رسالة أمريكا للعالم؟!
مرسل: السبت ديسمبر 07, 2013 8:59 pm
رسالة أمريكا للعالم؟!
د. عبد العزيز حسين الصويغ- المدينة السعودية
"الإمبريالية الأمريكية" هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى سياسة حكومة الولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة على دول أخرى من خلال القوة العسكرية، الاقتصادية، والسياسية. البعض ينكر وجود إمبريالية، والبعض الآخر يعتقد أنها ذات طابع جيد حسنة النية، والبعض الآخر يرى فيها قهر وتدهور للدول والشعوب المستهدفة.
وقد اعتبرها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة "رسالة" تحملها أمريكا بحكم مركزها القيادي للشعوب والدول المتأخرة.
إنها باختصار حالة "استرقاق" للعالم بغطاء إنساني.. أو ديني. وهو نفس المنطق الذي كان يحمله دعاة الرق، ومالكو الأرقاء للوقوف أمام دعوة إلغاء الرق في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد وقف مزارع مالك للعبيد اسمه "جون كالهون" أمام الكونغرس الأمريكي ليقول: إن الناس لم يُخلقوا جميعًا. فوفقًا للتوراة، لم يُخلق سوى اثنين، رجل وامرأة، وجاء الآخرون جميعًا إلى العالم عن طريق التوالد. "وهم ليسوا أحرارًا، أو متساوين بأي حال من الأحوال"!
نفس هذا المنطق حمله دعاة التوسّع والحرب. فقد كان هؤلاء يؤمنون بأن الله ينير مسار أمريكا ومصيرها. وبقي الاعتقاد منتشرًا في التوسعات الاستعمارية الأمريكية إلى ما وراء الحدود الأمريكية. وقد شرح الرئيس الأمريكي "وليام مكينلي" في عام 1891 فلسفة إدارته لاستعمار الفلبين على الوجه التالي:
(الحقيقة هي أنني لم أكن أريد الفلبين، وعندما قُدموا إلينا، كهبة من الآلهة، لم أكن أعرف ما الذي أفعله بهم.! كنت أذرع أرض البيت الأبيض كل ليلة حتى منتصف الليل، ولا يعيبني أن أبلغكم أيُّها السادة أنني ركعت على ركبتي، ودعوت الله القدير أن ينير دربي، ويهديني سواء السبيل.. وذات ليلة اهتديتُ إليها.. لم يتبقَّ لدينا سوى أن نأخذهم جميعًا، وأن نُعلّم الفلبينيين، ونرفع معنوياتهم، ونُحضّرهم ونُنصّرهم).
وهكذا اعتبر "مكينلي" توسّع أمريكا واستعمارها لبلدان أخرى كجزء من خطة إلهية. لذا دُهش الأمريكيون عندما وجدوا مقاومة من الفلبينيين لغزو بلادهم استمرت 4 سنوات، سقط فيها ما يقارب 100,000 قتيل من سكان الجزر الفلبينية، واستغربوا هذه المقاومة الشديدة، رغم ما يحمله "الغزو الأمريكي" من رسالة سامية لتحسين أوضاعهم.
وعلى نفس هذا النهج كان غزو الولايات المتحدة للعراق. فبعد ما يزيد على مئة عام.. أتى "جورج دبليو بوش" ليستعيد مجددًا فكر أجداده الأوائل، فقد كان يؤمن أنه مبعوث العناية الإلهية للناس؛ ليقودهم إلى طريق الحق. لذا فقد أكد في خطاب حفل تنصيبه الثانية في 20 يناير 2005 أن "سياسة الولايات المتحدة هي السعي إلى تحقيق الديمقراطية، ودعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل أمة وثقافة، وأن الهدف النهائي هو وضع حد للطغيان في العالم". وربما كان "بوش" يؤمن بما يقوله.. لكن كان قليلون، حتى من العاملين معه، يعرفون أنه واهم.. أو أخرق، وأن أي حديث عن رسالة أمريكية لصالح الأخلاق أو الديمقراطية هو مجرد هراء خطير.
* نافذة صغيرة:
(إن ميل الأمريكيين إلى رؤية أنفسهم كمركز للتنوير السياسي وكمعلمين لقسم كبير ممّا تبقى من العالم غير حكيم وتبجح وغير مرغوب فيه). الدبلوماسي الأمريكي جورج كينان.
د. عبد العزيز حسين الصويغ- المدينة السعودية
"الإمبريالية الأمريكية" هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى سياسة حكومة الولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة على دول أخرى من خلال القوة العسكرية، الاقتصادية، والسياسية. البعض ينكر وجود إمبريالية، والبعض الآخر يعتقد أنها ذات طابع جيد حسنة النية، والبعض الآخر يرى فيها قهر وتدهور للدول والشعوب المستهدفة.
وقد اعتبرها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة "رسالة" تحملها أمريكا بحكم مركزها القيادي للشعوب والدول المتأخرة.
إنها باختصار حالة "استرقاق" للعالم بغطاء إنساني.. أو ديني. وهو نفس المنطق الذي كان يحمله دعاة الرق، ومالكو الأرقاء للوقوف أمام دعوة إلغاء الرق في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد وقف مزارع مالك للعبيد اسمه "جون كالهون" أمام الكونغرس الأمريكي ليقول: إن الناس لم يُخلقوا جميعًا. فوفقًا للتوراة، لم يُخلق سوى اثنين، رجل وامرأة، وجاء الآخرون جميعًا إلى العالم عن طريق التوالد. "وهم ليسوا أحرارًا، أو متساوين بأي حال من الأحوال"!
نفس هذا المنطق حمله دعاة التوسّع والحرب. فقد كان هؤلاء يؤمنون بأن الله ينير مسار أمريكا ومصيرها. وبقي الاعتقاد منتشرًا في التوسعات الاستعمارية الأمريكية إلى ما وراء الحدود الأمريكية. وقد شرح الرئيس الأمريكي "وليام مكينلي" في عام 1891 فلسفة إدارته لاستعمار الفلبين على الوجه التالي:
(الحقيقة هي أنني لم أكن أريد الفلبين، وعندما قُدموا إلينا، كهبة من الآلهة، لم أكن أعرف ما الذي أفعله بهم.! كنت أذرع أرض البيت الأبيض كل ليلة حتى منتصف الليل، ولا يعيبني أن أبلغكم أيُّها السادة أنني ركعت على ركبتي، ودعوت الله القدير أن ينير دربي، ويهديني سواء السبيل.. وذات ليلة اهتديتُ إليها.. لم يتبقَّ لدينا سوى أن نأخذهم جميعًا، وأن نُعلّم الفلبينيين، ونرفع معنوياتهم، ونُحضّرهم ونُنصّرهم).
وهكذا اعتبر "مكينلي" توسّع أمريكا واستعمارها لبلدان أخرى كجزء من خطة إلهية. لذا دُهش الأمريكيون عندما وجدوا مقاومة من الفلبينيين لغزو بلادهم استمرت 4 سنوات، سقط فيها ما يقارب 100,000 قتيل من سكان الجزر الفلبينية، واستغربوا هذه المقاومة الشديدة، رغم ما يحمله "الغزو الأمريكي" من رسالة سامية لتحسين أوضاعهم.
وعلى نفس هذا النهج كان غزو الولايات المتحدة للعراق. فبعد ما يزيد على مئة عام.. أتى "جورج دبليو بوش" ليستعيد مجددًا فكر أجداده الأوائل، فقد كان يؤمن أنه مبعوث العناية الإلهية للناس؛ ليقودهم إلى طريق الحق. لذا فقد أكد في خطاب حفل تنصيبه الثانية في 20 يناير 2005 أن "سياسة الولايات المتحدة هي السعي إلى تحقيق الديمقراطية، ودعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل أمة وثقافة، وأن الهدف النهائي هو وضع حد للطغيان في العالم". وربما كان "بوش" يؤمن بما يقوله.. لكن كان قليلون، حتى من العاملين معه، يعرفون أنه واهم.. أو أخرق، وأن أي حديث عن رسالة أمريكية لصالح الأخلاق أو الديمقراطية هو مجرد هراء خطير.
* نافذة صغيرة:
(إن ميل الأمريكيين إلى رؤية أنفسهم كمركز للتنوير السياسي وكمعلمين لقسم كبير ممّا تبقى من العالم غير حكيم وتبجح وغير مرغوب فيه). الدبلوماسي الأمريكي جورج كينان.