By ثامر المشخص 85 - السبت ديسمبر 07, 2013 6:37 pm
- السبت ديسمبر 07, 2013 6:37 pm
#68276
شكل نشر صواريخ نووية سوفييتية في كوبا قبل خمسين عاما الأزمة الاسوأ في الحرب الباردة واللحظة الأكثر خطورة ربما في تاريخ البشرية، وبعد الأزمة، أدرك الجانبان ان الحظ وحده حال دون اندلاع حرب نووية في العالم. وعلى مدى عقود، أشير الى الاداء المميز للرئيس الأميركي انذاك جون كينيدي الذي أشاد مؤيدوه بالطريقة التي حافظ فيها على برودة أعصابه وتفادى بالتالي اندلاع الحرب. وغالبا ما يشار الى ادائه على انه مثال على القيادة تحت الضغوط. إلا ان وثائق من أرشيف الاتحاد السوفييتي سابقا والولايات المتحدة كشفت واقعا اقل اثارة: فخلال 13 يوما في اكتوبر 1962 دخل كينيدي في صراع مع نظيره السوفييتي نيكيتا خروتشيف للسيطرة على التصعيد في تسلسل الأحداث. وكان خروتشيف القلق من التقدم الأميركي في صناعة الأسلحة النووية وجهودها للإطاحة بالنظام الكوبي الموالي لموسكو، قرر في مايو 1962 إرسال أكثر من 40 ألف جندي والعشرات من الصواريخ المزودة برؤوس نووية الى كوبا.
وفؤجئ القادة الأميركيون عندما علموا في 16 أكتوبر بوجود صواريخ سوفييتية في كوبا وذلك عبر صور التقطتها طائرة تجسس أميركية من طراز «يو-2»، وروى روبرت كينيدي الشقيق الراحل للرئيس لاحقا ان «الشعور السائد كان الصدمة وعدم التصديق»، وبالفعل، الصدمة كانت كاملة، فوكالات التجسس الأميركية عجزت عن رصد اي إشارات تحذيرية. وعلى الرغم من حصول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) على تقارير عدة من مخبرين كوبيين حول مواكب مشبوهة خلال الليل، إلا ان الوكالة استبعدت هذه التقارير المبهمة والتي تناقض الفرضية السائدة بأن موسكو لن تتجرأ على نشر قنبلة ذرية على مسافة قريبة الى هذا الحد من الولايات المتحدة، بحسب المؤرخ مايكل دوبز مؤلف «دقيقة واحدة حتى منتصف الليل حول الأزمة». وفي البيت الأبيض، أوصى كبار القادة العسكريين بشن غارات جوية يليها غزو ممكن لكوبا، بينما فضل وزير الدفاع روبرت ماكنمارا وغيره من المسؤولين الديبلوماسيين فرض حصار على الجزيرة لمنع السفن السوفييتية من إرسال أسلحة أخرى إليها.
وفي 22 اكتوبر، اطلع كينيدي الشعب الأميركي على الأزمة في خطاب وأصدر الأوامر الى القوات المسلحة بان تكون في حالة تأهب قصوى، وفضل كينيدي إقامة حصار على كوبا بدلا من شن غارات جوية. وانتظر البيت الابيض مترقبا، بينما السفن الحربية الأميركية متمركزة في مواقعها بانتظار السفن السوفييتية الآتية الى كوبا، الا ان هذه الأخيرة عادت ادراجها وسط ارتياح دولي، لكن في الكواليس، كان التوتر في أوجه. فقد سعى كل من كينيدي وخروتشيف الى إيجاد مخرج من المأزق إلا ان جهودهما اصطدمت باشتباك الخطوط وسوء التفاهم والسبل الديبلوماسية المعقدة التي لم تكن تتيح اي قناة اتصال مباشرة. وفي مساء 26 اكتوبر، عرض السوفييت ان يسحبوا صواريخهم من كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو الجزيرة، وفي اليوم التالي، تقدمت موسكو بطلب علني من الولايات المتحدة بسحب صواريخها من طراز جوبيتر من تركيا. وفي 27 اكتوبر الذي بات يعرف بـ«السبت الاسود»، أسقطت طائرة تجسس أميركية من طراز «يو-2» فوق كوبا وتباحث مستشارو كينيدي عندها حول شن غارات جوية وبدا وكأن الأمر خرج عن السيطرة. وكان الپنتاغون يعتزم البدء بقصف مكثف الثلاثاء يليه غزو من خلال 120 ألف جندي، في عملية شبيهة بانزال الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية.
وكتب دوبز ان الولايات المتحدة لم تعلم سوى بعد ثلاثين سنة ان «السوفييت كان لديهم العشرات من الصواريخ الحربية المتوسطة المدى في كوبا وكلها مزودة برؤوس نووية قادرة على سحق اي قوة غزو»، وتوصل الجانبان الى اتفاق في الوقت الذي بدت فيه الأزمة وكأنها تسير نحو التصعيد. وكان ماكنمارا صرح خلال مؤتمر في هافانا في العام 2002 عندما كان وزيرا للدفاع «لسنوات عدة، اعتبرت الازمة الكوبية المثال الأفضل على حسن الإدارة الخارجية في نصف القرن الأخير». أما المدير السابق للمكتب الكوبي التابع لـ«كي. جي. بي» (الاستخبارات السوفييتية) نيكولاي ليونوف فاعتبر ان التوصل الى تسوية سلمية كان أشبه بالمعجزة، وقال: «وكان قوة الهية تدخلت لمساعدتنا على إنقاذ أنفسنا».
الخط الساخن بين واشنطن وموسكو
بعد أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت ان تؤدي الى اندلاع حرب نووية، اقتنع قادة الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة بضرورة اقامة قناة اتصال مباشر بينهما مما ادى الى اطلاق ما يعرف بـ «الخط الساخن» في العام 1963. وأدى غياب قناة اتصال مباشرة خلال المواجهة بين جون كينيدي ونيكيتا خروتشيف الى التكهن بنوايا المعسكر الآخر في الوقت الذي كانت فيه الرسائل بين واشنطن وموسكو تستغرق ساعات لتصل. ونقلت رسالة بتاريخ 26 اكتوبر 1962 اقترح فيها الزعيم السوفييتي تسوية للخروج من الازمة بالروسية الى السفارة الاميركية في موسكو عند الساعة 9:42 بتوقيت واشنطن، لكنها لم تصل الى وزارة الخارجية الاميركية الا عند التاسعة مساء وذلك بعد ترجمتها وبثها وتشفيرها.
ومنذ 30 اغسطس 1963 بدأ العمل بالخط الساخن او «الهاتف الاحمر» لتفادي مخاطر اندلاع حروب بين الدولتين، الا انه لم يكن يومها هاتفا للاتصالات السمعية ولا كان لونه احمر، بل كان يقتصر على الرسائل الخطية المرسلة عبر الكيبلات.
وفؤجئ القادة الأميركيون عندما علموا في 16 أكتوبر بوجود صواريخ سوفييتية في كوبا وذلك عبر صور التقطتها طائرة تجسس أميركية من طراز «يو-2»، وروى روبرت كينيدي الشقيق الراحل للرئيس لاحقا ان «الشعور السائد كان الصدمة وعدم التصديق»، وبالفعل، الصدمة كانت كاملة، فوكالات التجسس الأميركية عجزت عن رصد اي إشارات تحذيرية. وعلى الرغم من حصول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) على تقارير عدة من مخبرين كوبيين حول مواكب مشبوهة خلال الليل، إلا ان الوكالة استبعدت هذه التقارير المبهمة والتي تناقض الفرضية السائدة بأن موسكو لن تتجرأ على نشر قنبلة ذرية على مسافة قريبة الى هذا الحد من الولايات المتحدة، بحسب المؤرخ مايكل دوبز مؤلف «دقيقة واحدة حتى منتصف الليل حول الأزمة». وفي البيت الأبيض، أوصى كبار القادة العسكريين بشن غارات جوية يليها غزو ممكن لكوبا، بينما فضل وزير الدفاع روبرت ماكنمارا وغيره من المسؤولين الديبلوماسيين فرض حصار على الجزيرة لمنع السفن السوفييتية من إرسال أسلحة أخرى إليها.
وفي 22 اكتوبر، اطلع كينيدي الشعب الأميركي على الأزمة في خطاب وأصدر الأوامر الى القوات المسلحة بان تكون في حالة تأهب قصوى، وفضل كينيدي إقامة حصار على كوبا بدلا من شن غارات جوية. وانتظر البيت الابيض مترقبا، بينما السفن الحربية الأميركية متمركزة في مواقعها بانتظار السفن السوفييتية الآتية الى كوبا، الا ان هذه الأخيرة عادت ادراجها وسط ارتياح دولي، لكن في الكواليس، كان التوتر في أوجه. فقد سعى كل من كينيدي وخروتشيف الى إيجاد مخرج من المأزق إلا ان جهودهما اصطدمت باشتباك الخطوط وسوء التفاهم والسبل الديبلوماسية المعقدة التي لم تكن تتيح اي قناة اتصال مباشرة. وفي مساء 26 اكتوبر، عرض السوفييت ان يسحبوا صواريخهم من كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو الجزيرة، وفي اليوم التالي، تقدمت موسكو بطلب علني من الولايات المتحدة بسحب صواريخها من طراز جوبيتر من تركيا. وفي 27 اكتوبر الذي بات يعرف بـ«السبت الاسود»، أسقطت طائرة تجسس أميركية من طراز «يو-2» فوق كوبا وتباحث مستشارو كينيدي عندها حول شن غارات جوية وبدا وكأن الأمر خرج عن السيطرة. وكان الپنتاغون يعتزم البدء بقصف مكثف الثلاثاء يليه غزو من خلال 120 ألف جندي، في عملية شبيهة بانزال الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية.
وكتب دوبز ان الولايات المتحدة لم تعلم سوى بعد ثلاثين سنة ان «السوفييت كان لديهم العشرات من الصواريخ الحربية المتوسطة المدى في كوبا وكلها مزودة برؤوس نووية قادرة على سحق اي قوة غزو»، وتوصل الجانبان الى اتفاق في الوقت الذي بدت فيه الأزمة وكأنها تسير نحو التصعيد. وكان ماكنمارا صرح خلال مؤتمر في هافانا في العام 2002 عندما كان وزيرا للدفاع «لسنوات عدة، اعتبرت الازمة الكوبية المثال الأفضل على حسن الإدارة الخارجية في نصف القرن الأخير». أما المدير السابق للمكتب الكوبي التابع لـ«كي. جي. بي» (الاستخبارات السوفييتية) نيكولاي ليونوف فاعتبر ان التوصل الى تسوية سلمية كان أشبه بالمعجزة، وقال: «وكان قوة الهية تدخلت لمساعدتنا على إنقاذ أنفسنا».
الخط الساخن بين واشنطن وموسكو
بعد أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت ان تؤدي الى اندلاع حرب نووية، اقتنع قادة الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة بضرورة اقامة قناة اتصال مباشر بينهما مما ادى الى اطلاق ما يعرف بـ «الخط الساخن» في العام 1963. وأدى غياب قناة اتصال مباشرة خلال المواجهة بين جون كينيدي ونيكيتا خروتشيف الى التكهن بنوايا المعسكر الآخر في الوقت الذي كانت فيه الرسائل بين واشنطن وموسكو تستغرق ساعات لتصل. ونقلت رسالة بتاريخ 26 اكتوبر 1962 اقترح فيها الزعيم السوفييتي تسوية للخروج من الازمة بالروسية الى السفارة الاميركية في موسكو عند الساعة 9:42 بتوقيت واشنطن، لكنها لم تصل الى وزارة الخارجية الاميركية الا عند التاسعة مساء وذلك بعد ترجمتها وبثها وتشفيرها.
ومنذ 30 اغسطس 1963 بدأ العمل بالخط الساخن او «الهاتف الاحمر» لتفادي مخاطر اندلاع حروب بين الدولتين، الا انه لم يكن يومها هاتفا للاتصالات السمعية ولا كان لونه احمر، بل كان يقتصر على الرسائل الخطية المرسلة عبر الكيبلات.