أزمة المسلم المعاصر
مرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 7:23 pm
الثلاثاء 00 ربيع الأول 1433 هـ - 24 يناير 2012 - 12:48 صباحا
د. عبد الله فهد النفيسي
يواجه المسلم المعاصر أزمة ليست بالهينة تتمثل في أنه يحمل في قلبه عقيدة وفي عقله تصوراً وفي كتابه شريعة، وفي نفس الوقت هو يعيش في مجتمع سياسي لا تقوم قوانينه وأوضاعه وعلاقاته الداخلية والخارجية على تلك العقيدة وذلك التصور وتلك الشريعة .
لقد بات واضحا لكلّ ذي لبّ التناقض الجوهريّ والجذريّ بين الواقع الذي يعيش ضمنه المسلم المعاصر من جهة، وبين ما يحمل من عقيدة الوحدانية والتصور الكونيّ الشموليّ والشريعة ذات البنود والتوجهات الجذرية من جهة أخرى.
حتى الطفل في المدرسة الإبتدائية بات يتساءل عن التناقض الواضح بين ما يتلقاه من تعاليم في درس التربية الإسلامية من جهة والواقع الذي يشاهده ربما في نفس الفصل ونفس المدرسة ونفس المنزل الذي يعيش فيه مع والديه من جهة أخرى .
أزمة المناقضة هذه تضع المسلم المعاصر إزاء خيارات صعبة للغاية، ومرّة للغاية، وفي تصوّري أن الخيارات المتاحة أمام المسلم المعاصر لا تخرج عن الثلاث التاليات:
أول الخيارات أن يقرر الإنسحاب من مسرح الحياة إلى عالم من صنعه ربما لا يخرج عن نطاق المسجد وبعض الحلقات الدينية المحضة والغرق في قضايا لا علاقة لها بهذا العالم المتحرك. والمسلم الذي يتبنى هذا الخيار، ويحمل فلسفة الإنسحاب والإنزواء والنكوص والإنكفاء، سرعان ما يجد نفسه يعيش في عالم غريب له مناخه وشخوصه وقاموسه وتقاليده، وهو عالم في كل الأحوال يتحرك في الأجزاء المهمولة من هذا الوجود الذي يضطرم بالقوة والعافية والقابلية والعمران، وفي نهاية المطاف، قد يموت هذا المسلم دون أن يترك أثراً له فوق هذه الأرض.
وثاني هذه الخيارات هو خيار الثورة على هذا الواقع، الذي يناقض العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي والشريعة الإسلامية. وهذا الخيار لا شك يضع المسلم المعاصر في مواجهة هذا العالم، وهو أمرٌ في غاية الخطورة والتشابك والتعقيد، إذ إن الواقع الذي يحيط بالمسلم ربما لا يرتكز على شرعية أصولية، لكنه من جانب آخر واقع متسلح بكل الأدوات التي تمكنه من وأد المسلم المعاصر وأداً. ولذا فإن الخيار الثاني - وفق معادلة الصراع الحالية التي يعيشها المسلم المعاصر- وفي نهاية المطاف - يكشف ظهر الإسلام كشفاً ويحرّض القوى المضادة له على تناسي تناقضاتها من أجل تصفيته والقضاء على وجوده السياسي.
وثالث هذه الخيارات، هو خيار الممكن من المستحيل، ويتلخص في تحقيق ما يمكن تحقيقه من مقاصد الشريعة ضمن النظام العام للأوضاع والأشياء. ويبدو أن هذا الخيار الثالث هو المتاح حاليا بشكل نسبي للمسلم المعاصر في بعض مناطق العالم الإسلامي، ويبدو أيضاً أن هذا الخيار – وفق معادلة الصراع الحالية التي يعيشها المسلم المعاصر- هو الخيار الأنسب من كل الوجوه بالرغم من أنه وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى إصابة المسلم المعاصر بما يسميه علماء النفس " التنافر الإدراكي" جراء تعامله اليومي مع واقع لا يؤمن به من الأساس.
هكذا نجد أن أزمة الإغتراب التي يعاني منها المسلم المعاصر تفتح أمامه ثلاثة خيارات : الأول يذوي فيه ويذبل دون أن يشعر به أحد، والثاني - رغم فدائيته وفروسيته - لا يحل الإشكالية المطلوب حلها، والثالث كأنه المشي مدى الحياة على حدّ الخنجر.
فهل من حلٍ لأزمة المسلم المعاصر ؟
د. عبد الله فهد النفيسي
يواجه المسلم المعاصر أزمة ليست بالهينة تتمثل في أنه يحمل في قلبه عقيدة وفي عقله تصوراً وفي كتابه شريعة، وفي نفس الوقت هو يعيش في مجتمع سياسي لا تقوم قوانينه وأوضاعه وعلاقاته الداخلية والخارجية على تلك العقيدة وذلك التصور وتلك الشريعة .
لقد بات واضحا لكلّ ذي لبّ التناقض الجوهريّ والجذريّ بين الواقع الذي يعيش ضمنه المسلم المعاصر من جهة، وبين ما يحمل من عقيدة الوحدانية والتصور الكونيّ الشموليّ والشريعة ذات البنود والتوجهات الجذرية من جهة أخرى.
حتى الطفل في المدرسة الإبتدائية بات يتساءل عن التناقض الواضح بين ما يتلقاه من تعاليم في درس التربية الإسلامية من جهة والواقع الذي يشاهده ربما في نفس الفصل ونفس المدرسة ونفس المنزل الذي يعيش فيه مع والديه من جهة أخرى .
أزمة المناقضة هذه تضع المسلم المعاصر إزاء خيارات صعبة للغاية، ومرّة للغاية، وفي تصوّري أن الخيارات المتاحة أمام المسلم المعاصر لا تخرج عن الثلاث التاليات:
أول الخيارات أن يقرر الإنسحاب من مسرح الحياة إلى عالم من صنعه ربما لا يخرج عن نطاق المسجد وبعض الحلقات الدينية المحضة والغرق في قضايا لا علاقة لها بهذا العالم المتحرك. والمسلم الذي يتبنى هذا الخيار، ويحمل فلسفة الإنسحاب والإنزواء والنكوص والإنكفاء، سرعان ما يجد نفسه يعيش في عالم غريب له مناخه وشخوصه وقاموسه وتقاليده، وهو عالم في كل الأحوال يتحرك في الأجزاء المهمولة من هذا الوجود الذي يضطرم بالقوة والعافية والقابلية والعمران، وفي نهاية المطاف، قد يموت هذا المسلم دون أن يترك أثراً له فوق هذه الأرض.
وثاني هذه الخيارات هو خيار الثورة على هذا الواقع، الذي يناقض العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي والشريعة الإسلامية. وهذا الخيار لا شك يضع المسلم المعاصر في مواجهة هذا العالم، وهو أمرٌ في غاية الخطورة والتشابك والتعقيد، إذ إن الواقع الذي يحيط بالمسلم ربما لا يرتكز على شرعية أصولية، لكنه من جانب آخر واقع متسلح بكل الأدوات التي تمكنه من وأد المسلم المعاصر وأداً. ولذا فإن الخيار الثاني - وفق معادلة الصراع الحالية التي يعيشها المسلم المعاصر- وفي نهاية المطاف - يكشف ظهر الإسلام كشفاً ويحرّض القوى المضادة له على تناسي تناقضاتها من أجل تصفيته والقضاء على وجوده السياسي.
وثالث هذه الخيارات، هو خيار الممكن من المستحيل، ويتلخص في تحقيق ما يمكن تحقيقه من مقاصد الشريعة ضمن النظام العام للأوضاع والأشياء. ويبدو أن هذا الخيار الثالث هو المتاح حاليا بشكل نسبي للمسلم المعاصر في بعض مناطق العالم الإسلامي، ويبدو أيضاً أن هذا الخيار – وفق معادلة الصراع الحالية التي يعيشها المسلم المعاصر- هو الخيار الأنسب من كل الوجوه بالرغم من أنه وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى إصابة المسلم المعاصر بما يسميه علماء النفس " التنافر الإدراكي" جراء تعامله اليومي مع واقع لا يؤمن به من الأساس.
هكذا نجد أن أزمة الإغتراب التي يعاني منها المسلم المعاصر تفتح أمامه ثلاثة خيارات : الأول يذوي فيه ويذبل دون أن يشعر به أحد، والثاني - رغم فدائيته وفروسيته - لا يحل الإشكالية المطلوب حلها، والثالث كأنه المشي مدى الحياة على حدّ الخنجر.
فهل من حلٍ لأزمة المسلم المعاصر ؟