صفحة 1 من 1

حق تقرير المصير

مرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 7:25 pm
بواسطة صالح سعد
الأربعاء 09 صفر 1433 هـ - 04 يناير 2012 - 04:49 مساء
د. عبد الله فهد النفيسي

نقرأ أحياناً في الصحف العالمية عن جزيرة نائية في المحيط الهنديّ، وقد نالت إستقلالها، ورفعت علمها، ووضعت دستورها، واحتلت مقعدها في الأمم المتحدة. يحدث ذلك لجزيرة ضئيلة جغرافياً وقد لا يتعدى سكانها من حيث العدد مائة ألف نسمة، وتتكون لهذه الجزيرة ( الدولة ) حكومة تتحدث باسم السّكان وحريتهم في "تقرير المصير" والحياة الكاملة وفق معتقداتهم وثقافتهم ولغتهم وروحيتهم.
في مقابل ذلك، نجد الأمة الإسلامية ذات المليار نسمة ( أي ألف مليون نسمة ) محرومة فعلاً من "حق تقرير المصير"، تقرير الحياة التي تريدها وفقاً لدينها وثقافتها ولغتها وروحيتها.
وبالرغم من كثرة الأعياد الوطنية، والحديث الدائم عن الإستقلال والسيادة، إلا أن حقيقة الأمر تعكس أننا نعيش حالة الإستعمار الجديد، الإستعمار الإقتصادي والثقافي والعسكري والإجتماعي والقانوني والتشريعي، وبالرغم من وضوح الميل الجماهيري نحو الإسلام، وتبني الناس -عمومهم- للحكم الشرعي، إلا أن الإطار الإقتصادي والثقافي والعسكري والإجتماعي والتشريعي لعموم أوضاع الأمة الإسلامية، لا علاقة له بالمقررات العامة والأهداف العامة للشريعة الإسلامية، والتبعية واضحة على كل صعيد، وبالتالي سنظل نحوم في إطار التخلف ما بقينا في دائرة التبعية: العسكرية والثقافية والتشريعية والإقتصادية.
والجماعات الإسلامية بشتى راياتها ومسمياتها تريد كسر دائرة التبعية هذه للإستعمار الجديد، بعضها يركز على العقيدة وتصحيحها، وبعضها يركز على العمل الإجتماعي والسياسي والإنبثاث وسط الناس ونشر الفهومات والتشوّفات الإسلامية العامة، وبعضها يركز على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتنمية الوازع الجماعي لمكافحة التغريب من حيث هو صورة من صور التبعية للقوى الإستعمارية، هكذا نجد أن كل الجماعات الإسلامية تقوم بمهام جليلة، تصب في النهاية في مصبّ واحد، ألا وهو التخلص والتحرر من التبعية، وتكريس مفهوم "حق تقرير المصير" للأمة الإسلامية في كافة المجالات، تلك هي قضية الإسلام الكبيرة والعادلة التي تحملها كل الجماعات الإسلامية.
وفق هذا المنظور، صار مطلوباً من كافة الجماعات الإسلامية - بشتى راياتها ومسمياتها العظيمة - أن تدرك أنها - جميعاً - تخدم قضية واحدة، وتصب في مجرى واحد، ولذا صار التنسيق بينها أمراً لا تحتمه فقط الأخوة في الله الواحد الأحد، بل أيضاً تتطلبه ظروف وملابسات التحرك الإسلامي العام على مستوى هذا العالم الفسيح، حتى القوى الدولية المتمترسة وراء ترساناتها الضخمة من الأسلحة النووية، وعت لضرورة التنسيق فيما بينها عبر سياسات " الوفاق " وتفرّع عن هذه السياسات لجان دائمة، أحياناً تلتقي في واشنطن عاصمة الرأسمالية، وأخرى في موسكو عاصمة الشيوعية، ذلك منطق العصر الذي نعيش. وقضية الإسلام التي تحملها كافة التيارات الإسلامية وتزود عنها وتتحرك لها على كافة الصعد، لن تتقدم بالشكل المطلوب والأمثل إلا وفق تنسيق عام بين هذه الجماعات، فالقضية كبيرة للغاية وتحتاج لتحرك كبير تضبطه عقليات كبيرة، ومخطط كبير تحمله قلوب كبيرة، وإرادات أكبر.