التجربة الفلندية ...مقال رائع
مرسل: السبت ديسمبر 07, 2013 8:13 pm
29,2% من سكان العالم توفوا العام الماضي بسبب أمراض القلب (وهو رقم يوازي سكان السعودية) ..
وهذه النسبة تعد وبائية وكبيرة جدا كونها تترك بقية ال 100% لمختلف الأمراض والحوادث والأسباب الأخرى ..
وبطبيعة الحال لم تكن هذه حال البشرية في الماضي حيث يعتقد أنها لم تتجاوز ال 6% لدى رجل الكهف اعتمادا على وضع المجموعات البدائية في غابات البرازيل والفيليبين .. ولم تصبح أمراض القلب وبائية وكبيرة إلا في مطلع القرن العشرين حين شهدت الدول المتقدمة وفرة غير مسبوقة في الطعام ووسائل المواصلات . فمن المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع مستوى الدخل واستهلاك اللحوم والدهون الحيوانية ؛ فقبل الثورة الصناعية كان الفقر هو الوضع السائد وكان معظم الطعام البشري يأتي من النباتات والبقول والفواكة الطازجة .. غير أن ارتفاع دخل الفرد في معظم المجتمعات رفع من استهلاك اللحوم الحمراء والدهون الحيوانية المسببة لأمراض القلب والشرايين .. وهذا التبدل في العادات الغذائية رافقه انتشار الآلات ووسائل المواصلات التي قللت من نسبة الجهد العضلي والجسدي الذي يقوم به الانسان ..
وحتى مطلع التسعينيات كانت فنلندا تأتي في مقدمة دول العالم من حيث وفيات القلب بنسبة تجاوزت 56% (لدرجة كان الفنلنديون يستخدمون كلمة سكتة وجلطة كبديل لكلمة موت ووفاة) .. ويكمن السر في توفر مجموعة من الظروف التي لم تجتمع في أي مجتمع آخر وساهمت في إيصالها إلى هذا الحد .. فالمجتمع الفنلندي مثلا مجتمع صناعي مترف يتمتع بدخل فردي مرتفع (الأمر الذي أتاح له امتلاك وسائل مواصلات فردية واستهلاك كميات كبيرة من المنتجات الحيوانية) .. وبحكم موقعه الجغرافي القريب من الدائرة القطبية لا يتمتع بظروف مناخية تسمح له بزراعة المحاصيل الأساسية (وكان يعتمد بشكل أساسي على لحوم وألبان حيوان الرنة التي تتميز بمحتواها الدهني العالي) .. وبسبب أشهر الشتاء الطويلة كان الشعب الفنلندي يقضي معظم وقته داخل البيوت والمكاتب المكيفة دون بذل جهد بدني كبير (وهو ما جعلهم متفوقين في صنع تلفونات نوكيا وتقنيات التواصل عن بعد) !!
... غير أن المجتمع الفنلندي يتمتع بالمقابل بنعمة المعرفة والانضباط (حيث نسبة التعليم 100% ونسبة الفساد الأدنى بين دول العالم) . وهكذا بدأت الحكومة حملة وطنية لمقاومة أمراض القلب وخفض الإصابة بها لأدنى حد ممكن .. وشملت الحملة تثقيف المواطنين بمسببات المشكلة ، واستبدال عادات الطعام القديمة ، وتغيير الوجبات المقدمة للعمال والموظفين وأطفال المدارس ، ناهيك عن استيراد كميات كبيرة من المحاصيل والخضروات والفواكة الاستوائية .. وخلال ثمانية عشر عاما فقط انحدرت نسبة الوفيات بأمراض القلب إلى أقل معدل لها بين الدول الصناعية ( في حين ارتفعت لأقصى حد لها في دول أوروبا الشرقية التي خرجت من دائرة المعسكر الاشتراكي وعرفت ترف العيش متأخرا ) !
... وهذه المفارقة الأخيرة بين فنلندا وشرق أوروبا يمكن ملاحظتها على مستوى العالم أجمع ..
ففي حين نجحت حملات التثقيف في خفض وفيات القلب في المجتمعات الصناعية ؛ نلاحظ ازديادها في المجتمعات النامية التي تبنت أسلوب الغذاء الغربي .. فنسبة الوفاة بالقلب في مصر مثلا تزيد حاليا على نسبتها في فرنسا ، ونسبتها في تركيا تفوق نسبتها في النمسا (ولا أتصور بأي حال انخفاض معدل الوفاة في عالمنا العربي عن النسبة التي بدأنها بها المقال 29,2%) !!
... وما أتمناه شخصيا هو نسخ التجربة الفنلندية إلى مجتمعنا المحلي وخفض نسبة الوفاة بالقلب لأدنى حد لها (فكم شخصا تعرف توفي بهذا السبب؟) ..
وحتى نسمع عن حملة وطنية كهذه أتمنى تقيدك بثلاث نصائح عاجلة :
• الأولى : الامتناع نهائيا عن الدهون الحيوانية !
• والثانية : رفع نسبة الخضروات والفواكة في طعامك اليومي!
• والثالثة : عدم استعمال السيارة في أي مشوار يقل عن كيلومترين!
وهذه النسبة تعد وبائية وكبيرة جدا كونها تترك بقية ال 100% لمختلف الأمراض والحوادث والأسباب الأخرى ..
وبطبيعة الحال لم تكن هذه حال البشرية في الماضي حيث يعتقد أنها لم تتجاوز ال 6% لدى رجل الكهف اعتمادا على وضع المجموعات البدائية في غابات البرازيل والفيليبين .. ولم تصبح أمراض القلب وبائية وكبيرة إلا في مطلع القرن العشرين حين شهدت الدول المتقدمة وفرة غير مسبوقة في الطعام ووسائل المواصلات . فمن المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع مستوى الدخل واستهلاك اللحوم والدهون الحيوانية ؛ فقبل الثورة الصناعية كان الفقر هو الوضع السائد وكان معظم الطعام البشري يأتي من النباتات والبقول والفواكة الطازجة .. غير أن ارتفاع دخل الفرد في معظم المجتمعات رفع من استهلاك اللحوم الحمراء والدهون الحيوانية المسببة لأمراض القلب والشرايين .. وهذا التبدل في العادات الغذائية رافقه انتشار الآلات ووسائل المواصلات التي قللت من نسبة الجهد العضلي والجسدي الذي يقوم به الانسان ..
وحتى مطلع التسعينيات كانت فنلندا تأتي في مقدمة دول العالم من حيث وفيات القلب بنسبة تجاوزت 56% (لدرجة كان الفنلنديون يستخدمون كلمة سكتة وجلطة كبديل لكلمة موت ووفاة) .. ويكمن السر في توفر مجموعة من الظروف التي لم تجتمع في أي مجتمع آخر وساهمت في إيصالها إلى هذا الحد .. فالمجتمع الفنلندي مثلا مجتمع صناعي مترف يتمتع بدخل فردي مرتفع (الأمر الذي أتاح له امتلاك وسائل مواصلات فردية واستهلاك كميات كبيرة من المنتجات الحيوانية) .. وبحكم موقعه الجغرافي القريب من الدائرة القطبية لا يتمتع بظروف مناخية تسمح له بزراعة المحاصيل الأساسية (وكان يعتمد بشكل أساسي على لحوم وألبان حيوان الرنة التي تتميز بمحتواها الدهني العالي) .. وبسبب أشهر الشتاء الطويلة كان الشعب الفنلندي يقضي معظم وقته داخل البيوت والمكاتب المكيفة دون بذل جهد بدني كبير (وهو ما جعلهم متفوقين في صنع تلفونات نوكيا وتقنيات التواصل عن بعد) !!
... غير أن المجتمع الفنلندي يتمتع بالمقابل بنعمة المعرفة والانضباط (حيث نسبة التعليم 100% ونسبة الفساد الأدنى بين دول العالم) . وهكذا بدأت الحكومة حملة وطنية لمقاومة أمراض القلب وخفض الإصابة بها لأدنى حد ممكن .. وشملت الحملة تثقيف المواطنين بمسببات المشكلة ، واستبدال عادات الطعام القديمة ، وتغيير الوجبات المقدمة للعمال والموظفين وأطفال المدارس ، ناهيك عن استيراد كميات كبيرة من المحاصيل والخضروات والفواكة الاستوائية .. وخلال ثمانية عشر عاما فقط انحدرت نسبة الوفيات بأمراض القلب إلى أقل معدل لها بين الدول الصناعية ( في حين ارتفعت لأقصى حد لها في دول أوروبا الشرقية التي خرجت من دائرة المعسكر الاشتراكي وعرفت ترف العيش متأخرا ) !
... وهذه المفارقة الأخيرة بين فنلندا وشرق أوروبا يمكن ملاحظتها على مستوى العالم أجمع ..
ففي حين نجحت حملات التثقيف في خفض وفيات القلب في المجتمعات الصناعية ؛ نلاحظ ازديادها في المجتمعات النامية التي تبنت أسلوب الغذاء الغربي .. فنسبة الوفاة بالقلب في مصر مثلا تزيد حاليا على نسبتها في فرنسا ، ونسبتها في تركيا تفوق نسبتها في النمسا (ولا أتصور بأي حال انخفاض معدل الوفاة في عالمنا العربي عن النسبة التي بدأنها بها المقال 29,2%) !!
... وما أتمناه شخصيا هو نسخ التجربة الفنلندية إلى مجتمعنا المحلي وخفض نسبة الوفاة بالقلب لأدنى حد لها (فكم شخصا تعرف توفي بهذا السبب؟) ..
وحتى نسمع عن حملة وطنية كهذه أتمنى تقيدك بثلاث نصائح عاجلة :
• الأولى : الامتناع نهائيا عن الدهون الحيوانية !
• والثانية : رفع نسبة الخضروات والفواكة في طعامك اليومي!
• والثالثة : عدم استعمال السيارة في أي مشوار يقل عن كيلومترين!