- الخميس ديسمبر 05, 2013 6:48 am
#67933
بد الرحمن حسن عزام (8 مارس 1893م ـ 2 يونيو 1976م) أصبح في 22 مارس 1945م الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية في قمة أنشاص وبقي أمينا عاما إلى عام 1952م.
ويسمي جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها حارب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وروسيا وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي والفرنسيين وحارب ضد الطليان واحتل مع محمد صالح حرب والسيد أحمد الشريف الواحات المصرية. أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالمية الثانية وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية.
من أصول ليبية، ولد في محافظة الجيزة، ودرس الطب في مصر. قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الإيطالين، حيث أصبح مستشار الجمهورية الطرابلسية. أسس القوات المرابطة وقادها إلى أن أصبح وزير للخارجية المصرية.
في 1923م عاد إلى مصر. في 1924م انتخب في مجلس النواب المصري. في 1936م عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية. في 1939م أصبح وزير أوقاف في وزارة علي ماهر باشا (18 أغسطس 1939م - 27 يونيو 1940م).
شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939م. في خلال وزارة أحمد ماهر باشا (15 يناير 1945م - 24 فبراير 1945م) ووزارة محمود فهمى النقراشى من (24 فبراير 1945م - 15 فبراير 1946م) كان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. من 22 مارس 1945م إلى 1952م أمين عام جامعة الدول العربية. بعد ذلك، سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974م.
عبدالرحمن عزام والجامعة العربية
لا يمكن ان يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كماان جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشاتها لايمكن ان يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديده والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم امامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية واول امين عام لها.
وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم في الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري أن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الاسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى ان نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الابطال.
إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط في كتابات عبد الرحمن عزام بل إنه عنصر بارز في حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد في حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية في البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزى الذي يساعده من قواعده في مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز.
لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل أنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار في مكتب الاستاذ اسعد داغر بدار الأهرام وكان في مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الإنجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش أحد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير في قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه أنه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا في ذلك الوقت للفكرة وانشء الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقن (قبل أن تنشأ الجامعه) ان صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية فيما بعد أول أمين عام لها.
عمله في الجامعة
لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع في ميادين الجهاد في البلقان وفى برقة وطرابلس واهمهما مبدآن: الأول أنه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني: أنه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد في ميادين القتال.
لاشك ان بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كنا أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بلإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الاعضاء فلا يمكن أن يكون لها نشاط إلا عن طريق حكومات الدول الاعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته وماقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال أفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان في جهاده لا يفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة.
ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية في اندنوسيا وبدأ سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديده في الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الاسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونسيا حتى نالت استقلالها ولم يسمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالو أن اندونسيا ليست دولة عربية فلا شأن للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الاسيوية لقضية فلسطين وانهم فعلا تعاونوا معنا في قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهورتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار في دفاعه عن اندونسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان.
زلم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما انشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية في ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلب ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونسيا ودافع عن الحركات الوطنية في أفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عم حدود العمل السياسى والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والأمانه العامة إلا انه كان أبعد منهم نظرا وأصدق نبوءة وأن أهدافه وإن كانت سابقة لزمانه إلا أنها في اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها.
الخصوم
لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل ان أكبر خصومه واخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الإنجليز والفرنسيين. لقد كنت معه في باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946م وحضرت مؤتمره الصحفى الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية ازاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وانما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائرمما اثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها أن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وأن على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها.
بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس في زيارته الثانية في خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية في أقطار شمال أفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين أحد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا إلا عندما تنتهى من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وان انصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتى معهم تزكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا.
بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح في تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وأنهى حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وانما سمعت بنفسى نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم في باريس والقاهرة وان بعضهم ما زال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم أن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تاخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو ان تساعكم في جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون ان بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة غرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية في شمال أفريقيا وأن هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لإبعاده عن الجامعة العربية ونجحوا في ذلك بعد انقلاب يوليو 1952م.
الجهاد الشعبي
أكثر من ذلك فإن عزام قبل إنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية وأقنع بذلك علي ماهر باشا عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الإنجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا في إقالة علي ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا في أقسى فترة مرت في حياته.
إن الجيش المرابط الذي كان في نظره احياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بأن المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بأن سخرها لمساعدة الفدائيين في فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل أحمد عبد العزيز.
بل إن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائى ضد الإنجليز في منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد أبعد عن الجامعة العربية فانه استمر في عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرأ لرسالة الخالدة ان رسالة العرب الخالدة في نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها في هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا تقر الاعتزاز بعنصر أو جنس وأن قيمة الإنسان في عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع باخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة.
لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت في المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه في الجهاد في البلقان أو في أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعوا الله ان يجمعه بهم في صفوف الشهداء جزاء على ما قدمة من جهاد وما تحل به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية في كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد في سبيل الله.
ويسمي جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها حارب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وروسيا وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي والفرنسيين وحارب ضد الطليان واحتل مع محمد صالح حرب والسيد أحمد الشريف الواحات المصرية. أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالمية الثانية وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية.
من أصول ليبية، ولد في محافظة الجيزة، ودرس الطب في مصر. قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الإيطالين، حيث أصبح مستشار الجمهورية الطرابلسية. أسس القوات المرابطة وقادها إلى أن أصبح وزير للخارجية المصرية.
في 1923م عاد إلى مصر. في 1924م انتخب في مجلس النواب المصري. في 1936م عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية. في 1939م أصبح وزير أوقاف في وزارة علي ماهر باشا (18 أغسطس 1939م - 27 يونيو 1940م).
شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939م. في خلال وزارة أحمد ماهر باشا (15 يناير 1945م - 24 فبراير 1945م) ووزارة محمود فهمى النقراشى من (24 فبراير 1945م - 15 فبراير 1946م) كان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. من 22 مارس 1945م إلى 1952م أمين عام جامعة الدول العربية. بعد ذلك، سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974م.
عبدالرحمن عزام والجامعة العربية
لا يمكن ان يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كماان جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشاتها لايمكن ان يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديده والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم امامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية واول امين عام لها.
وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم في الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري أن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الاسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى ان نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الابطال.
إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط في كتابات عبد الرحمن عزام بل إنه عنصر بارز في حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد في حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية في البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزى الذي يساعده من قواعده في مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز.
لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل أنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار في مكتب الاستاذ اسعد داغر بدار الأهرام وكان في مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الإنجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش أحد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير في قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه أنه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا في ذلك الوقت للفكرة وانشء الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقن (قبل أن تنشأ الجامعه) ان صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية فيما بعد أول أمين عام لها.
عمله في الجامعة
لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع في ميادين الجهاد في البلقان وفى برقة وطرابلس واهمهما مبدآن: الأول أنه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني: أنه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد في ميادين القتال.
لاشك ان بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كنا أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بلإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الاعضاء فلا يمكن أن يكون لها نشاط إلا عن طريق حكومات الدول الاعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته وماقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال أفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان في جهاده لا يفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة.
ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية في اندنوسيا وبدأ سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديده في الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الاسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونسيا حتى نالت استقلالها ولم يسمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالو أن اندونسيا ليست دولة عربية فلا شأن للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الاسيوية لقضية فلسطين وانهم فعلا تعاونوا معنا في قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهورتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار في دفاعه عن اندونسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان.
زلم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما انشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية في ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلب ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونسيا ودافع عن الحركات الوطنية في أفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عم حدود العمل السياسى والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والأمانه العامة إلا انه كان أبعد منهم نظرا وأصدق نبوءة وأن أهدافه وإن كانت سابقة لزمانه إلا أنها في اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها.
الخصوم
لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل ان أكبر خصومه واخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الإنجليز والفرنسيين. لقد كنت معه في باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946م وحضرت مؤتمره الصحفى الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية ازاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وانما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائرمما اثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها أن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وأن على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها.
بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس في زيارته الثانية في خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية في أقطار شمال أفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين أحد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا إلا عندما تنتهى من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وان انصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتى معهم تزكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا.
بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح في تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وأنهى حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وانما سمعت بنفسى نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم في باريس والقاهرة وان بعضهم ما زال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم أن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تاخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو ان تساعكم في جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون ان بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة غرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية في شمال أفريقيا وأن هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لإبعاده عن الجامعة العربية ونجحوا في ذلك بعد انقلاب يوليو 1952م.
الجهاد الشعبي
أكثر من ذلك فإن عزام قبل إنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية وأقنع بذلك علي ماهر باشا عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الإنجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا في إقالة علي ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا في أقسى فترة مرت في حياته.
إن الجيش المرابط الذي كان في نظره احياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بأن المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بأن سخرها لمساعدة الفدائيين في فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل أحمد عبد العزيز.
بل إن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائى ضد الإنجليز في منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد أبعد عن الجامعة العربية فانه استمر في عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرأ لرسالة الخالدة ان رسالة العرب الخالدة في نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها في هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا تقر الاعتزاز بعنصر أو جنس وأن قيمة الإنسان في عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع باخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة.
لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت في المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه في الجهاد في البلقان أو في أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعوا الله ان يجمعه بهم في صفوف الشهداء جزاء على ما قدمة من جهاد وما تحل به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية في كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد في سبيل الله.