إيران «الاعتدال والوسطية والعقلانية»
مرسل: السبت ديسمبر 07, 2013 4:03 am
ما كادت أجواء العلاقات الإيرانية - الأميركية تبشر بانفراج محتمل بعد جولة المفاوضات الأولية في جنيف حتى أطلقت طهران حملة غزل دبلوماسي سافر مع العواصم الخليجية، وصلت إلى حد تلاوة فعل الندامة على مواقفها السياسية الأخيرة عبر إعلان وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، ترحيب بلاده بـ«الاعتدال والوسطية والعقلانية في العلاقات الدولية».
بالنسبة لطهران، يشكل تعهد من هذا النوع المدخل العملي لخروجها من حالة العزلة الخانقة التي تمر بها والخطوة الأولى لعودتها إلى الساحة الإقليمية لاعبا ناشطا، ومؤثرا معا... فعسى أن تقرن الأقوال بالأفعال وتقبل في عهد «الاعتدال والوسطية» التفاوض على مصير الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها في الخليج.
إلا أن المؤسف أن اتفاق جنيف المرحلي أظهر أن من الصعب التفاوض مع إيران دون سيف مسلط عليها (العقوبات الاقتصادية)... فهل يمكن توقع قبولها التفاوض على تسوية نزاع الجزر الخليجية في غياب هذا «السيف»؟
بقدر ما تبدو متوقعة عودة إيران، دبلوماسيا، إلى الساحة الشرق أوسطية في أعقاب تنازلاتها النووية في جنيف، بقدر ما يثير تحررها من ضغوط المقاطعة الغربية والخصومة الأميركية مخاوف مبررة من احتمال عودتها أيضا إلى مساعيها التقليدية لبسط هيمنتها على الخليج. والمقلق في هذا السياق أن «المكاسب» التي حققها تدخلها في المنطقة ككل، وخصوصا في العراق وسوريا ولبنان، قد تشكل حافزا جديدا لاستئناف دبلوماسية التمدد في المنطقة.
ربما خفف اتفاق جنيف من صورة إيران العدوانية المصممة على تطوير ترسانتها النووية «القومية» رغم كل المخاطر المحدقة بهذا المخطط، إلا أن الاتفاق لم يلغِ جوهر نظام إيران الآيديولوجي المتشدد. ولأن هذا النظام لا يزال على حاله تحسبت واشنطن لاحتمالات تغلب التشدد على الانفتاح في طهران بإعلانها، بعد الاتفاق، أن كل الخيارات لا تزال واردة تجاه إيران بما فيها الخيار العسكري.
مع ذلك، ستظل حدود التقارب الأميركي - الإيراني وأبعاده الإقليمية عنوان المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط، فإيران، ذات الكثافة السكانية الأكبر من أي دولة عربية في ما خلا مصر، تجاهر برسالة ظاهرها ديني يختلف مع معتقدات الدول العربية المجاورة لها (إضافة إلى تركيا)، وباطنها قومي ينتهك أبسط قواعد سيادة هذه الدول. من هنا ضرورة التساؤل: هل أعطى اتفاق جنيف إيران «اللانووية» شرعية إقليمية لتعود من خلالها إلى ملعب الشرق الأوسط متحررة من ضوابط المرحلة «النووية» السابقة؟
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تزال إحدى الدول القليلة في عالم القرن الـ21 التي تنادي بمشروع «آيديولوجي» يتجاوز تطبيقه حدودها الجغرافية. ورغم أن مركزية سلطة الولي الفقيه في طهران لا تسمح بالحديث عن أجنحة متباينة الأهداف داخل النظام الواحد، فإن توقيت انتخاب الرئيس المعتدل، حسن روحاني، في الظرف الملائم - والدقيق - لإخراج إيران من طوق العقوبات الغربية يوحي بوجود شكل من أشكال الازدواجية المنسقة - كي لا نقول التقية - بين ضرورات الدولة الإيرانية ومتطلبات الثورة الإسلامية.
حتى في حال التسليم بأن إيران «الدولة» سوف تتقيد ببنود اتفاق جنيف المرحلي يبقى السؤال واردا عما إذا كانت إيران «الآيديولوجية» سوف تلتزم به إلى حد إعادة النظر في خطط تصدير «الثورة الإسلامية» إلى دول الجوار.
على هذا الصعيد، تشكل النشاطات الراهنة التي تمارسها إيران «بالوكالة»، بواسطة أذرعها المسلحة في كل من لبنان وسوريا، مؤشرا عمليا، وإن كان أوليا، لتوجهات الدبلوماسية الإيرانية في مرحلة ما بعد اتفاق جنيف.
حتى الآن لا يبدو من تصرفات «وكلاء» إيران في لبنان وسوريا أن صفحة جديدة من «الاعتدال والوسطية والعقلانية» قد فتحت في مقاربتهم للنزاع المسلح في سوريا أو للأزمة السياسية في لبنان، الأمر الذي يوحي بأن «الازدواجية الإيرانية» (بين الدولة والنظام) سوف تستمر في توجيه دبلوماسية طهران في الشرق الأوسط، إلى بضع سنوات مقبلة على الأقل.
بالنسبة لطهران، يشكل تعهد من هذا النوع المدخل العملي لخروجها من حالة العزلة الخانقة التي تمر بها والخطوة الأولى لعودتها إلى الساحة الإقليمية لاعبا ناشطا، ومؤثرا معا... فعسى أن تقرن الأقوال بالأفعال وتقبل في عهد «الاعتدال والوسطية» التفاوض على مصير الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها في الخليج.
إلا أن المؤسف أن اتفاق جنيف المرحلي أظهر أن من الصعب التفاوض مع إيران دون سيف مسلط عليها (العقوبات الاقتصادية)... فهل يمكن توقع قبولها التفاوض على تسوية نزاع الجزر الخليجية في غياب هذا «السيف»؟
بقدر ما تبدو متوقعة عودة إيران، دبلوماسيا، إلى الساحة الشرق أوسطية في أعقاب تنازلاتها النووية في جنيف، بقدر ما يثير تحررها من ضغوط المقاطعة الغربية والخصومة الأميركية مخاوف مبررة من احتمال عودتها أيضا إلى مساعيها التقليدية لبسط هيمنتها على الخليج. والمقلق في هذا السياق أن «المكاسب» التي حققها تدخلها في المنطقة ككل، وخصوصا في العراق وسوريا ولبنان، قد تشكل حافزا جديدا لاستئناف دبلوماسية التمدد في المنطقة.
ربما خفف اتفاق جنيف من صورة إيران العدوانية المصممة على تطوير ترسانتها النووية «القومية» رغم كل المخاطر المحدقة بهذا المخطط، إلا أن الاتفاق لم يلغِ جوهر نظام إيران الآيديولوجي المتشدد. ولأن هذا النظام لا يزال على حاله تحسبت واشنطن لاحتمالات تغلب التشدد على الانفتاح في طهران بإعلانها، بعد الاتفاق، أن كل الخيارات لا تزال واردة تجاه إيران بما فيها الخيار العسكري.
مع ذلك، ستظل حدود التقارب الأميركي - الإيراني وأبعاده الإقليمية عنوان المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط، فإيران، ذات الكثافة السكانية الأكبر من أي دولة عربية في ما خلا مصر، تجاهر برسالة ظاهرها ديني يختلف مع معتقدات الدول العربية المجاورة لها (إضافة إلى تركيا)، وباطنها قومي ينتهك أبسط قواعد سيادة هذه الدول. من هنا ضرورة التساؤل: هل أعطى اتفاق جنيف إيران «اللانووية» شرعية إقليمية لتعود من خلالها إلى ملعب الشرق الأوسط متحررة من ضوابط المرحلة «النووية» السابقة؟
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تزال إحدى الدول القليلة في عالم القرن الـ21 التي تنادي بمشروع «آيديولوجي» يتجاوز تطبيقه حدودها الجغرافية. ورغم أن مركزية سلطة الولي الفقيه في طهران لا تسمح بالحديث عن أجنحة متباينة الأهداف داخل النظام الواحد، فإن توقيت انتخاب الرئيس المعتدل، حسن روحاني، في الظرف الملائم - والدقيق - لإخراج إيران من طوق العقوبات الغربية يوحي بوجود شكل من أشكال الازدواجية المنسقة - كي لا نقول التقية - بين ضرورات الدولة الإيرانية ومتطلبات الثورة الإسلامية.
حتى في حال التسليم بأن إيران «الدولة» سوف تتقيد ببنود اتفاق جنيف المرحلي يبقى السؤال واردا عما إذا كانت إيران «الآيديولوجية» سوف تلتزم به إلى حد إعادة النظر في خطط تصدير «الثورة الإسلامية» إلى دول الجوار.
على هذا الصعيد، تشكل النشاطات الراهنة التي تمارسها إيران «بالوكالة»، بواسطة أذرعها المسلحة في كل من لبنان وسوريا، مؤشرا عمليا، وإن كان أوليا، لتوجهات الدبلوماسية الإيرانية في مرحلة ما بعد اتفاق جنيف.
حتى الآن لا يبدو من تصرفات «وكلاء» إيران في لبنان وسوريا أن صفحة جديدة من «الاعتدال والوسطية والعقلانية» قد فتحت في مقاربتهم للنزاع المسلح في سوريا أو للأزمة السياسية في لبنان، الأمر الذي يوحي بأن «الازدواجية الإيرانية» (بين الدولة والنظام) سوف تستمر في توجيه دبلوماسية طهران في الشرق الأوسط، إلى بضع سنوات مقبلة على الأقل.