- الأربعاء ديسمبر 04, 2013 8:01 pm
#67780
في مواجهة الاسلاموفوبيا :
هل أضحت الحوادث التي جرت أخيرا في بريطانيا وفرنسا والتي تمثلت في قطع رأس جندي بريطاني وطعن جندي فرنسي بسكين بمثابة وقود جديد للعنصرية ضد العرب والمسلمين في أوربا وقبلها كانت حادثة بوسطن بما يعود بنا إلى إشكالية الاسلاموفوبيا ورهاب الإسلام من جديد ؟
وإذا كان ذلك كذلك فهل من حلول غير تقليدية تنزع سياقات الكراهية الآنية وتعيد اكتشاف صفحات التعايش المشترك بين الشرق والغرب ، وتجارب الوفاق عوضا عن الافتراق عبر البحث عن حوار حقيقي للثقافات يستمد قوته من معطيات التاريخ وعبر الماضي ؟
المؤكد أن عدة استطلاعات للرأي جرت في عدد من العواصم العربية المتقدمة الأيام القليلة الفائتة تشير بالفعل إلى أن مشاعر الكراهية والرفض لكل من هو عربي ومسلم في تصاعد ينذر بمخاوف كبرى أم لم يتم تدارك الأمر .
خذ إليك على سبيل المثال ما كشفت عنه نتائج استطلاع رأي حديث تم إجراؤه في ألمانيا أواخر شهر ابريل الماضي ونشرت نتائجه صحيفة " فيلت أم زونتاج " الألمانية وتبدى من خلاله أن 51% من الألمان يرون في الإسلام تهديدا وان هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 57% في شرق البلاد حيث يندر وجود مسلمين .
هل الأوضاع في فرنسا أفضل من نظيرتها في ألمانيا ؟ بالقطع لا إذ أفاد استطلاع أجراه معهد " ايبسوس " لحساب صحيفة لوموند الفرنسية أن " قرابة ثلاثة أرباع الفرنسيين يعتبرون أن الإسلام لا يتفق مع قيم الجمهورية ".
وبحسب هذا الاستطلاع فان 74% من الذين شملهم يعتبرون الإسلام ديانة " غير متسامحة " لا تتوافق مع قيم المجتمع الفرنسي .
وفي نسبة اكبر يرى ثمانية فرنسيين من عشرة أن الدين الإسلامي يسعى إلى فرض شريعته على الآخرين ، وأخيرا فان أكثر من النصف يعتقدون أن المسلمين في غالبيتهم متطرفون .
أما عن بريطانيا فحدث ولا حرج وأعمال التيارات اليمينية المتطرفة هناك في الفترة الأخيرة تشير بالفعل إلى مأزق عريض يعيشه المهاجرون الأفارقة والأسيويين والعرب من المسلمين ؟ هل هناك من يصب الزيت على النار حتى تزداد الأوضاع اشتعالا ويشتد أوار المواجهة الدينية والثقافية معا ؟
قطعا ذلك كذلك ، والدليل ما كتبه الإسرائيلي المتطرف " أوري اليشور" عبر صحيفة معاريف الإسرائيلية تحت عنوان " الإسلام والنعامة " وفيه تشكيك واضح وكراهية فاضحة للمسلمين في أوربا الذين اعتبرهم اقل وفاءا لتلك البلاد ن الكلاب الضالة مستعيرا لمقولة للكاتب الأمريكي الساخر مارك توين ومضيفا من عندياته أن الإسلام في أوربا اليوم بات يمثل شخصية الساحر الشرير اللورد فولد مورث وهو الشخصية الشهيرة في سلسلة هاري بوتر لصاحبتها الكاتبة الانجليزية "ج . ل. رولينج " وبدون تطويل ممل فان " أوري اليشور يوجز نظرته في انه " إن لم يكن كل المسلمين متعصبين إلا أن كل متعصبي أوربا مسلمين " تدعونا هذه الخلاصة إلى التساؤل هل كان تاريخ العرب والمسلمين في أوربا عبر مئات السنين صفحات من التعصب والكراهية والقتل كما يصور اليميني الإسرائيلي المتطرف ربما يعلم كثيرين من المثقفين والقراء أن الأندلس هي تاريخ العرب والمسلمين في أوربا فقط ويجهل غيرهم أن جزيرة صقلية الأقرب إلى العالم العربي وعاصمتها باليرمو كانت مثالا حيا على الحوار الذي بدا منذ زمان طويل وعلى التعايش المثمر الخلاق بين المسلمين والمسيحيين واليهود هناك .
ففي القرن التاسع الميلادي توجه المسلمين الأفارقة من شمال إفريقيا إلى صقلية وجعلوا من باليرمو عاصمة لها وهناك بدءوا في الإصلاح الزراعي ما أدى إلى رفع الإنتاج والمثير أن تجربة الإصلاح الزراعي لمصر في ستينات القرن المنصرم كانت في الأصل تجربة المسلمين في باليرمو قبل ألف عام إذ شجعوا نمو الحيازات الصغيرة وقلصوا من الإقطاعيات الكبرى كما طوروا نظم الري اللازمة للزراعة .
وتذكر موسوعات تاريخية عدة أن الفترة العربية والإسلامية التي دامت نحو مائتي عام كانت مثالا لتحويل المدينة إلى ملتقى تجاري وثقافي ويقال انه كان بها أكثر من ثلاثمائة مسجد وكانت معروفة في العالم العربي كافة كما أنها كانت فترة ازدهار وتسامح فقد سمح للمسيحيين الأصليين واليهود بممارسة شعائرهم الدينية وان واجب عليهم دفع الجزية كما كانت لهم قدرة المشاركة في الشؤون العامة .
وفي سنوات الحكم العربي ارتقت باليرمو ونهضت بشكل يتجاوز بقية مدن صقلية بفضل المهارات الإدارية والمعمارية لقادتها فصارت أرضها غنية وزاهرة بالتقاليد المميزة للمسلمين وتركوا هناك تأثيرات واضحة للعيان حتى اليوم في أسماء الأماكن والمواقع والمعالم التاريخية ولعبوا دورا واضحا في تعليم سكان المدينة البالغين في ذلك الوقت نحو ثلاثمائة ألف نسمة والحديث في حقيقة الأمر يطول عن هذا الدور ذلك الوجود العربي الإسلامي في باليرمو ما يدعونا لطرح السؤال عنوان المقال المتقدم " لماذا لا تكون باليرمو عاصمة للثقافة العربية العام القادم أو الذي يليه؟"
والمعروف أن وزراء الثقافة العرب وفي إطار خطط وترتيبات جامعة الدول العربية منارة وشعلة للثقافة العربية وفي ظل هكذا أحوال متردية للعرب والمسلمين في أوربا ومع الشكوك والمخاوف التي تنتاب الأوروبيين من الربيع العربي الذي يحمل ملمحا وملمسا إسلاميا واضحا ربما تكون فكرة اختيار " باليرمو " لإقامة عام للثقافة العربية بها فكرة رائدة تصل ما قد انفصل وتعيد بناء الجسور مع الأوروبيين هذا أن تم الترتيب لها والإعداد لها بشكل علمي ممنهج وأظن واثقا أن ايطاليا حكومة وشعبا وجمعيات أهلية ترحب بمثل هذه الفكرة لاسيما وإنها الدولة الأقرب جغرافيا للعالم العربي كما إنها الأكثر علاقات وامتن صلات مع مصر تحديدا منذ زمن الإمبراطورية الرومانية حتى الساعة .
طرح فكرة باليرمو عاصمة للثقافة العربية في حقيقة الحال ليس ضربا من ضروب الترف الفكري بل حاجة حتمية لمواجهة أساطير التغريب وأوهام اسلمة أوربا ودرءا للاسوا الذي لم يأت بعد ولذلك فان لتعويل على التنظير الفكري والإيديولوجي للدفاع عن الإسلام والمسلمين شفاهيا وكتابيا أمر غير ذي جدوى وبات المطلوب بالفعل تغير جذري عملاني في آليات الاحتكاك مع الأخر في أوربا نفسا وجسما ورسما لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام لاسيما وهذه حقيقة لابد من أن نواجه أنفسنا بها ـ التي يمارسها نفر من المتطرفين والمتشددين الإسلاميين سواء داخل حدود الأوطان أو في شوارع أوربا ارض المهجر التي ارتضاها هؤلاء كدار سلم وليس دار حرب .
هل أضحت الحوادث التي جرت أخيرا في بريطانيا وفرنسا والتي تمثلت في قطع رأس جندي بريطاني وطعن جندي فرنسي بسكين بمثابة وقود جديد للعنصرية ضد العرب والمسلمين في أوربا وقبلها كانت حادثة بوسطن بما يعود بنا إلى إشكالية الاسلاموفوبيا ورهاب الإسلام من جديد ؟
وإذا كان ذلك كذلك فهل من حلول غير تقليدية تنزع سياقات الكراهية الآنية وتعيد اكتشاف صفحات التعايش المشترك بين الشرق والغرب ، وتجارب الوفاق عوضا عن الافتراق عبر البحث عن حوار حقيقي للثقافات يستمد قوته من معطيات التاريخ وعبر الماضي ؟
المؤكد أن عدة استطلاعات للرأي جرت في عدد من العواصم العربية المتقدمة الأيام القليلة الفائتة تشير بالفعل إلى أن مشاعر الكراهية والرفض لكل من هو عربي ومسلم في تصاعد ينذر بمخاوف كبرى أم لم يتم تدارك الأمر .
خذ إليك على سبيل المثال ما كشفت عنه نتائج استطلاع رأي حديث تم إجراؤه في ألمانيا أواخر شهر ابريل الماضي ونشرت نتائجه صحيفة " فيلت أم زونتاج " الألمانية وتبدى من خلاله أن 51% من الألمان يرون في الإسلام تهديدا وان هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 57% في شرق البلاد حيث يندر وجود مسلمين .
هل الأوضاع في فرنسا أفضل من نظيرتها في ألمانيا ؟ بالقطع لا إذ أفاد استطلاع أجراه معهد " ايبسوس " لحساب صحيفة لوموند الفرنسية أن " قرابة ثلاثة أرباع الفرنسيين يعتبرون أن الإسلام لا يتفق مع قيم الجمهورية ".
وبحسب هذا الاستطلاع فان 74% من الذين شملهم يعتبرون الإسلام ديانة " غير متسامحة " لا تتوافق مع قيم المجتمع الفرنسي .
وفي نسبة اكبر يرى ثمانية فرنسيين من عشرة أن الدين الإسلامي يسعى إلى فرض شريعته على الآخرين ، وأخيرا فان أكثر من النصف يعتقدون أن المسلمين في غالبيتهم متطرفون .
أما عن بريطانيا فحدث ولا حرج وأعمال التيارات اليمينية المتطرفة هناك في الفترة الأخيرة تشير بالفعل إلى مأزق عريض يعيشه المهاجرون الأفارقة والأسيويين والعرب من المسلمين ؟ هل هناك من يصب الزيت على النار حتى تزداد الأوضاع اشتعالا ويشتد أوار المواجهة الدينية والثقافية معا ؟
قطعا ذلك كذلك ، والدليل ما كتبه الإسرائيلي المتطرف " أوري اليشور" عبر صحيفة معاريف الإسرائيلية تحت عنوان " الإسلام والنعامة " وفيه تشكيك واضح وكراهية فاضحة للمسلمين في أوربا الذين اعتبرهم اقل وفاءا لتلك البلاد ن الكلاب الضالة مستعيرا لمقولة للكاتب الأمريكي الساخر مارك توين ومضيفا من عندياته أن الإسلام في أوربا اليوم بات يمثل شخصية الساحر الشرير اللورد فولد مورث وهو الشخصية الشهيرة في سلسلة هاري بوتر لصاحبتها الكاتبة الانجليزية "ج . ل. رولينج " وبدون تطويل ممل فان " أوري اليشور يوجز نظرته في انه " إن لم يكن كل المسلمين متعصبين إلا أن كل متعصبي أوربا مسلمين " تدعونا هذه الخلاصة إلى التساؤل هل كان تاريخ العرب والمسلمين في أوربا عبر مئات السنين صفحات من التعصب والكراهية والقتل كما يصور اليميني الإسرائيلي المتطرف ربما يعلم كثيرين من المثقفين والقراء أن الأندلس هي تاريخ العرب والمسلمين في أوربا فقط ويجهل غيرهم أن جزيرة صقلية الأقرب إلى العالم العربي وعاصمتها باليرمو كانت مثالا حيا على الحوار الذي بدا منذ زمان طويل وعلى التعايش المثمر الخلاق بين المسلمين والمسيحيين واليهود هناك .
ففي القرن التاسع الميلادي توجه المسلمين الأفارقة من شمال إفريقيا إلى صقلية وجعلوا من باليرمو عاصمة لها وهناك بدءوا في الإصلاح الزراعي ما أدى إلى رفع الإنتاج والمثير أن تجربة الإصلاح الزراعي لمصر في ستينات القرن المنصرم كانت في الأصل تجربة المسلمين في باليرمو قبل ألف عام إذ شجعوا نمو الحيازات الصغيرة وقلصوا من الإقطاعيات الكبرى كما طوروا نظم الري اللازمة للزراعة .
وتذكر موسوعات تاريخية عدة أن الفترة العربية والإسلامية التي دامت نحو مائتي عام كانت مثالا لتحويل المدينة إلى ملتقى تجاري وثقافي ويقال انه كان بها أكثر من ثلاثمائة مسجد وكانت معروفة في العالم العربي كافة كما أنها كانت فترة ازدهار وتسامح فقد سمح للمسيحيين الأصليين واليهود بممارسة شعائرهم الدينية وان واجب عليهم دفع الجزية كما كانت لهم قدرة المشاركة في الشؤون العامة .
وفي سنوات الحكم العربي ارتقت باليرمو ونهضت بشكل يتجاوز بقية مدن صقلية بفضل المهارات الإدارية والمعمارية لقادتها فصارت أرضها غنية وزاهرة بالتقاليد المميزة للمسلمين وتركوا هناك تأثيرات واضحة للعيان حتى اليوم في أسماء الأماكن والمواقع والمعالم التاريخية ولعبوا دورا واضحا في تعليم سكان المدينة البالغين في ذلك الوقت نحو ثلاثمائة ألف نسمة والحديث في حقيقة الأمر يطول عن هذا الدور ذلك الوجود العربي الإسلامي في باليرمو ما يدعونا لطرح السؤال عنوان المقال المتقدم " لماذا لا تكون باليرمو عاصمة للثقافة العربية العام القادم أو الذي يليه؟"
والمعروف أن وزراء الثقافة العرب وفي إطار خطط وترتيبات جامعة الدول العربية منارة وشعلة للثقافة العربية وفي ظل هكذا أحوال متردية للعرب والمسلمين في أوربا ومع الشكوك والمخاوف التي تنتاب الأوروبيين من الربيع العربي الذي يحمل ملمحا وملمسا إسلاميا واضحا ربما تكون فكرة اختيار " باليرمو " لإقامة عام للثقافة العربية بها فكرة رائدة تصل ما قد انفصل وتعيد بناء الجسور مع الأوروبيين هذا أن تم الترتيب لها والإعداد لها بشكل علمي ممنهج وأظن واثقا أن ايطاليا حكومة وشعبا وجمعيات أهلية ترحب بمثل هذه الفكرة لاسيما وإنها الدولة الأقرب جغرافيا للعالم العربي كما إنها الأكثر علاقات وامتن صلات مع مصر تحديدا منذ زمن الإمبراطورية الرومانية حتى الساعة .
طرح فكرة باليرمو عاصمة للثقافة العربية في حقيقة الحال ليس ضربا من ضروب الترف الفكري بل حاجة حتمية لمواجهة أساطير التغريب وأوهام اسلمة أوربا ودرءا للاسوا الذي لم يأت بعد ولذلك فان لتعويل على التنظير الفكري والإيديولوجي للدفاع عن الإسلام والمسلمين شفاهيا وكتابيا أمر غير ذي جدوى وبات المطلوب بالفعل تغير جذري عملاني في آليات الاحتكاك مع الأخر في أوربا نفسا وجسما ورسما لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام لاسيما وهذه حقيقة لابد من أن نواجه أنفسنا بها ـ التي يمارسها نفر من المتطرفين والمتشددين الإسلاميين سواء داخل حدود الأوطان أو في شوارع أوربا ارض المهجر التي ارتضاها هؤلاء كدار سلم وليس دار حرب .