الامير مترنيش
مرسل: الاثنين ديسمبر 02, 2013 5:45 pm
ولد مترنيش بمدينة كوبلينز بوسط غرب ألمانيا في 15 مايو 1773. أبوه هو فرانز جورج كارل والملقب بالكونت فون مترنيش والذي كان يعمل دبلوماسيا في خدمة البلاط النمساوى. أما الأم فكانت الكونتيس ماريا بياتريس ألويسيا. عند ولادة مترنيش وخلال سنوات عمره الأولى عمل والده سفيرا للبلاط النمسوى لدى إحدى الإمارات الألمانيه الوقعه على نهر الراين حيث تأثر مترنيش الصغير بالأفكار السائدة خلال تلك الفترة بين الأرستقراطيات الألمانيه الواقعه تحت النفوذ الفرنسي والتي تمحورت حول ضرورة المحافظة على النظام الأوروبى القديم أو ما عرف ب Ancien Régime
في عام 1787 بدأ مترنيش الدراسة بجامعة ستراسبورج الفرنسيه، إلا أن اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 إضطره لقطع الدراسة ومغادرة فرنسا. وفى عام 1792 عمل مترنيش بحكومة الأراضى المنخفضه النمسوية (بلجيكا الحالية) التي كانت تابعه لأل هابسبرج في ذلك الوقت. بعد أن قضى عامين بإنجلترا انتقل إلى فيينا وفى 27 سبتمبر 1795 تزوج من الكونتيس إليانور فون كونيتز والتي كانت حفيدة لمستشار سابق للامبراطورية النمسوية. فتح هذا الزواج أبواب النخب الأرستقراطيه بفيينا أمام مترنيش الذي عين سفيرا للبلاط النمسوى بدوقية ساكسونيا العليا حيث وطد هناك علاقاته بالعديد من الأسر الأرستقراطيه الألمانيه والروسية البولنديه. وفى نوفمبر 1803 تم تعيينه سفيرا لدى برلين وهناك أيضا وطد علاقاته بالسفير الفرنسي لدرجة أن نابليون بونابرت طلب أن ينتقل مترنيش إلى باريس وفعلا انتقل إليها كسفيرا للنمسا في أغسطس 1806. خلال إقامته في باريس تشعبت علاقات مترنيش بالحكومة والمجتمع الفرنسي عموما وبدأ نفوذه على مجريات السياسه الأوربيه في الظهور. إلا أنه وعند اندلاع الحرب بين النمسا وفرنسا في عام 1809 قبض على مترنيش وأودع السجن انتقاما من النمسا التي كانت قد قبضت على إثنين من موظفى البلاط الفرنسي بهنجاريا. بقى مترنيش سجينا في فرنسا حتى سقطت فيينا بيد نابليون الذي أمر بترحيله إلى فيينا حيث إستبدله بالأسيرين الفرنسيين. في نفس السنه عين الامبراطور مترنيش وزيرا للخارجيه في الثامن من أكتوبر عام 1809 إلا أنه لم يحضر المفاوضات التي جرت بين فرنسا والنمسا بعد هزيمة النمسا في الحرب والتي فرضت فيها فرنسا عقوبات قاسيه على النمسا حسب ما جاء في اتفاقية شونبرون والتي وقعت بفيينا في 14 أكتوبر 1809.[2]
مترنيش وزيرا للخارجية:
عمل مترنيش وزيرا لخارجية الامبراطورية النمسوية في الفترة من عام 1809 وحتى العام 1848. وعلى مدى الأربعين عاما التي قضاها في هذا المنصب كان مدركا تماما للمخاطر التي واجهتها النمسا خصوصا بعد أن تغير وضعها وفقدت مركزها كقوة أوروبية عظمى في أعقاب الهزيمه من نابليون وتوقيع اتفاقية شونبرون. توصل مترنيش إلى قناعة مفاداها أن أمن الامبراطورية النمسوية (أو بالأحرى ما تبقى منها) يعتمد بالدرجة الأولى على منع حدوث تقارب بين روسيا وفرنسا. وعلى الرغم من تعامله مع الدولتين كعدوتين محتملتين للنمسا إلا أنه كان معجبا بفرنسا بصورة خاصه، لذلك فقد رحب بطلب نابليون ليد الأرشيدوقه مارى لويز ابنة الامبراطور فرانز الأول وسافر معها في موكب الزفاف الامبراطورى إلى باريس في 13 مارس 1810. وعلى الرغم من أن المكاسب التي تحققت للنمسا من وراء هذا الزواج كانت متواضعه ألا أن مترنيش حقق مكسبا مهما من نابليون الذي سمح للنمسا بحرية الحركة سياسيا على الساحة الأوروبية. عاد مترنيش بعد ذلك إلى فيينا في الوقت المناسب لكى يحول دون عقد تحالف بين النمسا وروسيا كان أنصار روسيا في البلاط النمسوى يعملون على إقناع الامبراطور به. كان مترنيش مؤمنا أنه إذا ما حافظ على مسافة متساويه من كلا من روسيا وفرنسا فإن ذلك سوف يمنحه قدرا كافيا من حرية الحركة والمناورة للحفاظ على المصالح النمسوية.
مع تصاعد العداء بين فرنسا وروسيا خلال الشهور التي سبقت غزو نابليون لروسيا في 1812، باتت سياسة مترنيش المعتمده على المحافظه على نوعا من الحياد بالنسبة للقوتين المتصارعتين شبه مستحيله إلا أنه ومع ذلك حاول الاستمرار في نفس السياسه حتى وقت اندلاع الحرب. فعلى الرغم من عقده لاتفاق تحالف مع نابليون وعده فيه بالمساعدة في 14 مارس 1812، فأنه سرعان ما أرسل تطمينات سرية لروسيا بأن القوات الامبراطورية النمسويه ستبقى محايده خلال الحرب وستدافع فقط عن أراضى الامبراطورية. لمح مترنيش لروسيا أيضا بإمكانية عقد تحالف معها في المستقبل.
بعد ما أصبحت هزيمة نابليون مؤكده إثر النتائج الكارثية لحملته على روسيا، تشجع مترنيش وأعلن نقض اتفاقه مع فرنسا والتزام النمسا بالحياد الذي كان يأمل من وراءه أن يؤهل النمسا للعب دور الحكم بين فرنسا وروسيا عقب انتهاء القتال. أثارت هذه السياسات غضب نابليون الذي أنهى لقاءا له مع مترنيش في يونيو 1812 قائلا "سوف نتقابل في فيينا". كان هذا بمثابة إعلان للحرب على النمسا التي باتت، مثل روسيا، عدوا لفرنسا. بعدها سارع مترنيش في الانضمام إلى ما عرف بالتحالف السادس والذي ضم كل من بريطانيا وروسيا والسويد وبروسيا والبرتغال بالإضافة للنمسا وتمكن هذا التحالف في النهاية من هزيمة نابليون وإنهاء حقبة الحروب النابليونيه. خلال السنوات التي أعقبت الحرب تركزت جهود مترنيش حول المحافظة على توازن القوى في أوروبا بحيث لا يميل إلى مصلحة أى من دول التحالف خصوصا روسيا وبروسيا. ترسخ هذا المبدأ كركيزة أساسية للنظام السياسي الأوروبى طوال القرن التاسع عشر.
في عام 1787 بدأ مترنيش الدراسة بجامعة ستراسبورج الفرنسيه، إلا أن اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 إضطره لقطع الدراسة ومغادرة فرنسا. وفى عام 1792 عمل مترنيش بحكومة الأراضى المنخفضه النمسوية (بلجيكا الحالية) التي كانت تابعه لأل هابسبرج في ذلك الوقت. بعد أن قضى عامين بإنجلترا انتقل إلى فيينا وفى 27 سبتمبر 1795 تزوج من الكونتيس إليانور فون كونيتز والتي كانت حفيدة لمستشار سابق للامبراطورية النمسوية. فتح هذا الزواج أبواب النخب الأرستقراطيه بفيينا أمام مترنيش الذي عين سفيرا للبلاط النمسوى بدوقية ساكسونيا العليا حيث وطد هناك علاقاته بالعديد من الأسر الأرستقراطيه الألمانيه والروسية البولنديه. وفى نوفمبر 1803 تم تعيينه سفيرا لدى برلين وهناك أيضا وطد علاقاته بالسفير الفرنسي لدرجة أن نابليون بونابرت طلب أن ينتقل مترنيش إلى باريس وفعلا انتقل إليها كسفيرا للنمسا في أغسطس 1806. خلال إقامته في باريس تشعبت علاقات مترنيش بالحكومة والمجتمع الفرنسي عموما وبدأ نفوذه على مجريات السياسه الأوربيه في الظهور. إلا أنه وعند اندلاع الحرب بين النمسا وفرنسا في عام 1809 قبض على مترنيش وأودع السجن انتقاما من النمسا التي كانت قد قبضت على إثنين من موظفى البلاط الفرنسي بهنجاريا. بقى مترنيش سجينا في فرنسا حتى سقطت فيينا بيد نابليون الذي أمر بترحيله إلى فيينا حيث إستبدله بالأسيرين الفرنسيين. في نفس السنه عين الامبراطور مترنيش وزيرا للخارجيه في الثامن من أكتوبر عام 1809 إلا أنه لم يحضر المفاوضات التي جرت بين فرنسا والنمسا بعد هزيمة النمسا في الحرب والتي فرضت فيها فرنسا عقوبات قاسيه على النمسا حسب ما جاء في اتفاقية شونبرون والتي وقعت بفيينا في 14 أكتوبر 1809.[2]
مترنيش وزيرا للخارجية:
عمل مترنيش وزيرا لخارجية الامبراطورية النمسوية في الفترة من عام 1809 وحتى العام 1848. وعلى مدى الأربعين عاما التي قضاها في هذا المنصب كان مدركا تماما للمخاطر التي واجهتها النمسا خصوصا بعد أن تغير وضعها وفقدت مركزها كقوة أوروبية عظمى في أعقاب الهزيمه من نابليون وتوقيع اتفاقية شونبرون. توصل مترنيش إلى قناعة مفاداها أن أمن الامبراطورية النمسوية (أو بالأحرى ما تبقى منها) يعتمد بالدرجة الأولى على منع حدوث تقارب بين روسيا وفرنسا. وعلى الرغم من تعامله مع الدولتين كعدوتين محتملتين للنمسا إلا أنه كان معجبا بفرنسا بصورة خاصه، لذلك فقد رحب بطلب نابليون ليد الأرشيدوقه مارى لويز ابنة الامبراطور فرانز الأول وسافر معها في موكب الزفاف الامبراطورى إلى باريس في 13 مارس 1810. وعلى الرغم من أن المكاسب التي تحققت للنمسا من وراء هذا الزواج كانت متواضعه ألا أن مترنيش حقق مكسبا مهما من نابليون الذي سمح للنمسا بحرية الحركة سياسيا على الساحة الأوروبية. عاد مترنيش بعد ذلك إلى فيينا في الوقت المناسب لكى يحول دون عقد تحالف بين النمسا وروسيا كان أنصار روسيا في البلاط النمسوى يعملون على إقناع الامبراطور به. كان مترنيش مؤمنا أنه إذا ما حافظ على مسافة متساويه من كلا من روسيا وفرنسا فإن ذلك سوف يمنحه قدرا كافيا من حرية الحركة والمناورة للحفاظ على المصالح النمسوية.
مع تصاعد العداء بين فرنسا وروسيا خلال الشهور التي سبقت غزو نابليون لروسيا في 1812، باتت سياسة مترنيش المعتمده على المحافظه على نوعا من الحياد بالنسبة للقوتين المتصارعتين شبه مستحيله إلا أنه ومع ذلك حاول الاستمرار في نفس السياسه حتى وقت اندلاع الحرب. فعلى الرغم من عقده لاتفاق تحالف مع نابليون وعده فيه بالمساعدة في 14 مارس 1812، فأنه سرعان ما أرسل تطمينات سرية لروسيا بأن القوات الامبراطورية النمسويه ستبقى محايده خلال الحرب وستدافع فقط عن أراضى الامبراطورية. لمح مترنيش لروسيا أيضا بإمكانية عقد تحالف معها في المستقبل.
بعد ما أصبحت هزيمة نابليون مؤكده إثر النتائج الكارثية لحملته على روسيا، تشجع مترنيش وأعلن نقض اتفاقه مع فرنسا والتزام النمسا بالحياد الذي كان يأمل من وراءه أن يؤهل النمسا للعب دور الحكم بين فرنسا وروسيا عقب انتهاء القتال. أثارت هذه السياسات غضب نابليون الذي أنهى لقاءا له مع مترنيش في يونيو 1812 قائلا "سوف نتقابل في فيينا". كان هذا بمثابة إعلان للحرب على النمسا التي باتت، مثل روسيا، عدوا لفرنسا. بعدها سارع مترنيش في الانضمام إلى ما عرف بالتحالف السادس والذي ضم كل من بريطانيا وروسيا والسويد وبروسيا والبرتغال بالإضافة للنمسا وتمكن هذا التحالف في النهاية من هزيمة نابليون وإنهاء حقبة الحروب النابليونيه. خلال السنوات التي أعقبت الحرب تركزت جهود مترنيش حول المحافظة على توازن القوى في أوروبا بحيث لا يميل إلى مصلحة أى من دول التحالف خصوصا روسيا وبروسيا. ترسخ هذا المبدأ كركيزة أساسية للنظام السياسي الأوروبى طوال القرن التاسع عشر.