صفحة 1 من 1

الجيوبوليتيك

مرسل: الجمعة ديسمبر 06, 2013 10:06 pm
بواسطة خالد رزيقي 30,32
الهجمات التي وقعت في 11 ايلول/ سبتمبر 2001 على امريكا كانت بداية القرن الحادي والعشرين وتنبيه وايقاظ للامريكان. لكن هذه الهجمات، وان كانت ماساوية، فهي جزء من سلسلة متواصلة من العنف ضد امريكا التي متدت من تفجير سفاراتنا في افريقيا، الى استهداف قواتنا العسكرية في المملكه العربية السعودية وسفن سلاح البحرية في الموانئ الاجنبية. ومن الواضح ان اميركا هي المستهدفة بشكل متزايد من تنامي الارهاب في جميع انحاء العالم. بزوغ فجر عصر الارهاب يدعونا الى اعادة تقويم افكارنا حول كيفية تعاملنا مع بقية العالم، ونحن بحاجة الى الدراسة بعناية ليس فقط لموقفنا الدولية، ولكن ايضا للتطورات في النظريات الجيوبولتيكية التي تشكل اساس سياستنا الخارجية في التعامل مع العالم فى القرن الحادى والعشرين. دعنا نبدأ من خلال دراسة مصادر النظرية الجيوبولتيك نفسها.
تطور النظريات الجيوبولتك:
تعتبر الجيوبولتك فرع من الجغرافيا،حيث تهدف الى توضيح العلاقات بين الحقائق الجغرافية والشؤون الدولية. إن فكرة وجود مثل هذه العلاقات كانت قد لوحظت في قت قريب من قبل الاغريق،اما جذور الجيوبولتك الحديثة برزت في اعمال الجغرافي الالماني، الاستاذ فريدريك راتزل في عام 1897. وكان الاستاذ ratzel الذي صاغة العبارة anthrogeographical بمعنى الجمع بين علم الانسان والجغرافيا والسياسة، وأعرب عن اعتقاده بأن الدول لها الكثير من الخصائص التي للكائنات الحيه، ورأى ان الدولة قد تنمو وبالتالي يجب ان تتوسع أو تموت، وقدم ايضا فكرة " الحدود الحية"، حيث تكون الحدود ديناميه وقابلة للتغيير
اما استاذ الجغرافية السويدي كيلن(Kjellen, Rudolf) في جامعة غوتنبرغ في عام 1900 كان اول من استخدم مصطلح الجيوبولتيك وهو في السويديه geopolitik
وتم توسيع افكار ratzels من قبل ودولف كيلن الذي يعتبر عموما مؤسس علم الجيوبولتيك. اما الادميرال ألامريكي الفريد ماهان mahan الاستاذ في الاكاديميه البحرية الاميركية كان قد ربط مبكرا أفكاره بالجيوبولتك. حيث انشر اعمال عديدة بشأن هذا الموضوع فى عام 1890. استندا في دراسته على التجارب السابقة للقوى العالمية، مثل البرتغال، واسبانيا وانكلترا، وخلص الى ان التجارة البحرية امرا اساسيا لتحقيق الازدهار الاقتصادي للدول العظمى، في رأيه من أجل تأمين سلامة الامة في التجارة البحرية لابد من سيطرتها على البحار. وهكذا اعتبر القوة البحرية أحدى المقومات الاساسية لدولة القوية، أمه واحدة مع سيادة بحرية يمكن ان تهزم بلد عسكريا بارزا. افكار ماهان قادت الولايات المتحدة الامريكية الى تطوير اسطولا بحريا قوي
وفي غضون ذلك كانت مدرسة الجيوبولتك تنمو في انكلترا على يد السير هالفورد ماكندار mackinder، من بين افكاره الاولى في 1904، والتي تم تطويره في 1919.. ارى ماكندر بان الاراضي التي تقع في اوربا الشرقية تمثل قلب العالم . اوراسيا وافريقيا تشكل "جزيرة العالم". والقوة التي يمكن التحكم في "قلب العالم" سوف تصبح ما نسميه الآن الدولة العظمى. تلخيص افكار ماكندر في ثلاث جمل من شأنها ان ترمز الى الجيوبولتك:
1.من يحكم شرق اوروبا يسيطر على قلب العالم
2.من يسيطر على القلب يسيطر على الجزيرة العالم
3.من يسطير على جزيرة العالم يسيطر على العالم
وبعد الحرب العالمية الأولى كانت المدرسة الالمانيه في الجيوبولتك تتطور في اطار البرامج العامة , وكان الاستاذ كارل هوسهوفر قد الجمع بين المفاهيم الاساسية لراتزل , وكيلن و وماكندر في تشكيل المدرسة الالمانيه في الجيوبولتك. من راتزل جاءت فكرة المجال الحيوي او الفضاء، من كيلن جاء مصطلح الاكتفاء الذاتي ومن ماكندر جاءت فكرة "الوسط"او القلب. الافكار التي قدمها هوسهوفر،ادولف هتلر تستخدمها لاضفاء الشرعية على الفتوحات الالماني قبل واثناء الحرب العالمية الثانية
ونتيجة لارتباط النازية في المانية بالجيوبولتك تراجع الاهتمام بهذا المجال بعد الحرب العالمية الثانية، كما كانت الجيوبولتك عرضة للنقد حيث راى نقاد الجيوبولتك بان النظريه الجيوبولتك تميل الى تبني سبب واحدة لنجاح او فشل اي بلد. وانها لم تأخذ في الاعتبار حق الانسان في الاختيار
خلال الحرب العالمية الثانية، في الولايات المتحدة نظرية اخرى في الجيوبولتيك كانت قد تتطورت. البروفسور نيكولاس سبايكمن spykman راى بان ماكندر كان قد طرحا تركيزا اكثر من اللازم على قلب الارض. واعرب عن اعتقاده ان كلا من قوة البحرية وبرية ذات اهمية. سبايكمن اختلف مع ماكندر حول نظرية قلب الارض. حيث يرى ان الامكانات الحقيقية في اوراسيا تكمن في " الهلال الداخلي". الذي يتمثل عتد سبايكمن في اوروبا الغربية، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا والشرق الاقصى. هذا) محيط الارض)مهم لان المنطقة لديها امكانيه الوصول الى البحر والى المناطق الداخلية. الموجز أصبح:
1.من يسيطر على محيط الارض يحكم اوراسيا
2.ومن يحكم اوراسيا يسيطر على العالم
نظرية محيط الارض لدى سبايكمن كانت واحدة من مبررات الولايات المتحدة نحو تبني سياسة الاحتواء اتجاه الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية من اجل وقف انتشار الشيوعية
ونتيجة للتقدم الكبير الذي أحرز في ميدان الطيران خلال الحرب العالمية الثانية، عمل المفكر الايطالي سفرنسكي seversky على تطوير نظرية الجيوبولتك التي ادرجت الطيران.حيث يرى سفرنسكي ان استحداث القوة الجوية جعل ارض المعارك البرية شيئا من الماضي. وخلص تقريره الى ان من يسيطر على الاجواء سيكون القوة العالمية. عندما نشر سفرنسكي أفكاره، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كانتا أهم القوى الجوية. في مناقشة نظريته سفرتسكي استخدم الخريطه التي تركز على القطب الشمالي لاظهار الهيمنة الجوية من القوتين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ،وايضاعلى هذه الخريطه بين سفرنسكي مساحة التقاطع، والذي اسماها "منطقة للقرار." في نظريته من يسيطـــر علــــى "منطقــــة القرار" يصبح القوة العالمية المهيمنة
خلال الستينات، رسما الدكتور شاول كوهين، استاذ الجيوبولتك في جامعة بوسطن، واستاذ زائر في كلية الحرب البحرية، خطوط نظرية الجيوبولتيكية لمرحلة ما بعد الدولة القوميه، وينظر الى العالم من حيث الانماط المكانيه الغير قابل للاحتواء داخل الحدود الوطنية. كوهين قسم العالم الى مناطق جيواستراتيجيه. المنطقتين الرئيسيتين هما العالم البحري، والذي يعتمد على التجارة، والعالم القاري الاورآسى، والذي هو في الاتجاه الداخلي. كوهين اعطى معظم الدول القويه داخل عنوان الأول - دول النظام. هذه عند كوهين هي اليابان، الولايات المتحدة والمجموعة الاوروبية، في حين العالم القاري هي الصين والاتحاد السوفياتي السابق. البروفيسور كوهين وصف الدول التي تفصل بين العوالم بدول الحزام المحطم. انموذج كوهين ايضا ضم الدول المستقلة مثل باكستان، الهند، تايلند، وفيتنام.دول البوابة هي تلك الواقعة بين العوالم والمناطق التي تعمل بوصفها الروابط. الانموذج ايضا وصف تلك الدول غير متناظره ضمن المنطقة التي تصرفت بطريقة مختلفة اكثر من غيرها مثل اسرائيل وكوريا الشمالية الواقعة في shatterbelt
في سبعينات القرن الماضي انتجت اثنتين من النظريات الكبيرة في الجيوبولتك. الاولى هي نظرية "النظام العالمي" وضعه الدكتور عمانوئيل Wallerstein في جامعة ولاية نيويورك. وضع استاذ Wallerstein أنموذج له خلال الفترة 1974-89. وصف نوعين من نظم العالم: أول، هو نظام "امبراطورية العالم" حيث لا يوجد الا نظام سياسي فردي في معظم انحاء المنطقة، والثاني، نظام "الاقتصاد العالمي" حيث النظام السيـــاسي الفردي ليس له وجود Wallerstein
يعتقد ان نظام "الاقتصاد العالمي" تطور في اوروبا خلال القرن السادس عشر وضم ثلاث مناطق جغرافيه. وكانت الدول المتقدمه هي المناطق الاساسية "فى الاقتصاد العالمى." وهذه الدول المركزية دعمت هياكل الدولة، والثقافة الوطنية و تكامل الشعب. دول المركز كانت تمثل القوة الاقتصادية التي ارتبطت من خلال التجارة والتكنولوجيا وكانت مستقلة عن المحيط. وكانت المناطق المحيطة تشمل الدول الضعيفه،التي تكون اما دول تحت الاحتلال او الدول ذات درجة منخفضة من الاستقلال الذاتي. اشار Wallerstein كذلك الى منطقة ثالثة، والتي كانت تضم مناطق شبه المحيط والتي عملت كمنـــاطق عــازله بــين المركــــز ومحيــط
انموذج Wallerstein يحتوي على العديد من أوجه القصور. اولا، نظامه العالمي يعكس حتميه. وأعرب عن اعتقاده بأن النظام العالي الذي تطور خلال الخمسينيات، لاتوجد فيه بلاد جديدة ستكون قادرة على الدخول في النظام وتكون قادرة على المنافسة بنجاح. كما اعرب عن اعتقاده بأن تلك البلدان في المحيط ربما لاتكون ابدا قادرة على الحاق اقتصاديا بالبلدان في المركز. على الرغم من عيوبه نظرية Wallerstein الا انها مهمة كونها عملت على الربط بين الجغرافيا والسياسة والاقتصاد. كما ان هناك بعض الاتفاق مع انموذج كوهين حول العوالم الجيواستراتيجية.