إنسانية الإسلام في زمن الكوارث
مرسل: الاثنين ديسمبر 02, 2013 2:41 pm
على الرغم من الاضطهاد والظلم الذي مورس على مسلمي الفلبين طوال عقود من الزمان خلت على يد الحكومة الفلبينية، ناهيك عن ويلات ظلم الاحتلال الإسباني والأمريكي من قبل، فإن المسلمين في الفلبين وفي العالم عامة تضامنوا مع مأساة إعصار هايان الذي ضرب البلاد مؤخَّرًا.
وعلى الرغم من دخول الإسلام إلى تلك المنطقة أولاً بالدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة عبر التجار المسلمين في عام 800 هجرية؛ حيث كانت الفلبين وقتها تسمى (عذراء ماليزيا) وعاصمتها (أمان الله) كما سماها بذلك مؤسسها السلطان رجا سليمان، فإن الاحتلال الإسباني جاء في عام (923 هـ= 1521م) ليطمس الهوية الإسلامية لهذا البلد قلبًا وقالبًا، من خلال تحويل اسم العاصمة إلى (مانيلا) واسم البلد إلى (الفلبين) نسبة إلى ملكهم الذي تم بعهده احتلالها فيليب الثاني، ليأتي الاحتلال الأمريكي بعد ذلك فيكمل مسيرة الاضطهاد والظلم بحق مسلمي الفلبين، ويضم جنوبها ذا الغالبية المسلمة لشمالها قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م، ويترك فيها -كالعادة- حكامًا صليبيين موالين له؛ لتستمر محنة ومعاناة المسلمين في البلد إلى الآن.
وبغض النظر عن المناطق التي ضربها الإعصار، التي تقول وسائل الإعلام: إنها المناطق الشرقية والوسطى من البلاد، التي لا توجد بها كثافة عددية من المسلمين، حيث من المعروف أن المسلمين الذين يشكلون ما بين 22% إلى 25% من عدد سكان البلاد يتركزون في الجنوب، إلا أن المسلمين أفرادًا وحكومات ومنظمات قد أعربت عن تضامنها مع هذا الحدث؛ وذلك من مبدأ الإنسانية الذي يعتبر من أبرز خصائص الإسلام ومزاياه.
لقد رفع القرآن الكريم من مكانة الإنسان بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الدين، فوردت كلمة الإنسان في القرآن الكريم (63) مرة، فضلاً عن ذكره بألفاظ أخرى مثل (يا بني آدم) التي ذكرت ست مرات، وكلمة الناس التي تكررت (240) مرة، ولعل من أوضح الآيات في هذا المجال قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
وفي السيرة النبوية الشريفة كثير من المشاهد التي تؤكد علو شأن مبدأ الإنسانية في الإسلام كأحد أبرز خصائصه ومزاياه، فقد عفا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أشد الناس عداوة له ولدينه ودعوته، وعن أكثر من آذوه وعذبوه وأصحابه من مشركي قريش في فتح مكة المكرمة، وقال لهم قولته المشهورة التي تعبر عن سماحة الإسلام وإنسانيته: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". كما أن جميع حروبه ومعاركه -صلى الله عليه وسلم- تؤكد حرصه على مبدأ الإنسانية.
بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان شديد التأثر بالحالة الإنسانية التي تنتاب بعض القوم جراء الجدب أو الكوارث والمصائب، وكان يسارع لإغاثتهم ونجدتهم بغض النظر عن أي اعتبار آخر سوى الإنسانية، ومن أعظم الأمثلة الواردة في هذا الشأن ما ورد في الصحيح عن الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
"كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ؛ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ" إِلَى آخِرِ الآيَةِ "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: "اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ" تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا؛ بَلْ قَدْ عَجَزَتْ -قَالَ- ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" صحيح مسلم برقم (2398).
كما لا ينسى التاريخ إنسانية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عام الرمادة، حيث مرت أرض الحجاز بأزمة جفاف وقحط شديدين في أواخر عام 17هـ، وتجمع في المدينة حوالي 60 ألفًا من العرب من غير أهلها، وقل الطعام وجفت الينابيع وغارت مياه الآبار، وأصاب الناس شدة دامت تسعة أشهر، وقد تعامل معها أمير المؤمنين بإنسانية أصبحت مضرب المثل في التاريخ.
ومن هذا الباب وتأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام ومبادئ الإسلام الإنسانية السمحة، كان موقف المسلمين بشكل عام من مأساة إعصار هايان في الفلبين؛ حيث أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوم الأربعاء (13/11/2013) بيانًا جاء فيه:
"تابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باهتمام كبير آثار الإعصار الذي دمر عشرات القرى الفلبينية؛ مما أدى إلى مقتل الآلاف ونكبة الملايين، كما تابع بأسى عميق آثار الفيضانات التي خلفت مئات القتلى والمشردين في الصومال المنكوبة أصلاً بالجفاف المتطاول والحرب الأهلية المدمرة.
وأمام هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى ويؤكد ما يلي:
1- ينعي الاتحاد ضحايا الإعصار والفيضانات في الفلبين والصومال، ويعلن عن كامل تعاطفه وتضامنه مع الشعبين الفلبيني والصومالي في هذا المصاب، الذي يتمنى من الله أن يخفف آثاره وآلامه عليهما.
2- يدعو الاتحاد جميع المنظمات الإغاثية في العالم والإسلامية منها خاصة إلى الاستنفار من أجل نجدة هؤلاء المنكوبين؛ فالإنسان مكرم في ذاته الإنسانية قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]، وعليه فوجوب الإغاثة شامل لكل إنسان؛ بل لكل ذات كبد رطب.
نسأل الله تعالى أن يرأف بعباده ويلطف بهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين".
هذا هو شأن الإسلام دائمًا يدعو أتباعه للرحمة والرأفة بعباد الله تعالى، كما يدعوهم إلى مساعدتهم في وقت الكوارث والنكبات بغض النظر عن الخصومة التي قد تكون بينهم، فالإنسانية لا التشفي هو سلوك المسلمين حتى مع من اضطهدوهم وظلموهم.
فهل ستقابل إنسانية المسلمين مع غيرهم بالظلم والقهر بعد انجلاء الكارثة؟! أم أن الإنسانية ستقابل بإنسانية مماثلة على مبدأ قول الله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60].
المصدر: موقع المسلم
وعلى الرغم من دخول الإسلام إلى تلك المنطقة أولاً بالدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة عبر التجار المسلمين في عام 800 هجرية؛ حيث كانت الفلبين وقتها تسمى (عذراء ماليزيا) وعاصمتها (أمان الله) كما سماها بذلك مؤسسها السلطان رجا سليمان، فإن الاحتلال الإسباني جاء في عام (923 هـ= 1521م) ليطمس الهوية الإسلامية لهذا البلد قلبًا وقالبًا، من خلال تحويل اسم العاصمة إلى (مانيلا) واسم البلد إلى (الفلبين) نسبة إلى ملكهم الذي تم بعهده احتلالها فيليب الثاني، ليأتي الاحتلال الأمريكي بعد ذلك فيكمل مسيرة الاضطهاد والظلم بحق مسلمي الفلبين، ويضم جنوبها ذا الغالبية المسلمة لشمالها قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م، ويترك فيها -كالعادة- حكامًا صليبيين موالين له؛ لتستمر محنة ومعاناة المسلمين في البلد إلى الآن.
وبغض النظر عن المناطق التي ضربها الإعصار، التي تقول وسائل الإعلام: إنها المناطق الشرقية والوسطى من البلاد، التي لا توجد بها كثافة عددية من المسلمين، حيث من المعروف أن المسلمين الذين يشكلون ما بين 22% إلى 25% من عدد سكان البلاد يتركزون في الجنوب، إلا أن المسلمين أفرادًا وحكومات ومنظمات قد أعربت عن تضامنها مع هذا الحدث؛ وذلك من مبدأ الإنسانية الذي يعتبر من أبرز خصائص الإسلام ومزاياه.
لقد رفع القرآن الكريم من مكانة الإنسان بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الدين، فوردت كلمة الإنسان في القرآن الكريم (63) مرة، فضلاً عن ذكره بألفاظ أخرى مثل (يا بني آدم) التي ذكرت ست مرات، وكلمة الناس التي تكررت (240) مرة، ولعل من أوضح الآيات في هذا المجال قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
وفي السيرة النبوية الشريفة كثير من المشاهد التي تؤكد علو شأن مبدأ الإنسانية في الإسلام كأحد أبرز خصائصه ومزاياه، فقد عفا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أشد الناس عداوة له ولدينه ودعوته، وعن أكثر من آذوه وعذبوه وأصحابه من مشركي قريش في فتح مكة المكرمة، وقال لهم قولته المشهورة التي تعبر عن سماحة الإسلام وإنسانيته: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". كما أن جميع حروبه ومعاركه -صلى الله عليه وسلم- تؤكد حرصه على مبدأ الإنسانية.
بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان شديد التأثر بالحالة الإنسانية التي تنتاب بعض القوم جراء الجدب أو الكوارث والمصائب، وكان يسارع لإغاثتهم ونجدتهم بغض النظر عن أي اعتبار آخر سوى الإنسانية، ومن أعظم الأمثلة الواردة في هذا الشأن ما ورد في الصحيح عن الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
"كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ؛ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ" إِلَى آخِرِ الآيَةِ "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: "اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ" تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا؛ بَلْ قَدْ عَجَزَتْ -قَالَ- ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" صحيح مسلم برقم (2398).
كما لا ينسى التاريخ إنسانية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عام الرمادة، حيث مرت أرض الحجاز بأزمة جفاف وقحط شديدين في أواخر عام 17هـ، وتجمع في المدينة حوالي 60 ألفًا من العرب من غير أهلها، وقل الطعام وجفت الينابيع وغارت مياه الآبار، وأصاب الناس شدة دامت تسعة أشهر، وقد تعامل معها أمير المؤمنين بإنسانية أصبحت مضرب المثل في التاريخ.
ومن هذا الباب وتأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام ومبادئ الإسلام الإنسانية السمحة، كان موقف المسلمين بشكل عام من مأساة إعصار هايان في الفلبين؛ حيث أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوم الأربعاء (13/11/2013) بيانًا جاء فيه:
"تابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باهتمام كبير آثار الإعصار الذي دمر عشرات القرى الفلبينية؛ مما أدى إلى مقتل الآلاف ونكبة الملايين، كما تابع بأسى عميق آثار الفيضانات التي خلفت مئات القتلى والمشردين في الصومال المنكوبة أصلاً بالجفاف المتطاول والحرب الأهلية المدمرة.
وأمام هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى ويؤكد ما يلي:
1- ينعي الاتحاد ضحايا الإعصار والفيضانات في الفلبين والصومال، ويعلن عن كامل تعاطفه وتضامنه مع الشعبين الفلبيني والصومالي في هذا المصاب، الذي يتمنى من الله أن يخفف آثاره وآلامه عليهما.
2- يدعو الاتحاد جميع المنظمات الإغاثية في العالم والإسلامية منها خاصة إلى الاستنفار من أجل نجدة هؤلاء المنكوبين؛ فالإنسان مكرم في ذاته الإنسانية قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]، وعليه فوجوب الإغاثة شامل لكل إنسان؛ بل لكل ذات كبد رطب.
نسأل الله تعالى أن يرأف بعباده ويلطف بهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين".
هذا هو شأن الإسلام دائمًا يدعو أتباعه للرحمة والرأفة بعباد الله تعالى، كما يدعوهم إلى مساعدتهم في وقت الكوارث والنكبات بغض النظر عن الخصومة التي قد تكون بينهم، فالإنسانية لا التشفي هو سلوك المسلمين حتى مع من اضطهدوهم وظلموهم.
فهل ستقابل إنسانية المسلمين مع غيرهم بالظلم والقهر بعد انجلاء الكارثة؟! أم أن الإنسانية ستقابل بإنسانية مماثلة على مبدأ قول الله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60].
المصدر: موقع المسلم