ثــغـرات فـي الـطـريـق
مرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 7:21 pm
الخميس 00 ربيع الثانى 1433 هـ - 23 فبراير 2012 - 02:06 مساء
د. عبد الله فهد النفيسي
لا بد قبل البحث في التكتيك الإسلامي المقابل للحركات اللادينية، من حسم بعض القضايا الجوهرية داخل الحظيرة الإسلامية ذاتها، وضمن أطر العمل الإسلامي نفسه.
إذ ينبغي الإعتراف بأن ثمّة ثغرات حطيرة للغاية ضمن العمل الإسلامي لابد من تناولها بالمناقشة الموجزة، وفي تصوّري أن هذه الثغرات ستؤثر كثيرا - وسلباً - على مستقبل العمل الإسلامي في كل بلاد العالم وسيكون تأثيرها جوهرياً.
أولى هذه الثغرات، هي غياب "النظرية المتكاملة" في السياسة والإقتصاد والإجتماع وباقي مجالات الحياة، فلقد أهمل العمل الإسلامي خلال الأجيال الغابرة شيئاً مهماً للغاية في عصرنا الحاضر، وهو "التأصيل" النظري للعقائد والشرائع والإجتهادات.
ولقد كان الخطاب الإسلامي – أعني جلّه – خلال الخمسين سنة السالفة يتناول نظام القيم، لكن ما نحتاجة الآن – وبشكل ملحّ – هو تحديد نظام للمفاهيم، ونحن نشدد بأنه بدون تحديد علمي وموضوعي للمفاهيم لا يمكن بلورة "النظرية المتكاملة" المطلوبة اليوم بإلحاح في ساحة العمل الإسلامي.
والإسلام - بالأساس- ليس مذهباً فلسفياً، أو تياراً ثقافياً، إنما هو حركة إجتماعية تستهدف التغيير الإجتماعي نحو الأفضل والأمثل في كل مجالات الحياة، بمعنى آخر، أن للإسلام وظيفة إجتماعية كبيرة، ولذا كان لابد من "أيديولوجيا إسلامية" أي نظرية إسلامية متكاملة تضع مواصفات التغيير الإجتماعي المطلوب على كافة الصعد، أي تفاصيل وحيثيات المشروع الإسلامي في التحول الإجتماعي.
إذن، ينبغي فرز فريق عمل من الكفاءات الإسلامية التي تزخر بها إطارات العمل الإسلامي للقيام بصياغة "أيديولوجيا إسلامية" تسهم في توضيح الرؤية الإسلامية المنهجية، إذ إن كثيراً ما يؤدي ضباب الرؤية إلى هدر في الأرواح والدماء، والمشتغلون في العمل الإسلامي يدركون طقوس السريّة في كلامي.
ثاني هذه الثغرات هو غياب ظاهرة الحوار ضمن إطارات العمل الإسلامي ومع من هم خارجه، فالحوار وسيلة فعالة لحل كثير من المشاكل التي قد تبدو مستعصية ومنها مشكلة "الأيديولوجيا الإسلامية"ـ.
فالحديث المتكرر عن ضرورة الشورى والتشاور، والكتب العديدة التي وضعت عن الحرية الفكرية في الإسلام، لا تجد لها صدى ما لم يتمكن العاملون في مجال الدعوة الإسلامية من تأسيس ظاهرة الحوار في منهجية العمل الإسلامي نفسه، في علاقته الداخلية وفي قلم إتصاله بالخارج الفكري والتنظيمي.
لقد أدركت كل الحركات العالمية – بشتى راياتها ومسمياتها – أهمية الحوار، ولذا فقد دأبت على عقد المؤتمرات له بغية تحقيق الحد الأدنى من التكامل التصوري ( النظري والعملي) بينها، ومن يتابع هذه المؤتمرات وما تمخض عنها لا يعوزة الذكاء لإدراك أهمية الحواركظاهرة سياسية بل إنسانية عامة.
ثالث هذه الثغرات هو غياب ظاهرة النقد الذاتي والتقييم الموضوعي والعملي للأداء الإسلامي في كافة المجالات، ورغم مرور ما لا يقلّ عن ستين سنة من عمر الحركة الإسلامية المعاصرة، فلا نجد في المكتبة الإسلامية كتاباً واحداً صادراً من داخل أطر العمل الإسلامي نفسه يتناول هذا الموضوع بالنقد والتقييم الموضوعيين العلميين، بل أزيد فأقول: بأن ثمة دوائر وحركات سياسية علمانية ولا دينية قد وظفت جهوداً كبيرة في هذا المجال أكثر بكثير مما وظفه الإسلاميون أنفسهم.
هذا الغياب البارز للنقد الذاتي والتقييم الموضوعي للأداء الإسلامي أدى لنزعة التعلق بالأشخاص أكثر من الأفكار، وأدى أيضاً إلى نزعة الغلو في الدين وهي نزعة لا تزدهر إلا عندما يغيب الوعي بالتاريخ والفكر ومشكلات الواقع المعاش، وهي نزعة ليست من الدين في شيئ.
وفي تصوري، أنه لكي يصار إلى بلورة صحيحة للتكتيك الإسلامي المضاد للحركات اللادينية، لابد من التصدي أولاً لهذة الثغرات الخطيرة.
د. عبد الله فهد النفيسي
لا بد قبل البحث في التكتيك الإسلامي المقابل للحركات اللادينية، من حسم بعض القضايا الجوهرية داخل الحظيرة الإسلامية ذاتها، وضمن أطر العمل الإسلامي نفسه.
إذ ينبغي الإعتراف بأن ثمّة ثغرات حطيرة للغاية ضمن العمل الإسلامي لابد من تناولها بالمناقشة الموجزة، وفي تصوّري أن هذه الثغرات ستؤثر كثيرا - وسلباً - على مستقبل العمل الإسلامي في كل بلاد العالم وسيكون تأثيرها جوهرياً.
أولى هذه الثغرات، هي غياب "النظرية المتكاملة" في السياسة والإقتصاد والإجتماع وباقي مجالات الحياة، فلقد أهمل العمل الإسلامي خلال الأجيال الغابرة شيئاً مهماً للغاية في عصرنا الحاضر، وهو "التأصيل" النظري للعقائد والشرائع والإجتهادات.
ولقد كان الخطاب الإسلامي – أعني جلّه – خلال الخمسين سنة السالفة يتناول نظام القيم، لكن ما نحتاجة الآن – وبشكل ملحّ – هو تحديد نظام للمفاهيم، ونحن نشدد بأنه بدون تحديد علمي وموضوعي للمفاهيم لا يمكن بلورة "النظرية المتكاملة" المطلوبة اليوم بإلحاح في ساحة العمل الإسلامي.
والإسلام - بالأساس- ليس مذهباً فلسفياً، أو تياراً ثقافياً، إنما هو حركة إجتماعية تستهدف التغيير الإجتماعي نحو الأفضل والأمثل في كل مجالات الحياة، بمعنى آخر، أن للإسلام وظيفة إجتماعية كبيرة، ولذا كان لابد من "أيديولوجيا إسلامية" أي نظرية إسلامية متكاملة تضع مواصفات التغيير الإجتماعي المطلوب على كافة الصعد، أي تفاصيل وحيثيات المشروع الإسلامي في التحول الإجتماعي.
إذن، ينبغي فرز فريق عمل من الكفاءات الإسلامية التي تزخر بها إطارات العمل الإسلامي للقيام بصياغة "أيديولوجيا إسلامية" تسهم في توضيح الرؤية الإسلامية المنهجية، إذ إن كثيراً ما يؤدي ضباب الرؤية إلى هدر في الأرواح والدماء، والمشتغلون في العمل الإسلامي يدركون طقوس السريّة في كلامي.
ثاني هذه الثغرات هو غياب ظاهرة الحوار ضمن إطارات العمل الإسلامي ومع من هم خارجه، فالحوار وسيلة فعالة لحل كثير من المشاكل التي قد تبدو مستعصية ومنها مشكلة "الأيديولوجيا الإسلامية"ـ.
فالحديث المتكرر عن ضرورة الشورى والتشاور، والكتب العديدة التي وضعت عن الحرية الفكرية في الإسلام، لا تجد لها صدى ما لم يتمكن العاملون في مجال الدعوة الإسلامية من تأسيس ظاهرة الحوار في منهجية العمل الإسلامي نفسه، في علاقته الداخلية وفي قلم إتصاله بالخارج الفكري والتنظيمي.
لقد أدركت كل الحركات العالمية – بشتى راياتها ومسمياتها – أهمية الحوار، ولذا فقد دأبت على عقد المؤتمرات له بغية تحقيق الحد الأدنى من التكامل التصوري ( النظري والعملي) بينها، ومن يتابع هذه المؤتمرات وما تمخض عنها لا يعوزة الذكاء لإدراك أهمية الحواركظاهرة سياسية بل إنسانية عامة.
ثالث هذه الثغرات هو غياب ظاهرة النقد الذاتي والتقييم الموضوعي والعملي للأداء الإسلامي في كافة المجالات، ورغم مرور ما لا يقلّ عن ستين سنة من عمر الحركة الإسلامية المعاصرة، فلا نجد في المكتبة الإسلامية كتاباً واحداً صادراً من داخل أطر العمل الإسلامي نفسه يتناول هذا الموضوع بالنقد والتقييم الموضوعيين العلميين، بل أزيد فأقول: بأن ثمة دوائر وحركات سياسية علمانية ولا دينية قد وظفت جهوداً كبيرة في هذا المجال أكثر بكثير مما وظفه الإسلاميون أنفسهم.
هذا الغياب البارز للنقد الذاتي والتقييم الموضوعي للأداء الإسلامي أدى لنزعة التعلق بالأشخاص أكثر من الأفكار، وأدى أيضاً إلى نزعة الغلو في الدين وهي نزعة لا تزدهر إلا عندما يغيب الوعي بالتاريخ والفكر ومشكلات الواقع المعاش، وهي نزعة ليست من الدين في شيئ.
وفي تصوري، أنه لكي يصار إلى بلورة صحيحة للتكتيك الإسلامي المضاد للحركات اللادينية، لابد من التصدي أولاً لهذة الثغرات الخطيرة.