مالكوم اغس
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 6:48 am
من هو مالكوم أكس أو الحاج مالك شبّاز واحد من الذين رغم وفاتهم في سن مبكرة نوعا ما إلا أن التاريخ سجله كعظيم من العظماء الذين يموتون و تبقى معانيهم و كلماتهم في الأرض قوة تحرك ورابطة تجمع و عطرا ينعش و نورا يهدي، أي نعم ... ذلك الرجل الذي كان يعتقد يقينا أن الحرية و العدل و المساواة يجب أن يحصل عليها م...هما كلفه الأمر في زمن كانت العنصرية و الظلم جناحان يطير بهم أغلب الامريكان البيض ، دعونا نفتح مرة أخرى صفحات التاريخ لأروي لكم قصة هذا الرجل الذي عاش أربعين سنة قضى منها عشرون سنة تقريبا باحثا عن الحقيقة و الحرية و السلام وبذلك وضع حدا لأربع مائة سنة من الظلم و العبودية
المكان: مدينة أوماها - نيبراسكا بالولايات المتحدة الأمريكية
الزمان: 6 ذي القعدة 1343هـ = 29 مايو 1925م
في هذا اليوم ولد الابن السابع "مالكوم" لأب قسيس" أورلي ليتل" و أم من جزر الهند الغربية كان أبوه يحاضر في الكنائس و يدعو على فكرة أن الجنس الأسود يجب أن يعود لأصله في أفريقيا و ان لا مكان له بأمريكا و كان يؤمن أنهم جنس صاف حيث كان يدعوا في نهاية كل محاضرة صارخا : "إلى الأمام أيّها الجنس الجبار، بوسعك أن تحقق المعجزات "...و كان شجاعا و يأخذ أولاده الثمانية للكنيسة في كل مرة إلى أن اعتدي عليه من طرف رجال بيض و قتلوه بطريقة وحشية بعدما أحرقوا منزله ،و كان هذا في سنة 1931 ، لتبدأ الأم رحلة معاناة جديدة مع ثمانية أولاد تربو على كره البيض و في نفس الوقت كانت تحافظ على كرامتها من خلال رفضها المعونات التي يقدمها لها البيض إلى أن انفرط العقد و بدأت مشاكل الأولاد تكبر و دخلت هي في حالة نفسية صعبة جعلتها تدخل المستشفى بعد مرض عقلي أودعها المستشفى لمدة 26 عاما، و يتفرق الأولاد بين عوائل البيض و ينتقل "مالكم" إلى مدرسة كان فيها هو الأسود الوحيد لكنه كان متفوقا و ذكيا خاصة في اللغة الانجليزية و التاريخ.
في أحد الأيام طلب منهم الأستاذ ستراوسكي ان يتمنوا و يحلموا فصرّح "مالكم" انه يتمنى أن يكون محاميا يدافع عن الحقيقة و يدفع الظلم، فما كان من الأستاذ الذي كان من صنف سرّاق الأحلام إلا أن قال له أنت أسود فاحلم حلما واقعيا و أقنع الأستاذ "مالكم" الذي لم جاوز الخامس عشرة من عمره وقتها أنه زنجي أقصى مجال عمله كان أن يلمع الأحذية او يبيع في الطرقات، ونجح في تثبيطه و ثنيه على أهدافه... فكثرت مشاكل "مالكم" و خرج من المدرسة لينتقل لمدرسة أخرى لا ترحم و البقاء فيها للأقوى و الأشرس هي الشارع أو دعنا نقول شارع أسود يحكمه البيض فصار راقصا معروفا و بائعا مشهورا ذا بنية جسدية ملفتة ، و بذلك استغل هذه الأمور في حياة الصخب و المجون و هوس المدينة، كان يعاشر النساء البيض ظنا منه أنه بهذا يثبت انه أقوى من البيض، كان يغير تسريحة شعره و يتحمل آلام المواد الكيميائية التي تحرق شعره ظنّا منه انه هكذا يكون ندا للأبيض بشعره الرطب... ثم بعدها انتقل لحياة أخرى أشد خطرا هي حياة الإجرام .. فصار يسرق و يسطوا على المنازل إلى أن ألقي عليه القبض في أحد الأيام من سنة 1946 و يحكم عليه بعشر سنوات سجن بسجن تشارز تاون.
خلال فترة سجنه كان يسمع احد المساجين و اسمه "بيمبي" يجمع السود و يكلمهم بكلام له وقع جميل على العقل كأنه البلسم الذي يصبرهم على ما هم فيه حيث كان يقنعهم أن السجين هو الذي يكون سجين نفسه و انه لا فرق بينهم و بين الذين يعيشون في الخارج سوى انهم لم يسقطوا في يد عدالة البيض، و تعارف "مالكم" مع "بيمبي" و نصح هذا الأخير "مالكم" بالقراءة و التعلم خاصة لما رأى في عينيه ذلك الكره للبيض و الرغبة في عمل شيء ما، و بالفعل صار "مالكم" يتردد كثيرا على مكتبة السجن و تعلم اللغة اللاتينية ، ثم بعدها تم نقله إلى سجن كونكورد سنة 1948 ليبدأ شغفه بطلب العلم ، في تلك الفترة تصله رسالة من أخوه "فيلبيرت" يدعوه إلى أخلاق حميدة و ترك التدين و المخدرات و أكل الخنزير و أنه اعتنق دين الإسلام مع إخوته و صاروا يتبعوا رجلا دعاهم للإسلام اسمه "محمد اليجا" فكانت لديه قابلية شديدة لاعتناق الإسلام ، بعدها انتقل إلى سجن " ينورفولك " حيث يحاضر أستاذة من هارفرد وبوسطن و فيها مكتبة كبيرة تحوي عشرات الآلاف من الكتب ، و هنا توالت زيارة أخوه "ويجالند" الذي دعاه للانضمام لمنظمة جديدة مسلمة بقيادة "محمد أليجا".
هذه المنظمة اسمها "أمة الإسلام" رغم أن ظاهرها كان مبشرا بالخير إلا أن باطنها و تعاليمها كانت نوعا ما بعيدة عن الدين الإسلامي الصحيح حيث كانت منظمة عنصرية بحتة تقوم على أن الأبيض هو الشيطان و أن الملائكة سود، و أن المسيحية هي ديانة البيض و قد علمتهم أن يكرهوا كل ما هو اسود و هكذا اعتنق "مالكم" هذه المنظمة و هذا الدين لأنه يتوافق تماما و ذلك الكره الدفين في أعماقه اتجاه البيض و بعدها انكب لدراسة التاريخ و الفلسفة و مختلف العلوم فتأثر بعلم الوراثة لصاحبه ماندل الذي صرّح أن أصل لون الإنسان كان اسود و تأثر أيضا بسبينوزا الذي كان أسودا ، و بهذا صار يعشق القراءة لدرجة أنه كان يقرأ ما يقارب 15 ساعة يوميا حتى على ضوء الرواق و اقتنع يقينا أن أفكاره توافق تماما أفكار محمد أليجا و بدأ في سلسلة من المحاضرات داخل السجن و دخل في نقاشات مع قساوسة و أساتذة داخل السجن أكسبته خبرة و ثقة في النفس و أعطته رؤيا واضحة حول رسالته في الحياة بعد خروجه من السجن، و بدأ دعوته داخل السجن للسود يعلمهم و يقنعهم بضرورة اعتناق الإسلام دينا و منهجا...
في سنة 1952 أطلق صراحه بعدما خاف السجانين أن تنتشر دعوته أكثر بين السجناء وفعلا بدأت مرحلة جديدة في حياة "مالكم" حيث التقى بمحمد اليجا و تأثر به كثيرا (علما أن أليجا هذا كان يعتبر نفسه رسول من الله بعثه لينشر الإسلام و يقنع العالم أن الإسلام دين السود فقط)
صار "مالكم" محدثا بليغا و مشهورا يملك قوة الحجة و البرهان و انطلق في دعوته في البارات و الطرقات و تأثر به جمع كبير من السود بسبب فصاحته و أسلوبه الحماسي و خطبه المفوهة، إلى أن أصبح وزيرا بمعنى إماما قارا على مسجد ديترويت و انتشرت دعوته و بدأ السود في اعتناق الإسلام كونه الدين الوحيد الذي يمكنه أن يعينهم و يخلصهم من هذا الظلم و صدقوا فهو كذلك رغم التحفظ على تعاليم هذه المنظمة
في سنة 1958 تزوج "مالكم" و رزق بثلاث بنات سمى الأولى (عطا الله)
الغريب في الأمر و المفارقة أن الولايات المتحدة الأمريكية حينها لم توقف نشاطات أمة الإسلام بل لم تعاديها و تحاربها و وصل الأمر إلى أن فتحت لهم أبواب الصحافة والجامعات لتنشر دعوتها طبعا بدعوى الديموقراطية التي تعودنا عليها أمريكا وهكذا انتشرت دعوة "مالكم" و صار حديث الجرائد و التلفزيونات و أصبح بطل اللقاءات و الحوارات بأسلوبه الجذاب و حججه و علمه الواسع خاصة في برنامج "الكراهية التي ولدتها الكراهية" حيث كان يجيب على الأسئلة و مما كان يدعوا إله نجم التلفزيون وقتها "مالكم" أن الإنسان الأسود له حقوقا إنسانية قبل الحقوق المدنية و أنه يريد أن يكرم الرجل الاسود كبني آدم و كإنسان و ليس كالحيوانات في أحياء حقيرة ....
لعلّ الكثير يتساءل لماذا اسمه الكامل "مالكم" اكس أو بالأحرى لماذا كلمة اكس (x) لماذا ليس اسمه ""مالكم" ليتل" على لقب والده ؟؟ فكانت إجابته الشافية التي أدهشت الجميع يومها هي أن اكس معناها في الرياضيات المجهول أو غير معلوم الأصل و بما أنهم كانوا عبيدا من إفريقيا و شتى أنحاء العالم و كان العبيد يحملون اسمهم و لقب سيدهم الذي يستعبدهم و بذلك يعزلونهم عن أصلهم الحقيقي و لهذا مادام أصلهم الحقيقي غير معروف فرمز له بحرف اكس (x)
المنعرج الخطير و التحول المهم في حياة "مالكم" بدأ سنة 1964 حين أراد الخروج للحج وكان له ذلك ، لكنه صُدِمَ و دُهِشَ و حارَ فكره، بدءا من الطائرة المصرية التي أقلته للذهاب لمكة فرأى أن المسلمين القاصدين الحج ليسو كلهم سود ففيهم الأبيض و ذو العينين الزرقاوين ثم اندهش مرة أخرى عندما علم أنه لا يعرف كيفية الصلاة الصحيحة و هو رجل دين و قائد بارز في منظمة هي الناطقة الكبرى باسم الإسلام فتعلم كل شيء و خلال اثنتا عشرة يوما قضاها بمكة وجد أنها فاقت ما تعلمه خلال 39 سنة بأمريكا، فتأثر بمشهد الكعبة و صوت التلبية على لسان واحد والإيخاء و الحب الموجود بين المسلمين على اختلاف ألوانهم و أعراقهم و تعرف و جلس إلى شخصيات إسلامية أنارت دربه و عقله على غرار عبد الرحمن عزام و الملك فيصل الذي أكرمه و أخبره "أن أمة الإسلام و ما يتبعه السود في امريكا من إسلام ليس هو الدين الصحيح" بعدها غادر مكة ليزور بعض الدول العربية و الإفريقية ليتعرف أكثر على الإسلام و المسلمين و كان له هذا، وغيّر اسمه من "مالكم" أكي إلى "مالك شباز"
بعد عودته من رحلة الحج عاد محملا بأفكار جديدة و قناعات كبيرة لكن هذه المرة كانت صحيحة و بدا في دعوة محمد اليجا إلى الدين الصحيح الذي رآه بأم عينيه و صار يدعوا إلى عدم البغض و كره البيض و إنما كره و رفض ما يقوم به بعض العنصريين من البيض ، لكن هذا التوجه الجديد لم يستسغه محمد اليجا و أتباعه و المفارقة العجيبة الأخرى هنا و أنا أقرا سيرة هذا الرجل هو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى ففي الوقت الذي كان يدعو إلى كره البيض والعنصرية و أن السود هم الأصل و أن الإسلام يدعوا إلى كره البيض و حاشاه كانت تفتح له كل وسائل الإعلام ، لكن عندما جاءها بتعاليم جديدة أو دعونا نقول عندما جاء بالدين الصحيح، ضيقت عليه و منع من الإعلام ناهيك عن المضايقات التي تلقاها من إتباع أمة الإسلام و محمد اليجا الذي أخذته العزة بالنفس كل مأخذ و اتهم "مالكم" بالتحريض ضد السود لكنه كان يوضح في كل مرة فكرته التي تقوم على (الإسلام اللاعنصري) و أسس "منظمة الإتحاد الإفريقي الأمريكي " و أصرّ "مالكم" أو مالك شباز على دعوته الجديدة التي كان لها صيت و أتباع كثر مما جعل أمة الإسلام يغضبون جدا و يتهمونه تهما باطلة لأنه رفض أن يكون محمد اليجا رسول من الله و أن آخر الرسل كان محمدا عليه الصلاة و السلام رغم أن أليجا هذا كان على علاقات مشبوهة مع سكرتيراته و لما أنفضح أمره ستطاع أن يقنع "مالكم" انه رسول من الله و أن هذا من الأمور التي يقوم بها الرسل، لكن لما انجلت الحقيقة و انقشعت السحب عن عيني "مالكم" و واجهه بالحقيقة رفض أن يكون معه و خططوا لمنعه من مواصلة دعواه
في يوم 18 شوال 1384هـ الموافق 21 فبراير 1965م كان "مالكم" مدعوا ليلقى محاضرة و لما بدأ محاضرته إذ بأيدي الإجرام تطلق نحوه أكثر من 15 رصاصة ليسقط شهيدا أو هكذا نحسبه لأنه كان يدافع عن دين الله الحق عن عمره ناهز الأربعين سنة ، و لكن النتيجة بعد قتله أن دعوته و كلماته صارت أقوى و انظم لمنظمته و دعوته الكثير بعدها و نشير بالذكر أن الملاكم المشهور محمد علي كلاي من الذين اقتنعوا بالإسلام على د "مالكم" اكس و الجدير بالذكر أيضا بعد مقتله بشهر واحد أصدر الرئيس الأمريكي جونسون و لأول مرة مرسوم يفيد بحق السود في التصويت وألغى نهائيا مصطلح نيغرو أو الأسود التي كانت تطلق كتعبير عنصري على كل الزنوج بامريكا.
كانت هذه قصة رجل دعوني أسميه صانع حياة بحق و باحث عن الحقيقة أينما كانت ومهما كانت ... رجل دافع عن أفكاره حتى الشهادة ... رجل علم يقينا أن الأسود له حق الحياة كإنسان فدافع عن هذه القناعة ، ثم علم أن الإسلام دين السود فدافع و دعي لهذه القناعة بكل ما أوتي من علم و فكر و قوة ، ثم أدرك أن قناعته مغلوطة و أن الإسلام دين البشرية و أنه لا فرق بين أسود ولا أبيض و لا عربي و لا عجمي و لا أحمر و لا اسود إلا بالتقوى فانطلق يصحح و يدعوا دون أن تأخذه العزة و لا مكان للكبرياء هنا ... أدرك أنّ الحق أحقّ أن يتبع فاتبعه رغم أن مدة دعوته كانت عشرين سنة أو أقل لكن النتيجة كانت كبيرة و يكفيه فخرا أنه ممن وضعوا اللبنة الأولى للإسلام الصحيح في أمريكا
المكان: مدينة أوماها - نيبراسكا بالولايات المتحدة الأمريكية
الزمان: 6 ذي القعدة 1343هـ = 29 مايو 1925م
في هذا اليوم ولد الابن السابع "مالكوم" لأب قسيس" أورلي ليتل" و أم من جزر الهند الغربية كان أبوه يحاضر في الكنائس و يدعو على فكرة أن الجنس الأسود يجب أن يعود لأصله في أفريقيا و ان لا مكان له بأمريكا و كان يؤمن أنهم جنس صاف حيث كان يدعوا في نهاية كل محاضرة صارخا : "إلى الأمام أيّها الجنس الجبار، بوسعك أن تحقق المعجزات "...و كان شجاعا و يأخذ أولاده الثمانية للكنيسة في كل مرة إلى أن اعتدي عليه من طرف رجال بيض و قتلوه بطريقة وحشية بعدما أحرقوا منزله ،و كان هذا في سنة 1931 ، لتبدأ الأم رحلة معاناة جديدة مع ثمانية أولاد تربو على كره البيض و في نفس الوقت كانت تحافظ على كرامتها من خلال رفضها المعونات التي يقدمها لها البيض إلى أن انفرط العقد و بدأت مشاكل الأولاد تكبر و دخلت هي في حالة نفسية صعبة جعلتها تدخل المستشفى بعد مرض عقلي أودعها المستشفى لمدة 26 عاما، و يتفرق الأولاد بين عوائل البيض و ينتقل "مالكم" إلى مدرسة كان فيها هو الأسود الوحيد لكنه كان متفوقا و ذكيا خاصة في اللغة الانجليزية و التاريخ.
في أحد الأيام طلب منهم الأستاذ ستراوسكي ان يتمنوا و يحلموا فصرّح "مالكم" انه يتمنى أن يكون محاميا يدافع عن الحقيقة و يدفع الظلم، فما كان من الأستاذ الذي كان من صنف سرّاق الأحلام إلا أن قال له أنت أسود فاحلم حلما واقعيا و أقنع الأستاذ "مالكم" الذي لم جاوز الخامس عشرة من عمره وقتها أنه زنجي أقصى مجال عمله كان أن يلمع الأحذية او يبيع في الطرقات، ونجح في تثبيطه و ثنيه على أهدافه... فكثرت مشاكل "مالكم" و خرج من المدرسة لينتقل لمدرسة أخرى لا ترحم و البقاء فيها للأقوى و الأشرس هي الشارع أو دعنا نقول شارع أسود يحكمه البيض فصار راقصا معروفا و بائعا مشهورا ذا بنية جسدية ملفتة ، و بذلك استغل هذه الأمور في حياة الصخب و المجون و هوس المدينة، كان يعاشر النساء البيض ظنا منه أنه بهذا يثبت انه أقوى من البيض، كان يغير تسريحة شعره و يتحمل آلام المواد الكيميائية التي تحرق شعره ظنّا منه انه هكذا يكون ندا للأبيض بشعره الرطب... ثم بعدها انتقل لحياة أخرى أشد خطرا هي حياة الإجرام .. فصار يسرق و يسطوا على المنازل إلى أن ألقي عليه القبض في أحد الأيام من سنة 1946 و يحكم عليه بعشر سنوات سجن بسجن تشارز تاون.
خلال فترة سجنه كان يسمع احد المساجين و اسمه "بيمبي" يجمع السود و يكلمهم بكلام له وقع جميل على العقل كأنه البلسم الذي يصبرهم على ما هم فيه حيث كان يقنعهم أن السجين هو الذي يكون سجين نفسه و انه لا فرق بينهم و بين الذين يعيشون في الخارج سوى انهم لم يسقطوا في يد عدالة البيض، و تعارف "مالكم" مع "بيمبي" و نصح هذا الأخير "مالكم" بالقراءة و التعلم خاصة لما رأى في عينيه ذلك الكره للبيض و الرغبة في عمل شيء ما، و بالفعل صار "مالكم" يتردد كثيرا على مكتبة السجن و تعلم اللغة اللاتينية ، ثم بعدها تم نقله إلى سجن كونكورد سنة 1948 ليبدأ شغفه بطلب العلم ، في تلك الفترة تصله رسالة من أخوه "فيلبيرت" يدعوه إلى أخلاق حميدة و ترك التدين و المخدرات و أكل الخنزير و أنه اعتنق دين الإسلام مع إخوته و صاروا يتبعوا رجلا دعاهم للإسلام اسمه "محمد اليجا" فكانت لديه قابلية شديدة لاعتناق الإسلام ، بعدها انتقل إلى سجن " ينورفولك " حيث يحاضر أستاذة من هارفرد وبوسطن و فيها مكتبة كبيرة تحوي عشرات الآلاف من الكتب ، و هنا توالت زيارة أخوه "ويجالند" الذي دعاه للانضمام لمنظمة جديدة مسلمة بقيادة "محمد أليجا".
هذه المنظمة اسمها "أمة الإسلام" رغم أن ظاهرها كان مبشرا بالخير إلا أن باطنها و تعاليمها كانت نوعا ما بعيدة عن الدين الإسلامي الصحيح حيث كانت منظمة عنصرية بحتة تقوم على أن الأبيض هو الشيطان و أن الملائكة سود، و أن المسيحية هي ديانة البيض و قد علمتهم أن يكرهوا كل ما هو اسود و هكذا اعتنق "مالكم" هذه المنظمة و هذا الدين لأنه يتوافق تماما و ذلك الكره الدفين في أعماقه اتجاه البيض و بعدها انكب لدراسة التاريخ و الفلسفة و مختلف العلوم فتأثر بعلم الوراثة لصاحبه ماندل الذي صرّح أن أصل لون الإنسان كان اسود و تأثر أيضا بسبينوزا الذي كان أسودا ، و بهذا صار يعشق القراءة لدرجة أنه كان يقرأ ما يقارب 15 ساعة يوميا حتى على ضوء الرواق و اقتنع يقينا أن أفكاره توافق تماما أفكار محمد أليجا و بدأ في سلسلة من المحاضرات داخل السجن و دخل في نقاشات مع قساوسة و أساتذة داخل السجن أكسبته خبرة و ثقة في النفس و أعطته رؤيا واضحة حول رسالته في الحياة بعد خروجه من السجن، و بدأ دعوته داخل السجن للسود يعلمهم و يقنعهم بضرورة اعتناق الإسلام دينا و منهجا...
في سنة 1952 أطلق صراحه بعدما خاف السجانين أن تنتشر دعوته أكثر بين السجناء وفعلا بدأت مرحلة جديدة في حياة "مالكم" حيث التقى بمحمد اليجا و تأثر به كثيرا (علما أن أليجا هذا كان يعتبر نفسه رسول من الله بعثه لينشر الإسلام و يقنع العالم أن الإسلام دين السود فقط)
صار "مالكم" محدثا بليغا و مشهورا يملك قوة الحجة و البرهان و انطلق في دعوته في البارات و الطرقات و تأثر به جمع كبير من السود بسبب فصاحته و أسلوبه الحماسي و خطبه المفوهة، إلى أن أصبح وزيرا بمعنى إماما قارا على مسجد ديترويت و انتشرت دعوته و بدأ السود في اعتناق الإسلام كونه الدين الوحيد الذي يمكنه أن يعينهم و يخلصهم من هذا الظلم و صدقوا فهو كذلك رغم التحفظ على تعاليم هذه المنظمة
في سنة 1958 تزوج "مالكم" و رزق بثلاث بنات سمى الأولى (عطا الله)
الغريب في الأمر و المفارقة أن الولايات المتحدة الأمريكية حينها لم توقف نشاطات أمة الإسلام بل لم تعاديها و تحاربها و وصل الأمر إلى أن فتحت لهم أبواب الصحافة والجامعات لتنشر دعوتها طبعا بدعوى الديموقراطية التي تعودنا عليها أمريكا وهكذا انتشرت دعوة "مالكم" و صار حديث الجرائد و التلفزيونات و أصبح بطل اللقاءات و الحوارات بأسلوبه الجذاب و حججه و علمه الواسع خاصة في برنامج "الكراهية التي ولدتها الكراهية" حيث كان يجيب على الأسئلة و مما كان يدعوا إله نجم التلفزيون وقتها "مالكم" أن الإنسان الأسود له حقوقا إنسانية قبل الحقوق المدنية و أنه يريد أن يكرم الرجل الاسود كبني آدم و كإنسان و ليس كالحيوانات في أحياء حقيرة ....
لعلّ الكثير يتساءل لماذا اسمه الكامل "مالكم" اكس أو بالأحرى لماذا كلمة اكس (x) لماذا ليس اسمه ""مالكم" ليتل" على لقب والده ؟؟ فكانت إجابته الشافية التي أدهشت الجميع يومها هي أن اكس معناها في الرياضيات المجهول أو غير معلوم الأصل و بما أنهم كانوا عبيدا من إفريقيا و شتى أنحاء العالم و كان العبيد يحملون اسمهم و لقب سيدهم الذي يستعبدهم و بذلك يعزلونهم عن أصلهم الحقيقي و لهذا مادام أصلهم الحقيقي غير معروف فرمز له بحرف اكس (x)
المنعرج الخطير و التحول المهم في حياة "مالكم" بدأ سنة 1964 حين أراد الخروج للحج وكان له ذلك ، لكنه صُدِمَ و دُهِشَ و حارَ فكره، بدءا من الطائرة المصرية التي أقلته للذهاب لمكة فرأى أن المسلمين القاصدين الحج ليسو كلهم سود ففيهم الأبيض و ذو العينين الزرقاوين ثم اندهش مرة أخرى عندما علم أنه لا يعرف كيفية الصلاة الصحيحة و هو رجل دين و قائد بارز في منظمة هي الناطقة الكبرى باسم الإسلام فتعلم كل شيء و خلال اثنتا عشرة يوما قضاها بمكة وجد أنها فاقت ما تعلمه خلال 39 سنة بأمريكا، فتأثر بمشهد الكعبة و صوت التلبية على لسان واحد والإيخاء و الحب الموجود بين المسلمين على اختلاف ألوانهم و أعراقهم و تعرف و جلس إلى شخصيات إسلامية أنارت دربه و عقله على غرار عبد الرحمن عزام و الملك فيصل الذي أكرمه و أخبره "أن أمة الإسلام و ما يتبعه السود في امريكا من إسلام ليس هو الدين الصحيح" بعدها غادر مكة ليزور بعض الدول العربية و الإفريقية ليتعرف أكثر على الإسلام و المسلمين و كان له هذا، وغيّر اسمه من "مالكم" أكي إلى "مالك شباز"
بعد عودته من رحلة الحج عاد محملا بأفكار جديدة و قناعات كبيرة لكن هذه المرة كانت صحيحة و بدا في دعوة محمد اليجا إلى الدين الصحيح الذي رآه بأم عينيه و صار يدعوا إلى عدم البغض و كره البيض و إنما كره و رفض ما يقوم به بعض العنصريين من البيض ، لكن هذا التوجه الجديد لم يستسغه محمد اليجا و أتباعه و المفارقة العجيبة الأخرى هنا و أنا أقرا سيرة هذا الرجل هو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى ففي الوقت الذي كان يدعو إلى كره البيض والعنصرية و أن السود هم الأصل و أن الإسلام يدعوا إلى كره البيض و حاشاه كانت تفتح له كل وسائل الإعلام ، لكن عندما جاءها بتعاليم جديدة أو دعونا نقول عندما جاء بالدين الصحيح، ضيقت عليه و منع من الإعلام ناهيك عن المضايقات التي تلقاها من إتباع أمة الإسلام و محمد اليجا الذي أخذته العزة بالنفس كل مأخذ و اتهم "مالكم" بالتحريض ضد السود لكنه كان يوضح في كل مرة فكرته التي تقوم على (الإسلام اللاعنصري) و أسس "منظمة الإتحاد الإفريقي الأمريكي " و أصرّ "مالكم" أو مالك شباز على دعوته الجديدة التي كان لها صيت و أتباع كثر مما جعل أمة الإسلام يغضبون جدا و يتهمونه تهما باطلة لأنه رفض أن يكون محمد اليجا رسول من الله و أن آخر الرسل كان محمدا عليه الصلاة و السلام رغم أن أليجا هذا كان على علاقات مشبوهة مع سكرتيراته و لما أنفضح أمره ستطاع أن يقنع "مالكم" انه رسول من الله و أن هذا من الأمور التي يقوم بها الرسل، لكن لما انجلت الحقيقة و انقشعت السحب عن عيني "مالكم" و واجهه بالحقيقة رفض أن يكون معه و خططوا لمنعه من مواصلة دعواه
في يوم 18 شوال 1384هـ الموافق 21 فبراير 1965م كان "مالكم" مدعوا ليلقى محاضرة و لما بدأ محاضرته إذ بأيدي الإجرام تطلق نحوه أكثر من 15 رصاصة ليسقط شهيدا أو هكذا نحسبه لأنه كان يدافع عن دين الله الحق عن عمره ناهز الأربعين سنة ، و لكن النتيجة بعد قتله أن دعوته و كلماته صارت أقوى و انظم لمنظمته و دعوته الكثير بعدها و نشير بالذكر أن الملاكم المشهور محمد علي كلاي من الذين اقتنعوا بالإسلام على د "مالكم" اكس و الجدير بالذكر أيضا بعد مقتله بشهر واحد أصدر الرئيس الأمريكي جونسون و لأول مرة مرسوم يفيد بحق السود في التصويت وألغى نهائيا مصطلح نيغرو أو الأسود التي كانت تطلق كتعبير عنصري على كل الزنوج بامريكا.
كانت هذه قصة رجل دعوني أسميه صانع حياة بحق و باحث عن الحقيقة أينما كانت ومهما كانت ... رجل دافع عن أفكاره حتى الشهادة ... رجل علم يقينا أن الأسود له حق الحياة كإنسان فدافع عن هذه القناعة ، ثم علم أن الإسلام دين السود فدافع و دعي لهذه القناعة بكل ما أوتي من علم و فكر و قوة ، ثم أدرك أن قناعته مغلوطة و أن الإسلام دين البشرية و أنه لا فرق بين أسود ولا أبيض و لا عربي و لا عجمي و لا أحمر و لا اسود إلا بالتقوى فانطلق يصحح و يدعوا دون أن تأخذه العزة و لا مكان للكبرياء هنا ... أدرك أنّ الحق أحقّ أن يتبع فاتبعه رغم أن مدة دعوته كانت عشرين سنة أو أقل لكن النتيجة كانت كبيرة و يكفيه فخرا أنه ممن وضعوا اللبنة الأولى للإسلام الصحيح في أمريكا