علاقات سرية بين إسرائيل وإيران وأميركا.. وراء صفقة جنيف
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 3:23 pm
علاقات سرية بين إسرائيل وإيران وأميركا.. وراء صفقة جنيف
مراقبون يعتبرون أن الإسرائيليين لديهم بشكل عام نظرة أحادية اللون إلى المسألة الإيرانية للأفضل أو للأسوأ، وهي تمثل لهم تهديدا وجوديا في المنطقة.
العرب [نُشر في 27/11/2013، العدد: 9392، ص(7)]
ما بعد الاتفاق النووي: كيف سيترجم على الساحة الإقليمية
القاهرة ـ بعد ساعات قليلة على الاتفاق التاريخي بين القوى الكبرى وإيران، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "الخطأ التاريخي" المتمثل في توقيع اتفاق يترك لإيران القدرة على تطوير قنبلة نووية. لكن الإدارة الأميركية مقتنعة منذ فترة طويلة بأن التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني سيكون بمقدوره تهدئة غضب إسرائيل، وهو خيار غير واقعي، حسب المحللين.
يقول تريتا بارسي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، في مقدمة كتابه "التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأميركية"، إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع إستراتيجي بينهما، مدلالا على ذلك بعدم لجوء كل طرف إلى استخدام أو تطبيق ما يعلنه خلال تصريحاته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس.
وهذا الرأي يفسّر عدم إقدام إسرائيل على ضرب إيران، رغم أنها هدّدت في أكثر من مناسبة بأنها ستقوم بذلك، سواء وقفت الولايات المتحدة إلى جانبها أم لا، وفي ذات السياق لعبت إيران، الباحثة، عن مدخل إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية عموما، على ورقة الصراع العربي-الإسرائيلي، وحاولت أن تظهر في مظهر "عدو" إسرائيل اللدود، والداعمة الرئيسية للقضية الفلسطينية.
لكن الخفايا تبطن عكس الظواهر، فإيران وإسرائيل، يتعاملان معا وفق سياسة الإخوة الأعداء، وما التصريحات المتبادلة بين الطرفين إلا لعبا سياسيا وديبلوماسية لتحقيق المصالح، مثلما هو الحال مع شعار "الشيطان الأكبر" الذي أطلقته إيران على أميركا، وشعار "محور الشر" الذي أطلقته أميركا بدورها على إيران والدول التابعة لها.
تربط إيران وإسرائيل علاقات اقتصادية متينة، قد تكون تأثرت منذ سقوط الشاه وصعود آية الله الخميني، لكنها بقيت قوية يتم التباحث بخصوصها خلال اجتماعات تعقد في دول أوروبية في سرية تامة.
حتى بعد الثورة الإسلامية واصلت إسرائيل علاقتها مع إيران وكانت الأخيرة تمدها بالسلاح والنفط من أجل مواصلة الحرب في سيناء
وبالكشف عن الحقيقة التي تكمن تحت القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين القادة الإيرانيين ونظرائهم الإسرائيليين، سيبدو واضحا التشابه والتقارب بين الطرفين في العديد من المحاور وما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما. من بين نقاط التشابه، يشير تريتا بارسي إلى أن إيران وإسرائيل تميلان إلى تقديم نفسيهما على أنّهما متفوقتان على جيرانهما العرب، حيث ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في الغرب والجنوب أقل منهم شأنا ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم وتمدّنهم. في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقون على العرب بدليل أنّهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة، و يقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي "إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهو ليس بالشيء الكبير". من هذا المنطلق قلّل العديد من الخبراء والمختصين في شؤون الشرق الأوسط من التصريحات الإسرائيلية التي جاءت كردة فعل على الاتفاق الموقع في جينيف بين إيران ومجموعة 5+1 بخصوص الملف النووي الإيراني. واعتبر الخبراء أن هذه التصريحات تأتي في إطار البروباغندا الإعلامية الإسرائيلية، فإسرائيل ترغب في أن تكون القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
تقارب مع إيران
في خصوص إمكانية تأثير انعكاس التقارب بين الغرب وإيران الذي بدأ يتشكّل بين واشنطن وطهران، على علاقة إيران بإسرائيل يرى عمرو الشلقاني، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، أن هذا التقارب سيصب في صالح إسرائيل ويجعلها مستعدة لعلاقات جيدة مع طهران. ويضيف الشلقاني، "الخلافات التاريخية بين إسرائيل وإيران تثبت أننا لا ينبغي أن نقبل افتراض نتانياهو بأن الإيرانيين بطبيعتهم لا يمكن أن تكون لهم علاقات طبيعية مع الإسرائيليين".
اتفاق إيران مع القوى العالمية الست بشأن برنامجها النووي يأتي بعد عقود من العلاقات الصعبة بين واشنطن وطهران، حيث كانت العلاقات منذ الثورة الإسلامية عام 1979 متوقفة تماما، لذلك كان الاتفاق النووي خطوة أولى في منع إيران من تطوير سلاح نووي في مقابل تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية، وهو ما يشير إلى ذوبان الجليد في العلاقات بين واشنطن وطهران، وربما تحمل الأيام القادمة ضمانات أميركية لإسرائيل لنزع مخاوفها من التعامل المباشر مع إيران لإنهاء عقود من التصيعدات والتلويحات العسكرية بين البلدين.
ويقول خبراء في الشؤون السياسية إن العلاقات الإيرانية- الإسرائيلية تنعكس بأنماط مماثلة على العلاقات الدولية بين الدول ومدى تحقيق مصالحها، فعلى سبيل المثال تقدمت مصر في السابق في علاقاتها مع أميركا ومن ثم مع إسرائيل بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام، وحاليا توضح علاقة طهران مع واشنطن كيف كانت إسرائيل قادرة على الضغط على الدول الكبرى للتوصل إلى تفاهم أكثر حيادا مع العدو اللدود لها في الوقت الحالي.
إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع إستراتيجي بينهما
في هذا الجانب يقول عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "ربما من سخرية القدر، مقارنة بإيران، كانت علاقة مصر مع إسرائيل أكثر عداء بكثير من علاقتها مع إيران اليوم، حيث كان هناك قتال وصراعات عسكرية على نطاق واسع مع العرب، على العكس مع طهران، فحتى بعد الثورة الإسلامية واصلت إسرائيل علاقتها مع إيران وكانت الأخيرة تمدها بالسلاح والنفط من أجل مواصلة الحرب في سيناء. وأيضا إسرائيل كانت تضغط على واشنطن من أجل بيع الأسلحة إلى طهران.
ويشدّد ربيع على أن تاريخ العلاقات بين البلدين يؤكد على احتمالية قيام علاقات ثنائية مجددا، لكن بشرط أن تتخلى إيران عن دعم حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، في المقابل سوف تشترط طهران على إسرائيل الموافقة على قيام دولتين وإقرار السلام في المنطقة، وبالطبع هذه الشروط من الصعب تحقيقها.
عملية السلام
يرى عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن إيران لديها وجهات نظر متباينة بشأن عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وفي الوقت الحالي لا تزال تحلم واشنطن بتوسيع نفوذها داخل القطر الإيراني حتى في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل ضمانات لتوازن التزام سياسي مع طهران، ومع هذا الالتزام فإن واشنطن ليست معفاة من مد نفوذها إلى إيران خصوصا بعد وقوع الزلزال الجيوسياسي الذي هزّ منطقة الشرق الأوسط أو ما يسمى الربيع العربي.
وأكد أن التقارب بين أميركا وإيران هو جزء لا يتجزّأ من تحسين العلاقة المتوترة بين إيران وإسرائيل، ونظرا إلى هذه المتوازيات ينبغي إعادة النظر في قيام علاقات ثنائية بين إسرائيل وإيران، لما هناك من حاجة ماسّة إلى جعل هذه السياسة في كتب التاريخ وتحقيق السلام في الشرق الأوسط بين أكبر خصمين.
بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ليست لديها مصلحة في إبرام اتفاق مع إيران وتترك إسرائيل غاضبة كونها الدولة المتضررة والضعيفة من وراء هذا الاتفاق، لذلك سيعمل الجانبان في وقت لاحق على إيجاد وسيلة للعمل من خلال الاتفاق لطرح ضمانات سياسية وعسكرية بين إسرائيل وإيران مستقبلا. لكن في الوقت الراهن ومع تصاعد حدة التصريحات العدائية بين مسؤولي البلدين، فإنه يبقى الاتفاق بعيدا إلى حين تهدِئة الأجواء ومرور فترة الستة أشهر الممنوحة من القوى الكبرى لإيران لإثبات حسن النوايا تجاه برنامجها النووي وأنه لأغراض سلمية وليس للتطوير العسكري أو لامتلاك قنبلة نووية.
ويعتقد كثير من الإسرائيليين أن إيران ستواصل هدفها النهائي لتطوير برنامجها النووي مهما كان الثمن، وحتى إذا كانت الصفقة فقط لمدة ستة أشهر إلى حين معرفة نوايا طهران من برنامجها النووي في ما إذا كان لأغراض عسكرية أو سلمية، ورغم أن الاتفاق مؤقت فإن هناك رغبة حثيثة لدى الجانب الإسرائيلي في تعزيز العقوبات لوقف طموحات طهران النووية.
خوف إسرائيلي
يقول مراقبون إن الإسرائيليين لديهم بشكل عام نظرة أحادية اللون إلى المسألة الإيرانية للأفضل أو للأسوأ، وهي تمثل لهم تهديدا وجوديا في المنطقة، كما لديهم اقتناع بأن العالم لا يوجد لديه القدرة للقتال مع إيران. وفي هذا السياق أكد طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن الاتفاق التاريخي بين إيران والقوى العالمية أشعر إسرائيل بالقلق إزاء المفاوضات بسبب وجود قنوات خلفية غير معلنة في جلسة المفاوضات بين أميركا وإيران، ومع أن المحادثات مهدت الطريق إلى اتفاق شبه نهائي من شأنه أن يضع حدا للأزمة النووية بين إيران والقوى الدولية، إلا أن نتانياهو صرح كثيرا بأن أميركا خدعت إسرائيل، كون القوى العالمية لا توجد لديها نية في وقف برنامج طهران النووي وإنما رفع العقوبات عن إيران وإطلاق سراح الحسابات التي تم تجميدها سابقا، وبالتالي فإن إسرائيل ليست لديها نية في المشاركة في هذه الاتفاقية أو "الكارثة" كما وصف نتانياهو، ويرى أن بلاده غير ملتزمة بهذه الخطوة وستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن إسرائيل. ولفت إلى أنه على الرغم من خيبة أمل إسرائيل، إلا أنها تصر على مواقفها نحو إيران وبرنامجها النووي، وستعمل مع واشنطن لتوقيع اتفاق نهائي شامل، ومع ذلك تظل نظرية المؤامرة تدور داخل الفكر الإسرائيلي ومفادها أن الاتفاقات والمباحثات كانت مجرد تمثيلية مع روسيا وإيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
المصدر العرب اللندنية
مراقبون يعتبرون أن الإسرائيليين لديهم بشكل عام نظرة أحادية اللون إلى المسألة الإيرانية للأفضل أو للأسوأ، وهي تمثل لهم تهديدا وجوديا في المنطقة.
العرب [نُشر في 27/11/2013، العدد: 9392، ص(7)]
ما بعد الاتفاق النووي: كيف سيترجم على الساحة الإقليمية
القاهرة ـ بعد ساعات قليلة على الاتفاق التاريخي بين القوى الكبرى وإيران، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "الخطأ التاريخي" المتمثل في توقيع اتفاق يترك لإيران القدرة على تطوير قنبلة نووية. لكن الإدارة الأميركية مقتنعة منذ فترة طويلة بأن التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني سيكون بمقدوره تهدئة غضب إسرائيل، وهو خيار غير واقعي، حسب المحللين.
يقول تريتا بارسي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، في مقدمة كتابه "التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأميركية"، إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع إستراتيجي بينهما، مدلالا على ذلك بعدم لجوء كل طرف إلى استخدام أو تطبيق ما يعلنه خلال تصريحاته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس.
وهذا الرأي يفسّر عدم إقدام إسرائيل على ضرب إيران، رغم أنها هدّدت في أكثر من مناسبة بأنها ستقوم بذلك، سواء وقفت الولايات المتحدة إلى جانبها أم لا، وفي ذات السياق لعبت إيران، الباحثة، عن مدخل إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية عموما، على ورقة الصراع العربي-الإسرائيلي، وحاولت أن تظهر في مظهر "عدو" إسرائيل اللدود، والداعمة الرئيسية للقضية الفلسطينية.
لكن الخفايا تبطن عكس الظواهر، فإيران وإسرائيل، يتعاملان معا وفق سياسة الإخوة الأعداء، وما التصريحات المتبادلة بين الطرفين إلا لعبا سياسيا وديبلوماسية لتحقيق المصالح، مثلما هو الحال مع شعار "الشيطان الأكبر" الذي أطلقته إيران على أميركا، وشعار "محور الشر" الذي أطلقته أميركا بدورها على إيران والدول التابعة لها.
تربط إيران وإسرائيل علاقات اقتصادية متينة، قد تكون تأثرت منذ سقوط الشاه وصعود آية الله الخميني، لكنها بقيت قوية يتم التباحث بخصوصها خلال اجتماعات تعقد في دول أوروبية في سرية تامة.
حتى بعد الثورة الإسلامية واصلت إسرائيل علاقتها مع إيران وكانت الأخيرة تمدها بالسلاح والنفط من أجل مواصلة الحرب في سيناء
وبالكشف عن الحقيقة التي تكمن تحت القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين القادة الإيرانيين ونظرائهم الإسرائيليين، سيبدو واضحا التشابه والتقارب بين الطرفين في العديد من المحاور وما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما. من بين نقاط التشابه، يشير تريتا بارسي إلى أن إيران وإسرائيل تميلان إلى تقديم نفسيهما على أنّهما متفوقتان على جيرانهما العرب، حيث ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في الغرب والجنوب أقل منهم شأنا ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم وتمدّنهم. في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقون على العرب بدليل أنّهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة، و يقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي "إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهو ليس بالشيء الكبير". من هذا المنطلق قلّل العديد من الخبراء والمختصين في شؤون الشرق الأوسط من التصريحات الإسرائيلية التي جاءت كردة فعل على الاتفاق الموقع في جينيف بين إيران ومجموعة 5+1 بخصوص الملف النووي الإيراني. واعتبر الخبراء أن هذه التصريحات تأتي في إطار البروباغندا الإعلامية الإسرائيلية، فإسرائيل ترغب في أن تكون القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
تقارب مع إيران
في خصوص إمكانية تأثير انعكاس التقارب بين الغرب وإيران الذي بدأ يتشكّل بين واشنطن وطهران، على علاقة إيران بإسرائيل يرى عمرو الشلقاني، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، أن هذا التقارب سيصب في صالح إسرائيل ويجعلها مستعدة لعلاقات جيدة مع طهران. ويضيف الشلقاني، "الخلافات التاريخية بين إسرائيل وإيران تثبت أننا لا ينبغي أن نقبل افتراض نتانياهو بأن الإيرانيين بطبيعتهم لا يمكن أن تكون لهم علاقات طبيعية مع الإسرائيليين".
اتفاق إيران مع القوى العالمية الست بشأن برنامجها النووي يأتي بعد عقود من العلاقات الصعبة بين واشنطن وطهران، حيث كانت العلاقات منذ الثورة الإسلامية عام 1979 متوقفة تماما، لذلك كان الاتفاق النووي خطوة أولى في منع إيران من تطوير سلاح نووي في مقابل تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية، وهو ما يشير إلى ذوبان الجليد في العلاقات بين واشنطن وطهران، وربما تحمل الأيام القادمة ضمانات أميركية لإسرائيل لنزع مخاوفها من التعامل المباشر مع إيران لإنهاء عقود من التصيعدات والتلويحات العسكرية بين البلدين.
ويقول خبراء في الشؤون السياسية إن العلاقات الإيرانية- الإسرائيلية تنعكس بأنماط مماثلة على العلاقات الدولية بين الدول ومدى تحقيق مصالحها، فعلى سبيل المثال تقدمت مصر في السابق في علاقاتها مع أميركا ومن ثم مع إسرائيل بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام، وحاليا توضح علاقة طهران مع واشنطن كيف كانت إسرائيل قادرة على الضغط على الدول الكبرى للتوصل إلى تفاهم أكثر حيادا مع العدو اللدود لها في الوقت الحالي.
إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع إستراتيجي بينهما
في هذا الجانب يقول عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "ربما من سخرية القدر، مقارنة بإيران، كانت علاقة مصر مع إسرائيل أكثر عداء بكثير من علاقتها مع إيران اليوم، حيث كان هناك قتال وصراعات عسكرية على نطاق واسع مع العرب، على العكس مع طهران، فحتى بعد الثورة الإسلامية واصلت إسرائيل علاقتها مع إيران وكانت الأخيرة تمدها بالسلاح والنفط من أجل مواصلة الحرب في سيناء. وأيضا إسرائيل كانت تضغط على واشنطن من أجل بيع الأسلحة إلى طهران.
ويشدّد ربيع على أن تاريخ العلاقات بين البلدين يؤكد على احتمالية قيام علاقات ثنائية مجددا، لكن بشرط أن تتخلى إيران عن دعم حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، في المقابل سوف تشترط طهران على إسرائيل الموافقة على قيام دولتين وإقرار السلام في المنطقة، وبالطبع هذه الشروط من الصعب تحقيقها.
عملية السلام
يرى عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن إيران لديها وجهات نظر متباينة بشأن عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وفي الوقت الحالي لا تزال تحلم واشنطن بتوسيع نفوذها داخل القطر الإيراني حتى في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل ضمانات لتوازن التزام سياسي مع طهران، ومع هذا الالتزام فإن واشنطن ليست معفاة من مد نفوذها إلى إيران خصوصا بعد وقوع الزلزال الجيوسياسي الذي هزّ منطقة الشرق الأوسط أو ما يسمى الربيع العربي.
وأكد أن التقارب بين أميركا وإيران هو جزء لا يتجزّأ من تحسين العلاقة المتوترة بين إيران وإسرائيل، ونظرا إلى هذه المتوازيات ينبغي إعادة النظر في قيام علاقات ثنائية بين إسرائيل وإيران، لما هناك من حاجة ماسّة إلى جعل هذه السياسة في كتب التاريخ وتحقيق السلام في الشرق الأوسط بين أكبر خصمين.
بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ليست لديها مصلحة في إبرام اتفاق مع إيران وتترك إسرائيل غاضبة كونها الدولة المتضررة والضعيفة من وراء هذا الاتفاق، لذلك سيعمل الجانبان في وقت لاحق على إيجاد وسيلة للعمل من خلال الاتفاق لطرح ضمانات سياسية وعسكرية بين إسرائيل وإيران مستقبلا. لكن في الوقت الراهن ومع تصاعد حدة التصريحات العدائية بين مسؤولي البلدين، فإنه يبقى الاتفاق بعيدا إلى حين تهدِئة الأجواء ومرور فترة الستة أشهر الممنوحة من القوى الكبرى لإيران لإثبات حسن النوايا تجاه برنامجها النووي وأنه لأغراض سلمية وليس للتطوير العسكري أو لامتلاك قنبلة نووية.
ويعتقد كثير من الإسرائيليين أن إيران ستواصل هدفها النهائي لتطوير برنامجها النووي مهما كان الثمن، وحتى إذا كانت الصفقة فقط لمدة ستة أشهر إلى حين معرفة نوايا طهران من برنامجها النووي في ما إذا كان لأغراض عسكرية أو سلمية، ورغم أن الاتفاق مؤقت فإن هناك رغبة حثيثة لدى الجانب الإسرائيلي في تعزيز العقوبات لوقف طموحات طهران النووية.
خوف إسرائيلي
يقول مراقبون إن الإسرائيليين لديهم بشكل عام نظرة أحادية اللون إلى المسألة الإيرانية للأفضل أو للأسوأ، وهي تمثل لهم تهديدا وجوديا في المنطقة، كما لديهم اقتناع بأن العالم لا يوجد لديه القدرة للقتال مع إيران. وفي هذا السياق أكد طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن الاتفاق التاريخي بين إيران والقوى العالمية أشعر إسرائيل بالقلق إزاء المفاوضات بسبب وجود قنوات خلفية غير معلنة في جلسة المفاوضات بين أميركا وإيران، ومع أن المحادثات مهدت الطريق إلى اتفاق شبه نهائي من شأنه أن يضع حدا للأزمة النووية بين إيران والقوى الدولية، إلا أن نتانياهو صرح كثيرا بأن أميركا خدعت إسرائيل، كون القوى العالمية لا توجد لديها نية في وقف برنامج طهران النووي وإنما رفع العقوبات عن إيران وإطلاق سراح الحسابات التي تم تجميدها سابقا، وبالتالي فإن إسرائيل ليست لديها نية في المشاركة في هذه الاتفاقية أو "الكارثة" كما وصف نتانياهو، ويرى أن بلاده غير ملتزمة بهذه الخطوة وستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن إسرائيل. ولفت إلى أنه على الرغم من خيبة أمل إسرائيل، إلا أنها تصر على مواقفها نحو إيران وبرنامجها النووي، وستعمل مع واشنطن لتوقيع اتفاق نهائي شامل، ومع ذلك تظل نظرية المؤامرة تدور داخل الفكر الإسرائيلي ومفادها أن الاتفاقات والمباحثات كانت مجرد تمثيلية مع روسيا وإيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
المصدر العرب اللندنية