباشرة بين أرباب الاعمال أو مدراء المؤسسات والنقابات للوصول الى حلول معقولة.
الحياة النقابية مدرسة ممتازة للتمرس بالديمقراطية عن طريق الحوار واتخاذ القرارات والتصويت الحر واختيار القيادات والدفاع عن مكاسب العمال.