ماذا فعل سعود الفيصل في باريس؟
مرسل: الأحد ديسمبر 01, 2013 10:22 pm
سلمان الدوسري
باختصار: أعاد السياسة السعودية لموقعها المعتاد والطبيعي. رفض أن تصمت الرياض عن مؤامرة كبرى لكسر هيبة الدولة المصرية. شرح مغزى موقف الملك التاريخي من مصر. قال للغربيين بوضوح: أنتم متناقضون.. جداً. هنا القاهرة وهناك دمشق، والعالم يرى البون الشاسع في التعاطي بين الأحداث في البلدين. من تصفونهم بالإرهابيين هناك، تعطونهم غطاء قانونيا لممارسة إرهابهم هنا.
ما فعله الأمير سعود الفيصل في باريس، ونتمنى أن يفعله أيضاً في عواصم أوروبية أخرى، أنه رد على جميع التصريحات الغربية المتناقضة منذ عزل الرئيس المصري وفنَّدها نقطة نقطة، دون أن يشير إلى تصريحاتهم. سعى بقوة لدعم الشعب المصري وإيقاف أي نوع من العقوبات أو قطع المساعدات في هذه المرحلة الحساسة، كما أن دبلوماسية الفيصل كان واضحاً أنها موجهة للغرب الذي بيده إقرار سياسات قد تضر بالوضع المصري، وليست لدول لا تأثير لها مهما علا صراخها، وسعت لإشاعة الفوضى.
كما نجحت الحكومة المصرية أمنياً خلال الأيام الماضية وفضت اعتصامات غير سلمية بأقل الخسائر، فهي في حاجة إلى نجاح آخر سياسي مهم جداً لفرض الاستقرار. الحكومة المصرية في حاجة حالياً إلى خطاب تصالحي، لا خطاب مواجهة، مع جميع مكونات الشعب المصري. هي في حاجة إلى مشروع سياسي يحقق المشاركة الشعبية لجميع أفراد الشعب المصري بفئاته وشرائحه كافة، ولعل ما يؤخذ على الحكومة المصرية أنها، في أعقاب عزل مرسي، أعلنت خريطة طريق سياسية محددة بالتواريخ، تفضي لانتخابات في بداية 2014، إلا أنها انشغلت وأشغلت العالم بالأحداث الأمنية وردود الفعل عليها، ونسيت أن تشرح للرأي العام في مصر والعالم ما وصلت إليه خريطة الطريق هذه. يمكن القول إننا لم نر، حتى الآن، الوجه السياسي للحكومة المصرية.
لابد من الإشارة هنا، وفي خضم الدور الدبلوماسي الذي تقوم به الرياض للوقوف مع الشقيقة الكبرى في المرحلة الحرجة التي تعيشها، إلى نقطة أساسية ومحورية تتعلق بالموقف الغربي، فهو على سوءاته، لم يطالب إطلاقاً بعودة مرسي للرئاسة أو جماعة الإخوان المسلمين للحكم، وهو ما يعطي مؤشرا قويا إلى أن الغرب أصلاً ليس لديه رغبة أو حماس لعودة النظام السابق للحكم مجدداً، أما التصريحات التي صدرت فهي تتفق مع السلوك الغربي الرافض لأي انتهاكات لحقوق الإنسان وحريات التظاهر. طبعاً لا نستغرب هذه التصريحات من دول ديمقراطية لها باع طويل في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، لكننا بكل تأكيد نستغربها عندما تصدر من دول مثل تركيا وإيران وقطر، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نفسه وصف المتظاهرين السلميين من أبناء بلاده في ميدان تقسيم بـ ''الجرذان''!، في حين يكفي الموقف الإيراني من دعم نظام بشار الأسد الذي قتل حتى الآن 100 ألف سوري، أما أهلنا في قطر فلا حول ولا قوة إلا بالله، ويكفي ما سمعناه وشاهدناه منهم، ونحن أقرب الناس إليهم أو هكذا نفترض، من شتم وتعريض وتطاول عبر قناتهم الموقرة، فهل نستغرب بعد كل هذا معركتهم التصعيدية في العزيزة مصر؟!
يا سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة، في حرب إسرائيل على لبنان 2006 حذرت السعودية حزب الله من ''المغامرات غير المحسوبة''، حينها ثار من ثار وهاجم مَن هاجم، وتولت دول بكاملها مهمة الدفاع عن المقاومة التي يمثلها، في زعمهم، حزب الله، وهاجمت الرياض تلميحاً وتصريحاً. مضت الأيام ليتفق الجميع على صحة الموقف السعودي وعلى إرهاب حزب الله. الآن يتكرر المشهد ذاته مع جماعة الإخوان المسلمين. لا تستعجلوا، سيعود الجميع للموقف السعودي نفسه، بل سيزايدون عليه. انتظروا فقط.
حفظ طباعة تعليق إرسال
باختصار: أعاد السياسة السعودية لموقعها المعتاد والطبيعي. رفض أن تصمت الرياض عن مؤامرة كبرى لكسر هيبة الدولة المصرية. شرح مغزى موقف الملك التاريخي من مصر. قال للغربيين بوضوح: أنتم متناقضون.. جداً. هنا القاهرة وهناك دمشق، والعالم يرى البون الشاسع في التعاطي بين الأحداث في البلدين. من تصفونهم بالإرهابيين هناك، تعطونهم غطاء قانونيا لممارسة إرهابهم هنا.
ما فعله الأمير سعود الفيصل في باريس، ونتمنى أن يفعله أيضاً في عواصم أوروبية أخرى، أنه رد على جميع التصريحات الغربية المتناقضة منذ عزل الرئيس المصري وفنَّدها نقطة نقطة، دون أن يشير إلى تصريحاتهم. سعى بقوة لدعم الشعب المصري وإيقاف أي نوع من العقوبات أو قطع المساعدات في هذه المرحلة الحساسة، كما أن دبلوماسية الفيصل كان واضحاً أنها موجهة للغرب الذي بيده إقرار سياسات قد تضر بالوضع المصري، وليست لدول لا تأثير لها مهما علا صراخها، وسعت لإشاعة الفوضى.
كما نجحت الحكومة المصرية أمنياً خلال الأيام الماضية وفضت اعتصامات غير سلمية بأقل الخسائر، فهي في حاجة إلى نجاح آخر سياسي مهم جداً لفرض الاستقرار. الحكومة المصرية في حاجة حالياً إلى خطاب تصالحي، لا خطاب مواجهة، مع جميع مكونات الشعب المصري. هي في حاجة إلى مشروع سياسي يحقق المشاركة الشعبية لجميع أفراد الشعب المصري بفئاته وشرائحه كافة، ولعل ما يؤخذ على الحكومة المصرية أنها، في أعقاب عزل مرسي، أعلنت خريطة طريق سياسية محددة بالتواريخ، تفضي لانتخابات في بداية 2014، إلا أنها انشغلت وأشغلت العالم بالأحداث الأمنية وردود الفعل عليها، ونسيت أن تشرح للرأي العام في مصر والعالم ما وصلت إليه خريطة الطريق هذه. يمكن القول إننا لم نر، حتى الآن، الوجه السياسي للحكومة المصرية.
لابد من الإشارة هنا، وفي خضم الدور الدبلوماسي الذي تقوم به الرياض للوقوف مع الشقيقة الكبرى في المرحلة الحرجة التي تعيشها، إلى نقطة أساسية ومحورية تتعلق بالموقف الغربي، فهو على سوءاته، لم يطالب إطلاقاً بعودة مرسي للرئاسة أو جماعة الإخوان المسلمين للحكم، وهو ما يعطي مؤشرا قويا إلى أن الغرب أصلاً ليس لديه رغبة أو حماس لعودة النظام السابق للحكم مجدداً، أما التصريحات التي صدرت فهي تتفق مع السلوك الغربي الرافض لأي انتهاكات لحقوق الإنسان وحريات التظاهر. طبعاً لا نستغرب هذه التصريحات من دول ديمقراطية لها باع طويل في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، لكننا بكل تأكيد نستغربها عندما تصدر من دول مثل تركيا وإيران وقطر، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نفسه وصف المتظاهرين السلميين من أبناء بلاده في ميدان تقسيم بـ ''الجرذان''!، في حين يكفي الموقف الإيراني من دعم نظام بشار الأسد الذي قتل حتى الآن 100 ألف سوري، أما أهلنا في قطر فلا حول ولا قوة إلا بالله، ويكفي ما سمعناه وشاهدناه منهم، ونحن أقرب الناس إليهم أو هكذا نفترض، من شتم وتعريض وتطاول عبر قناتهم الموقرة، فهل نستغرب بعد كل هذا معركتهم التصعيدية في العزيزة مصر؟!
يا سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة، في حرب إسرائيل على لبنان 2006 حذرت السعودية حزب الله من ''المغامرات غير المحسوبة''، حينها ثار من ثار وهاجم مَن هاجم، وتولت دول بكاملها مهمة الدفاع عن المقاومة التي يمثلها، في زعمهم، حزب الله، وهاجمت الرياض تلميحاً وتصريحاً. مضت الأيام ليتفق الجميع على صحة الموقف السعودي وعلى إرهاب حزب الله. الآن يتكرر المشهد ذاته مع جماعة الإخوان المسلمين. لا تستعجلوا، سيعود الجميع للموقف السعودي نفسه، بل سيزايدون عليه. انتظروا فقط.
حفظ طباعة تعليق إرسال